في الأوّل من ذي القعدة سنة ۱۷۳ هـ ، تنوّر العالم بولادة فاطمة اُخرى لتتجلى مرة اُخرى عظمة فاطمة الزهراء عليها السلام وتصير اُسوة لنساء العالمين.
فاطمة المعصومة عليها السلام هي بنت الإمام السابع وهي من نمط اولئك النساء الطاهرات العفيفات ، وقد تحملت المصاعب في طريق حماية الإمامة والولاية وعانت من مشاكل السفر في سبيل رؤية أخيها.
روي عن الامام الصادق عليه السلام ـ قبل ولادة كريمة آل محمد صلّى الله عليه وآله ـ قوله : « ان لله حرماً وهو مكّة ، ألا انّ لرسول الله حرماً وهو المدينة ، الا وانّ لأمير المؤمنين حرماً وهو الكوفة ، الا وان قم الكوفة الصغيرة ، ألا انّ للجنّة ثمانية أبواب ، ثلاثة منها إلى قم ، تُقبض فيها امرأة من ولدي اسمها فاطمة بنت موسى ، وتدخل بشفاعتها شيعتي الجنة بأجمعهم ». وروي عنه عليه السلام أيضاً قوله : « من زارها عارفاً بحقها فله الجنة ».
حقاً انّها فاطمة التي أعانت علياً ، انّها زينب التي تحملت رسالة عاشوراء ، وهي معصومة اُخت الإمام الرضا والتي تحملت الرسالة بعد هجرة أخيها من المدينة إلى خراسان.
ودّعت معصومة عليها السلام سنة ۲۰۱ هـ. جدها رسول الله وائمة البقيع كما ودعهم أخوها العظيم قبل سنة. ثم بدأت المسير بقافلة الشوق بصحبة إخوتها وأبناء إخوتها نحو أخيها الحبيب. وكانت عيون أفراد القافلة تذرف دموع الشوق ولا يطفي لهب الشوق الّا لقاء علي بن موسى الرضا عليه السلام ، وكانت تعدّ الأنفاس في ذلك الطريق ، الّا ان بني العباس وجدوا في مدينة « ساوة » ضالتهم المنشودة لتنفيذ خططهم المشؤومة ، حيث هاجموا قافلة آل الرسول وقتلوا ۲۳ شخصاً ممن كان يصحب فاطمة عليها السلام ، وهنا بدأت بتحمّل الرسالة الزينبية. فبعد أن عاشت غمّ الفراق والبعد عن أبيها موسى الكاظم عليه السلام ، ثم الابتعاد عن أخيها فاذا بها تعاني من ظلم بني العباس مما أدى بها إلى ان تمرض ، وبحسب أحد الأقوال فانها سُقيت السم.
وبعد أن مرضت سألت من حولها عن المسافة التي تفصلهم عن قم فقالوا لها : عشرة فراسخ ، فقالت : اوصلوني إلى قم. ولما شارفت القافلة على قم خرج الناس في ۲۳ ربيع الأوّل لاستقبالها ، وانزلها موسى بن خرزج في منزله وقام بخدمتها إلّا ان هذه السيّدة الكريمة لم تستمر إقامتها في قم سوى ۱۷ يوماً ، وفاضت روحها الطاهرة إلى بارئها في العاشر من ربيع الثاني سنة ۲۰۱ هـ.
وانتشر خبر وفاتها في هذه المدينة الشيعية فخرج الناس جماعات جماعات لتشييعها فأمر موسى بن خزرج بغسلها ودفنها ووضع الحصر والبواري فوق قبرها ، وبقي ذلك حتى بنت زينب بنت الإمام الجواد عليه السلام قبة على قبرها ليصير مرقدها ملاذاً للمؤمنين. ويكفي لبيان فضلها ماورد في زيارتها من انّها بنت إمام واُخت إمام وعمّة إمام ، وماورد من القول : « يا فاطمة اشفعي لنا في الجنة فان لك عند الله شأناً من الشأن ». يقول سعد بن سعد في فضل زيارتها ، سألت الامام الرضا عليه السلام عن شأن فاطمة بنت الإمام موسى الكاظم ، فقال : « من زارها فله الجنّة ». وروي عن الامام الجواد عليه السلام : « من زار عمّتي في قم فله الجنّة».
وعلى الرغم من عدم استمرار إقامتها في قم أكثر من ۱۷ يوماً الّا انّ بركات معصومة عليها السلام على هذه المدينة ـ التي لم تكن تتوافر على العناصر المشجعة للدراسة الحوزوية ـ جعلتها مركزاً للعلم تخرج فيه الآلاف من طلاب العلم.
المصدر : مؤسسة السبطين عليهما السلام العالميّة