مقالات

نبذةٌ عن التفقُّه في الدِّين

بسم الله الرحمن الرحيم

خلاصة محاضرة ألقيت في صنعاء على جمع من المؤمنين في 23 ـ 9 ـ 2020

✍🏻 زكريَّا بركات


أوَّلاً ـ عنوان التفقُّه في الدِّين في القرآن والسنَّة:

ورد التأكيدُ على التفقُّه في الدين في القرآن والسنَّة.. فأمَّا القرآن الكريم فقوله تعالى: (وَمَا كَانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) [التوبة: 122] .

قال العلَّامة الطباطبائي في تفسير الميزان: «المراد بالتفقُّه: تفهُّم جميعِ المعارف الدينيَّة من أُصولٍ وفُروع، لا خصوص الأحكام العمليَّة».

وفي الأمالي للشيخ الطوسي (ص531) ، بسنده عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «إذا أراد اللهُ بعبدٍ خيراً فقَّهه في الدين، وزهَّده في الدنيا، وبصَّره بعيوبِ نفسِهِ».

وفي الخصال للشيخ الصدوق (1/ 124) ، بسنده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: «ثلاثٌ بهنَّ يكمُل المسلم: التفقُّهُ في الدين، والتقديرُ في المعيشة، والصبرُ على النوائب».

وفي تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي (7/ 236) ، بسند موثَّق عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: من علامات المؤمن ثلاثٌ: «حُسن التقدير في المعيشة، والصبرُ على النائبة، والتفقُّه في الدين».

والأحاديث كثيرةٌ في هذا المجال، ويمكن البحث عنها بدلالة العبارات التالية:
يطلب فيه علماً.
طلب العلم.
زرعها بالعلم.
الفقه في الدين.
كثيرة العلم.
اطلبوا العلم.
علامات الفقه.
العلم خليل المؤمن.
تعلَّمُوا العلم.
لا عبادة إلا بالتفقه.

ثانياً ـ مجالات التفقُّه في الدين:

عادةً ما يتمُّ تقسيم المسائل الدينيَّة ـ في مدرسة أهل البيت عليهم السلام ـ إلى مجموعتين: (أصول الدين) و (فروع الدين) .

وتُسجَّل العناوين التالية ضمن أصول الدين:
1 ـ التوحيد.
2 ـ العدل.
3 ـ النبوة.
4 ـ الإمامة.
5 ـ المعاد.

كما تُسجَّل ـ عادةً ـ عشرةُ عناوين ـ هي التالية ـ ضمن فروع الدين:
(1) الصلاة (2) الصوم (3) الزكاة (4) الخمس (5) الحج (6) الجهاد (7) الأمر بالعروف (8) النهي عن المنكر (9) التولِّي (10) التبرِّي.

ولكن من الأفضل أن نبيِّن مسائل الدين وفق التقسيم التالي:

القسم الأول: العقائد، وهي المسائل التي يلزم الإيمان بها، فهي ترتبط بالقناعة الفكرية والتصديق القلبي، ولا تتعلَّق مباشرةً بالعمل، وهي تنقسم إلى أصول العقيدة (أصول الدين) وفروع العقيدة.

والقسم الثاني: الفقه، وهي المسائل التي تتعلَّق بأفعال المكلَّفين، وتطالبهم بامتثال واجبات أو مستحبات، وبالانتهاء عن محرَّمات أو مكروهات معيَّنة.

أمثلة من فروع العقيدة: الرجعة، أفضلية الأئمة على الأنبياء، سعة علم المعصوم.

ما هو الفرق بين أصول العقيدة وفروع العقيدة؟

يكمن الفرق في أن الجاهل بمسألة من أصول الدين، لا يمكن عدُّه مؤمناً، ولو كان غير متعمد للجهل.. فمثلاً: من لا يعتقد بالتوحيد، لا يعدُّ مؤمناً ولو كان عدم اعتقاده بسبب جهله.

وأمَّا الجاهل بمسائل فروع العقيدة، فجهله لا يخرجه عن اسم الإيمان.. بل لو اطلع واستعصى عليه الفهم، فلا يكون واجباً عليه البتُّ وتحديد الموقف الفكري. نعم؛ لو اطَّلع وعلم بثبوت المسألة، فيجب عليه التسليم والتصديق الفكري والقلبي، ولا يجوز له الجحود والإنكار، وإلا لم يعدَّ مؤمناً.

فمثلاً في مجال عقيدة الرجعة، يقول أهل العلم: إذا استعصى على المؤمن فهم تفاصيل الرجعة، فلا يجب عليه التحقيق والبحث عن التفاصيل، ولكن يجب عليه الاعتقاد بالرجعة إجمالاً، أي أنَّ هنالك رجعة لأهل البيت عليهم السلام قبل قيام الساعة.. وأما التفاصيل فلا يجب البحث عنها.

والحمدُ لله ربِّ العالمين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى