مقالات

السَّابقُ الَّذي لا يسبقه الأوَّلون ولا يُدركه الآخِرون…

بسم اللّٰه الرَّحمٰن الرَّحيم

بقلم: زكريَّا بركات
٢٠ يوليو ٢٠١٤


روى الشيخ الكليني في الكافي بسند رجاله إماميَّة ثقات عن الإمام محمد الباقر عليه السلام أنه قال: “لَمَّا قُبِضَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام، قَامَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عليهما السلام فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأَثْنَى عَلَيْهِ، وصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله، ثُمَّ قَالَ:

أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ قُبِضَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ رَجُلٌ مَا سَبَقَهُ الْأَوَّلُونَ، ولَا يُدْرِكُهُ الْآخِرُونَ، إِنَّهُ كَانَ لَصَاحِبَ رَايَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله، عَنْ يَمِينِهِ جَبْرَئِيلُ، وعَنْ يَسَارِهِ مِيكَائِيلُ، لا يَنْثَنِي حَتَّى يَفْتَحَ اللهُ لَهُ، واللهِ مَا تَرَكَ بَيْضَاءَ ولَا حَمْرَاءَ، إِلاّ سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَضَلَتْ عَنْ عَطَائِهِ، أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا خَادِماً لِأَهْلِهِ، واللهِ لَقَدْ قُبِضَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي فِيهَا قُبِضَ وَصِيُّ مُوسَى يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، واللَّيْلَةِ الَّتِي عُرِجَ فِيهَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، واللَّيْلَةِ الَّتِي نُزِّلَ فِيهَا الْقُرْآنُ”.

وفي مسند أحمد بن حنبل، بسنده عن عمرو بن حبشي، قال: خطبنا الحسن بن علي بعد قتل علي رضي الله عنهما، فقال:

“لقد فارقكم رجلٌ بالأمس ما سبقه الأولون بعلم، ولا أدركه الآخرون، إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبعثه ويعطيه الراية، فلا ينصرف حتى يُفتح له، وما ترك من صفراء ولا بيضاء إلا سبعَمائة درهم من عطائه، كان يرصدها لخادم لأهله”.

قال محقِّقُ المسند شعيب الأرنؤوط: حسن.

وفي المعجم الأوسط للطبراني، بسنده عن أبي الطفيل، قال: خَطَبَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَذَكَرَ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عَلِيًّا رَضِي اللَّهُ عَنْهُ، خَاتَمَ الْأَوْصِيَاءِ، وَوَصِيَّ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَمِينَ الصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ، ثُمَّ قَالَ:

“يَا أَيُّهَا النَّاسُ، لَقَدْ فَارَقَكُمْ رَجُلٌ مَا سَبَقَهُ الْأَوَّلُونَ وَلَا يُدْرِكُهُ الْآخِرُونَ، لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِيهِ الرَّايَةَ، فَيُقَاتِلُ جِبْرِيلُ عَنْ يَمِينِهِ، وَمِيكَائِيلُ عَنْ يَسَارِهِ، فَمَا يَرْجِعُ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَلَقَدْ قَبَضَهُ اللَّهُ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي قَبَضَ فِيهَا وَصِيَّ مُوسَى، وَعُرِجَ بِرُوحِهِ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي عُرِجَ فِيهَا بِرُوحِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وَفِي اللَّيْلَةِ الَّتِي أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا الْفُرْقَانَ. وَاللَّهِ مَا تَرَكَ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً وَلَا شَيْئًا يُصَرُّ لَهُ، وَمَا فِي بَيْتِ مَالِهِ إِلَّا سَبْعُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا فَضَلَتْ مِنْ عَطَائِهِ، أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا خَادِمًا لِأُمِّ كُلْثُومٍ”.

وفي المعجم الكبير للطبراني، بسنده عن هبيرة بن يريم أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ لَمَّا تُوُفِّيَ، قَامَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ:

“أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ قُبِضَ فِيكُمُ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ لَمْ يَسْبِقْهُ الْأَوَّلُونَ، وَلَا يُدْرِكُهُ الْآخِرُونَ، قَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْعَثُهُ الْمَبْعَثَ، فَيَكْتَنِفُهُ جِبْرِيلُ عَنْ يَمِينِهِ، وَمِيكَائِيلُ عَنْ يَسَارِهِ، لَا يَنْثَنِي حَتَّى يُفْتَحَ لَهُمْ، مَا تَرَكَ إِلَّا سَبْعَ مِائَةِ دِرْهَمٍ أَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَ بِهَا خَادِمًا، وَقَدْ قُبِضَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي عَرَجَ فِيهَا عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ…”.

وقال الحافظ الهيثمي في كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: “رواه أحمد باختصار كثير، وإسناد أحمد وبعض طرق البزار والطبراني في الكبير حِسان”.

أقول: ينبغي لأهل التدبُّر والتعمُّق أن يقفوا عند معنى السبق وعند الأوَّلين الذين سبقهم أميرُ المؤمنين عليه السلام.. فإنَّ فهم ذلك له دورٌ في فهم مُفردة (السابقون) في القرآن الكريم.

واللّٰه وليُّ التوفيق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى