منوعات

الإمام علي (ع) بين حديثي الإنذار والغدير

قال تعالى: “” وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ” .

“الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا” .

1- لأنّ هدف الإسلام وصول قافلة البشرية إلى كمالها من خلال

بسم الله الرحمن الرحيم
الإمام علي (ع) بين حديثي الإنذار والغدير

قال تعالى: “” وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ” .
“الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا” .
1- لأنّ هدف الإسلام وصول قافلة البشرية إلى كمالها من خلال الحكومة

الإلهيّة العامة “هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ

الْمُشْرِكُونَ” 
2- ولأنّ هذا الهدف لا بدّ له بعد النبي الأعظم (ص) عن مسارٍ متسلسل مع

أوعية طاهرة حاضنة لكتاب الله تعالى وسنّة رسوله (ص) تُختم بمن يتحقّق على يده تلك

الحكومة الإلهيّة المحمّدية.
3- ولأنّ النبيّ (ص) بتعليم الله تعالى كان يعرف أهميّة أن يعرِّف الناس منذ

البداية بمن يبدأ معه ذلك المسار.
 لأجل ذلك كان الرسول الأكرم (ص) يغتنم كلّ فرصة ومناسبة ليعرِّف فيها الناس على

خليفته الذي به يبدأ المسار، ويكتمل ببقية السلسلة الطاهرة.
البداية كانت بعد خلوة حراء التي كان يتحدث عنها الإمام علي (ع) بقوله: “لقد كان يجاور

في كلّ سنة بحراء، فأراه ولا يراه غيري” .
وبعد انقضاء الفترة الأولى التي تحدّث عنها الإمام علي (ع) بقوله: “ولم يجمع بيت واحد

يومئذٍ في الإسلام غير رسول الله (ص) وخديجة، وأنا ثالثهما أرى نور الوحي والرسالة وأشمُّ

ريح النبوة” .
• بعد انقضاء تلك الفترة الخاصّة أمر الله تعالى نبيّه محمداً (ص) أن يبتدئ

دعوته علناً بدعوة عشيرته الأقربين فأنزل الله تعالى عليه: ” وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ” .
دعا النبي (ص) الأقربين من عشيرته وأنبأهم أنّ الله تعالى اختاره رسولاً للبشرية ثم سألهم: “

أيّكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟” .
لم يجبه أحد إلا الشاب الصغير في سنّه علي بن أبي طالب.
فقال (ص): “إنّ هذا أخي ووصي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا” .
بعدها انطلق النبيّ (ص) يدعو المسلمين إلى تولّي الإمام علي (ع) فكان يقول لهم:
– “من سرّه أن يحيى حياتي ويموت مماتي، ويسكن جنة عدنٍ غرسها ربي،

فليوالِ علياً من بعدي، وليوالِ وليّه، وليقتدِ بأهل بيتي من بعدي، فإنّهم عترتي، خلقوا من

طينتي، ورزقوا فهمي وعلمي، فويل للمكذّبين بفضلهم من أمتي، القاطعين فيهم صلتي، لا

أنالهم الله شفاعتي” .
– “أوصي من آمن بي وصدّقني بولاية علي بن أبي طالب، فمن تولاه فقد

تولاني، ومن تولاني فقد تولى الله، ومن أحبّه فقد أحبّني ومن أحبّني فقد أحبّ الله، ومن

أبغضه فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله عزّ وجل” .
– وحينما غادر النبي (ص) المدينة المنوّرة، وترك علياً (ع) حاكماً قال له:”أما

ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنّه لا نبي بعدي” .
• ولأنّ مقام الخلافة والوصاية والإمامة تنبع من كمالات من يختاره الله تعالى،

ومدى قربه منه عزّ وجل أخذ النبي (ص) يعرِّف الناس على كمالات الإمام علي بن أبي

طالب (ع)، بل سمع المسلمون بكمالات الإمام علي (ع) عن طريق الكرامة في بعض

المواقف.
والنماذج على ذلك:
– في معركة بدر بعد أن قتل الإمام علي (ع) نصف المشركين واشترك في

النصف الآخر سُمع نداء من السماء يقول: “لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلاّ علي” .
– في معركة الخندق قال رسول الله (ص) حينما برز الإمام علي (ع) لعمرو

بن عبد ود العامري: “برز الإيمان كلّه إلى الشرك كلّه” .
– في معركة خيبر قال رسول الله (ص): “لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحب الله

ورسوله ويحبه الله ورسوله، كرار غير فرار، يفتح الله على يديه. فلما كان من الغد قال رسول

الله (ص): عليّ بعلي، فجاءه أرمد العينين، فـ… تفل (ص) في عينيه، وعقد له رايةً ودعا له،

فما انثنى حتى فتح خيبراً” . فعرف المسلمون أنّ علياً هو الرجل الذي يحبّ اللهَ ورسوله، ويحبّه

اللهُ ورسوله، وهو الكرّار غير الفرّار، وهو الذي يفتح الله على يديه.
– وقال رسول الله (ص) للإمام علي (ع): “لولا أن تقول فيك طوائف من

أمتي ما قالت النصارى في المسيح عيسى بن مريم لقلت فيك اليوم قولاً لا تمر بملأ إلا أخذوا

من تراب رجليك ومن فضل طهورك يستشفون به” .
– وفي المدينة، وبأمر الله تعالى، أغلق رسول الله (ص) كلّ الأبواب المطلّة على

المسجد إلا باب علي (ع).
•  وعبّر النبيّ (ص) غير مرّة عن قرب الإمام علي (ع) منه بشكل استثنائي.
– فحينما وصل إلى قبا قبيل المدينة المنوّرة رفض النبي (ص) أن يدخلها،

وانتظر في قبا أكثر من عشرين يوما ً. لماذا؟
لأن عليّاً (ع) لم يأتِ بعدُ من مكّة مع الفواطم، فانتظر (ص) عليّاً (ع) حتى أتى ودخل

النبي (ص) المدينة مع عليّ (ع) حتى لا يراه أهل المدينة أوّل مرّة إلاّ هو (ص) وعلي (ع).
– وحينما أُتي للنبيّ بطائر مشوي تذكّر عليّاً (ع)، وأبى أن يأكله دونه، ودعا

الله تعالى: “اللهمّ ائتني بأحبّ الخلق إليك، فجاء علي بن أبي طالب، فقال له أنس: رسول

الله (ص) مشغول، فرجع، وجاء بعد ساعة، ودقّ الباب، فردد له أنس مثل ذلك، ثم قال

رسول الله (ص): يا أنس، افتح له، فطال ما رددته، فقال أنس: يا رسول الله، كنت أطمع أن

يكون رجلاً من الأنصار، فدخل علي بن أبي طالب فأكل معه الطير” .
• وعبّر النبيّ أكثر من مرّة، انطلاقاًَ من كمالات الإمام علي (ع) عن حبّه

له (ع)، داعياً إلى توجّه المؤمنين إليه بالحبّ، فعنه (ص):
– متوجّهاً إلى الإمام علي (ع):”النظر إلى وجهك يا علي عبادة، أنت سيد

في الدينا وسيد في الآخرة، من أحبّك أحبني، وحبيبي حبيب الله، وعدوّك عدوّي وعدوّي عدوّ

الله، الويل لمن أبغضك” .
– “لو اجتمع الناس على حبّ علي ابن أبي طالب لما خلق الله عز وجل النار”

.
– “من أحبّ علياً قبل الله تعالى منه صلاته وصيامه وقيامه واستجاب دعاءه،

ألا ومن أحبّ علياً أعطاه الله بكل عرقٍ في بدنه مدينة في الجنة” .
بعد كلّ هذه البيانات أراد الله تعالى أن يبلّغ رسوله الناس إمامة علي بن أبي طالب (ع) في

الملأ العام، وكان رسول الله (ص) حذراً في ذلك من الانقسام الذي قد يؤثّر بشكل سلبي على

رسالة الإسلام، فإذا بالله تعالى يوضّح لرسوله أهميّة  هذا التبليغ بما له ربط بهدف الرسالة

الإسلامية بحيث إنّ عدم التبليغ يؤدّي إلى عدم حصول ذلك الهدف، مضيفاً إلى رسوله

ضمانة بعدم تأثير ذلك على رسالة  الإسلام فإنّها معصومة بعصمة الله تعالى، قال تعالى: ” يَا

أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ

النَّاسِ ” .
استجابةً لأمر الله تعالى فاجأ رسول الله المسلمين الحجاج العائدين إلى ديارهم حينما وصلوا

إلى منطقة غدير خم التي تفترق منها قوافل الحجيج، وذلك حينما أمرهم أن يصنعوا منبراً

عالياً في وسط نهار حارّ وصف أنّ الدجاجة لو وضعت فيه على الأرض لانشوت من حرّ

الشمس.
فإذ بالمسلمين يأتون بما تيسّر لهم من متاعهم وممّا هو على ظهور دوابّهم وصنعوا من ذلك منبراً

كبيراً عالياً فصعد رسول الله (ص) عليه، وخطب بين المسلمين قائلاً:
“الحمد لله ونستعينه و نؤمن به، ونتوكّل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات

أعمالنا الذي لا هادي لمن ضل، ولا مضلّ لمن هدى، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً

عبده ورسوله –أما بعد-:
أيها الناس قد نبأني اللطيف الخبير أنّه لم يعمر نبي إلا مثل نصف عمر الذي قبله، وإنّي

أوشك أن أدعى فأجبت، وإنّي مسؤول وأنتم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنّك

قد بلّغت ونصحت وجهدت فجزاك الله خيراً، قال: ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله، وأنّ

محمداً عبده ورسوله، وأنّ جنّته حق وناره حق وأنّ الموت حق وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها

وأنّ الله يبعث من في القبور؟ قالوا: بلى نشهد بذلك، قال: اللهم اشهد، ثم قال: أيها الناس

ألا تسمعون؟ قالوا: نعم. قال: فإنّي فرط على الحوض، وأنتم واردون عليّ الحوض، وإنّ عرضه

ما بين صنعاء وبصرى  فيه أقداح عدد النجوم من فضة فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين 

فنادى مناد: وما الثقلان يا رسول الله؟ قال: الثقل الأكبر كتاب الله طرف بيد الله عزّ وجل

وطرف بأيديكم فتمسّكوا به لا تضلّوا، والآخر الأصغر عترتي، وإنّ اللطيف الخبير نبأني أنّهما

لن يتفرّقا حتى يردا عليّ الحوض فسألت ذلك لهما ربي، فلا تقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا

عنهما فتهلكوا، ثم أخذ بيد علي فرفعها حتى رؤي بياض آباطهما وعرفه القوم أجمعون، فقال:

أيها النّاس من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: إنّ الله مولاي

وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فعلي مولاه، يقولها ثلاث مرات،

وفي لفظ أحمد إمام الحنابلة: أربع مرات ثم قال: اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وأحب

من أحبّه، وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث

دار، ألا فليبلغ الشاهد الغايب، ثم لم يتفرّقوا حتى نزل أمين وحي الله بقوله: اليوم أكملت

لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي، فقال رسول الله (ص): الله أكبر على إكمال الدين،

وإتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي، والولاية لعلي من بعدي” .
بذلك كان اليوم الثامن عشر من ذي الحج عيداً عظيماً ليحتفي به المسلمون كلّ عام، لأنّ ما

جرى فيه يتعلّق بهدف الرسالة “لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ”  وهدف الرسالة

المحمديّة يتحقّق من خلال سلسلة الإمامة التي كان مطلعها الإمام علي (ع) وسيكون خاتمها

الإمام المهدي (عج).
والغدير هو عنوان لبداية السلسلة التي لولاها لما تحقّق هدف الرسالة وبالتالي لما تحقّق هدف

الخلق.
لذا فإنّ ما نستحضره في ذكرى الغدير هو التمسّك بالإمام الحجّة المهدي (عج) الواجب

الطاعة عبر الانقياد لحجة الحجّة التي عرَّفنا (عج) عليها بقوله: “أمّا الحوادث الواقعة فارجعوا

فيها إلى رواة حديثنا فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله” .
بطاعته وولائه ولاءًا لإمامنا وإمامه نمهّد التمهيد الحقيقيّ لهدف الإسلام الكبير في تلك

الحكومة التي يملأ الله بها الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً.
والحمد لله رب العالمين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى