آدم عليه السلام أوّل من رمى الجمار
عن أيّوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أوّل من رمى الجمار آدم عليه السلام. (الحديث)
روى أنّ أوّل من رمى الجمار آدم عليه السلام ثمّ إبراهيم عليه السلام.
عن أيّوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله عليه السلام ـ في حديث قال: -أتى جبرئيل عليه السلام إبراهيم فقال: إرم يا إبراهيم، فرمي جمرة العقبة، وذلك أنّ الشيطان تمثّل له عندها .
آدم عليه السلام أوّل من رمى الجمار
عن أيّوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أوّل من رمى الجمار آدم عليه السلام. (الحديث)
روى أنّ أوّل من رمى الجمار آدم عليه السلام ثمّ إبراهيم عليه السلام.
عن أيّوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله عليه السلام ـ في حديث قال: -أتى جبرئيل عليه السلام إبراهيم فقال: إرم يا إبراهيم، فرمي جمرة العقبة، وذلك أنّ الشيطان تمثّل له عندها .
حجّ داود وسليمان وعيسى عليه السلام
عن علي بن مهزيار، عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان، عمّن رواه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إنّ داود لمّا وقف الموقف بعرفة نظر إلى الناس وكثرتهم، فصعد الجبل فأقبل يدعو، فلمّا قضى نسكه أتاه جبرئيل عليه السلام فقال له: يا داود يقول لك ربّك: لم صعدت الجبل؟ ظننت أنّه يخفى عليَّ صوت من صوَّت؟!
ثمّ مضى به إلى البحر إلى جدَّة فرسب به في الماء مسيرة أربعين صباحاً في البرّ، فإذا صخرة ففلقها فإذا فيها دودة فقال له: يا داود يقول لك ربّك: أنا أسمع صوت هذه في بطن هذه الصخرة في قعر هذا البحر، فظننت أنّه يخفي عليَّ صوت من صوَّت؟!
عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن أبيه، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام: أنَّ سليمان بن داود حجّ البيت في الجنّ والإنس والطير والرّياح وكسا البيت القباطيّ.
روى أبو بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إنّ أوّل من كسى البيت الثياب سليمان بن داود عليه السلام، كساه القباطيّ.
عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: مرّ عيسى بن مريم عليه السلام بصفائح الروحاء وهو يقول: لبّيك، عبدك وابن أمتك، لبّيك. الخبر.
عن الزهري، عن حنظلة الأسلمي، سمع أبا هريرة قال: قال رسول الله: والّذي نفس محمّد بيده ليُهلَّنَّ ابن مريم بفجّ الرَّوحاء حاجّاً أو معتمراً أو ليثنّيهما .
إبراهيم وإسماعيل حدّا المسجد الحرام
عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عن الحسن بن نعمان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عمّا زادوا في المسجد الحرام، فقال: إنَّ إبراهيم وإسماعيل عليه السلام حدَّا المسجد الحرام بين الصّفا والمروة.
عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان حقُّ إبراهيم عليه السلام بمكّة ما بين الحزورة إلى المسعى، فذلك الّذي كان خطّه إبراهيم عليه السلام يعني المسجد.
وقد روى أنّ إبراهيم عليه السلام خطَّ ما بين الحَزْوَرَة إلى المسعى، وأوَّل من كسا البيت إبراهيم عليه السلام.
محمد بن عليّ بن محبوب، عن العباس بن معروف، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن الحسين بن نعيم، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عمّا زادوا في المسجد الحرام عن الصلاة فيه؟ فقال: إنّ إبراهيم وإسماعيل عليه السلام حدّا المسجد الحرام ما بين الصفا والمروة، فكان الناس يحجّون من المسجد إلى الصفا.
وفي الخبر لمّا فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت أتاه جبرئيل عليه السلام وعلّمه مناسك الحجّ ومعالمه وأركانه، وعلّمه حدود الحرم، وكلّ موضع كان ملك واقفاً فيه في عهد آدم عليه السلام أمره أن يجعل فيه علامة، ونصب فيه حجراً، واستحكمه بتراب حطّه حوله، وكان إبراهيم عليه السلام أوّل من وجد حدود الحرم .
الحجّ والولاية
أخبرنا علي بن حاتم قال: حدّثنا حميد بن زياد قال: حدّثنا الحسن بن محمد بن سماعة قال: حدّثني الحسين بن هاشم، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي حمزة الثمالي قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام وهو جالس على الباب الّذي إلى المسجد وهو ينظر إلى الناس يطوفون فقال: يا أبا حمزة بما أُمروا هؤلاء؟ قال: فلم أدر ما أرد عليه قال: إنّما أُمروا أن يطوفوا بهذه الأحجار ثمّ يأتونا فيعلّمونا ولايتهم.
حدّثني أبي رضي الله عنه قال: حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: “إنما أُمر الناس أنْ يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها، ثمّ يأتوا فيخبرونا بولايتهم ويعرضوا علينا نصرتهم“.
علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن الفضيل، عن أبي جعفر عليه السلام قال: نظر إلى الناس يطوفون حول الكعبة فقال: هكذا كانوا يطوفون في الجاهلية، إنّما أُمروا أن يطوفوا بها ثمّ ينفروا إلينا فيعلمونا ولايتهم ومودَّتهم ويعرضوا علينا نصرتهم.
كان أبو جعفر عليه السلام نظر إلى الناس يطوفون وينصرفون، فقال: والله لقد أُمروا مع هذا بغيره، قيل:وما هو يا بن رسول الله؟ قال: أُمِرُوا إذا فرغوا من طوافهم أتونا فعرضوا علينا أنفسهم.
عليّ بن محمد، عن عليّ بن الحسن، عن منصور، عن حريز بن عبدالله، عن الفضيل قال: دخلت مع أبي جعفر عليه السلام المسجد الحرام وهو متّكئٌ عليّ، فنظر إلى الناس ونحن على باب بني شيبة فقال: يا فضيل هكذا كان يطوفون في الجاهلية لا يعرفون حقّاً ولا يدينون ديناً. (الحديث) .
حجّ الخضر وإلياس عليه السلام
عن جعفر بن أحمد، عن الحسن بن علي بن فضّال قال: سمعت أبا الحسن عليّ بن موسى الرّضا عليه السلام يقول: إنَّ الخضر عليه السلام شرب من ماء الحياة فهو حيٌّ لا يموت حتّى ينفخ في الصور، وإنّه ليأتينا فيسلّم فنسمع صوته ولا نرى شخصه، وأنّه ليحضر حيث ما ذكر، فمن ذكره منكم فليسلّم عليه، وإنّه ليحضر الموسم كلَّ سنة فيقضي جميع المناسك، ويقف بعرفة فيؤمّن على دعاء المؤمنين، وسيؤنس الله به وحشة قائمنا في غيبته ويصل به وحدته.
قال رسول الله صلى الله عليه واله لزيد بن أرقم: إذا أردت أن يؤمنك الله من الغرق والحرق والشرق فقل إذا أصبحت: بِسْمِ اللهِ مَا شَاءَ اللهُ لاَ يَصْرِفُ السُّوءَ اِلاَّ اللهُ، بِسْمِ اللهِ مَا شَاءَ اللهُ لاَ يَسُوقُ الْخَيْرَ اِلاَّ اللهُ، بِسْمِ اللهِ مَا شَاءَ اللهُ مَا يَكُونُ مِنْ نِعْمَة فَمِنَ اللهِ، بِسْمِ اللهِ مَا شَاءَ اللهُ، لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ اِلاَّ بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، بِسْمِ اللهِ مَا شَاءَ اللهُ، صَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ.
فإنّ من قالها ثلاثاً إذا أصبح أمن من الحرق والغرق والشرق حتّى يمسي، ومن قالها ثلاثاً إذا أمسى أمن من الحرق والغرق والشرق حتّى يصبح، وإنّ الخضر وإلياس عليه السلام يلتقيان في كلّ موسم، فإذا تفرّقا تفرّقا عن هذه الكلمات.
حجّ الإمام الحجّة بن الحسن القائم عليه السلام
في أنّ الإمام عليه السلام حجّ كلّ سنة
حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رضي الله عنه قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمد بن عثمان العمريّ رضي الله عنه قال: سمعته يقول: “والله إنّ صاحب هذا الأمر ليحضر الموسم كلّ سنة فيرى النّاس ويعرفهم ويرونه ولا يعرفونه“.
محمد بن يحيى، عن جعفر بن محمد، عن إسحاق بن محمد، عن يحيى بن المثنّى، عن عبد الله بن بكير، عن عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: “يفقد الناس إمامهم، يشهد الموسم فيراهم ولا يرونه“.
حجّ الإمام الرضا عليه السلام
دعائه إذا خرج من منزله
قال محمد بن سنان: كان أبو الحسن الرضا عليه السلام يقول إذا خرج من منزله: “بِسْمِ اللهِ خَرَجْتُ، وَبِسْمِ اللهِ وَلَجْتُ، عَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ، لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ اِلاَّ بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ“.
الحسين بن حمدان، عن محمد بن موسى القمّي، عن إبراهيم بن زيد السامري، عن جعفر بن محمد بن يونس قال: دفع سيّدنا أبو الحسن الرضا عليه السلام إلى مولى له حماراً بالمدينة وقال: تبيعه بعشرة دنانير ولا تنقصه شيئاً فعرضه المولى، فأتاه رجل من أهل خراسان من الحاج فقال له: معي ثمانية دنانير ما أملك غيرها، فقال له: ارجع لمولاك إن شئت لعلّه يأذن لك في بيعه بهذه الثمانية دنانير، فرجع المولى إليه فأخبره بخبر الخراسانيّ.
فقال له: قل له إن قبلت منّا الدينارين صلة أخذنا منك الثمانية، فقلت له، فقال: قد قبلت: فسلّمته إليه، وحجّ أبو الحسن معه. (الخبر)
عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام: أنّه خرج من المدينة في السّنة الّتي حجّ فيها هارون يريد الحجّ، فانتهى إلى جبل عن يسار الطريق – وأنت ذاهبٌ إلى مكّة – يقال له: قارع فنظر إليه أبو الحسن ثمّ قال: باني فارع وهادمه يقطع إرباً إرباً، فلم ندر ما معنى ذلك، فلمّا ولّى وافى هارون ونزل بذلك الموضع، صعد جعفر بن يحيى ذلك الجبل وأمر أن يبنى له ثمّ مجلس، فلمّا رجع من مكّة صعد إليه فأمر بهدمه، فلمّا انصرف إلى العراق قطع إرباً إرباً.
حجّ الإمام الصادق عليه السلام
أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن الحسن بن الحسين أو غيره، عن محمد بن سنان رفعه قال: كان الصادق عليه السلام إذا أراد سفراً قال: اَللَّهُمَّ خَلِّ سَبِيلَنَا، وَأَحْسِنْ تَسْيِيرَنَا، وَأَعْظِمْ عَافِيَتَنَا.
عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن سنان، عن حذيفة بن منصور قال: صحبت أبا عبد الله عليه السلام وهو متوجّه إلى مكّة فلمّا صلّى قال: “أَللَّهُمَّ خَلِّ سَبِيلَنَا، وَأَحْسِنْ تَسيِيرَنَا، وَأَحْسِنْ عَافِيَتَنَا. وكلّما صعد أكمة قال: أَللَّهُمَّ لَكَ الشَّرَفُ عَلى كُلِّ شَرَف”
حجّ الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن ربعي بن عبد الله قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان عليّ صلوات الله عليه لينقطع ركابه في طريق مكّة فيشدّه بخوصة ليهوّن الحجّ على نفسه.
حج الامام الباقر عليه السلام
عن أفلح مولى أبي جعفر عليه السلام قال: خرجت مع محمّد بن عليّ حاجّاً، فلمّا دخل المسجد نظر إلى البيت فبكى حتّى علا صوته، فقلت: بأبي أنت وأمّي إنّ الناس ينظرون اليك فلو رفعت بصوتك قليلا، فقال لي: ويحك يا أفلح ولم لا أبكي؟
لعلّ الله تعالى أن ينظر إليّ منه برحمة فأفوز بها عنده غداً، قال: ثمّ طاف بالبيت ثمّ جاء حتّى ركع عند المقام فرفع رأسه من سجوده فاذا موضع سجوده مبتلٌّ من كثرة دموع عينيه، وكان إذا ضحك قال: أَللَّهُمَّ لاَ تُمْقِتْنِي.
دعائه عليه السلام عند إستلام الحجر
قال أبو جعفر عليه السلام: والحجر كالميثاق واستلامه كالبيعة، وكان إذا استلمه قال:” أَللَّهُمَّ أَمَانَتِي أَدَّيْتُهَا وَمِِيثَاقِي تَعَاهَدْتُهُ لِيَشْهَدَ لِي عِنْدَكَ بِالْبَلاَغ“ِ.
دعائه عليه السلام عند ركن اليماني والملتزم عن سهل بن زياد، عن الحسن بن عليّ بن النعمان، عن إبراهيم بن سنان، عن أبي مريم قال: كنت مع أبي جعفر عليه السلام أطوف فكان لا يمرُّ في طواف من طوافه بالرّكن اليمانيّ الاّ استلمه ثمّ يقول:” اَللَّهُمَّ تُبْ عَلَىَّ حَتّى أَتُوبُ، وَاعْصِمْنِي حَتّى لاَ أَعُودُ”.
عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليه السلام أنه كان يفعل ذلك ويبعد من يكون معه من مواليه عن نفسه ويناجي الله ويسأله، ويذكر ما سأله المغفرة منه.
حبابة الوالبية قالت: رأيت رجلا بمكة أصيلا في الملتزم، أو بين الباب والحجر، على صعدة من الأرض، وقد حزم وسطه على المئزر بعمامة خزّ والغزالة تُخال على قُلل الجبال، كالعمائم على قمم الرجال، وقد صاعد كفّه وطرفه نحو السماء ويدعو، فلمّا انثال الناس عليه يستفتونه عن المعضلات ويستفتحون أبواب المشكلات، فلم يرم حتّى أفتاهم في ألف مسألة.
ثمّ نهض يريد رحله، ومناد ينادي بصوت صهل: ألا إنّ هذا النور الأبلج المسرّج، والنسيم الأرج، والحقّ المرج، وآخرون يقولون: من هذا؟ فقيل: محمد بن عليّ الباقر، علم العلم والناطق عن الفهم، محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام.
وفي رواية أبي بصر: ألا إنّ هذا باقر علم الرسل، وهذا مبيّن السُّبل، هذا خير من رسخ في أصلاب أصحاب السفينة، هذا ابن فاطمة الغرّاء العذراء الزهراء، هذا بقيّة الله في أرضه، هذا ناموس الدهر، هذا ابن محمّد وخديجة وعليّ وفاطمة، هذا منار الدين القائمة.
حجّ الإمام الحسين بن علي عليه السلام
كان الحسين بن عليّ عليه السلام يمشي وتساق معه المحامل والرّحال.
أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن محمّد بن بكر، عن زكريّا بن محمّد، عن عيسى بن سوادة، عن ابن المنكدر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال ابن عباس: ما ندمت على شيء ندمي على أن لم أحجّ ماشياً؛ لأنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول: من حجّ بيت الله ماشياً، كتب الله له سبعة آلاف حسنة من حسنات الحرم، قيل: يا رسول الله وما حسنات الحرم؟ قال: حسنته ألف ألف حسنة، وقال: فضل المشاة في الحجّ كفضل القمر ليلة البدر على سائر النجوم. وكان الحسين بن عليّ عليه السلام يمشي إلى الحجّ ودابّته تقاد وراءه.
كتاب النجوم للسيد بن طاووس من كتاب الدلائل لعبد الله بن جعفر الحميري بإسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: خرج الحسين بن عليّ عليه السلام إلى مكّة (في) سنة ماشياً، فورمت قدماه فقال له بعض مواليه: لو ركبت ليسكن عنك هذا الورم فقال: كلاّ إذا أتينا هذا المنزل يستقبلك أسود ومعه دهن فاشتره منه ولا تماكسه فقال له مولاه: بأبي أنت وأمي ما قدّامنا منزل فيه أحد يبيع هذا الدواء فقال: بلى أمامك دون المنزل، فسار ميلا فاذا هو بالأسود فقال الحسين عليه السلام لمولاه: دونك الرجل فخذ منه الدهن فأعطه الثمن، فأخذ منه الدهن وأعطاه الثمن.
فقال له الغلام: لمن أردت هذا الدهن؟ فقال: للحسين بن عليّ عليه السلام فقال: إنطلق بي إليه، فصار الأسود نحوه فسلّم وقال: يا بن رسول الله! إنّي مولاك لا آخذ ثمناً ولكن اُدع الله أن يرزقني ولداً ذكراً سويّاً يحبّكم أهل البيت، فإنّي خلّفت امرأتي تمخض فقال: إنطلق إلى منزلك، فإنّ الله قد وهب لك ولداً ذكراً سويّاً، فولدت غلاماً سويّاً، ثمّ رجع الأسود إلى الحسين فدعا له بالخير لولادة الغلام له، ثمّ إنّ الحسين عليه السلام قد مسح رجليه فما قام من موضعه حتى زال ذلك الورم.
عن نضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عمّن سمع أبا جعفر عليه السلام يقول: حضرت الحسين بن عليّ عليه السلام الوفاة، فقيل له: يابن رسول الله أتبكي ومكانك من رسول الله صلى الله عليه واله الذي أنت به، وقال فيك رسول الله صلى الله عليه واله ما قال، وقد حججت عشرين حجّة راكباً وعشرين حجّة ماشياً، وقد قاسمت ربّك مالك ثلاث مرّات حتّى النعل بالنعل فقال عليه السلام: إنّما أبكي لخصلتين، هول المطّلع وفراق الأحبّة.
إبانة إبن بطة قال: عبد الله بن عبيد أبو عمير:لقد حجّ الحسين بن علي عليه السلام خمسة وعشرين حجّة ماشياً وانّ النجائب تقاد معه.
حدّثنا أبو بكر قال: نا حفص بن غياث، عن جعفر، عن أبيه قال: حجّ الحسين بن عليّ ماشياً ونجائبه تقاد إلى جنبه، قال حفص: أحسبه قال: عشراً.
أخبرنا أبو بكر الأنصاري، أنبأنا الحسن بن عليّ، أنبأنا محمد بن العباس، أنبأنا أحمد بن معروف، أنبأنا الحسين بن محمّد، أنبأنا محمّد بن سعد، أنبأنا يعلى بن عبيد، أنبأنا عبيد الله بن الوليد الوصافي، عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: حجّ الحسين بن عليّ خمساً وعشرين حجّة ماشياً ونجائبه تقاد معه.
قال: وأنبأنا الفضل بن دكين، أنبأنا حفص بن غياث، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه قال: إنّ الحسين بن عليّ حجّ ماشياً وإنّ نجائبه تقاد وراءه.
علي بن عبد العزيز، عن الزبير، عن مصعب بن عبد الله قال: حجّ الحسين خمساً وعشرين حجّة ملبّياً ماشياً.
حجّ الإمام محمّد بن علي الجواد عليه السلام
محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا جعفر عليه السلام في السنة الّتي حجّ فيها، وذلك في سنة اثنتي عشرة ومائتين – فقلت: جعلت فداك، بأيّ شيء دخلت مكّة، مفرداً أو متمتّعاً؟
فقال: متمتّعاً.
فقلت له: أيّما أفضل: المتمتّع بالعمرة إلى الحجّ، أو من أفرد وساق الهدي؟
فقال: كان أبو جعفر عليه السلام يقول: المتمتّع بالعمرة إلى الحج أفضل من المفرد السائق للهدي؛ وكان يقول: ليس يدخل الحاجّ بشيء أفضل من المتعة .
حجّ الإمام الكاظم عليه السلام
إذا خرج من منزله
أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن محمد بن علي، عن محمد بن سنان، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: كان أبي يقول إذا خرج من منزله: “بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، خَرَجْتُ بِحَوْلِ اللهِ وَقُوَّتِهِ، بِلاَ حَوْل مِنِّي وَقُوَّة، بَلْ بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ يَا رَبِّ، مُتَعَرِّضاً لِرِزْقِكَ فَأْتِنِي بِهِ فِي عَافِيَة“.
من لقى الإمام عليه السلام في طريق مكّة
حدّثني أبو المفضل محمد بن عبد الله قال: حدّثنا محمد بن علي بن الزبير البلخي قال: حدّثنا حسام بن حاتم الأصمّ قال: حدّثني أبي قال: قال لي شقيق – يعني إبراهيم البلخي: -خرجت حاجّاً إلى بيت الله الحرام في سنة تسع وأربعين ومائة فنزلنا القادسيّة قال شقيق: فنظرت إلى الناس في زيّهم بالقباب والعماريات والخيم والمضارب وكلّ انسان منهم قد تزيّا على قدره، فقلت: اَللَّهُمَّ اِنَّهُمْ قَدْ خَرَجُوا اِلَيْكَ فَلاَ تَرُدَّهُمْ خَائِبِينَ فبينما أنا قائم وزمام راحلتي بيدي وأنا أطلب موضعاً أنزل فيه منفرداً عن الناس إذ نظرت إلى فتى حدث السن، حسن الوجه، شديد السمرة، عليه سيماء العبادة وشواهدها وبين عينيه سجادة كأنّها كوكب دري، وعليه من فوق ثوبه شملة من صوف، وفي رجله نعل عربي وهو منفرد في عزلة من الناس.
فقلت في نفسي: هذا الفتى من هؤلاء الصوفية المتوكّلة يريد أن يكون كلاًّ على الناس في هذا الطريق والله لأمضينّ إليه ولأوبّخنه قال: فدنوت منه فلمّا رآني مقبلا نحوه قال لي: يا شقيق ﴿إِجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُوا﴾ وقرأ الآية.
ثمّ تركني ومضى فقلت في نفسي: قد تكلّم هذا الفتى على سري ونطق مما في نفسي وسمّاني باسمي وما فعل هذا الاّ هو ولي الله الحقّة وأسأله أن يجعلني في حلّ، فأسرعت ورائه فلم ألحقه وغاب عن عيني فلم أره.
وارتحلنا حتى نزلنا واقصة فنزلت ناحية من الحاجّ ونظر فاذاً صاحبي قائم يصلّي على كئيب رمل وهو راكع وساجد، وأعضائه تضطرب ودموعه تجري من خشية الله عزَّ وجلَّ فقلت: هذا صاحبي لأمضينّ إليه ثمّ لأسألنّه أن يجعلني في حلّ، فأقبلت نحوه فلمّا نظر إليّ مقبلا قال لي: يا شقيق ﴿وَاِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى﴾ ثمّ غاب عن عيني فلم أره فقلت هذا رجل من الأبدال وقد تكلّم على سرّي مرّتين، ولو لم يكن عند الله فاضلا ما تكلّم على سرّي ورحل الحاج وأنا معهم إلى أن قال: ثمّ غاب عن عيني فلم أراه حتى دخلت مكّة وقضيت حجّي فاذا أنا بالفتى في هدأة من الليل وقد زهرت النجوم وهو إلى جانب بيت فيه السراب راكعاً وساجداً لا يريد مع الله سواه، فجعلت أرعاه وأنظر إليه وهو يصلّي بخشوع وأنين وبكاء ويرتّل القرآن ترتيلا، فكلّما مرّت آية فيها وعد ووعيد ردّدها على نفسه ودموعه تجري على خدّه، حتّى إذا دنا الفجر جلس في مصلاّه يسبّح ربّه ويقدّسه، ثمّ قام فصلّى الغداة وطاف بالبيت أسبوعاً وخرج من باب المسجد، فخرجت فرأيت له حاشية وموالي، واذا عليه لباس خلاف الذي شاهدت، واذا الناس من حوله يسألونه عن مسائلهم ويسلّمون عليه.
فقلت لبعض الناس: أحسبه من مواليه، من هذا الفتى؟ فقال لي: هذا أبو إبراهيم عالم آل محمد قلت: ومن أبو إبراهيم؟ قال: موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فقلت: لقد عجبت أن توجد هذه الشواهد الاّ في هذه الذّريّة.
ولقد نظم بعض المتقدّمين واقعة شقيق معه في أبيات طويلة اقتصرت على ذكر بعضها فقال:
سل شقيق البلخيّ عنه وما عا *** ين منه وما الّذي كان أبصر
قال: لمّا حججت عاينت شخصاً *** شاحب اللّون ناحل الجسم أسمر
سائراً وحده وليس له زاد *** فما زلت دائماً أتفكّر
وتوهّمت أنّه يسأل الناس *** ولم أدر أنّه الحجّ الأكبر…
فسألت الحجيج من يك هذا؟ *** قيل: هذا الإمام موسى بن جعفر
حمدويه؛ وإبراهيم ابنا نصير، عن محمد بن عيسى، عن الوشّا، عن هشام بن الحكم قال: كنت في طريق مكّة، وأنا أُريد شراء بعير فمرّ بي أبو الحسن عليه السلام، فلمّا نظرت إليه تناولت رقعة، فكتبت إليه: جُعلت فداك انّي أُريد شراء هذا البعير فما ترى؟
فنظر إليه فقال: لا أرى في شراه بأساً، فان خفت عليه ضعفاً فألقمه، فاشتريته وحملت عليه فلم أر منكراً حتى إذا كنت قريباً من الكوفة في بعض المنازل وعليه حمل ثقيل رمى بنفسه واضطرب للموت، فذهب الغلمان ينزعون عنه فذكرت الحديث، فدعوت بلقم فما ألقموه الاّ سبعاً حتى قام بحمله .
حجّ الهادي عليه السلام في أوّل خلافة المعتصم
محمد بن يحيى؛ ومحمد بن أحمد، عن السيّاري، عن أحمد بن زكريا الصّيدلاني، عن رجل من بني حنيفة من أهل بُست وسجستان قال: رافقت أبا جعفر في السّنة الّتي حجّ فيها في أوّل خلافة المعتصم، فقلت له وأنا معه على المائدة وهناك جماعة من أولياء السّلطان: إنّ والينا جعلك فداك رجل يتولاّكم أهل البيت ويحبّكم وعليّ في ديوانه خراج، فإن رأيت جعلني الله فداك أن تكتب إليه بالإحسان إليّ، فقال: لا أعرفه، فقلت: جعلت فداك إنّه على ما قلت من محبّيكم أهل البيت وكتابك ينفعني عنده فأخذ القرطاس فكتب:
“بسم الله الرحمن الرحيم أمّا بعد فانّ موصل كتابي هذا ذكراً عنك مذهباً جميلا وانّ ما لك من عملك ما أحسنت فيه، فأحسن إلى إخوانك واعلم أنّ الله عزَّ وجلَّ سائلك عن مثاقيل الذرّ والخردل“.
قال: فلمّا وردت سجستان سبق الخبر إلى الحسين بن عبد الله النيسابوري وهو الوالي فاستقبلني على فرسخين من المدينة فدفعت اليه الكتاب فقبّله ووضعه على عينيه، وقال لي: حاجتك؟
فقلت: خراج عليّ في ديوانك قال: فأمر بطرحه عنّي وقال: لا تؤدّ خراجاً مادام لي عمل، ثمّ سألني عن عيالي فأخبرتهم بمبلغهم، فأمر لي ولهم بما يقوتنا وفضلا، فما أدّيت في عمله خراجاً ما دام حيّاً، ولا قطع عنّي صلته حتّى مات .
حجّ الإمام الحسن عليه السلام وعدد حججه ماشياً
عن محمد بن عبد الله الكوفي قال: حدّثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر قال: قال الصادق عليه السلام: حدّثني أبي، عن أبيه عليه السلام: أنّ الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام كان أعبد الناس في زمانه وأزهدهم وأفضلهم، وكان إذا حجّ حجّ ماشياً وربما مشى حافياً، وكان إذا ذكر الموت بكى وإذا ذكر القبر بكى، وإذا ذكر البعث والنشور بكى، وإذا ذكر الممرّ على الصراط بكى، وإذا ذكر العرض على الله تعالى ذكره شهق شهقة يغشى عليه منها، وكان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربّه عزَّ وجلَّ، وكان إذا ذكر الجنّة والنّار اضطرب اضطراب السليم، وسأل الله الجنّة وتعوّذ به من النار.
محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليّ بن فضّال، عن ابن بكير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إنّا نريد أن نخرج إلى مكّة مشاة؟ فقال لنا: لا تمشوا واخرجوا ركباناً قلت: أصلحك الله إنّه بلغنا عن الحسن بن عليّ صلوات الله عليهما أنّه كان يحجّ ماشياً فقال: كان الحسن بن عليّ عليه السلام يحجّ ماشياً وتساق معه المحامل والرِّحال.
الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن محمّد بن عليّ بن النعمان، عن صندل، عن أبي أُسامة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خرج الحسن بن عليّ عليه السلام إلى مكّة سنة ماشياً، فورمت قدماه، فقال له بعض مواليه: لو ركبت لسكن عنك هذا الورم، فقال كلاّ. (الخبر)
عن أحمد بن سهل بن أيّوب، ثنا خليفة بن خيّاط، عن عبد الله بن داود، عن المغيرة بن زياد، عن ابن أبي نجيح: أنّ الحسن بن عليّ حجّ ماشياً وقسّم ماله نصفين.
عن محمد بن إبراهيم بن إسحاق قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي قال: حدّثنا عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن أبيه، عن الرّضا، عن آبائه عليه السلام قال: مّا حضرت الحسن بن عليّ بن أبي طالب الوفاة بكى فقيل له: يا بن رسول الله أتبكي ومكانك من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم الذي أنت به، وقد قال فيك رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ما قال، وقد حججت عشرين حجّة ماشياً، وقد قاسمت ربّك ما لك ثلاث مرّات حتّى النعل والنعل؟
فقال عليه السلام: إنّما أبكي لخصلتين: لهول المطلع وفراق الأحبّة.
عن محمد بن الوليد، عن عبد الله بن بكير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إنّا نريد الخروج إلى مكّة مشاة. قال: فقال: لا تمشوا اُخرجوا ركباناً. قال: فقلت: أصلحك الله، إنّه بلغنا أنّ الحسن بن عليّ عليه السلام حجّ عشرين حجّة ماشياً. قال: إنّ الحسن بن عليّ عليه السلام حجّ وساق معه المحامل والرّحال.
عن موسى بن القاسم، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن فضل المشي؟ فقال: إنّ الحسن بن عليّ عليه السلام قاسم ربّه ثلاث مرّات، حتّى نعلا ونعلا وثوباً وثوباً وديناراً وديناراً، وحجّ عشرين حجّة ماشياً على قدميه.
عن عليّ بن أحمد، عن محمد بن أبي عبد الله قال: حدّثنا موسى بن عمران، عن الحسين بن سعيد، عن الفضل بن يحيى، عن سليمان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إنّا نريد أن نخرج إلى مكّة مشاة فقال: لا تمشوا اُخرجوا ركباناً، فقلنا: أصلحك الله إنّا بلغنا عن الحسن بن عليّ صلوات الله عليه أنّه حجّ عشرين حجّة ماشياً فقال: إنّ الحسن بن عليّ عليه السلام كان يحجّ وتساق معه الرّحال.
أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسين، أنبأنا محمد بن عبد الله الحافظ، أنبأنا أبو عبد الله محمّد بن عبد الله الصفّار، حيلولة: وأخبرنا أبو المعالي عبد الله بن أحمد بن محمّد الحلواني، أنبأنا أبو بكر بن خلف، أنبأنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأنا أبو عبد الله الصفّار، أنبأنا أحمد بن مهدي، أنبأنا عبد الله بن محمّد النفيلي، أنبأنا زهير بن معاوية، أنبأنا عبيد الله بن الوليد، أنّ عبد الله بن عبيد بن عمير حدّثهم قال: قال عبد الله بن العباس: ما ندمت على شيء فاتني في شبابي الاّ أنّي لم أحجّ ماشياً، ولقد حجّ الحسن بن عليّ خمسة وعشرين حجّة ماشياً وانّ النجائب لتقاد معه، ولقد قاسم الله ماله ثلاث مرّات حتّى أنّه كان يعطي الخفّ ويمسك النعل.
أخبرنا موصولا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنبأنا الحسن بن علي، أنبأنا محمد بن العبّاس، أنبأنا أحمد بن معروف، أنبأنا الحسين بن محمد، أنبأنا محمد بن سعد، أنبأنا عليّ بن محمد، عن خلاّد بن عبيدة، عن عليّ بن زيد بن جدعان قال: حجّ الحسن بن عليّ خمسة عشر حجّة ماشياً، وإنّ النجائب لتقاد معه، وخرج من ماله لله مرّتين، وقاسم الله ماله مرّات حتّى أن كاد ليعطي نعلا ويمسك نعلا ويعطي خفّاً ويمسك خفّاً.
حدّثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا محمد بن نصير، ثنا إسماعيل بن عمرو، ثنا العباس بن الفضل، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن محمّد بن عليّ قال: قال الحسن بن عليّ رضي الله عنه: إنّي لأستحيي من ربّي عزَّ وجلَّ أن ألقاه ولم أمش إلى بيته فمشى عشرين مرّة من المدينة على رجليه.
روى عبد الله بن عمر، عن ابن عباس قال: لمّا أُصيب معاوية قال: ما آسى على شيء إلاّ على أن أحجّ ماشياً، ولقد حجّ الحسن بن عليّ عليه السلام خمساً وعشرين حجّة ماشياً وإنّ النجائب لتقاد معه، وقد قاسم الله مرّتين حتّى أن كان ليعطي النعل ويمسك النعل، ويطعي الخفّ ويمسك الخفّ.
أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمّد الفقيه، أنبأنا نصر بن إبراهيم الزاهد، أنبأنا أبو الفرج عبيد الله بن محمد بن يوسف المراغي، أنبأنا عيسى بن عبيد الله بن عبد العزيز الموصلي، أنبأنا أبو بكر محمد بن صلة الحيري السنجاري أنبأنا أبو عليّ نصر بن عبد الملك السنجاري، أنبأنا عبد الرحمن بن محمد وهو ابن سلام عن محمد بن ربيعة، عن المغيرة بن زياد، عن ابن أبي نجيح: أنّ الحسن بن عليّ حجّ خمساً وعشرين حجّة ماشياً وقاسم الله جلّ ثناؤه ماله مرّتين .
دعاء الإمام الحسين بن عليّ عليه السلام يوم عرفة
قال الكفعمي في حاشية البلد الأمين المذكور على أوّل هذا الدّعاء: وذكر السيّد الحسيب النسيب رضيّ الدين عليّ بن طاووس قدّس الله روحه في كتاب مصباح الزّائر قال: روى بشر وبشير الأسديان أنّ الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام خرج عشيّة عرفة يومئذ من فسطاطه، متذلّلا خاشعاً، فجعل عليه السلام يمشي هوناً هوناً، حتّى وقف هو وجماعة من أهل بيته وولده ومواليه في ميسرة الجبل، مستقبل البيت، ثمّ رفع يديه تلقاء وجهه كاستطعام المسكين ثمّ قال:
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَيْسَ لِقَضآئِهِ دَافِعٌ، وَلاَ لِعَطَائِهِ مَانِعٌ، وَلاَ كَصُنْعِهِ صُنْعُ صَانِف وَهُوَ الْجَوَادُ الْوَاسِعُ، فَطَرَ اَجْنَاسَ الْبَدَائِعِ، واَتْقَنَ بِحِكْمَتِهِ الصَّنَائِعَ، لاَ تَخْفى عَلَيْهِ الطَّلاَئِعُ، وَلاَ تَضِيعُ عِنْدَهُ الْوَدَائِعُ، جَازِي كُلِّ صَانِف وَرَائِشُ كُلِّ قَانف وَرَاحِمُ كُلِّ ضَارِف وَمُنْزِلُ الْمَنَافِعِ وَالْكِتَابِ الْجَامِعِ، بِالنُّورِ السَّاطِعِ، وَهُوَ لِلدَّعَوَاتِ سَامِعٌ، وَلِلْكُرُبَاتِ دَافِعٌ، وَلِلدَّرَجَاتِ رَافِعٌ، وَلِلْجَبَابِرَةِ قَامِعٌ، فَلاَ اِلهَ غَيْرُهُ، وَلاَ شَيءَ يَعْدِلُهُ، وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيء قَدِيرٌ.
اَللَّهُمَّ اِنِّي اَرْغَبُ إِلَيْكَ، وَاَشْهَدُ بِالرُّبُوبِيَّةِ لَكَ، مُقِرّاً بِاَنَّكَ رَبِّي، وَأنَّ اِلَيْكَ مَرَدِّي، اِبْتَدَاْتَنِي بِنِعْمَتِكَ قَبْلَ اَنْ اَكُونَ شَيْئاً مَذْكُوراً، وَخَلَقْتَنِي مِنَ التُّرابِ، ثُمَّ اَسْكَنْتَنِى الاَْصْلاَبَ، آمِناً لِرَيْبِ الْمَنُونِ، وَاخْتِلافِ الدُّهُورِ والسِّنِينَ، فَلَمْ اَزَلْ ظَاعِناً مِنْ صُلْب إلى رَحِم فِي تَقَادُم مِنَ الاَْيَّامِ الْمَاضِيَةِ، وَالْقُرُونِ الْخَالِيَةِ، لَمْ تُخْرِجْنِي لِرَاْفَتِكَ بِي، وَلُطْفِكَ لِي، وَاِحْسَانِكَ اِلَيَّ فِي دَوْلَةِ أَيَّامِ الْكَفَرَةِ الَّذينَ نَقَضُوا عَهْدَكَ، وَكَذَّبُوا رُسُلَكَ، لكِنَّكَ اَخْرَجْتَنِي للَّذِي سَبَقَ لِي مِنَ الْهُدى، الَّذِي لَهُ يَسَّرْتَنِي، وَفِيهِ اَنْشَأْتَنِي، وَمِنْ قَبْلِ ذلِكَ رَؤُفْتَ بِي بِجَمِيلِ صُنْعِكَ وَسَوَابِغِ نِعْمَتِكَ، فابْتَدَعْتَ خَلْقِي مِنْ مَنِيّ يُمْنى، وَاَسْكَنْتَنِي فِي ظُلُمَات ثَلاث، بَيْنَ لَحْم وَدَم وَجِلْد، لَمْ تُشْهِدْنِي خَلْقِي، وَلَمْ تَجْعَلْ إلى شَيْئاً مِنْ اَمْرِي.
ثُمَّ اَخْرَجْتَنِي لِلَّذِي سَبَقَ لِي مِنَ الْهُدى إلى الدُّنْيَا تَامّاً سَوِيّاً، وَحَفِظْتَنِي فِي الْمَهْدِ طِفْلاً صَبِيّاً، وَرَزَقْتَنِي مِنَ الْغِذآءِ لَبَناً مَرِيّاً، وَعَطَفْتَ عَلَيَّ قُلُوبَ الْحَوَاضِنِ، وَكَفَّلْتَنِِي الاُْمَّهَاتِ الرَّوَاحِمَ، وَكَلأْتَنِي مِنْ طَوَارِقِ الْجَانِّ، وَسَلَّمْتَنِي مِنَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، فَتَعَالَيْتَ يَا رَحِيمُ يَا رَحْمنُ، حتّى اِذَا اسْتَهْلَلْتُ نَاطِقاً بِالْكَلاَمِ، اَتْمَمْتَ عَلَىَّ سَوابغَ الإنْعَامِ، وَرَبَّيْتَنِي زَائِداً فِي كُلِّ عَام، حَتّى إذَا اكْتَمَلَتْ فِطْرَتِي، وَاعْتَدَلَتْ مِرَّتِي، اَوْجَبْتَ عَلَىَّ حُجَتَّكَ بِاَنْ اَلْهَمْتَنِي مَعْرِفَتَكَ، وَرَوَّعْتَنِي بِعَجَايِبِ حِكْمَتِكَ وَاَيْقَظْتَنِي لِمَا ذَرَاْتَ فِي سَمآئِكَ، وَاَرْضِكَ مِنْ بَدَائِعِ خَلْقِكَ، وَنَبَّهْتَنِي لِشُكْرِكَ، وَذِكْرِكَ، وَاَوجَبْتَ عَلَىَّ طَاعَتَكَ وَعِبَادَتَكَ، وَفَهَّمْتَنِي مَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُكَ، وَيَسَّرْتَ لِي تَقَبُّلَ مَرْضَاتِكَ، وَمَنْنْتَ عَلَىَّ فِي جَمِيعِ ذلِكَ بِعَونِكَ وَلُطْفِكَ.
ثُمَّ اِذْ خَلَقْتَنِي مِنْ خَيْرِ الثَّرى، لَمْ تَرْضَ لِي يَا اِلهِي نِعْمَةً دُونَ اُخرى، وَرَزَقْتَنِي مِنْ اَنوَاعِ الْمَعَاشِ، وَصُنُوفِ الرِّيَاشِ بِمَنِّكَ الْعَظِيمِ الاَْعْظَمِ عَلَىَّ، وَاِحْسَانِكَ الْقَدِيمِ اِلَىَّ، حَتّى اِذَا اَتْمَمْتَ عَلَىَّ جَمِيعَ النِّعَمِ، وَصَرَفْتَ عَنِّي كُلَّ النِّقَمِ، لَمْ يَمْنَعْكَ جَهْلِي وَجُرْأَتِي عَلَيْكَ اَنْ دَلَلْتَنِي إلى مَا يُقَرِّبُنِي اِلَيْكَ، وَوفَّقْتَنِي لِمَا يُزْلِفُنِي لَدَيْكَ، فَاِنْ دَعْوَتُكَ اَجَبْتَنِي، وَاِنْ سَئَلْتُكَ اَعْطَيْتَنِي، وَاِنْ اَطَعْتُكَ شَكَرْتَنِي، وَاِنْ شَكَرْتُكَ زِدْتَنِي، كُلُّ ذلِكَ اِكْمَالٌ لاَِنْعُمِكَ عَلَىَّ، وَاِحْسَانِكَ اِلَىَّ، فَسُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ، مِنْ مُبْدِئ مُعِيد، حَمِيد مجِيد، تَقَدَّسَتْ اَسْمآؤُكَ، وَعَظُمَتْ آلاَؤُكَ، فَأَىُّ نِعَمِكَ يَا اِلهِي اُحْصِي عَدَداً أوْ ذِكْراً؟ أَمْ اَىُّ عَطَايَاكَ أَقُومُ بِهَا شُكْراً؟ وَهِىَ يَا رَبِّ اَكْثرُ مِنْ اَنْ يُحْصِيَهَا الْعآدّوُنَ، أَوْ يَبْلُغَ عِلْماً بِهَا الْحَافِظُونَ.
ثُمَّ مَا صَرَفْتَ وَدَرَأْتَ عَنِّي اَللَّهُمَّ مِنَ الضُرِّ وَالضَّرّاءِ أَكْثَرْ مِمَّا ظَهَرَ لِي مِنَ الْعَافِيَةِ وَالسَّرّآءِ، وَاَنَا اَشْهَدُ يَا اِلهِي بِحَقِيقَةِ اِيمَانِي، وَعَقْدِ عَزَمَاتِ يَقِينِي، وَخَالِصِ صَرِيحِ تَوْحِيدِي، وَبَاطِنِ مَكْنُونِ ضَمِيرِي، وَعَلاَئِقِ مَجَارِي نُورِ بَصَرِي، وَاَسَارِيرِ صَفْحَةِ جَبِينِي، وَخُرْقِ مَسَارِبِ نَفْسِي، وَخَذَارِيفِ مَارِنِ عِرْنِينِي; وَمَسَارِبِ سِمَاخِ سَمْعِي، وَمَا ضُمَّتْ وَاَطبَقَتْ عَلَيْهِ شَفَتَاىَ، وَحَرَكَاتِ لَفظِ لِسَانِي، وَمَغْرَزِ حَنَكِ فَمِي وَفَكِّي، وَمَنَابِتِ اَضْرَاسِي، وَمَسَاغِ مَطْعَمِي وَمَشْرَبِي، وَحِمَالَةِ اُمِّ رَأْسِي، وَبُلُوغِ فَارِغِ حبَائِلِ عُنُقِي، وَمَا اشْتَمَلَ عَليْهِ تَامُورُ صَدرِي، وَحمَائِلِ حَبْلِ وَتِينِي، وَنِيَاطِ حِجَابِ قَلْبِي، وَأَفْلاَذِ حَواشِي كَبِدِي، وَمَا حَوَتْهُ شَراسِيفُ اَضْلاَعِي، وَحِقَاقُ مَفاصِلِي، وَقَبضُ عَوامِلِي، وَاَطرَافُ اَنَامِلِي وَلَحْمِي وَدَمِي، وَشَعْرِي وَبَشَرِي، وَعَصَبِي وَقَصَبِي، وَعِظَامِي وَمُخِّي وَعُرُوقِي، وَجَمِيعُ جَوارِحِي، وَمَا انْتَسَجَ عَلى ذلِكَ اَيَّامَ رَِضَاعِي، وَمَا اَقلَّتِ الاَْرْضُ مِنِّي، وَنَوْمِي وَيقَظَتِي وَسُكُونِي وَحرَكَاتِ رُكُوعِي وَسُجُودِي، اَنْ لَوْ حَاوَلْتُ وَاجْتَهَدْتُ مَدَى الاَْعصَارِ وَالاَْحْقَابِ لَوْ عُمِّرْتُهَا اَنْ أُؤَدِّىَ شُكْرَ وَاحِدَة مِنْ أَنْعُمِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ذلِكَ اِلاَّ بِمَنِّكَ الْمُوجَبِ عَلَىَّ بِهِ شُكْرَكَ اَبَداً جَدِيداً، وَثَنآءً طَارِفاً عَتِيداً.
اَجَلْ وَلوْ حَرَصْتُ اَنَا وَالْعآدُّونَ مِنْ اَنَامِكَ، أَنْ تُحْصِىَ مَدى اِنْعَامِكَ، سَالِفِهِ وَآنِفِهِ مَا حَصَرْنَاهُ عَدَداً، وَلاَ اَحْصَينَاهُ اَمَداً، هَيْهَاتَ أنّى ذلِكَ وَاَنْتَ الُْمخْبِرُ فِي كِتَابِكَ النَّاطِقِ، وَالنَّبَأِ الصَّادِقِ: ﴿وَاِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا﴾ صَدَقَ كِتَابُكَ اَللَّهُمَّ وَاِنْبآؤُكَ، وَبَلَّغَتْ اَنْبِيآؤُكَ وَرُسُلُكَ، مَا اَنْزَلْتَ عَلَيْهِمْ مِنْ وَحْيِكَ، وَشَرَعْتَ لَهُمْ وَبِهِمْ مِنْ دِينِكَ، غَيْرَ أَنِّي يَا اِلهِي اَشْهَدُ بِجَدِّي وَجُهْدِي، وَمَبْلَغِ طَاعَتِي وَوُسْعِي، وَأَقُولُ مُؤْمِناً مُوقِناً:
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً فَيَكُونَُ مَوْرُوثاً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي مُلْكِهِ فَيُضآدَُّهُ فِيَما ابْتَدَعَ، وَلاَ وَلِىٌّ مِنَ الذُّلِّ فَيُرْفِدَهُ فيما صَنَعَ، فَسُبْحَانَهُ سُبْحَانَهُ، لَوْ كانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ اِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتَا وَتَفَطَّرَتَا، سُبْحَانَ اللهِ الْوَاحِدِ الاَْحَدِ الصَّمَدِ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً اَحَدٌ، اَلْحَمْدُ للهِ حَمْداً يُعَادِلُ حَمْدَ مَلاَئِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ، وَاَنْبِيآئِهِ الْمُرْسَلِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلى خِيَرَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ مُحَمَّد خَاتِمِ النَّبِيِّينَ، وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ الْمُخلَصِينَ.
اَللَّهُمَّ اجْعَلْنِي اَخْشَاكَ كَانِّي اَرَاكَ، وَاَسْعِدْنِي بِتَقويكَ، وَلاَ تُشْقِنِي بِمَعْصِيَتِكَ وَخِرْلِي فِي قَضآئِكَ وَبَارِكْ لِي فِي قَدَرِكَ، حَتّى لاَ أُحِبَّ تَعْجِيلَ مَا اَخَّرْتَ وَلاَ تَاْخِيرَ مَا عَجَّلْتَ.
اَللَّهُمَّ اجْعَلْ غِنَاىَ فِي نَفْسِي، وَالْيَقِينَ فِي قَلْبِي، وَالاِْخْلاَصَ فِي عَمَلِي، وَالنُّورَ فِي بَصَرِي، وَالْبَصِيرَةَ فِي دينِي، وَمَتِّعْنِي بِجَوَارِحِي، وَاجْعَلْ سَمْعِي وَبَصَرىَ الْوَارِثَيْنِ مِنِّي، وَانْصُرْنِي عَلى مَنْ ظَلَمَنِي، وَاَرِنِي فِيهِ ثَاْرِي وَمَآرِبِي، وَاَقِرَّ بِذلِكَ عَيْنِي، اَللَّهُمَّ اكْشِفْ كُرْبَتِي وَاسْتُرْ عَوْرَتِي وَاْغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَاخْسَأْ شَيْطَانِي، وَفُكَّ رِهَانِي، وَاْجَعْلْ لِي يَا اِلهِي الدَّرَجَةَ الْعُلْيَا فِى الاْخِرَةِ وَالاُْوْلى.
اَللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَمَا خَلَقْتَنِي فَجَعَلْتَنِي سَمِيعاً بَصِيراً، وَلَكَ الْحَمْدُ كَمَا خَلَقْتَنِي فَجَعَلْتَنِي خَلْقاً سَوِيّاً رَحْمَةً بِي، وَقَدْ كُنْتَ عَنْ خَلْقِي غَنِيّاً.
رَبِّ بِمَا بَرَأْتَنِْي فَعَدَّلْتَ فِطْرَتِي، رَبِّ بِمَا اَنَشَأْتَنِي فَاَحْسَنْتَ صُورَتِي، رَبِّ بِمَا اَحْسَنْتَ إلى وَفِي نَفْسِي عَافَيْتَنِي، رَبِّ بِمَا كَلاَْتَنِي وَوَفَّقْتَنِي، رَبِّ بِمَا اَنَعْمَتَ عَلَىَّ فَهَدَيْتَنِي، رَبِّ بِمَا اَوْلَيْتَنِي وَمِنْ كُلِّ خَيْر اَعْطَيْتَنِي، رَبِّ بِمَا اَطْعَمْتَنِي وَسَقَيْتَنِي، رَبِّ بِمَا اَغْنَيْتَنِي، وَاَقْنَيْتَنِي، رَبِّ بِمَا اَعَنْتَنِي وَاَعْزَرْتَنِي، رَبِّ بِمَا اَلْبَسْتَنِي مِنْ سِتْرِكَ الصَّافِي، وَيَسَّرْتَ لِي مِنْ صُنْعِكَ الْكافِي، صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَاَعِنِّي عَلى بَوَائِقِ الدُّهُورِ وَصُرُوفِ اللَّيَالِي وَالاَْيَّامِ، وَنَجِّنِي مِنْ اَهْوَالِ الدُّنْيَا وَكُرُبَاتِ الاْخِرَةِ، وَاكْفِنِي شَرَّ مَا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ فِى الاَْرْضِ.
اَللَّهُمَّ مَا اَخَافُ فَاكْفِنِي، وَمَا اَحْذَرُ فَقِنِي، وَفِي نَفْسِي وَدِينِي فَاحْرُسْنِي، وَفِي سَفَرِي فَاحْفَظْنِي، وَفِي اَهْلِي وَمَالِي فَاخْلُفْنِي، وَفِي مَا رَزَقْتَنِي فَبَارِكْ لِي، وَفِي نَفْسِي فَذلِّلْنِي، وَفِي اَعْيُنِ النَّاسِ فَعَظِّمْنِي، وَمِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَالاِْنْسِ فَسَلِّمْنِي، وَبِذُنُوبِي فَلاَ تَفْضَحْنِي، وَبِسَرِيرَتِي فَلاَ تُخْزِنِي، وَبِعَمَلِي فَلاَ تَبْتَِلْنِي، وَنِعَمَكَ فَلاَ تَسْلُبْنِي، وَاِلى غَيْرِكَ فَلاَ تَكِلْنِي.
اِلهِي إلى مَنْ تَكِلُنِي؟ إلى قَريب فَيَقطَعُنِي، اَمْ إلى بَعيد فَيَتَجَهَّمُنِي، اَمْ إلى الْمُسْتَضْعَفِينَ لِي، وَاَنْتَ رَبِّي وَمَلِيكُ اَمْرِي، اَشْكُو اِلَيْكَ غُرْبَتِي وَبُعْدَ دَارِي، وَهَوَانِي عَلى مَنْ مَلَّكْتَهُ اَمْرِي، اِلهِي فَلاَ تُحْلِلْ عَلَىَّ غَضَبَكَ، فَاِنْ لَمْ تَكُنْ غَضِبْتَ عَلَىَّ فَلاَ اُبَالِي، سُبْحَانَكَ غَيْرَ اَنَّ عَافِيَتَكَ اَوْسَعُ لِي، فَاَسْئَلُكَ يَا رَبِّ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي اَشْرَقَتْ لَهُ الاَْرْضُ وَالسَّموَاتُ، وَكُشِفَتْ بِهِ الظُّلُمَاتُ، وَصَلَُحَ بِهِ اَمْرُ الاَْوَّلِينَ وَالاْخِرِينَ، اَنْ لاَ تُمِيتَنِي عَلى غَضَبِكَ وَلاَ تُنْزِلَْ بِي سَخَطَكَ، لَكَ الْعُتْبى لَكَ الْعُتْبى حَتّى تَرْضى قَبْلَ ذلِك، لاَ اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ، رَبَّ الْبَلَدِ الْحَرَامِ، وَالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، وَالْبَيْتِ الْعَتِيقِ، الَّذِي اَحْلَلْتَهُ الْبَرَكَةَ، وَجَعَلْتَهُ لِلنَّاسِ اَمْنَاً.
يَا مَنْ عَفى عَنْ عَظِيمِ الذُّنُوبِ بِحِلْمِهِ، يَا مَنْ اَسْبَغَ النَّعْمآءَ بِفَضْلِهِ، يَا مَنْ اَعْطَى الْجَزِيلَ بِكَرَمِهِ، يَا عُدَّتِي فِي شِدَّتِي، يَا صَاحِبِي فِي وَحْدَتِي، يَا غِيَاثِي فِي كُرْبَتِي، يَا وَلِيِّي فِي نِعْمَتِي، يَا اِلهِي وَاِلهَ آبَائِي اِبْرَاهِيمَ وَاِسْمَاعِيلَ وَاِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ، وَرَبَّ جَبْرَئِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَاِسْرَافِيلَ، وَربَّ مُحَمَّد خَاتَِمِ النَّبِيّيِينَ وَآلِهِ الْمُنْتَجَبِينَ، مُنْزِلَ التَّوريةِ وَالاِْنْجِيلَ وَالزَّبُورِ وَالْفُرْقَانِ، وَمُنَزِّلَ كهيعص، وَطه وَيس، وَالْقُرآنِ الْحَكِيمِ، اَنْتَ كَهْفِي حِينَ تُعِيينِى الْمَذَاهِبُ فِي سَعَتِهَا، وَتَضِيقُ بِىَ الاَْرْضُ بِرُحْبِهَا، وَلَوْلاَ رَحْمَتُكَ لَكُنْتُ مِنَ الْهَالِكِينَ، وَاَنْتَ مُقِيلُ عَثْرَتِي، وَلَوْلاَ سَتْرُكَ اِيَّاىَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَفْضُوحِينَ، وَاَنْتَ مُؤَيِّدِي بِالنَّصْرِ عَلى اَعْدآئِي، وَلَوْلاَ نَصْرُكَ اِيَّاىَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَغْلُوبِينَ.
يَا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِالْسُّمُوِّ وَالرِّفْعَةِ، فَاَوْلِيآئُهُ بِعِزِّهِ يَعْتَزُّونَ، يَا مَنْ جَعَلَتْ لَهُ الْمُلُوكُ نِيرَ الْمَذَلَّةِ عَلى اَعْنَاقِهِمْ، فَهُمْ مِنْ سَطَواتِهِ خَائِفُونَ، يَعْلَمُ خَائِنَةَ الاَْعْيُنِ وَمَا تُخْفِى الصُّدُورُ، وَغَيْبَ مَا تَاْتِِي بِهِ الاَْزْمِنَةُ وَالدُّهُورُ، يَا مَنْ لاَ يَعْلَمُ كَيْفَ هُوَ اِلاَّ هُوَ، يَا مَنْ لاَ يَعْلَمُ مَا هُوَ اِلاَّ هُوَ، يَا مَنْ لاَ يَعْلَمُهُ اِلاَّ هُوَ، يَا مَنْ كَبَسَ الاَْرْضَ عَلَى الْمآءِ، وَسَدَّ الْهَوآءَ بِالسَّمآءِ، يَا مَنْ لَهُ اَكْرَمُ الاَْسْمآءِ، يَا ذَا الْمَعْرُوفِ الَّذِي لاَ يَنْقَطِعُ اَبَداً، يَا مُقَيِّضَ الرَّكْبِ لِيُوسُفَ فِى الْبَلَدِ الْقَفْرِ، وَمُخْرِجَهُ مِنَ الْجُبِّ وَجَاعِلَهُ بَعْدَ الْعُبودِيَّةِ مَلِكاً، يَا رآدَّهُ عَلى يَعْقُوبَ بَعْدَ اَنِ ابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ.
يَا كَاشِفَ الضُّرِّ وَالْبَلْوى عَنْ اَيُّوبَ، وَمُمْسِكَ يَدَىْ اِبْراهِيمَ عَنْ ذَبْحِ ابْنِهِ بَعْدَ كِبَرِ سِنِّهِ، وَفَنآءِ عُمُرِهِ، يَا مَنِ اسْتَجَابَ لِزَكَرِيّا فَوَهَبَ لَهُ يَحْيى، وَلَمْ يَدَعْهُ فَرْداً وَحِيداً، يَا مَنْ اَخْرَجَ يُونُسَ مِنْ بَطْنِ الْحُوتِ، يَا مَنْ فَلَقَ الْبَحْرَ لِبَنِي اِسْرآئِيلَ فَاَنْجَاهُمْ، وَجَعَلَ فِرْعَوْنَ وَجُنُودَهُ مِنَ الْمُغْرَقِينَ، يَا مَنْ اَرْسَلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَات بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ، يَا مَنْ لَمْ يَعْجَلْ عَلى مَنْ عَصَاهُ مِنْ خَلْقِهِ، يَا مَنِ اسْتَنْقَذَ السَّحَرَةَ مِنْ بَعْدِ طُولِ الْجُحُودِ، وَقَدْ غَدَوْا فِي نِعْمَتِهِ، يَاْكُلُونَ رِزْقَهُ، وَيَعْبُدُونَ غَيْرَهُ، وَقَدْ حَادُّوهُ وَنَادُّوهُ وَكَذَّبُوا رُسُلَهُ.
يَا اَللهُ يَا اَللهُ، يَا بَدىُ يَا بَدِيعُ، لاَ نِدَّلَكَ، يَا دآئِماً لاَ نَفَادَ لَكَ، يَا حَيّاً حِينَ لاَ حَىَّ، يَا مُحْيِىَ الْمَوْتى، يَا مَنْ هُوَ قآئِمٌ عَلى كُلِّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ، يَا مَنْ قَلَّ لَهُ شُكْرِي فَلَمْ يَحْرِمْنِي، وَعَظُمَتْ خَطِيئَتِي فَلَمْ يَفَضَحْنِي، وَرَآنِي عَلَى الْمَعَاصِي فَلَمْ يَشْهَرْنِي، يَا مَنْ حَفِظَنِي فِي صِغَرِي، يَا مَنْ رَزَقَنِي فِي كِبَرِي، يَا مَنْ اَيَاديهِ عِنْدِي لاَ تُحْصى، وَنِعَمُهُ لاَ تُجَازى، يَا مَنْ عَارَضَنِي بِالْخَيْرِ والاِْحْسَانِ وَعَارَضْتُهُ بِالاِْسَائَةِ وَالْعِصْيَانِ، يَا مَنْ هَدَانِي لِلاِْيمَانِ مِنْ قَبْلِ اَنْ اَعْرِفَ شُكْرَ الاِْمْتِنَانِ، يَا مَنْ دَعَوْتُهُ مَرِيضاً فَشَفَانِي، وَعُرْيَاناً فَكَسَانِي، وَجَائِعاً فَاَشْبَعَنِي، وَعَطْشَاناً فَاَرْوَانِي، وَذَلِيلاً فَاَعَزَّنِي، وَجَاهِلاً فَعَرَّفَنِي، وَوَحِيداً فَكَثَّرَنِي، وَغَائِباً فَرَدَّنِي، وَمُقِلاًّ فَاَغْنَانِي، وَمُنْتَصِراً فَنَصَرَنِي، وَغَنِيّاً فَلَمْ يَسْلُبْنِي، وَاَمْسَكْتُ عَنْ جَمِيعِ ذلِكَ فَابْتَدَاَنِي.
فَلَكَ الْحَمْدُ وَالشُّكْرُ، يَا مَنْ اَقَالَ عَثْرَتِي، وَنَفَّسَ كُرْبَتِي، وَاَجَابَ دَعْوَتِي، وَسَتَرَ عَوْرَتِي، وَغَفَرَ ذُنُوبِي، وَبَلَّغَنِي طَلِبَتِي، وَنَصَرَنِي عَلى عَدُوِّي، وَاِنْ اَعُدَّ نِعَمَكَ وَمِنَنَكَ وَكَرَائِمَ مِنَحِكَ لاَ اُحْصِيهَا.
يَا مَوْلاَيَ اَنْتَ الَّذِي مَنْنْتَ، اَنْتَ الَّذِي اَنْعَمْتَ، اَنْتَ الَّذِي اَحْسَنْتَ، اَنْتَ الَّذِي اَجْمَلْتَ، اَنْتَ الَّذِي اَفْضَلْتَ، اَنْتَ الَّذِي اَكْمَلْتَ، اَنْتَ الَّذِي رَزَقْتَ، اَنْتَ الَّذِي وَفَّقْتَ، اَنْتَ الَّذِي اَعْطَيْتَ، اَنْتَ الَّذِي اَغْنَيْتَ، اَنْتَ الَّذِي اَقْنَيْتَ، اَنْتَ الَّذِي آوَيْتَ، اَنْتَ الَّذِي كَفَيْتَ، اَنْتَ الَّذِي هَدَيْتَ، اَنْتَ الَّذِي عَصَمْتَ، اَنْتَ الَّذِي سَتَرْتَ، اَنْتَ الَّذِي غَفَرْتَ، اَنْتَ الَّذِي اَقَلْتَ، اَنْتَ الَّذِي مَكَّنْتَ، اَنْتَ الَّذِي اَعْزَزْتَ، اَنْتَ الَّذِي اَعْنْتَ، اَنْتَ الَّذِي عَضَدْتَ، اَنْتَ الَّذِي اَيَّدْتَ، اَنْتَ الَّذِي نَصَرْتَ، اَنْتَ الَّذِي شَفَيْتَ، اَنْتَ الَّذِي عَافَيْتَ، اَنْتَ الَّذِي اَكْرَمْتَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، فَلَكَ الْحَمْدُ دآئِماً، وَلَكَ الشُّكْرُ وَاصِباً اَبَداً، ثُمَّ اَنَا يَا اِلهَِي الْمُعَتَرِفُ بِذُنُوبِي فَاغْفِرْهَا لِي.
اَنَا الَّذِي اَسَاْتُ، اَنَا الَّذِي اَخْطَاْتُ، اَنَا الَّذِي هَمَمْتُ، اَنَا الَّذِي جَهِلْتُ، اَنَا الَّذِي غَفَلْتُ، اَنَا الَّذِي سَهَوْتُ، اَنَا الَّذِى اعْتَمَدْتُ، اَنَا الَّذِي تَعَمَّدْتُ، اَنَا الَّذِي وَعَدْتُ، وَاَنَا الَّذِي اَخْلَفْتُ، اَنَا الَّذِي نَكَثْتُ، اَنَا الَّذِي اَقْرَرْتُ، اَنَا الَّذِى اعْتَرَفْتُ بِنِعْمَتِكَ عَلَىَّ وَعِنْدِي، وَاَبُوءُ بِذُنُوبِي فَاغْفِرْها لِي.
يَا مَنْ لاَ تَضُرُّهُ ذُنُوبُ عِبَادِهِ، وهُوَ الَغَنِىُّ عَنْ طَاعَتِهِمْ، وَالْمُوَفِّقُ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْهُمْ بِمَعُونَتِهِ وَرَحْمَتِه، فَلَكَ الْحَمْدُ اِلهِي وَسيِّدِي، اِلهِي اَمَرْتَنِي فَعَصَيْتُكَ، وَنَهَيْتَنِي فَارْتَكَبْتُ نَهْيَكَ، فَاَصْبَحْتُ لاَ ذَا بَرآءَة لِي فَاَعْتَذِرُ، وَلاَ ذَا قُوَّة فَاَنْتَصِرَُ، فَبِأَىِّ شَيء اَسْتَقْبِلُكَ يَا مَوْلاَىَ؟ اَبِسَمْعِي اَمْ بِبَصَرِي، اْم بِلِسَانِي، اَمْ بِيَدِي، اَمْ بِرِجْلِي، اَلَيْسَ كُلُّهَا نِعَمَكَ عِندِي، وَبِكُلِّها عَصَيْتُكَ يَا مَوْلاَىَ، فَلَكَ الْحُجَّةُ وَالسَّبِيلُ عَلىَّ.
يَا مَنْ سَتَرَنِي مِنَ الاْبَاءِ وَالاُْمَّهَاتِ اَنْ يَزجُرُونِي، وَمِنَ الْعَشَائِرِ وَالاِْخْوَانِ اَنْ يُعَيِّرُونِي، وَمِنَ السَّلاَطِينِ اَنْ يُعَاقِبُونِي، وَلَوِ اطَّلَعُوا يَا مَوْلاَىَ عَلى مَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنِّي اِذاً مَا اَنْظَرُونِي، وَلَرَفَضُونِي وَقَطَعُونِي، فَهَا اَنَا ذَا يَا اِلهِي بَيْنَ يَدَيْكَ يَا سَيِّدِي خَاضِعٌ ذَلِيلٌ، حَصِيرٌ حَقِيرٌ، لاَ ذُو بَرآئَة فَاَعْتَذِرَُ، وَلاَ ذُو قُوَّة فَاَنْتَصِرَُ، وَلاَ حُجَّة فَاَحْتَجَُّ بِهَا وَلاَ قَائِلٌ لَمْ اَجْتَرِحْ وَلَمْ اَعْمَلْ سُوءً، وَمَا عَسَى الْجُحُودُ وَلَوْ جَحَدْتُ يَا مَوْلاَىَ يَنْفَعُنِي، كَيْفَ وَاَنّى ذلِكَ، وَجَوَارِحِي كُلُّهَا شَاهِدَةٌ عَلَىَّ بِمَا قَدْ عَمِلَتُ، وَعَلِمْتُ يَقِيناً غَيْرَ ذِي شَكٍّ اَنَّكَ سآئِلِي مِنْ عَظَائِمِ الاُْمُورِ، وَاَنَّكَ الْحَكَمُ الْعَدْلُ الَّذِي لاَ تَجُورُ، وَعَدْلُكَ مُهْلِكِي، وَمِنْ كُلِّ عَدْلِكَ مَهْرَبِي، فَاِنْ تُعَذِّبْنِي يَا اِلهِي فَبِذُنُوبِي بَعْدَ حُجَّتِكَ عَلَىَّ، وَاِنْ تَعْفُ عَنِّي فَبِحِلْمِكَ وَجُودِكَ وَكَرَمِكَ.
لاَ اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ سُبْحَانَكَ اِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، لاَ اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ سُبْحَانَكَ اِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُسْتَغْفِرِينَ، لاَ اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ سُبْحَانَكَ اِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ، لاَ اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ سُبْحَانَكَ اِنِّي كُنْتُ مِنَ الْخَائِفِينَ، لاَ اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ سُبْحَانَكَ اِنِّي كُنْتُ مِنَ الْوَجِلِينَ، لاَ اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ سُبْحَانَكَ اِنِّي كُنْتُ مِنَ الَّراجِينَ، لاَ اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ سُبْحَانَكَ اِنِّي كُنْتُ مِنَ الرَّاغِبِينَ، لاَ اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ سُبْحَانَكَ اِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُهَلِّلِينَ، لاَ اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ سُبْحَانَكَ اِنِّي كُنْتُ مِنَ السَّائِلِينَ، لاَ اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ سُبْحَانَكَ اِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ، لاَ اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ سُبْحَانَكَ اِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُكَبِّرِينَ، لاَ اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ سُبْحَانَكَ رَبِّي وَرَبُّ آبَائِىَ الاَْوَّلِينَ.
اَللَّهُمَّ هذا ثَنَائِي عَلَيْكَ مُمَجِّداً، وَاِخْلاَصِي بِذِكْرِكَ مُوَحِّداً، وَاِقْرَارِي بِآلاَئكَ مَعَدِّداً، وَاِنْ كُنْتُ مُقِرّاً اَنِّي لَمْ اُحْصِهَا، لِكَثْرَتِهَا وَسُبوغِهَا، وَتَظَاهُرِهَا وَتَقَادُمِهَا إلى حادِث، مَا لَمْ تَزَلْ تَتَعَهَّدُنِي بِهِ مَعَهَا مُنْذُ خَلَقْتَنِي وَبَرَاْتَنِي مِنْ اَوَّلِ الْعُمْرِ مِنَ الاِْغْنآءِ مِنَ الْفَقْرِ، وَكَشْفِ الضُّرِّ، وَتَسْبِِيبِ الْيُسْرِ، وَدَفْعِ الْعُسْرِ، وَتَفرِيجِ الْكَرْبِ، وَالْعَافِيَةِ فِى الْبَدَنِ، وَالسَّلاَمَةِ فِى الدِّينِ، وَلَوْ رَفَدَنِي عَلى قَدْرِ ذِكْرِ نِعْمَتِكَ جَمِيعُ الْعَالَمِينَ مِنَ الاَْوَّلِينَ وَالاْخِرِينَ مَا قَدَرْتُ وَلاَهُمْ عَلى ذلِكَ، تَقَدَّسْتَ وَتَعَالَيْتَ مِنْ رَبٍّ كَرِيم، عَظِيم رَحِيم، لاَ تُحْصى آلاَؤُكَ، وَلاَ يُبْلَغُ ثَنآؤُكَ، وَلاَ تُكَافى نَعْمآؤُكَ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَاَتْمِمْ عَلَيْنَا نِعَمَكَ، وَاَسْعِدْنَا بِطَاعَتِكَ، سُبْحَانَكَ لاَ اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ.
اَللَّهُمَّ اِنَّكَ تُجِيبُ الْمُضْطَرَّ، وَتَكْشِفُ السُّوءَ، وَتُغِيثُ الْمَكْرُوبَ، وَتَشْفِى السَّقِيمَ، وَتُغْنِى الْفَقِيرَ، وَتَجْبُرُ الْكَسِيرَ، وَتَرْحَمُ الصَّغِيرَ، وَتُعِينُ الْكَبِيرَ، وَلَيْسَ دُونَكَ ظَهِيرٌ، وَلاَ فَوْقَكَ قَدِيرٌ، وَانْتَ الْعَلِىُّ الْكَبِيرُ، يَا مُطْلِقَ الْمُكَبِّلِ الاَْسِيرِ، يَا رَازِقَ الطِّفْلِ الصَّغِيرِ، يَا عِصْمَةَ الْخآئِفِ الْمُسْتَجِيرِ، يَا مَنْ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَلاَ وَزِيرَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَاَعْطِنِي فِي هذِهِ الْعَشِيَّةِ، اَفْضَلَ مَا اَعْطَيْتَ وَاَنَلْتَ اَحَداً مِنْ عِبَادِكَ، مِنْ نِعْمَة تُولِيهَا، وَآلآء تُجَدِّدُهَا، وَبَلِيَّة تَصْرِفُهَا، وَكُرْبَة تَكْشِفُهَا، وَدَعْوَة تَسْمَعُهَا، وَحَسَنَة تَتَقَبَّلُهَا، وَسَيِّئَة تَتَغَمَّدُهَا، اِنَّكَ لَطِيفٌ بِمَا تَشَاءُ خَبِيرٌ، وَعَلى كُلِّ شَيء قَدِيرٌ.
اَللَّهُمَّ اِنَّكَ اَقْرَبُ مَنْ دُعِىَ، وَاَسْرَعُ مَنْ اَجَابَ، وَاَكْرَمُ مَنْ عَفى، وَاَوْسَعُ مَنْ اَعْطى، وَاَسْمَعُ مَنْ سُئِلَ، يَا رَحمنَ الدُّنْيَا والاْخِرَةِ وَرحِيمَهُمَا، لَيْسَ كَمِثْلِكَ مَسْئُولٌ، وَلاَ سِوَاكَ مَاْمُولٌ، دَعَوْتُكَ فَاَجَبْتَنِي، وَسَئَلْتُكَ فَاَعْطَيْتَنِي، وَرَغِبْتُ اِلَيْكَ فَرَحِمْتَنِي، وَوَثِقْتُ بِكَ فَنَجَّيْتَنِي، وَفَزِعْتُ اِلَيْكَ فَكَفَيْتَنِي، اَللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَنَبِيِّكَ، وَعَلى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ اَجْمَعِينَ، وَتَمِّمْ لَنَا نَعْمآئَكَ، وَهَنِّئْنَا عَطآئَكَ، وَاكْتُبْنَا لَكَ شَاكِرِينَ، وَلاِلاَئِكَ ذَاكِرِينَ، آمِينَ آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اَللَّهُمَّ يَا مَنْ مَلَكَ فَقَدَرَ، وَقَدَرَ فَقَهَرَ، وَعُصِىَ فَسَتَرَ، وَاسْتُغْفِرَ فَغَفَرَ، يَا غَايَةَ الطَّالِبِينَ الرَّاغِبِينَ، وَمُنْتَهى اَمَلِ الرَّاجِينَ، يَا مَنْ اَحَاطَ بِكُلِّ شَيء عِلْماً، وَوَسِعَ الْمُسْتَقِيلِينَ رَاْفَةً وَحِلْماً.
اَللَّهُمَّ اِنَّا نَتَوَجَّهُ اِلَيْكَ فِي هذِهِ الْعَشِيَّةِ الَّتِي شَرَّفْتَهَا وَعَظَّمْتَهَا بِمُحَمَّد نَبِيِّكَ وَرَسُولِكَ، وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَاَمِينِكَ عَلى وَحْيِكَ، الْبَشِيرِ النَّذِيرِ، السِّرَاجِ الْمُنِيرِ، الَّذِي اَنْعَمْتَ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَجَعَلْتَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، اَللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، كَمَا مُحَمَّدٌ اَهْلٌ لِذلِكَ مِنْكَ، يَا عَظِيمُ فَصَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ، الْمُنْتَجَبِينَ الطَّيِّبِينَ، الطَّاهِرِينَ اَجْمَعِينَ، وَتَغَمَّدْنَا بِعَفْوِكَ عَنَّا، فَاِلَيْكَ عَجَّتِ الاَْصْوَاتُ بِصُنُوفِ اللُّغاتِ، فَاجْعَلْ لَنَا اَللَّهُمَّ فِي هذِهِ الْعَشِيَّةِ نَصِيباً مِنْ كُلِّ خَيْر تَقْسِمُهُ بَيْنَ عِبَادِكَ، وَنُور تَهْدِي بِهِ، وَرَحْمَة تَنْشُرُهَا، وَبَرَكَة تُنْزِلُهَا، وَعَافِيَة تُجَلِّلُهَا، وَرِزْق تَبْسُطُهُ، يَا اَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اَللَّهُمَّ اقْلِبْنَا فِي هذَا الْوَقْتِ مُنْجِحِينَ مُفْلِحِينَ مَبْرُورِينَ غَانِمِينَ، وَلاَ تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، وَلاَ تُخْلِنَا مِنْ رَحْمَتِكَ، وَلاَ تَحْرِمْنَا مَا نُؤَمِّلُهُ مِنْ فَضْلِكَ، وَلاَ تَجْعَلْنَا مِنْ رَحْمَتِكَ مَحْرُومِينَ، وَلاَ لِفَضْلِ مَا نُؤَمِّلْهُ مِنْ عَطآئِكَ قَانِطِينَ وَلاَ تَرُدَّنَا خَائِبِينَ وَلاَ مِنْ بَابِكَ مَطْرُودِينَ، يَا اَجْوَدَ الأَجْوَدِينَ، وَاَكْرَمَ الاَْكْرَمِينَ، اِلَيْكَ اَقْبَلْنَا مُوقِنِينَ، وَلِبَيْتِكَ الْحَرَامِ آمِّينَ قَاصِدِينَ، فَاَعِنَّا عَلى مَنَاسِكِنَا، وَاَكْمِلْ لَنَا حَجَّنَا، وَاْعْفُ عَنَّا وَعَافِنَا، فَقَدْ مَدَدْنَا اِلَيْكَ اَيْدِينَا فَهِىَ بِذِلَّةِ الاِْعْتِرافِ مَوْسُومَةٌ.
اَللَّهُمَّ فَاَعْطِنَا فِي هذِهِ الْعَشِيَّةِ مَا سَئَلْنَاكَ، وَاكْفِنَا مَا اسْتَكْفَيْنَاكَ، فَلاَ كافِىَ لَنَا سِوَاكَ، وَلاَ رَبَّ لَنَا غَيْرُكَ، نَافِذٌ فِينَا حُكْمُكَ، مُحِيطٌ بِنَا عِلْمُكَ، عَدْلٌ فِينَا قَضآؤُكَ، اِقْضِ لَنَا الْخَيْرَ، وَاجْعَلْنَا مِنْ اَهْلِ الْخَيْرِ، اَللَّهُمَّ اَوْجِبْ لَنَا بِجُودِكَ عَظِيمَ الاَْجْرِ، وَكَرِيمَ الذُّخْرِ، وَدَوَامَ الْيُسْرِ، وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا اَجْمَعِينَ، وَلاَ تُهْلِكْنَا مَعَ الْهَالِكِينَ، وَلاَ تَصْرِفْ عَنَّا رَاْفَتَكَ وَرَحْمَتَك يَا اَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، اَللَّهُمَّ اجْعَلْنَا فِي هذَا الْوَقْتِ مِمَّنْ سَاَلَكَ فَاَعْطَيْتَهُ، وَشَكَرَكَ فَزِدْتَهُ، وَتَابَ اِلَيْكَ فَقَبِلْتَهُ وَتَنَصَّلَ اِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبِهِ كُلِّهَا فَغَفَرْتَهَا لَهُ يَا ذَالْجَلاَلِ وَالاِْكْرَامِ.
اَللَّهُمَّ وَنَقِّنَا وَسَدِّدْنَا واقْبَلْ تَضَرُّعَنَا يَا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ، وَيَا اَرْحَمَ مَنِ اسْتُرْحِمَ، يَا مَنْ لاَ يَخْفى عَلَيْهِ اِغْمَاضُ الْجُفُونِ، ولاَ لَحْظُ الْعُيُونِ، وَلاَ مَا اسْتَقَرَّ فِى الْمَكْنُونِ، وَلاَ مَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ مُضْمَرَاتُ الْقُلُوبِ، اَلاَ كُلُّ ذلِكَ قَدْ اَحْصَاهُ عِلْمُكَ، وَوَسِعَهُ حِلْمُكَ، سُبْحَانَكَ وَتَعَالَيْتَ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِيراً، تُسَبِّحُ لَكَ السَّموَاتُ السَّبْعُ، وَالاَْرَضُونَ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَاِنْ مِنْ شَيء اِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ وَالْمَجْدُ، وَعُلُوُّ الْجَدِّ، يَا ذَالْجَلاَلِ وَالاِْكْرَامِ، وَالْفَضْلِ وَالاِْنْعَامِ، وَالاَْيَادِى الْجِسَامِ، وَاَنْتَ الْجَوَادُ الْكَرِيمُ، الرَّؤُوفُ الرَّحِيمُ، اَللَّهُمَّ اَوْسِعْ عَلَىَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلاَلِ، وَعَافِنِي فِي بَدَنِي وَدِينِي، وَآمِنْ خَوْفِي، وَاعْتِقْ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، اَللَّهُمَّ لاَ تَمْكُرْ بِي، وَلاَ تَسْتَدْرِجُنِي، وَلاَ تَخْدَعْنِي، وَادْرَءْ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَالاِْنْسِ.
يَا اَسْمَعَ السَّامِعِينَ، يَا اَبْصَرَ النَّاظِرِينَ، وَيَا اَسْرَعَ الْحَاسِبِينَ، وَيَا اَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، السَّادَةِ الْمَيَامِينَ، وَاَسْئَلُكَ اَللَّهُمَّ حَاجَتِى الَّتِي اِنْ اَعْطَيْتَنِيهَا لَمْ يَضُرَّنِي مَا مَنَعْتَنِي، وَاِنْ مَنَعْتَنِيهَا لَمْ يَنْفَعْنِي مَا اَعْطَيْتَنِي، اَسْئَلُكَ فَكَاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، لاَ اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ، وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ، لَكَ الْمُلْكُ، وَلَكَ الْحَمْدُ، وَاَنْتَ عَلى كُلِّ شَيء قَدِيرٌ، يَا رَبِّ يا رَبِّ.
اِلهِي اَنَا الْفَقِيرُ فِي غِنَاىَ فَكَيْفَ لاَ اَكُونُ فَقِيراً فِي فَقْرِي، اِلهِي اَنَا الْجَاهِلُ فِي عِلْمِي فَكَيْفَ لاَ اَكُونُ جَهُولاً فِي جَهْلِي، اِلهِي اِنَّ اخْتِلافَ تَدْبِيرِكَ، وَسُرْعَةَ طَوآءِ مَقَادِيرِكَ، مَنَعَا عِبَادَكَ الْعَارِفِينَ بِكَ عَنْ السُّكُونِ إلى عَطاء، وَالْيأْسِ مِنْكَ فِي بَلاَء، اِلهِي مِنِّي مَا يَلِيقُ بِلُؤُمِي وَمِنْكَ مَا يَلِيقُ بِكَرَمِكَ، اِلهِي وَصَفْتَ نَفْسَكَ بِاللُّطْفِ وَالرَّأْفَةِ لِي قَبْلَ وُجُودِ ضَعْفِي، اَفَتَمْنَعُنِي مِنْهُمَا بَعْدَ وُجُودِ ضَعْفِي، اِلهِي اِنْ ظَهَرَتِ الْمَحَاسِنُ مِنِّي فَبِفَضْلِكَ، وَلَكَ الْمِنَّةُ عَلَىَّ، وَاِنْ ظَهَرَتِ الْمَسَاوِي مِنِّي فَبِعَدْلِكَ، وَلَكَ الْحُجَّةُ عَلَيَّ، اِلهِي كَيْفَ تَكِلُنِي وَقَدْ تَكَفَّلْتَ لِي، وَكَيْفَ اُضَامُ وَاَنْتَ النَّاصِرُ لِي، اَمْ كَيْفَ اَخِيبُ وَاَنْتَ الْحَفِىُّ بِي، هَا اَنَا اَتَوَسَّلُ اِلَيْكَ بِفَقْرِي اِلَيْكَ، وَكَيْفَ اَتَوَسَّلُ اِلَيْكَ بِمَا هُوَ مَحَالٌ اَنْ يَصِلَ اِلَيْكَ، اَمْ كَيْفَ اَشْكُو اِلَيْكَ حَالِي وَهُوَ لاَ يَخْفى عَلَيْكَ، اَمْ كَيْفَ اُتَرْجِمُ بِمَقَالِي وَهُوَ مِنَكَ بَرَزٌ اِلَيْكَ، اَمْ كَيْفَ تُخَيِّبُ آمَالِي وَهِىَ قَدْ وَفَدَتْ اِلَيْكَ، اَمْ كَيْفَ لاَ تُحْسِنُ اَحْوَالِي وَبِكَ قَامَتْ.
اِلهِي مَا اَلْطَفَكَ بِي مَعَ عَظِيمِ جَهْلِي، وَمَا اَرْحَمَكَ بِي مَعَ قَبِيحِ فِعْلِي، اِلهِي مَا اَقْرَبَكَ مِنِّي وَاَبْعَدَنِي عَنْكَ، وَمَا اَرْاَفَكَ بِي، فَمَا الَّذِي يَحْجُبُنِي عَنْكَ، اِلهِي عَلِمْتُ بِاِخْتِلاَفِ الاْثَارِ، وَتَنقُّلاَتِ الاَْطْوَارِ، اَنَّ مُرَادَكَ مِنِّي اَنْ تَتَعَرَّفَ إلى فِي كُلِّ شَيء، حَتّى لاَ اَجْهَلَكَ فِي شَيء، اِلهِي كُلَّمَا اَخْرَسَنِي لُؤْمِي اَنْطَقَنِي كَرَمُكَ، وَكُلَّمَا آيَسَتْنِي اَوْصَافِي اَطْمَعَتْنِي مِنَنُكَ، اِلهِي مَنْ كَانَتْ مَحَاسِنُهُ مَسَاوِىَ، فَكَيْفَ لاَ تَكُونُ مُسَاوِيهِ مَسَاوِىَ، وَمَنْ كَانَتْ حَقَايِقُهُ دَعَاوِىَ، فَكَيْفَ لاَ تَكُونُ دَعَاوِيَهِ دَعَاوِىَ، اِلهِي حُكْمُكَ النَّافِذُ، وَمَشِيَّتُكَ الْقَاهِرَةُ لَمْ يَتْرُكَا لِذِي مَقَال مَقَالاً، وَلاَ لِذِي حَال حَالاً.
اِلهِي كَمْ مِنْ طَاعَة بَنَيْتُهَا، وَحالَة شَيَّدْتُهَا، هَدَمَ اِعْتِمادِي عَلَيْهَا عَدْلُكَ، بَلْ اَقَالَنِي مِنْهَا فَضْلُكَ، اِلهِي اِنَّكَ تَعْلَمُ اَنِّي وَاِنْ لَمْ تَدُمِ الطَّاعَةُ مِنِّي فِعْلاً جَزْماً فَقَدْ دَامَتْ مَحَبَّةً وَعَزْماً، اِلهِي كَيْفَ اَعْزِمُ وَاَنْتَ الْقَاهِرُ، وَكَيْفَ لاَ اَعْزِمُ وَاَنْتَ الاْمِرُ، اِلهِي تَرَدُّدِي فِى الاْثَارِ يُوجِبُ بُعْدَ الْمَزَارِ، فَاجْمَعْنِي عَلَيْكَ بِخِدْمَة تُوصِلُنِي اِلَيْكَ، كَيْفَ يُسْتَدَلُّ عَلَيْكَ بِمَا هُوَ فِي وُجُودِهِ مُفْتَقِرٌ اِلَيْكَ، اَيَكُونُ لِغَيْرِكَ مِنَ الظُّهُورِ مَا لَيْسَ لَكَ، حَتّى يَكُونَ هُوَ الْمُظْهِرَ لَكَ، مَتى غِبْتَ حَتّى تَحْتَاجَ إلى دَلِيل يَدُلُّ عَليْكَ، وَمَتى بَعُدْتَ حَتّى تَكُونَ الاْثَارُ هِىَ الَّتِي تُوصِلُ اِلَيْكَ، عَمِيَتْ عَيْنٌ لاَ تَرَاكَ عَلَيْهَا رَقِيباً، وَخَسِرَتْ صَفْقَةُ عَبْد لَمْ تَجْعَلْ لَهُ مِنْ حُبِّكَ نَصِيباً، اِلهِي اَمَرْتَ بِالرُّجُوعِ إلى الاْثَارِ فَاَرْجِعْنِي اِلَيْكَ بِكِسْوَةِ الاَْنْوَارِ، وَهِدَايَةِ الاِْسْتِبصَارِ، حَتّى اَرْجَعَ اِلَيْكَ مِنْهَا كَمَا دَخَلْتُ اِلَيْكَ مِنْهَا، مَصُونَ السِّرِّ عَنِ النَّظَرِ اِلَيْهَا، وَمَرْفُوعَ الْهِمَّةِ عَنِ الاِْعْتِمادِ عَلَيْهَا، اِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيء قَدِيرٌ.
اِلهِي هذَا ذُلِّي ظَاهِرٌ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَهذَا حَالِي لاَ يَخْفى عَلَيْكَ، مِنْكَ اَطْلُبُ الْوُصُولُ اِلَيْكَ، وِبَكَ اَسْتَدِلُّ عَلَيْكَ، فَاهْدِنِي بِنُورِكَ اِلَيْكَ، وَاَقِمْنِي بِصِدْقِ الْعُبُودِيَّةِ بَيْنَ يَدَيْكَ، اِلهِي عَلِّمْنِي مِنْ عِلْمِكَ الْمَخْزُونِ، وَصُنِّي بِسِتْرِكَ الْمَصُونِ، اِلهِي حَقِّقْنِي بِحَقَائِقِ اَهْلِ الْقُرْبِ، وَاسْلُكْ بِي مَسْلَكَ اَهْلِ الْجَذْبِ، اِلهِي اَغْنِنِي بِتَدْبِيرِكَ لِي عَنْ تَدْبِيرِي، وَبِاخْتِيَارِكَ عَنِ اخْتِيَارِي، وَاَوْقِفْنِي عَلى مَراكِزِ اضْطِرَارِي، اِلهِي اَخْرِجْنِي مِنْ ذُلِّ نَفْسِي، وَطَهِّرْنِي مِنْ شَكِّي وَشِرْكِي قَبْلَ حُلُولِ رَمْسِي، بِكَ اَنْتَصِرُ فَانْصُرْنِي، وَعَلَيْكَ اَتَوَكَّلُ فَلاَ تَكِلْنِي، وَاِيَّاكَ اَسْئَلُ فَلاَ تُخَيِّبْنِي، وَفِي فَضْلِكَ اَرْغَبُ فَلاَ تَحْرِمْنِي، وَبِجَنَابِكَ اَنْتَسِبُ فَلاَ تُبْعِدْنِي، وَبِبَابِكَ اَقِفُ فَلاَ تَطْرُدُنِي، اِلهِي تَقَدَّسَ رِضَاكَ اَنْ يَكُونَ لَهُ عِلَّةٌ مِنْكَ، فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ عِلَّةٌ مِنِّي، اِلهِي اَنْتَ الْغِنى بِذَاتِكَ اَنْ يَصِلَ اِلَيْكَ النَّفْعُ مِنْكَ، فَكَيْفَ لاَ تَكُونُ غَنِيّاً عَنِّي.
اِلهِي اِنَّ الْقَضآءَ وَالْقَدَرَ يُمَنِّينِي، وَاِنَّ الْهَوى بِوَثَائِقِ الشَّهْوَةِ اَسَرَنِي، فَكُنْ اَنْتَ النَّصِيرَ لِي، حَتّى تَنْصُرَنِي وَتُبَصِّرَنِي، وَاَغْنِنِي بِفَضْلِكَ حَتّى اَسْتَغْنِىَ بِكَ عَنْ طَلَبِي، اَنْتَ الَّذِي اَشْرَقْتَ الاَْنْوَارَ فِي قُلُوبِ اَوْلِيائِكَ حَتّى عَرَفُوكَ وَوَحَّدوكَ، وَاَنْتَ الَّذِي اَزَلْتَ الاَْغْيَارَ عَنْ قُلُوبِ اَحِبَّائِكَ حَتّى لَمْ يُحِبُّوا سِوَاكَ، وَلَمْ يَلْجَئُوا إلى غَيْرِكَ، اَنْتَ الْمُوْنِسُ لَهُمْ حَيْثُ اَوْحَشَتْهُمُ الْعَوَالِمُ، وَاَنْتَ الَّذِي هَدَيْتَهُمْ حَيْثُ اسْتَبَانَتْ لَهُمُ الْمَعَالِمُ، مَاذَا وَجَدَ مَنْ فَقَدَكَ، وَمَا الَّذِي فَقَدَ مَنْ وَجَدَكَ، لَقَدْ خَابَ مَنْ رَضِىَ دُونَكَ بَدَلاً، وَلَقَدْ خَسِرَ مَنْ بَغى عَنْكَ مُتَحَوِّلاً، كَيْفَ يُرْجى سِوَاكَ، وَاَنْتَ مَا قَطَعْتَ الاِْحْسَانَ، وَكَيْفَ يُطْلَبُ مِنْ غَيْرِكَ وَاَنْتَ مَا بَدَّلْتَ عَادَةَ الاِْمْتِنَانِ، يَا مَنْ اَذَاقَ اَحِبّآئَهُ حَلاَوَةَ الْمُؤَانَسَةِ، فَقَامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُتَمَلِّقِينَ.
وَيَا مَنْ اَلْبَسَ اَوْلِيَائَهُ مَلاَبِسَ هَيْبَتِهِ، فَقَامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُسْتَغْفِرِينَ، اَنْتَ الذَّاكِرُ قَبْلَ الذَّاكِرِينَ، وَاَنْتَ الْبَادِي بِالاِْحْسَانِ قَبْلَ تَوَجُّهِ الْعَابِدِينَ، وَاَنْتَ الْجَوَادُ بِالْعَطآءِ قَبْلَ طَلَبِ الطَّالِبِينَ، وَاَنْتَ الْوَهَّابُ، ثُمَّ لِمَا وَهَبْتَ لَنَا مِنَ الْمُسْتَقْرِضِينَ، اِلهِي اُطْلُبْنِي بِرَحْمَتِكَ حَتّى اَصِلَ اِلَيْكَ، وَاجْذِبْنِي بِمَنِّكَ حَتّى اُقْبِلَ عَلَيْكَ، اِلهِي اِنَّ رَجآئِي لاَ يَنْقَطِعُ عَنْكَ وَاِنْ عَصَيْتُكَ، كَمَا اَنَّ خَوْفِي لاَ يُزايِلُنِي وَاِنْ اَطَعْتُكَ، فَقَدْ دَفَعَتْنِي الْعَوَالِمُ اِلَيْكَ، وَقَدْ اَوْقَعَنِي عِلْمِي بِكَرَمِكَ عَلَيْكَ، اِلهِي كَيْفَ اَخِيبُ وَاَنْتَ اَمَلِي، اَمْ كَيْفَ اُهَانُ وَعَلَيْكَ مُتَكَّلِي، اِلهِي كَيْفَ اَسْتَعِزُّ وَفِى الذِّلَّةِ اَرْكَزْتَنِي، اَمْ كَيْفَ لاَ اَسْتَعِزُّ وَاِلَيْكَ نَسَبْتَنِي.
اِلهِي كَيْفَ لاَ اَفْتَقِرُ وَاَنْتَ الَّذِي فِى الْفُقَرآءِ اَقَمْتَنِي، اَمْ كَيْفَ اَفْتَقِرُ وَاَنْتَ الَّذِي بِجُودِكَ اَغْنَيْتَنِي، وَاَنْتَ الَّذِي لاَ اِلهَ غَيْرُكَ، تَعَرَّفْتَ لِكُلِّ شَيء فَمَا جَهِلَكَ شَيءُ، وَاَنْتَ الَّذِي تَعَرَّفْتَ اِلَيَّ فِي كُلِّ شَيء، فَرَاَيْتُكَ ظَاهِراً فِي كُلِّ شَيء، وَاَنْتَ الظَّاهِرُ لِكُلِّ شَيء، يَا مَنِ اسْتَوى بِرَحْمَانِيَّتِهِ فَصَارَ الْعَرْشُ غَيْباً فِي ذَاِتِهِ، مَحَقْتَ الاْثَارَ بِالاْثَارِ، وَمَحَوْتَ الاَْغْيَارَ بِمُحِيطَاتِ اَفْلاَكِ الاَْنْوَارِ، يَا مَنِ احْتَجَبَ فِي سُرَادِقَاتِ عَرْشِهِ عَنْ اَنْ تُدْرِكَهُ الاَْبْصَارُ، يَا مَنْ تَجَلّى بِكَمَالِ بَهآئِهِ، فَتَحَقَّقتْ عَظَمَتُهُ الاِْسْتِوآءَ، كَيْفَ تَخْفى وَاَنْتَ الظَّاهِرُ، اَمْ كَيْفَ تَغِيبُ وَاَنْتَ الرَّقِيبُ الْحَاضِرُ، اِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيء قَدِير، وَالْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ.
قال بشر وبشر: فلم يكن له جهد إلاّ قوله: يا ربّ، يا ربّ بعد هذا الدعاء وشغل من حضر ممّن كان حوله، وشهد ذلك المحضر عن الدّعاء لأنفسهم وأقبلوا على الاستماع له عليه السلام والتأمين على دعائه، قد اقتصروا على ذلك لأنفسهم، ثمّ علت أصواتهم بالبكاء معه، وغربت الشمس وأفاض عليه السلام وأفاض النّاس معه.
المصدر:شبكة المعارف الإسلامية