مقالات

لمحةٌ عن معنى خدمة الله تعالى…

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

نقرأ في “دعاء كُميل” هذه الفقرة: “يا ربِّ يا ربِّ يا ربِّ، قوِّ على خدمتك جوارحي، واشدُد على العزيمة جوانحي، وهب لي الجدَّ في خشيتك، والدَّوامَ في الاتِّصال بخدمتك، حتَّى أسرحَ إليك في ميادين السَّابقين، وأُسرعَ إليك في المبادرين، وأشتاقَ إلى قُربك في المشتاقين، وأدنُوَ منك دُنوَّ المخلصين، وأخافَكَ مخافةَ الموقنين، وأجتمِعَ في جوارك مع المؤمنين”.

وفي الدُّعاء المأثور الذي تُستحَبُّ قراءتُه في تعقيب صلاة الفجر:

“اللّهُمَّ اجْعَلْ كَدِّي في طاعتك، ورغبتي في خِدمتك”.

ونتساءل عن المقصود من خدمة الله تعالى؟

فنجد في “مناجاة المحبِّين” ما يُلقي بالضَّوء على معنى الخدمة، وذلك في هذه العبارة: “جِبَاهُهُمْ سَاجِدَةٌ لِعَظَمَتِكَ، وَعُيُونُهُمْ سَاهِرَةٌ فِي خِدْمَتِك”.

والذي يُفهم من اقتران السهر بالخدمة أنَّ المرادَ بالخدمة عبادةُ الله تعالى بقيام اللَّيلِ والنَّاسُ غافلونَ نِيَامٌ. إلَّا أنَّ هذا الفهم ـ إذ يُلقي الضوء على مصداق الخدمة ـ لا يوجب أنَّه المصداق الوحيد، ولا ينفي وجود مصاديق أُخرى للخدمة.

واستخدام السيِّد ابن طاوس للفظ الخدمة في كتاب “جمال الأسبوع” (ص22 ـ 23) يُفهم منه أنَّ الخدمة تعنى ما يُقرِّب الخادم إلى المخدوم، كالأذكار وغيرها من العبادة خدمةً لله تعالى، وكالهدايا خدمةً للمُهدَى إليه.

وفي الكافي 5 : 325 برقم 5 ، بسند صحيح، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه، قال ـ في صفة خير النِّساء ـ : “الهيِّنةُ الليِّنةُ المؤاتيةُ الَّتي إذا غضب زوجُها لم تَكتحِلْ بِغُمضٍ حتَّى يرضى، وإذا غاب عنها زوجها حفظته في غيبته، فتلك عاملٌ من عمَّال الله، وعاملُ اللهِ لا يخيبُ”. انتهى.

يُفهم من الرِّواية الشريفة أنَّ حُسنَ خلُقِ المرأةِ واستقامةَ سُلوكِها مع زوجها في مرضاة الله تعالى، يوجب لها أن تكون من عُمَّال الله تبارك وتعالى، فلا يبعُد ـ نظراً إلى صدق عنوان العمل لله ـ صدقُ عنوان الخدمة أيضاً.. وهذا يقرِّب تفسير الخدمة لله تعالى بكلِّ ما يقرِّب إليه ويرضيه، ولو كان خدمةً يرضاها لعبد من عباده، أو اتِّصافاً بمكارم الأخلاق التي يحبُّها الله تعالى.

وعلى أيِّ حالٍ، لا ريبَ أنَّ قيامَ اللَّيل مصداقٌ بارزٌ ومهمٌّ للخدمة، وأنَّ المواظبةَ على ذلك مصداقٌ لدوام الاتِّصال بخدمته تبارك وتعالى، فلا يَسَعُ العبدَ الوثوقُ بدوام الاتِّصال بخدمة الله تعالى إذا لم يكن مُلتزماً بقيام اللَّيل، وبالتَّالي لا يستطيع الوثوقَ بنيله شيئاً من أسباب السُّرور التي تضمَّنتها عبارةُ “حتَّى أسرحَ إليك في ميادين السَّابقين، وأُسرعَ إليك في المبادرين، وأشتاقَ إلى قُربك في المشتاقين، وأدنُوَ منك دُنوَّ المخلصين، وأخافَكَ مخافةَ الموقنين، وأجتمِعَ في جوارك مع المؤمنين”.

والله وليُّ التوفيق.

والحمدُ لله ربِّ العالمين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى