إسئلنا

كيف لم تنتفع الائمة بالخوارق وهم احياء؟!

نص الشبهة: 

إذا كان لعلي وولديه رضوان الله عليهم كل تلك الخوارق التي ترويها كتب الشيعة، وهم ينفعونهم الآن وهم أموات ـ كما يزعمون ـ فلماذا لم ينفعوا أنفسهم وهم أحياء؟! فقد وجدنا علياً «رضي الله عنه» لم يستقر له أمر الخلافة، ثم مات مقتولاً، ووجدنا الحسن كذلك يضطر للتنازل عن الخلافة لمعاوية، ووجدنا الحسين يتعرض للتضييق ثم للقتل ولم يحصل له مبتغاه.. وهكذا من بعدهم! فأين تلك الخوارق التي كانت عندهم؟! وفي صياغة أخرى تقول : لماذا لم يستخدم علي «رضي الله عنه»، وكذا ابناه الحسن والحسين «رضي الله عنهما» خوارقهم التي أثبتها لهم الرافضة حتى بعد موتهم في مواجهة ما وقع لهم في حياتهم الدنيا فعلي قتل شهيداً. والحسن تنازل عن الخلافة لمعاوية، والحسين مات شهيداً، بعدما خدعه الرافضة، ولم يحصل له ما تمناه؟! أليس في ذلك تناقض واضح؟!

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين..
وبعد..
أولاً : إن إثبات صدور المعجزة من النبي «صلى الله عليه وآله»، وحصول الكرامة للولي والوصي، لا يعني أنه يجب على النبي والوصي أن يدير الأمور بواسطة المعجزة والكرامة، وإلا ورد الإشكال على النبي محمد «صلى الله عليه وآله» وعلى سائر الأنبياء «عليهم السلام»، فإن الخوارق التي ظهرت لهم لا تعد ولا توصف، ومنها : الإتيان بعرش بلقيس، وشق البحر لموسى، وعروج النبي «صلى الله عليه وآله» إلى السماء، وشق القمر.. فقد كان يجب أن يتصرف مع المشركين بالمعجزة، ويكسر شوكتهم بها من دون حاجة إلى حرب، وسقوط شهداء، الذين كان منهم سيد الشهداء الحمزة، أسد الله ورسوله، وجعفر الطيار، وعبيدة بن الحارث، وسعد بن معاذ، وغيرهم من الشهداء. بل يقولون : إنه هو نفسه قد جرح فيها، وكسرت رباعيته «صلى الله عليه وآله».
ولكان يجب أن ينتقم «صلى الله عليه وآله» لنفسه من أبي جهل حين داس الملعون برجله على ظهر رسول الله «صلى الله عليه وآله» وهو ساجد..
ولكان يجب أن يجازي الذي قال له في مرض موته : «إن الرجل ليهجر» كما روي في البخاري وغيره..
ولكان يجب أن يتغلب على ملك الروم، وملك الفرس، وأن يملك بلادهما قبل موته، بلا حاجة إلى حرب، وفتوحات..
ولكان يجب أن يمنع الخيبرية من سمِّه، حتى لا يجد انقطاع أبهره الشريف حين موته. بسبب السم الذي دسته له..
والحقيقة هي : أن المعجزة والكرامة، إنما هي لمجرد إثبات النبوة والإمامة، ولشؤون أخرى ذات طابع معين، لا لأجل إدارة شؤون الأمة بواسطتها..
ثانياً : إن ما ينسب إلى علي والحسن والحسين «عليهم السلام» من كرامات وخوارق إنما رواها لهم أهل السنة، قبل الشيعة والرافضة..
ثالثاً : لقد نسب أهل السنة إلى أبي بكر وعمر، وإلى كثير من الصحابة خوارق عظيمة.. فهل يمكن أن نطلب منهم أن يحلوا جميع مشاكلهم بالخوارق أيضاً؟!
ومنها : حديث أن عمر قال وهو يخطب : «يا سارية الجبل»، فسمعها سارية وهو يحارب في بلاد فارس، فالتجأ إلى الجبل، فنجا من الخطر 1. فلماذا لم يدفع عمر بن الخطاب الذي فعل مثل هذه الخوارق، أبا لؤلؤة عن نفسه..
رابعاً : أشار السائل إلى أن الرافضة هم الذين خدعوا الحسين «عليه السلام» حتى انتهى الأمر به إلى الاستشهاد في كربلاء، ولم ينل ما تمناه..
وهذا غير صحيح أيضاً، لما يلي :
ـ إن الذين حاربوا الإمام الحسين «عليه السلام» هم شيعة آل أبي سفيان، كما صرح به «عليه السلام» حين قال لهم : «يا شيعة آل أبي سفيان» 2.
2 ـ إن الخلافة والإمرة لم تكن من أمنيات الإمام الحسين «عليه السلام»، لأنه كان يعلم بأنه مقتول.. وقد أخبر النبي «صلى الله عليه وآله» الأمة بذلك، على سبيل التحذير والتوعية، وليبين لهم موقعي الحق والباطل، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حيي عن بينة.. وقد أخبر الإمام الحسين «عليه السلام» بأنه مقتول، مرات عديدة قبل أن يصل إلى كربلاء..
فمن كان يعلم بأنه مقتول.. لا تكون الخلافة من أمنياته..
3 ـ على أن لأهل الحق أن يتمنوا أن يوفقهم الله لإصلاح أمر الأمة بالحق، وإبطال الباطل.. نقول هذا مع غض النظر عن قول النبي «صلى الله عليه وآله» كما رواه أهل السنة : «الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا»..
وأخبر أنهما سيدا شباب أهل الجنة، وأنهما ريحانتاه من الدنيا.
وقال : «حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً»، وغير ذلك مما يدل على أن الحسين على حق، وانه مسؤول عن هداية الأمة لأنه إمامها، فلماذا لا يتمنى أن يشيع الحق في الأمة، ويزهق الباطل منها وعنها.. إن الباطل كان زهوقاً؟!
والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله.. 3.

  • 1. راجع : كتاب الفتوح لابن أعثم (ط دار الأضواء) ج 5 ص 117 وعمدة الطالب ص 7 وبحار الأنوار ج 45 ص 51 واللهوف لابن طاووس ص 71 والعوالم، الإمام الحسين «عليه السلام» للبحراني ص 293 ولواعج الأشجان ص 185.
  • 2. راجع : مختصر تاريخ دمشق ج 9 ص 184 و 185 وتهذيب تاريخ دمشق ج 6 ص 46 عن البيهقي، وكنز العمال ج 12 ص 571 وتاريخ مدينة دمشق ج 20 ص 24 و 25 والإصابة ج 3 ص 5 وتاريخ الإسلام للذهبي ج 1 ص 384 والبداية والنهاية ج 7 ص 147.
  • 3. ميزان الحق.. (شبهات.. وردود)، السيد جعفر مرتضى العاملي، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1431 هـ. ـ 2010 م.، الجزء الثاني، السؤال رقم (71).
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى