مقالات

الشيعة وجهلهم…

نص الشبهة: 

يعترف الشيعة في كتبهم أنهم لم يبلغهم علم الحلال والحرام ومناسك الحج إلا عن طريق أبي جعفر الباقر. وهذا يعني أنه لم يبلغهم عن علي شيء في هذا ! تقول كتب الشيعة: «كانت الشيعة قبل أن يكون أبو جعفر، وهم لا يعرفون مناسك حجهم، وحلالهم وحرامهم، حتى كان أبو جعفر ففتح لهم وبين لهم مناسك حجهم، وحلالهم وحرامهم، حتى صار الناس يحتاجون إليه (إليهم) من بعد ما كانوا يحتاجون إلى الناس». فكيف كان الشيعة يتعبدون الله قبل الباقر؟!

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
وبعد..
فإننا نجيب بما يلي:
أولاً: إن عدم معرفة الشيعة بالحلال والحرام، وبمناسك الحج لا يعني أن غيرهم من أتباع الخلفاء أو غيرهم كانوا يعرفون ذلك دونهم. أو أنهم كانوا أعرف منهم.
ثانياً: إن تقصير الشيعة لم يكن زهداً بالعلم، أو تساهلاً، أو تفريطاً بأحكام الشريعة، بل كان ـ إن صحت الرواية ـ لأجل الإضطهاد الذي يعانونه، والخوف الذي كانوا يعيشونه بعد استيلاء معاوية على السلطة، ومنع الناس من الأخذ من أهل البيت «عليهم السلام»، ومن الرجوع إليهم، والإتصال بهم فيصير أخذ العلم من أهله صعباً، ونشره أصعب واشتهاره يصبح في عداد المحالات..
ثم زاد الطين بلّة ما فعله يزيد بالحسين «عليه السلام» وأصحابه في كربلاء، ورميه الكعبة بالمنجنيق، وإباحة المدينة ثلاثة أيام لجيشه.. الأمر الذي قد صعّب على الشيعة الإتصال بأئمتهم، والتعلم منهم، ولا سيما بعد أن هدم الأمويون بيوت بني هاشم في المدينة، واستولوا على أملاكهم وأراضيهم، وشردوهم في البلاد.. وكانوا مشغولين بحفظ أنفسهم من شر البغاة والطغاة. ثم أمكنتهم الفرصة من التعلم في عهد الإمام الباقر والصادق «عليهما السلام».
ثالثاً: إن الجهل بالأحكام أمر نسبي، وليس المراد هنا الجهل المطبق، ويدلُّ على ذلك: كثرة الروايات التي رواها الشيعة عن أئمتهم الأوائل: علي والحسنين، والسجاد «عليهم السلام».
رابعاً: إن الإمام الصادق «عليه السلام» قد علّم أهل السنة أحكام حجهم كما علّم الشيعة.. مما يعني: أن أهل السنة كانوا يجهلون أحكام دينهم أيضاً كالشيعة، وإن كان الشيعة معذورين بسبب الظروف الصعبة التي كانوا يعانون منها، فإن غيرهم لم يكونوا معذورين، وقد صرح أبو حنيفة بقوله:
«لولا جعفر بن محمد ما علم الناس مناسك حجهم» 1.
ولا شك في أنه لم يكن يقصد بالناس الشيعة، فإنه لم يكن يهتم بحالهم، وإنما كان يقصد مخالفيهم.
وكيف لا يصل الأمر بهم إلى هذا الحد، وقد ذكر لنا حذيفة بن اليمان: أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد ذكر لهم ما يجري عليهم، فيقول حذيفة:
«فابتلينا حتى جعل الرجل منا لا يصلي إلا سراً» 2.
وإنما كان هذا قبل خلافة علي «عليه السلام»، لأن حذيفة توفي بعد أربعين يوماً من البيعة لعلي «عليه السلام».
والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله.. 3.

  • 1. من لا يحضره الفقيه ج2 ص519 رقم 3112 وقاموس الرجال للتستري ج10 ص376.
  • 2. صحيح مسلم (ط دار الفكر) ج1 ص91 ومسند أحمد ج5 ص384 وعمدة القاري ج14 ص306 وسنن ابن ماجة ج2 ص1337 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص276 وصحيح ابن حبان ج14 ص171 وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج11 ص228 وإمتاع الأسماع ج9 ص346 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص619 وشرح مسلم للنووي ج2 ص179.
  • 3. ميزان الحق.. ( شبهات.. وردود )، السيد جعفر مرتضى العاملي، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1431 هـ. ـ 2010 م، الجزء الرابع، السؤال رقم (161).
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى