إسئلنا

تخصيص العشيرة بالدعوة…

نص الشبهة: 

لماذا تخصيص العشيرة بالدعوة؟!

الجواب: 

هذا ولا يخفى: أن الاهتمام بدعوة عشيرته الأقربين كان خير وسيلة لتثبيت دعائم دعوته، ونشر رسالته ؛ لأن الإصلاح يجب أن يبدأ من الداخل، حتى إذا ما استجاب له أهله وقومه، اتجه إلى غيرهم بقدم ثابتة، وعزم راسخ ومطمئن.

كما أن دعوته لهم سوف تمنحه الفرصة لاكتشاف عوامل الضعف والقوة في البنية الداخلية، من حيث ارتباطاته وعلاقاته الطبيعية، وليعرف مقدار الدعم الذي سوف يلاقيه ؛ فيقدر مواقفه، وإقدامه، وإحجامه على أساسه.
أضف إلى ذلك: أنه حين يبدأ بالأقربين من عشيرته، ولا يبدو أنه على استعداد لتقديم أي تنازل أو مساومة حتى بالنسبة إلى هؤلاء، فإن معنى ذلك هو أن على الآخرين أن يقتنعوا بأنه منسجم مع نفسه، ومقتنع بصحة ما جاء به، ويريد لأحب الناس إليه، الذين لا يريد لهم إلا الخير، أن يكونوا في طليعة المؤمنين الذين يضحون بكل غالٍ ونفيس في سبيل هذا الدين.
وقد رأينا: أن النصارى قد تنبهوا إلى ذلك في قضية المباهلة، فراجع.
ومن الجهة الأخرى: فإنه يعيش في مجتمع يقيم علاقاته على أساس قبلي ـ فحين يريد أن يقدم على مواقف أساسية ومصيرية ـ وحين لا يكون هو نفسه يرضى بالاعتماد على القبلية كعنصر فعال في حماية مواقفه، وتحقيق أهدافه ؛ فإن من اللازم: أن يتخذ من ذوي قرباه موقفاً صريحاً، ويضعهم في الصورة الواضحة ؛ وأن يهيئ لهم الفرصة ليحددوا مسؤولياتهم، بحرية، وصراحة، وصفاء، بعيداً عن أي ضغط وابتزاز ولو كان هذا الضغط من قبيل العرف القبلي فيما بينهم ؛ لأنه عرف مرفوض إسلامياً.
وهنا تبرز واقعية الإسلام في تعامله مع الأمور، وفي معالجته للقضايا، الإسلام الذي لا يرضى أن يستغل جهل الناس وبساطتهم، وحتى أعرافهم ـ الخاطئة ـ التي ارتضوها لأنفسهم في سبيل منافعه، وتحقيق أهدافه.
نعم، إن الإسلام يعتبر الوسيلة جزءاً من الهدف، فلا بد أن تنسجم وتتلاءم معه، كما لا بد أن تنال من الطهر والقداسة بالمقدار الذي يناله الهدف نفسه.
وفقنا الله للسير على هدى الإسلام، والالتزام بتعاليمه ؛ إنه خير مأمول، وأكرم مسؤول.
وعلى كل حال، فقد خرج (صلى الله عليه وآله) من ذلك الاجتماع بوعدٍ أكيد من شيخ الأبطح، أبي طالب (عليه السلام) بالنصر والعون ؛ فإنه لما رأى موقف أبي لهب اللاإنساني، واللامعقول، قال له: (يا عورة، والله لننصرنه، ثم لنعيننه!! يا ابن أخي، إذا أردت أن تدعو إلى ربك فأعلمنا، حتى نخرج معك بالسلاح) 1 2.

  • 1. تاريخ اليعقوبي (ط صادر) ج 2 ص 28 و 27.
  • 2. الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله)، العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الخامسة، 2005 م. ـ 1425 هـ. ق، الجزء الثالث.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى