قال علي بن إبراهيم القمي في تفسيره : إِنَّ عَاداً كَانَتْ بِلَادُهُمْ فِي الْبَادِيَةِ – مِنَ الشَّقِيقِ إِلَى الْأَجْفَرِ أَرْبَعَةَ مَنَازِلَ – وَ كَانَ لَهُمْ زَرْعٌ وَ نَخِيلٌ كَثِيرٌ وَ لَهُمْ أَعْمَارٌ طَوِيلَةٌ وَ أَجْسَامٌ طَوِيلَةٌ فَعَبَدُوا الْأَصْنَامَ فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ هُوداً يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَ خَلْعِ الْأَنْدَادِ فَأَبَوْا وَ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهُودٍ وَ آذَوْهُ فَكَفَّتِ السَّمَاءُ عَنْهُمْ سَبْعَ سِنِينَ حَتَّى قُحِطُوا 1.
وَ كَانَ هُودٌ زَرَّاعاً وَ كَانَ يَسْقِي الزَّرْعَ فَجَاءَ قَوْمٌ إِلَى بَابِهِ يُرِيدُونَهُ، فَخَرَجَتْ عَلَيْهِمُ امْرَأَةٌ شَمْطَاءُ عَوْرَاءُ 2 فَقَالَتْ: مَنْ أَنْتُمْ ؟
فَقَالُوا: نَحْنُ مِنْ بِلَادِ كَذَا وَ كَذَا أَجْدَبَتْ بِلَادُنَا- فَجِئْنَا إِلَى هُودٍ نَسْأَلُهُ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ حَتَّى تُمْطَرَ وَ تُخْصِبَ بِلَادُنَا.
فَقَالَتْ: لَوِ اسْتُجِيبَ لِهُودٍ لَدَعَا لِنَفْسِهِ فَقَدِ احْتَرَقَ زَرْعُهُ لِقِلَّةِ الْمَاءِ.
قَالُوا: فَأَيْنَ هُوَ؟
قَالَتْ: هُوَ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا.
فَجَاءُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَدْ أَجْدَبَتْ بِلَادُنَا وَ لَمْ تُمْطَرْ فَاسْأَلِ اللَّهَ أَنْ يُخْصِبَ بِلَادُنَا وَ تُمْطَرَ، فَتَهَيَّأَ لِلصَّلَاةِ وَ صَلَّى وَ دَعَا لَهُمْ.
فَقَالَ لَهُمُ: ارْجِعُوا فَقَدْ أُمْطِرْتُمْ وَ أَخْصَبَتْ بِلَادُكُمْ.
فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّا رَأَيْنَا عَجَباً.
قَالَ: وَ مَا رَأَيْتُمْ؟
فَقَالُوا: رَأَيْنَا فِي مَنْزِلِكَ امْرَأَةً شَمْطَاءَ عَوْرَاءَ- قَالَتْ لَنَا مَنْ أَنْتُمْ وَ مَا تُرِيدُونَ- قُلْنَا جِئْنَا إِلَى هُودٍ لِيَدْعُوَ اللَّهَ فَنُمْطَرَ- فَقَالَتْ لَوْ كَانَ هُودٌ دَاعِياً لَدَعَا لِنَفْسِهِ فَإِنَّ زَرْعَهُ قَدِ احْتَرَقَ.
فَقَالَ هُودٌ: تِلْكَ أَهْلِي- وَ أَنَا أَدْعُو اللَّهَ لَهَا بِطُولِ الْبَقَاءِ-.
فَقَالُوا: وَ كَيْفَ ذَلِكَ؟!
قَالَ: لِأَنَّهُ مَا خَلَقَ اللَّهُ مُؤْمِناً إِلَّا وَ لَهُ عَدُوٌّ يُؤْذِيهِ، وَ هِيَ عَدُوَّتِي، فَلَأَنْ يَكُونَ عَدُوِّي مِمَّنْ أَمْلِكُهُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَدُوِّي مِمَّنْ يَمْلِكُنِي” 3 .