نور العترة

حديث فضل شيعتنا…

الفقرة المذكورة ليست نصاً لحديث مروي عن المعصومين ( عليهم السلام ) بل هي مضمون لحديث مروي عن الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، و هو حديث طويل جداً يتحدث عن مواضيع مختلفة و نحن نُشير الى موضع الحاجة منه و هو : ” … إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى اطَّلَعَ إِلَى الْأَرْضِ فَاخْتَارَنَا وَ اخْتَارَ لَنَا شِيعَةً يَنْصُرُونَنَا، وَ يَفْرَحُونَ لِفَرَحِنَا، وَ يَحْزَنُونَ لِحُزْنِنَا، وَ يَبْذُلُونَ أَمْوَالَهُمْ وَ أَنْفُسَهُمْ فِينَا، أُولَئِكَ مِنَّا وَ إِلَيْنَا.
مَا مِنَ الشِّيعَةِ عَبْدٌ يُقَارِفُ أَمْراً نَهَيْنَا عَنْهُ فَيَمُوتُ حَتَّى يُبْتَلَى بِبَلِيَّةٍ تُمَحَّصُ بِهَا ذُنُوبُهُ، إِمَّا فِي مَالِهِ، وَ إِمَّا فِي وُلْدِهِ، وَ إِمَّا فِي نَفْسِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَا لَهُ ذَنْبٌ، وَ إِنَّهُ لَيَبْقَى عَلَيْهِ الشَّيْ‏ءُ مِنْ ذُنُوبِهِ فَيُشَدَّدُ بِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ مَوْتِهِ.
الْمَيِّتُ مِنْ شِيعَتِنَا صِدِّيقٌ شَهِيدٌ، صَدَقَ بِأَمْرِنَا وَ أَحَبَّ فِينَا وَ أَبْغَضَ فِينَا يُرِيدُ بِذَلِكَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ … ﴾ 1 ” 2 .
و واضح أن الشيعة ليسوا كلهم في مرتبة واحدة ففيهم أمثال عمار و أبو ذر و مالك الأشتر ، و فيهم من هم أقل منهم مرتبة بكثير ، و ما يُفهم من الحديث هو أن هؤلاء الشيعة المذنبون الذين ذكرهم الحديث لم يكونوا معاندين للحق أو جاحدين له ، بل أن كل ما صدر منهم إنما صدر لضعفهم و تغلب الشيطان عليهم في تلك الحالة ، لذلك فإنهم بعد ذلك يتذكرون و يخافون ربهم فيندمون و يستغفرون .
قال الله عزَّ و جل : ﴿ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ﴾ 3 .
و نقرأ هذا المضمون بعبارات أخرى في دعاء أبي حمزة الثمالي المعروف : ” … اِلهي لَمْ اَعْصِكَ حينَ عَصَيْتُكَ وَ اَنَا بِرُبُوبِيَّتِكَ جاحِدٌ ، وَ لا بِاَمْرِكَ مُسْتَخِفٌّ ، وَ لا لِعُقُوبَتِكَ مُتَعَرِّضٌّ ، وَ لا لِوَعيدِكَ مُتَهاوِنٌ ، لكِنْ خَطيئَةٌ عَرَضَتْ وَ سَوَّلَتْ لي نَفْسي ، وَ غَلَبَني هَوايَ ، وَ اَعانَني عَلَيْها شِقْوَتي ، وَ غَرَّني سِتْرُكَ الْمُرْخى عَلَيَّ ، فَقَدْ عَصَيْتُكَ وَ خالَفْتُكَ بِجَهْدي ، فَالاْنَ مِنْ عَذابِكَ مَنْ يَسْتَنْقِذُني ، وَ مِنْ اَيْدي الْخُصَماءِ غَداً مِنْ يُخَلِّصُني ، وَ بِحَبْلِ مَنْ اَتَّصِلُ اِنْ اَنْتَ قَطَعْتَ حَبْلَكَ عَنّي ، فَواسَوْاَتا عَلى ما اَحْصى كِتابُكَ مِنْ عَمَلِيَ الَّذي لَوْلا ما اَرْجُو مِنْ كَرَمِكَ وَ سَعَةِ رَحْمَتِكَ وَ نَهْيِكَ اِيّايَ عَنِ الْقُنُوطِ لَقَنَطْتُ عِنْدَما اَتَذَكَّرُها ، يا خَيْرَ مَنْ دَعاهُ داع ، وَ اَفْضَلَ مَنْ رَجاهُ راج …” 4 .

  • 1. القران الكريم : سورة الحديد ( 57 ) ، الآية : 19 ، الصفحة : 540 .
  • 2. الخصال : 2 / 636 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن حسين بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق ، المولود سنة : 305 هجرية بقم ، و المتوفى سنة : 381 هجرية ، طبعة انتشارات إسلامي التابعة لجماعة المدرسين ، الطبعة الثانية ، سنة : 1403 هجرية ، قم / إيران . و بحار الأنوار ( الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ) : 10 / 114 ، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي ، المولود بإصفهان سنة : 1037 ، و المتوفى بها سنة : 1110 هجرية ، طبعة مؤسسة الوفاء ، بيروت / لبنان ، سنة : 1414 هجرية .
  • 3. القران الكريم : سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 200 و 201 ، الصفحة : 176 .
  • 4. يمكن مراجعة هذا الدعاء في كتاب : المصباح : 588 ، للشيخ تقي الدين ابراهيم بن علي العاملي الكفعمي ، المولود سنة : 840 هجرية بكفر عيما بجبل عامل ، و المتوفى بها و المدفون بها أيضا سنة : 905 هجرية ، الطبعة الثانية ، طبعة : انتشارات الرضي ( الزاهدي ) ، سنة : 1405 هجرية ، قم / إيران ، و كذلك في كتاب : البلد الأمين و الدرع الحصين : 205 ، للمؤلف نفسه ، الطبعة الحجرية ، بخط أحمد النجفي الزنجاني ، سنة : 1382 هجرية ، كما يمكن مراجعته بأختلاف يسير في كتاب : مصباح المتهجد : 582 ، لأبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي المعروف بشيخ الطائفة مؤسس الحوزة العلمية في النجف الأشرف ، المولود سنة : 385 هجرية بخراسان ، والمتوفى بالنجف الأشرف / العراق ، سنة : 460 هجرية ، طبعة : مؤسسة فقه الشيعة ، الطبعة الأولى ، سنة : 1411 هجرية ، بيروت / لبنان ، و كذلك يُوجد الدعاء باختلاف يسير في كتاب : الإقبال بالأعمال الحسنة : 68 ، للسيد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن طاووس ، المولود سنة : 589 هجرية بالحلة / العراق ، و المتوفى سنة : 664 هجرية ببغداد ، و المدفون في حرم الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بالنجف الأشرف / العراق ، الطبعة الثانية ، طبعة : دار الكتب الإسلامية ، طهران / إيران .
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى