مقالات

قصص ومواعظ من سيرة الإمام علي عليه السلام – الثاني

١٨- الانصارية والمقدسي

ومما روي مما حكى  انه كان رجل من اهل بيت المقدس ورد إلى مدينة رسول اللـه صلى الله عليه وآلـه وهو حسن الشباب ، مليح الصـورة ، فـزار حجـرة النبي صلى اللـه عليـه وآلـه وقصـد المسجـد ، ولم يـزل ملازما لـه مشتغلا بالعبادة صائم النهار ، قادم الليل ، وذلك في زمن عمر بن الخطاب حتى كان أعبد الخلق والخلق يتمنون أن يكونوا مثله ، وكان عمـر يأتي إليه ويسأله حاجة فيقول المقدسي : الحاجة إلى الله تعالى ، ولم يزل على ذلك حتى عـزم الناس على الحج .

فجاء المقـدسي إلى عمـر وقال لـه : يا أبا حفص ، قال عزمت على الحج ومعي وديعة احب ان تستودعها مني إلى حين عـودي من الحج .

فقال هل عمر : هات الوديعـة ، فاحضـر حقا من عاج عليـه قفل من حـديـد مختـوم بختام الشام فتسلم وخرج الشاب مع الوفد ، وخرج عمر إلى الوفد فقال له وصيتك هذا وجعل مودعـه للشاب ، وقال للمتقدم على الوفد : استوصي بهذا المقدسي وعليك بـه خيـرا ، فـرجع عمر وكان في الوفد امرأة من الانصار مازالت تلاحظ المقدسي وتنزل بقربه حيث نـزل ،فلما كان في بعض الايام دنت منـه وقالت : يا شاب إني لارق واللـه لهــذا الجسم الناعم المتـرف كيف يلبس الصـوف .. فقال لها : يا هذه حسم يأكله الدود ، يضره التراب هذه لـه كثيـر .فقالت : إني أغار على هذا الوجه المضئ كيف تشعثـه الشمس . فقال ها : يا هـذه اتقي الله  وكفي فقـد أشغلني كلامك عن عبادة ربي . فقالت لـه : لي إليك حاجـة فإن قضيتها فلاكلام ، وإن لم تقضها فما أنا بتاركك حتى تقضيهـا لي . فقـال لهـا : ومـا حاجتك ؟ فقالت : حاجتي أن تواقعني .

فزجـرها وخـوفها من اللـه تعالى فلم يـزدها ذلك ؟ وقالت : والله لان لم تفعل ما أمرتك به لارمينك بـداهيـة من دواهي النساء ومكـرهن ، ولاتنجـو منـه ، فلم يلتفت ولم يعبأ بكلامها . فلما كان في بعض الليالي وقد سهر اكثر ليلة من عبادة ربه ، ثم رقد في آخر الليل وغلب عليـه النـوم فأتتـه وتحت راسه مزادة فيها زاد فانتزعتها من تحت رأسه وطرحت فيها كيس فيه خمسمائـة دينار ثم عادت بها تحت راسه ، فلما ثور الـوفـد قامت الملعـونـة وقالت باللـه وبالوفد يا وفد الله ، امرأة مسكينة وقد سرقت نفقتها ومالي إلاالله وأنتم ، فحبس المتقدم الوفد وأمـر رجلا من الانصار ، ورجلا من المهاجـرين أن يفتشـوا رحل المهاجـرين والانصار ففتش الفريقان فلم يجدوا شيئا ولم يبق من الوفد إلا من فتش رحلـه ولم يبق إلا المقدسي وأخبروا متقدم الوفد بذلك . فقالت : يا قوم ماضركم لو فتشتموه ، فلـه اسوة بالمهاجرين والانصار ومايدريكم أن يكون ظاهـره مليح وباطنـه قبيح ، ولم تنـزل بهم الامرأة حتى حملتهم على تفتيش رحله فقصده جماعة من الوفد وهـو قائم يصلي ، فلما رآهم أقبل عليهم وقال لهم : ما بالكم وما خبركم ؟ قالوا : هـذه الامـرآة الانصاريـة ذكرت انها قد سرق لها نفقة كانت معها وقد فتشنا رحال الوفد بأسـرهم ونحن لانتقـدم إلى رحلك إلا بدليل لما سبق من وصيـة عمـر بن الخطاب كما فيها يعـود إليك . فقال  :يا قـوم ، ما يضـرني ذلك فتشـوا ما أحببتم وهـو واثق من نفسـه فأول ما نفضــوا المزادة التي فيها زاده ، فوقع منها الثميان . فصاحت الملعـونـة : اللـه أكبـر ، هذا والله كيسي ومالي وهوكذا به دينار ، وفيه عقد لؤلؤ وزنـه كـذا وكـذا مثقال ، فاختبروه فوجدوه كما قالت الملعونة ، فمالوا عليه بالضرب المـوجع والسب والشتم وهو لايحيب جوابا فسلسلوه قادوه راجلا إلى مكة . فقال لهم : ياوفد اللـه ، بحق هـذا البيت إلاما تصدقتم علي فتركتموني اقض الحج وأشهد اللـه تعالى ورسـولـه بأني إذا قضيت الحج عدت إليكم وتركت يدي في أيديكم ، فأوقع الله الرحمـة في قلـوبهم لـه فأطلقوه ، فلما قضى مناسك الحج وما وجب عليـه من الفـرائض عاد إلى القـوم وقال لهم : ها أنا قد عدت إليكم فافعلوا بي ما تريـدون . فقال بعضهم لبعض : لـو أراد المفارقة لما عاد إليكم اتركوه فتركوه فرجع الوفد طالبا مدينة الرسول – صلى اللـه عليه وآله – فاعوز تلك الملعونـة الـزاد في بعض الطـريق فـوجـدت راعيا فسألتـه الزاد ، فقال لها : عندي ماتريدين غير اني لا أبيعه فإن اثـرت أن تمكنيني من نفسك ففعلت وأخذت منه زادا ، فلما انحرفت عنه عـرض لها إبليس – لعنـة اللـه تعالى  -فقال لها : فلانـة أنت حامل . فقالت : ممن ؟ فقال لها : من الــراعي . فقـالت :وافضيحتاه . فقال لها : لاتخافي مع رجوعك إلى الوفد قـولي لهم إني سمعت قـراءة المقدسي فقربت منه ، فلما غلبني النـوم دنا مني وواقعني ولم يمكني من الـدفاع عن نفسي بعد الفوات وقد حملت منـه وأنا امـرأة من الانصار وما معي جماعـة من أهلي ، ففعلت الملعـونـة ما أشار عليها اللعين إبليس ولم يشكـوا في قـولها لما عاينـوا أولامن وجود المال في رحله فاعكفوا على الشاب وقالوا : يا هذا ، ما كفاك السرقـة حتى فسقت ، فأوجعوه ضربا وأوسعوه شتما وسبا وعادوه إلى السلسلة وهـولايـرد عليهم جوابا .

فلما قربوا من المدينة على ساكنها السلام خرج عمر ومعه جماعـة من المسلمين للقاء الوفد ، فلما قربوا لم يكن لهم هم إلا السؤال عن الوفد المقدسي . فقالـوا لـه : يا أبا حفص ، ما أغفلك عنه وقد سرق وفسق ، وقصـوا عليـه القصـة فأمـر بإحضاره بين يديه وهومسلسل ، ويلك يا مقـدسي ، أتظهـر خلاف ما بطن فيك حتى فضحك اللـه تعالى ، والله لانكلن بك أشـد نكال ، وهـولايـرد جـوابا ، فجمع لـه الخلق وازدحم الناس لينظروا ما يفعل به وإذا بنور قد سطع فتأملوه الحاضرون وإذا بـه عيبـة علم النبوة علي بن أبي طالب عليه السلام . فقال عليه السلام : ما هـذا الـرهج في مسجـد رسول الله صلى الله عليـه وآلـه ؟ فقالـوا : يا أميـرالمـؤمنين ، الشاب المقـدسي الزاهد قد سرق وفسق .

فقال عليه السلام : ما فسق ، ولاسـرق ، ولاحج أحـد غيـره . قال  :فلما أخبروا عمر قام قائما وأجلسه مكانه لينظر إلى الشاب المقـدسي مسلسل مطـرق إلى الارض والامرأة قائمة .

فقال لها أميـرالمـؤمنين علي بن أبي طالب عليـه السلام محل المشكلات ، وكاشف الكـربات : قصي علي قصتك ، فأنا باب مـدينـة علم رســول الله – صلى الله عليه وآله ، فقالت : يا أميرالمؤمنين ، إن هذا الشاب سـرق مالي وقد شاهد الوفد في مزادته ، وما كفاه ذلك حتى كنت ليلـة من الليالي قـربت منـه فاسترقني بقراءتـه واستنامني ، ووثب إلي فـواقعني ، وما تمكنت من المـدافعـة عن نفسي خـوفا من الفضيحـة ، وقـد حملت منـه .

فقال لها أميـرالمـؤمنين عليـه السلام  :كذبت يا ملعونـة فيما ادعيت عليـه ، يا أبا حفص اعلم أن هـذا الشاب مجبـوب ليس له إحليل وإحليله في حق ، ثم قال : يا مقـدسي ، أين الحق ؟ فعنـد ذلك رفع طـرفـه إلى السماء ، وقال : يامولاي ، من علم بذلك علم أين هـوالحق ، فالتفت – عليـه السلام – إلى عمـر ، وقاللـه : يا أبا حفص قم هات وديعـة المقـدسي هـذا الـرجل . فأرسل عمـر واحضـر الحق ففتحوه وإذا فيه خرقة من حـريـر فيها إحليلـه . فعنـد ذلك قال الامام عليـه السلام :قم يا مقدسي ، فقام . فقال : جردوه من ثيابـه لينظـروا ويتحقق حالـه فمن اتهمـه بالفسق ، فجـردوه من ثيابـه وإذا بـه مجبـوب ، فضج العالم ، فقال لهم : اسكتــوا واسمعوا مني حكومة أخبرني بها ابن عمي رسول الله صلى الله عليـه وآلـه . قال : يا ملعونة ، لقد تجريت على الله ، ويلك ألم تأتي إليـه وقلت لـه : كيت وكيت فلم يجبك إلى ذلك ، فقلت لـه : واللـه لارمينك بحيلـة من حيل النساء لاتنجــومنهـا ؟ فقالت : بلى يا أميــرالمــؤمنيـن كـان ذلك . فقـال عليــه السلام : – ثم انك استـومنتيـه في حال الكيس فتـركتـه في مـزادتــه قــري قــري . قـالت : نعم يـا أميرالمؤمنين . فقال – عليـه السلام : – اشهـدوا عليها . ثم قال لها : وهـذا حملك من الـراعي الـذي طلبت منـه الـزاد ، قال لك : أنا لاأبيع الـزاد ولكن مكنيني من نفسك وخذي حاجتك ، ففعلت ذلك ، وأخذت الزاد وهوكـذا وكـذا ؟

قالت : صـدقت يا أميرالمـؤمنين . قال : فضج العالم فسكتهم ، وقال لها : فلما خـرجت عن الـراعي عرض لك شيخ صفتـه كـذا وكـذا ، فناداك وقال لك : يا فلانـة ، لابأس عليك أنت حامل من الـراعي ، فصـرخت وقلت : واسـوأتاه ، فقال : لاتخافي قـولي للــوفــد إن المقدسي استنامني وواقعني وقد حملت منه فيصدقوك كما ظهـر لهم من سـرقتـه ففعلت ذلك ما قال لك الشيخ . فقالت : كان ذلك يا أميرالمـؤمنين . فقال : هـو اللعين إبليس فعجب الناس من ذلك . فقال عمـر : يا أبا الحسن ، ما تصنـع بهـا ؟ فقـال :يحفر لها في مقابر اليهـود إلى نصفها وتـرجم بالحجارة ، ففعل بها ذلك كما أمـر مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام وأما المقدسي فلم يـزل ملازم مسجـد رسـول اللـه صلى الله عليه وآله إلى أن قبض – رضي الله عنه فعند ذلك قام عمر وهو يقول  لـولاعلي لهلك عمر ، ولايصدق إلافي ذلك ثم انصرف الناس وقد عجبـوا من حكـومـة علي بن أبي طالب عليه السلام . [١]

١٩ – حامل حجة  ينقض بعضها بعضا

علي عن أبيه عن ابن محبوب عن سلام بن عبدالله . ومحمد بن الحسن وعلي بن محمد عن سهل بن زياد .

وأبوعلي الاشعري عن محمد بن حسان جميعا عن محمد بن علي عن علي بن أسباط عن سلام بن عبدالله الهاشمي قال محمد بن علي وقد سمعته عنه عن أبي عبدالله عليه السلام قال : بعث طلحة والزبير  رجلا من عبدالقيس يقال له : خداش إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، وقالا له :  إنا نبعثك إلى رجل طال ما كنا نعرفه وأهل بيته بالسحر والكهانه ، وأنت أوثق  من بحضرتنا من أنفسنا من أن تمتنع من ذلك ، وأن تحاجه لنا حتى تقفه على أمر  معلوم ، واعلم أنه أعظم الناس دعوى فلا يكسرنك ذلك عنه ، ومن الابواب التي  يخدع الناس بها الطعام والشراب والعسل والدهن وأن يخالي الرجل ، فلا تأكل  له طعاما ، ولا تشرب له شرابا ، ولا تمس له عسلا ولا دهنا ولا تخل معه واحذر هذا  كله منه ، وانطلق على بركة الله ، فإذا رأيته فاقرأ آيه السخرة ، وتعوذ بالله من  كيده وكيد الشيطان .

فإذا جلست إليه فلا تمكنه من بصرك كله ولا تستأنس به . 

ثم قل له : إن أخويك في الدين وابني عمك في القرابة يناشدانك القطيعة ، ويقولان  لك : أما تعلم أنا تركنا الناس لك وخالفنا عشائرنا فيك منذ قبض الله عزوجل  محمدا صلى الله عليه وآله فلما نلت أدنى منال ، ضيعت حرمتنا وقطعت رجاءنا ، ثم قد رأيت أفعالنا  فيك وقدرتنا على النأي عنك ، وسعة البلاد دونك ، وإن من كان يصرفك عنا  وعن صلتنا كان أقل لك نفعا وأضعف عنك دفعا منا ، وقد وضح الصبح لذي عينين  ،  وقد بلغنا عنك انتهاك لنا ودعاء علينا ، فما الذي يحملك على ذلك ؟ !

فقد كنا نرى  أنك أشجع فرسان العرب ، أتتخذ اللعن لنا دينا ، وترى أن ذلك يكسرنا عنك . 

فلما أتى خداش أمير لمؤمنين عليه السلام صنع ما أمراه ، فلما نظر إليه علي عليه السلام  – وهو يناجي نفسه – ضحك وقال : ههنا يا أخا عبد قيس – وأشار له إلى مجلس قريب منه – فقال : ما أوسع المكان ، اريد أن أؤدي إليك رسالة ، قال : بل تطعم وتشرب وتحل ثيابك وتدهن ثم تؤدي رسالتك قم يا قنبر فأنزله ، قال : ما بي إلى شئ  مما ذكرت حاجة ، قال : فأخلو بك ؟ قال : كل سر لي علانية ، قال : فأنشدك بالله الذي هو أقرب إليك من نفسك ، الحائل بينك وبين قلبك ، الذي بعلم خائنة الاعين  وما تخفي الصدور ، أتقدم إليك الزبير بما عرضت عليك ؟ قال : اللهم نعم ، قال :  لوكتمت بعد ما سألتك ما ارتد إليك طرفك ، فانشدك الله هل علمك كلاما تقوله  إذا أتيتني ؟ قال : اللهم نعم ، قال علي عليه السلام : آية السخرة ؟ قال نعم ، قال :  فاقرأها وجعل علي عليه السلام يكررها ويرددها ويفتح عليه إذا أخطأ حتى إذا  قرأها سبعين مرة قال الرجل : ما يرى أمير المؤمنين عليه السلام أمره بترددها سبعين مرة  ثم قال له : أتجد قلبك اطمأن قال إي : – والذي نفسي بيده – قال : فما قالا لك ؟  فأخبره ، فقال : قل لهما : كفى بمنطقكما حجة عليكما ، ولكن الله لا يهدي القوم  الظالمين ، زعمتما أنكما أخواي في الدين وابنا عمي في النسب فأما النسب فلا انكره  وإن كان النسب مقطوعا إلا ما وصله الله بالاسلام ، وأما قولكما : إنكما أخواي في  الدين ، فإن كنتما صادقين فقد فارقتما كتاب الله عزوجل ، وعصيتما أمره بأفعالكما  في أخيكما في الدين ، وإلا فقد كذبتما وافتريتما بادعائكما أنكما أخواي في الدين وأما مفارقتكما الناس منذ قبض الله محمدا صلى الله عليه وآله فإن كنتما فارقتماهم بحق فقد نقضتما  ذلك الحق بفراقكما إياي أخيرا ، وإن فارقتماهم بباطل فقد وقع إثم ذلك الباطل  عليكما مع الحدث الذي أحدثتما ، مع أن صفقتكما بمفارقتكما الناس لم تكن  إلا لطمع الدنيا ، زعمتما وذلك قولكما : ” فقطعت رجاء نا ” لا تعيبان بحمد الله من دينيشيئا وأما الذي صرفني عن صلتكما ، فالذي صرفكما عن الحق وحملكما على خلعه  من رقابكما كما يخلع الحرون لجامه وهوالله ربي لا اشرك به شيئا فلا تقولا : ” أقل  نفعا وأضعف دفعا ” فتستحقا اسم الشرك مع النفاق .

وأما قولكما : إني أشجع فرسان  العرب ، وهربكما من لعني ودعائي ، فإن لكل موقف عملا إذا اختلفت الاسنة وماجت لبود الخيل وملا سحرا كما أجوافكما ، فثم يكفيني الله بكمال القلب ، وأما إذا  أبيتما بأني أدعوالله فلا تجزعا من أن يدعوعليكما رجل ساحر من قوم سحرة زعمتما ، اللهم  أقعص الزبير بشر قتلة واسفك دمه على ضلالة وعرف طلحة المذلة وادخر لهما في الآخرة  شرا من ذلك ، إن كانا ظلماني وافتريا علي وكتما شهادتهما وعصياك وعصيا رسولك  في ، قل : آمين ، قال خداش : آمين . 

ثم قال خداش لنفسه : والله ما رأيت لحية قط أبين خطأ منك ، حامل حجة  ينقض بعضها بعضا لم يجعل الله لها مساكا ، أنا أبرأ إلى الله منهما ، قال علي عليه السلام : ارجع  إليهما وأعلمها ما قلت ، قال : لا والله حتى تسأل الله أن يردني إليك عاجلا وأن يوفقني  لرضاه فيك ، ففعل فلم يلبث أن انصرف وقتل معه يوم الجمل رحمه الله .  [٢]

٢٠ – الاستغفار وحده

قال كميل بن زياد : سألت أمير المؤمنين عليه السلام عن قواعد الاسلام ما هي ؟

 فقال : قواعد الاسلام سبعة ، فأولها العقل ، وعليه بني الصبر ، والثاني صون العرض  وصدق اللهجة ، والثالثة تلاوة القرآن على جهته ، والرابعة الحب في الله والبغض  في الله ،والخامسة حق آل محمد ومعرفة ولايتهم ، والسادسة حق الاخوان والمحامات عليهم ، والسابعة مجاورة الناس بالحسنى .

قلت : يا أمير المؤمنين العبد يصيب الذنب فيستغفر الله منه فما حد الاستغفار؟

 قال : يا ابن زياد ! التوبة ، قلت : بس ؟

قال : لا ،  قلت : فكيف ؟

 قال إن العبد إذا أصاب  ذنبا يقول : أستغفر الله بالتحريك ، قلت : وما التحريك ؟

قال : الشفتان واللسان يريد  أن يتبع ذلك بالحقيقة ؟

قلت : وما الحقيقة ؟

 قال : تصديق في القلب وإضمار أن  لا يعود إلى الذنب الذي استغفر منه ، قال كميل : فاذا فعلت ذلك فأنا من المستغفرين ؟

 قال : لا ,  قال كميل : فكيف ذاك ؟

قال : لانك لم تبلغ إلى الاصل بعد ، قال كميل :  فأصل الاستغفار ما هو؟

 قال : الرجوع إلى التوبة من الذنب الذي استغفرت منه ، وهي أول درجة العابدين ، وترك الذنب ، والاستغفار اسم واقع لمعاني ست : أولها  الندم على ما مضى ، والثاني العزم على ترك العود أبدا ، والثالث أن تؤدي حقوق  المخلوقين التي بينك وبينهم ،والرابع أن تؤدي حق الله في كل فرض ، والخامس   أن تذيب اللحم الذي نبت على السحت والحرام حتى يرجع الجلد إلى عظمه  ثم تنشئ فيما بينهما لحما جديدا ، والسادس أن تذيق البدن ألم الطاعات كما  أذقته لذات المعاصي . [٣]

٢١ – تقدمك في هذا القول أربعة

دخل أحمد بن حنبل إلى الكوفة وكان فيها رجل يظهر الامامة فسأل الرجل عن أحمد ماله لا يقصدني ؟ فقالوا له : إن أحمد ليس يعتقد ما تظهر  فلا يأتيك إلا أن تسكت عن إظهار مقالتك ، قال : فقال : لابد من إظهاري له  ديني ولغيره ، وامتنع أحمد من المجيئ إليه ، فلما عزم على الخروج من الكوفة  قالت له الشيعة : يا أبا عبدالله أتخرج من لكوفة ولم تكتب عن هذا الرجل ؟ 

فقال : ما أصنع به ؟ لوسكت عن إعلانه بذلك كتبت عنه ، فقالوا : ما نحب أن يفوتك  مثله ، فأعطاهم موعدا على أن يتقدموا إلى الشيخ أن يكتم ما هوفيه ، وجاؤوا  من فورهم إلى المحدث وليس أحمد معهم ، فقالوا : إن أحمد أعلم بغداد،  فإن خرج ولم يكتب عنك فلا بد أن يسأله أهل بغداد لم لم تكتب عن فلان ؟  فتشهر ببغداد وتلعن وقد جئناك نطلب حاجة ، قال : هي مقضية ، فأخذوا  منه موعدا وجاؤوا إلى أحمد وقالوا : قد كفيناك قم معنا ، فقام فدخلوا على الشيخ  فرحب بأحمد ورفع مجلسه وحدثه ما سأل فيه أحمد من الحديث ، فلما فرغ أحمد  مسح القلم وتهيأ للقيام ، فقال له الشيخ : يا أبا عبدالله لي إليك حاجة ، قال له أحمد :  مقضية ، قال : ليس احب أن تخرج من عندي حتى اعلمك مذهبي ، فقال أحمد ؟ :  هاته.

فقال له الشيخ : إني أعتقد أن أميرالمؤمنين صلوات الله عليه كان خير الناس  بعد النبي صلى الله عليه وآله ، وإني أقول : إنه كان خيرهم ، وإنه كان أفضلهم وأعلمهم ، وإنه كان الامام بغد النبي صلى الله عليه وآله قال : فماتم كلامه حتى أجابه أحمد فقال : : يا  هذا وما عليك في هذا القول ، وقد تقدمك في هذا القول أربعة من أصحاب  رسول الله صلى الله عليه وآله : جابر وأبوذر والمقداد وسلمان فكاد الشيخ يطير فرحا بقول أحمد ، فلما خرجنا شكرنا أحمد ودعونا له. [٤]

٢٢ – معنى صوت ناقوس النصارى

عن الحارث  الاعور قال : بينا أنا أسير مع أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في الحيرة إذا نحن  بديراني يضرب بالناقوس ، قال : فقال علي بن أبي طالب عليه السلام : يا حارث أتدري ما يقول  هذا الناقوس ؟

قلت : الله ورسوله وابن عم رسوله أعلم .

قال : إنه يضرب مثل الدنيا وخرابه ويقول :

لاإله إلا الله حقا حقا ، صدقا صدقا ، إن الدنيا قد غرتنا وشغلتنا واستهوتنا واسستغوتنا ، ياابن الدنيا مهلا مهلا ، يا ابن الدنيا دقا دقا ، يا ابن الدنيا جمعا جمعا ،  تفني الدنيا قرنا قرنا ، ما من يوم يمضي عنا ، إلا وهي أوهى مناركنا ، قد ضيعنا دارا  تبقى ، واستوطنا دارا تفنى ، لسنا ندري ما فرطنا ، فيها إلا لوقد متنا .

قال الحارث : يا أميرالمؤمنين النصارى يعلمون ذلك ؟

قال : لوعلموا ذلك لما  اتخذوا المسيح إلها من دون الله عزوجل ، قال : فذهبت إلى الديراني فقلت له : بحق  المسيح عليك لما ضربت بالناقوس على الجهة التي تضربها .

قال : فأخذ يضرب وأنا  أقول حرفا حرفا حتى بلغ إلى قوله : إلا لو قدمتنا .

فقال : بحق نبيكم من أخبرك بهذا ؟

قلت : هذا الرجل الذي كان معي أمس ، قال : وهل بينه وبين النبي من قرابة ؟

قلت :  هو ابن عمه ، قال : بحق نبيكم أسمع هذا من نبيكم ؟

قال : قلت نعم .

فأسلم ثم قال والله إني وجدت في التورية أنه يكون في آخر الانبياء نبي وهويفسر مايقول الناقوس . [٥]

٢٣ – قتيل عميه لا يدري من قتله

كان مالك الأشتر هوالقائد الأعلى للجيوش بعد أمير المؤمنين (عليه السلام) فلما قام الإمام علي (عليه السلام) بتحريض الناس وحثهم على المسير الى صفين وقال (عليه السلام) :

سيروا الى أعداء الله سيروا الى أعداء القرآن والسنن سيروا الى الأحزاب وقتلة المهاجرين والأنصار .

فقام رجل من بني فزارة فقال له : أتريد أن تسير بنا الى إخواننا من أهل الشام نقتلهم كما سرت بنا الى إخواننا من أهل البصرة فقتلتهم كلاً والله إذن لا نفعل ذلك.

فقام الأشتر فقال : من هذا المارق ؟

فهرب الفزاري وأشتد الناس على أثره فلحق في مكان من السوق تباع فيه البراذين فوطئوه بأرجلهم وضربوه بأيديهم ونصال سيوفهم حتى قتل فأتى علي (عليه السلام) فقيل له : يا أمير المؤمنين قتل الرجل. قال (عليه السلام): ومن قتله ؟

قالوا: قتلته همدان ومعهم شوب من الناس , فقال (عليه السلام) : قتيل عميه لا يدرى من قتله ديته من بيت مال المسلمين.

فقام الأشتر فقال :

يا أمير المؤمنين لا يهدنك ما رأيت ولا يولينك من نصرنا ما سمعت من مقالة هذا الشقي الخائن إن جميع من ترى من الناس شيعتك لا يرغبون بأنفسهم عن نفسك ولا يحبون البقاء بعدك فأن شئت سرت فسر بنا الى عدوك فوالله ما ينجوا من الخوف من خافه ولا يعطى البقاء من أحبه وإنا لعلى بينة من ربنا وإن أنفسنا لن تموت حتى يأتي أجلها وكيف لا نقاتل قوما كما وصف أمير المؤمنين وقد وثبت عصابة منهم على طائفة من المسلمين بالأمس وباعوا أخلاقهم بعرض من الدنيا يسير .

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : الطريق مشترك والناس في الحق سواء ومن أجتهد رأيه في نصيحة العامة فقد قضى ما عليه . ثم نزل فدخل منزله .  [٦]

٢٤ – التجارة الى الصين ام زيارة امير المؤمنين عليه السلام

عن أبي هريرة أن  رسول الله صلى الله عليه وآله جاءه رجل فقال : يا رسول الله أما رأيت فلانا ركب البحر ببضاعة يسيرة  وخرج إلى الصين فأسرع الكرة وأعظم الغنيمة حتى قد حسده أهل وده وأوسع  قراباته وجيرانه ؟

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن مال الدنيا كلما ازداد كثرة وعظما ازداد  صاحبه بلاء ، فلا تغتبطوا أصحاب الاموال إلا بمن جاد بماله في سبيل الله ، ولكن ألا  اخبركم بمن هو أقل من صاحبكم بضاعة ، وأسرع منه كرة ، وأعظم منه غنيمة ، وما  اعد له من الخيرات محفوظ له في خزائن عرش الرحمان ؟

قالوا : بلى يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : انظروا إلى هذا المقبل إليكم ، فنظرنا فإذا رجل من الانصار رث الهيئة  فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن هذا لقد صعد له في هذا اليوم إلى العلومن الخيرات والطاعات   ما لو قسم على جميع أهل السماوات والارض لكان نصيب أقلهم منه غفران ذنوبه ووجوب  الجنة له ، قالوا : بماذا يا رسول الله ؟

فقال : سلوه يخبركم عما صنع في هذا اليوم .  فأقبل عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وقالوا : له هنيئا لك ما بشرك به رسول الله  صلى الله عليه وآله فماذا صنعت في يومك هذا حتى كتب لك ما كتب ؟

فقال الرجل :  ما أعلم أني صنعت شيئا غير أني خرجت من بيتي وأردت حاجة كنت أبطأت عنها ، فخشيت أن تكون فاتتني ، فقلت في نفسي لاعتاضن منها النظر إلى وجه علي بن أبي طالب عليه السلام فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ( النظر إلى وجه علي عبادة ) فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : إي والله عبادة وأي عبادة ، إنك يا عبدالله ذهبت تبتغي أن تكتسب  دينارا لقوت عيالك فقاتك ذلك ، فاعتضت منه النظر إلى وجه علي وأنت له محب ولفضله  معتقد ، وذلك خير لك من أن لو كانت الدنيا كلها لك ذهبة حمراء فأنفقتها في سبيل الله ،  ولتشفعن بعدد كل نفس تنفسته في مصيرك إليه في ألف رقبة ، يعتقهم الله من النار  بشفاعتك. [٧]

٢٥ – اخذوها من عين صافية

عن جماعة من العلماء ان الحجاج بن يوسف الثقفي كتب الى الحسن البصري والى عمروبن عبيد والى واصل بن عطاء والى عامر الشعبي ان يذكروا ما عندهم في القضاء والقدر .

فكتب الحسن البصري : احسن ما وصل الينا من امير المؤمنين عليه السلام  انه قال : ((ان الذي دهاك انما دهاك اسفلك وأعلاك والله بريء من ذلك)).

وكتب اليه عمروبن عبيد : احسن ما سمعت في القضاء والقدر قول علي بن ابي طالب عليه السلام  :

 (( لو كان الوزر في الاصل محتوما كان الموزور في القضاء مظلوما )) .

وكتب اليه واصل بن العطاء : احسن ما سمعت في القضاء والقدر قول امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام  :

 (( ايدلك على الطريق ويأخذ عليك بالمضيق )) .

وكتب اليه الشعبي : احسن ما سمعت في القضاء والقدر قول امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام  :

 ((كل ما استغفرت الله تعالى منه فهو منك وكل ما حمدت الله تعالى عليه فهو منه)) .

فلما وصلت كتبهم الى الحجاج قال لقد اخذوها من عين صافية . [٨]

٢٦ – طاعة علي ذل

عن أبي عبـداللـه عليـه السلام قال : بعث علي بن أبي طالب عليه السلام إلى بشـر ابن عطارد التميمي في كلام بلغـه عنه ، فمر به رسول علي إلى بني أسد ، فقام اليه نعيم ابن دجاجـة الاسـدي فأفلتـه ،فبعث اليه علي بن أبي طالب عليه السلام فأتوا بـه فأمـر بـه أن يضـرب – نعيم بن دجاجة الاسدى قوله عليه السلام : فمر بـه رسـول على ( عليه السلام ) فقام اليه أي إلى رسول علي عليه السلام نعيم فافلتـه أي بشـرا من الرسول ، فبعث اليه علي عليه السلام أي إلى نعيم بن دجاجة ليـؤتى بـه ،فأتـوه ـه الفاعل بنـو أسـد . والضميـر المنصـوب لعلي عليـه السلام ، والبـاء في فأمـر علي نعيم بأن يضـرب فقال نعيم لعلي عليـه السلام .

فقال لـه نعيم : أما واللـه أن المقام معك لـذل وان فـراقك لكفـر . قال : فلما سمع ذلك علي عليه السلام قال له قد عفوت عنك ان الله تعالى يقـول ” ادفع التي هي أحسن السيئـة أما قـولك ان المقام معك لـذل فسيئـة اكتسبتها ، أما قـولك ان فـراقك لكفـر حسنـة اكتسبتهـا ، فهــذه بهــذه . [٩]

 ٢٧ – بلى هو يضر وينفع يا عمر

*- روي إن عمر بن الخطاب قبله ((أي الحجر الأسود)) حتى علا نشيجه، فألتفت فرأى علياً فقال: يا أبا الحسن ههنا تسكب العبرات، واعلم إنه حجر لا يضر ولا ينفع ولولا إني رأيت رسول الله، صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم يقبله ما قبلته!

فقال علي: بلى هويضر وينفع يا عمر، لأن الله تعالى لما أخذ الميثاق على الذرية كتب عليهم كتاباً وألقمه هذا الحجر، فهويشهد للمؤمن بالوفاء وعلى الكافر بالجحود، وذلك قول الناس عند الاستسلام: اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك ووفاءً بعهدك. [١٠]

٢٨ – فأخبرني وأنا أعلم بما سألته

عن الحارث الاعور الهمداني قال : رأيت مع أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام شيخا بالنخيلة ، فقلت : يا أمير المؤمنين من هذا ؟

قال :  هذا أخي الخضر ، جاءني يسألني عما بقي من الدنيا ، وسألته عما مضى من الدنيا ،  فأخبرني وأنا أعلم بما سألته منه ، قال أمير المؤمنين عليه السلام : فأتينا بطبق رطب من  السماء ، فأما الخضر فرمى بالنوى وأما أنا فجمعته في كفي ، قال الحارث : وقلت  فهبه لي يا أمير المؤمنين ، فوهبه فغرسته ، فخرج مشانا جيدا بالغا عجبا لم  أر مثله قط . [١١]

٢٩ – والله  لاكونن أرضا تطأني

ذكر الكوفيون أن سعيد بن  قيس الهمداني رأى امير المؤمنين عليه السلام يوما في فناء حائط  فقال : يا أميرالمؤمنين بهذه الساعة ؟

قال :  ما خرجت إلا لاعين مظلوما أواغيث ملهوفا ، فبينا هوكذلك إذ أتته امرأة قد  خلع قلبها لا تدري أين تأخذ من الدنيا ، حتى وقفت عليه فقالت : يا أمير المؤمنين  ظلمني زوجي وتعدى علي وحلف ليضربني ، فاذهب معي إليه ، فطأطأ رأسه ثم رفعه  وهويقول : حتى يؤخذ للمظلوم حقه غير متعتع ، وأين منزلك ؟

قالت : في  موضع كذا وكذا ، فانطلق معها حتى انتهت إلى منزلها ، فقالت : هذا منزلي ، قال : فسلم ، فخرج شاب عليه إزار ملونة ، فقال عليه السلام : اتق الله فقد أخفت  زوجتك .

فقال : وما أنت وذاك والله لاحرقنها بالنار لكلامك ، قال : وكان  إذا ذهب إلى مكان أخذ الدرة بيده والسيف معلق تحت يده ، فمن حل عليه حكم  بالدرة ضربه ، ومن حل عليه حكم بالسيف عاجله ، فلم يعلم الشاب إلا وقد أصلت  السيف وقال له : آمرك بالمعروف وأنهاك عن المنكر وترد المعروف ؟ تب وإلا قتلتك .

قال : وأقبل الناس من السكك يسألون عن أميرالمؤمنين عليه السلام حتى وقفوا عليه .

قال : فاسقط في يده الشاب وقال : يا أميرالمؤمنين اعف عني عفا الله عنك والله  لاكونن أرضا تطأني ، فأمرها بالدخول إلى منزلها وانكفأ وهو يقول : الحمد لله الذي  أصلح بي بين مرأة وزوجها : يقول الله تبارك وتعالى : ( لا خير في كثير من نجواهم  إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله  فسوف نؤتيه أجرا عظيما) .  [١٢]

٣٠ – أخذ الابريق ليصب على يد الرجل

قال الحسن بن على العسكري عليهما السلام : أعرف الناس بحقوق إخوانه ، وأشدهم قضاء لها ، أعظمهم عند الله شأنا ، ومن تواضع في الدنيا لاخوانه فهوعند الله من الصديقين ، ومن شيعة على بن أبي طالب عليه السلام حقا .

ولقد ورد على أمير المؤمنين عليه السلام أخوان له مؤمنان : أب وابن ، فقام إليهما وأكرمهما ، وأجلسهما في صدر مجلسه ، وجلس بين أيديهما ، ثم أمر بطعام ، فاحضر فأكلا منه ، ثم جاء قنبر بطست ، وإبريق ـ من ـ خشب ، ومنديل لليبس ، وجاء ليصب على يد الرجل ماءا .

فوثب أمير المؤمنين عليه السلام ، فأخذ الابريق ليصب على يد الرجل ، فتمرغ الرجل في التراب وقال : يا أمير المؤمنين الله يراني وأنت تصب الماء على يدي ؟ قال : اقعد ، واغسل يديك فان الله عزوجل يراك وأخاك الذي لا يتميز منك ولا يتفضل عنك ويزيد بذلك في خدمه في الجنة مثل عشرة أضعاف عدد أهل الدنيا وعلى حسب ذلك في ممالكه فيها . فقعد الرجل .

فقال له علي عليه السلام : أقسمت عليك بعظيم حقي الذي عرفته وبجلته ، وتواضعك لله حتى جازاك عنه بأن ندبني لما شرفك به من خدمتي لك لما غسلت مطمئنا كما كنت تغسل لوكان الصاب عليك قنبرا . ففعل الرجل ـ ذلك ـ .

فلما فرغ ، ناول الابريق محمد بن الحنفية وقال : يا بني لوكان هذا الابن حضرني دون أبيه لصببت ـ الماء ـ على يده ، ولكن الله عزوجل يأبي أن يسوى بين ابن وأبيه إذا جمعهما مكان ، لكن قد صب الاب على الاب ، فليصب الابن على الابن . فصب محمد بن الحنفية على الابن .

قال الحسن بن على العسكري عليهما السلام : فمن أتبع عليا عليه السلام على ذلك فهو الشيعي حقا . لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله . [١٣]

٣١ – قبة الوجود

عن الاعمش قال : خرجت حاجا فرأيت بالبادية  أعرابيا أعمى ، وهو يقول : اللهم إني اسئلك بالقبة التي اتسع فناؤها وطالت  أطنابها ، وتدلت أغصانها ، وعذب ثمرها ، واتسق فرعها ، واسبغ ورقها وطاب مولدها  إلا رددت علي بصري . 

قال : فخنقتني العبرة ، فدنوت إليه وقلت :

يا أعرابي لقددعوت فأحسنت  فما القبة التي اتسع فناؤها ؟

قال : محمد صلى الله عليه وآله ، قلت : فقولك وطالت اطنابها ؟

قال :  أعني فاطمة عليها السلام ، قلت : وتدلت أغصانها ؟

قال : علي وصي رسول الله ، قلت :  وعذب ثمرها ؟

قال : الحسن والحسين ، قلت : واتسق فرعها ؟

قال : حرم الله ذرية  فاطمة على النار ، قلت : واسبغ ورقها ؟

قال : بعلي بن ابي طالب فأعطيته دينارين  ومضيت ، وقضيت الحج ورجعت .  فلما وصلت إلى البادية رأيته فاذا عيناه مفتوحتان ، كأنه ما عمي قط ، فقلت :  يا أعرابي كيف كان حالك ؟ قال : كنت ادعوبما سمعت ، فهتف بي هاتف ، وقال :  إن كنت صادقا أنك تحب نبيك وأهل بيت نبيك ، فضع يدك على عينيك ، فوضعتهما  عليهما ، ثم كشفت عنهما ، وقد رد الله علي بصري ، فالتف يمينا وشمالا فلم أر أحدا فصحت ايها الهاتف بالله من أنت ؟ فسمعت : أنا الخضر أحب علي بن ابيطالب  فان حبه خير الدنيا والآخرة . [١٤]

٣٢ – بحق محمد قولوا بحق

عن هشام بن محمد عن أبيه قال : اجتمع الطرماح وهشام المرادي  ومحمد بن عبدالله الحميري عند معاوية بن أبي سفيان فأخرج بدرة فوضعها  بين يديه ثم قال : يا معشر شعراء العرب قولوا قولكم في علي بن أبي طالب  ولاتقولوا إلا الحق وأنا نفي من صخر بن حرب إن أعطيت هذه البدرة إلا  من قال الحق في علي . 

فقام الطرماح فتكلم وقال في علي ووقع فيه فقال معاوية : اجلس فقد  عرف الله نيتك ورأى مكانك ثم قام هشام المرادي فقال أيضا ووقع فيه فقال  معاوية : اجلس مع صاحبك فقد عرف الله مكانكما فقال عمروبن العاص لمحمد بن عبدالله الحميري وكان خاصا به تكلم ولا تقل إلا الحق ثم قال :  يا معاوية قد آليت ألا تعطي هذه البدرة إلا قائل الحق في علي ؟ قال : نعم أنا  نفي من صخر بن حرب إن أعطيتها منهم إلا من قال الحق في علي فقام محمد بن عبدالله فتكلم ثم قال :

بحق محمد قولوا بحق ***** فإن الافك من شيم اللئام 

أبعد محمد بأبي وأمي ***** رسول الله ذي الشرف التمام

أليس علي أفضل خلق ربي ***** وأشرف عند تحصيل الانام

ولايته هي الايمان حقا ***** فذرني من أباطيل الكلام

وطاعة ربنا فيها وفيها ***** شفاء للقلوب من السقام

علي إمامنا بأبي وأمي ***** أبوالحسن المطهر من حرام

إمام هدى أتاه الله علما ***** به عرف الحلال من الحرام

ولوأني قتلت النفس حبا ***** له ما كان فيها من اثام

يحل النار قوم يبغضوه ***** وإن صاموا وصلوا ألف عام

فلا والله ما تزكوصلاة ***** بغير ولاية العدل الامام

أميرالمؤمنين بك اعتمادي ***** وبالغرر الميامين اعتصامي

برئت من الذي عادى عليا ***** وحاربه من أولاد الحرام

تناسوا نصبه في يومين حم ***** من الباري ومن خير الانام

برغم الانف من يشنأ كلامي ***** علي فضله كالبحر طام

وأبرأ من أناس أحروه ***** وكان هوالمقدم بالمقام

علي هزم الابطال لما ***** رأوا في كفه ماح الحسام

على آل النبي صلاة ربي ***** صلاة بالكمال وبالتمام

فقال معاوية : أنت أصدقهم قولا فخذ هذه البدرة . [١٥]

٣٣ – عجائب اسماء امير المؤمنين عليه السلام

قال صاحب كتاب الانوار: ويسمونه أهل السماء ( شمساطيل) وفي الارض ( حمحائيل) وعلى اللوح ( قنسوم ) وعلى القلم ( منصوم ) وعلى العرش ( معين) وعند رضوان ( أمين )  وعند الحور العين ( أصب ) وفي صحف إبراهيم ( حزبيل ) وبالعبرانية ( بلقياطيس ) وبالسريانية ( شروحيل ) وفي التوراة ( إيليا ) وفي الزبور ( إريا ) وفي الانجيل ( بريا ) وفي الصحف ( حجر العين ) وفي القرآن ( عليا ) وعند النبي ( ناصرا ) .

وعند العرب ( مليا )  وعند الهند ( كبكرا ) ويقال : لنكرا وعند الروم ( بطريس ) وعند الارمن ( فريق )  وقيل : اطفاروس وعند الصقلاب ( فيروق ) وعند الفرس ( خير ) وقيل : فيروز وعند الترك ( ثبيرا وعنيرا ) وقيل : راج وعند الخزر ( برين ) وعند النبط ( كريا )  وعند الديلم ( بني ) وعند الزنج ( حنين ) وعند الحبشة ( بتريك ) وقالوا : كرقنا  وعندالفلاسفة ( يوشع ) وعند الكهنة ( بوئ ) وعند الجن ( حبين ) وعند الشياطين ( مدمر )  وعند المشركين ( الموت الاحمر ) وعند المؤمنين ( السحابة البيضاء ) وعند والده ( حرب )  وقيل : ظهير وعند أمه ( حيدرة ) وقيل : أسد وعند ظئره ( ميمون ) وعند الله  ( علي ) والحمد لله رب العالمين  . [١٦]

٣٤ – قسمة الجمل

روي ان ثلاث نفر تشاجروا في سبعة عشر بعيراً مشتركة بينهم حتى اطال بينهم التنازع , فمر بهم امير المؤمنين عليه السلام  وسألهم عن سبب التشاجر .

 فقالوا : يا ابا الحسن ان هذه الاباعر مشتركة بيننا يريد كل منا حقه من غير ان ينقص منها شيء اويرد احدنا على صاحبه درهماً  فقال علي عليه السلام  لواحد منهم كم يصيبك من هذه الاباعر قال نصف , فقال للاخر : كم يصيبك منها قال : ثلث , فقال للثالث كم يصيبك منها , قال تسع  فقال لهم امير المؤمنين عليه السلام  اترضون ان اقسم لكم اباعركم هذه باضافة بعيري هذا اليها , فقالوا كلهم نعم رضينا , فقال عليه السلام  للاول اليس نصيبك منها النصف  وهوثمانية ابعار ونصف بعير قال : نعم , قال : فان اعطيتك منها ما هوازيد من نصيبك من غير كسر فترضى بذلك ؟

قال : نعم , قال فاعطاه تسعة منها , ثم قال للثاني اليس نصيبك منها الثلث ستة ابعار الا ثلث بعير , قال : نعم  قال : فان اعطيتك منها ما هوازيد من سهمك , افترضى بذلك  قال : نعم , قال : فاعطاه ستة ابعار بغير كسر , ثم قال للثالث اليس نصيبك منها التسع بعيرين الا تسع  قال : نعم , قال : فان اعطيتك منها ما هوازيد من سهمك افترضى بذلك , قال : نعم , فاعطاه بعيرين ثم اخذ بعيره ومضى .

٣٥ – لو قالها بقراط

عن عامر الشعبي ، قال : قال زر بن حبيش : قال  أمير المؤمنين عليه السلام : أربع كلمات في الطب لو قالها بقراط أو جالينوس لقدم أمامها مائة  ورقة ثم زينها بهذه الكلمات وهي قوله : توقوا البرد في أوله وتلقوه في آخره ، فإنه يفعل  في الابدان كفعله في الاشجار ، أوله يحرق ، وآخره يورق . [١٧]

٣٦ – ضربتها في صفين

عن  محيي الدين الاربلي أنه حضر عند أبيه ومعه رجل فنعس فوقعت عمامته عن رأسه  فبدت في رأسه ضربة هائلة فسأله عنها فقال له : هي من صفين ، فقيل له : وكيف ذلك  ووقعة صفين قديمة ، فقال : كنت مسافرا إلى مصر فصاحبني إنسان من غزة فلما  كنا في بعض الطريق تذاكرنا وقعة صفين .

فقال لي الرجل : لوكنت في أيام صفين لرويت سيفي من علي وأصحابه ، فقلت : لو كنت في أيام صفين لرويت سيفي من معاوية وأصحابه وها أنا وأنت من أصحاب  علي عليه السلام ومعاوية فاعتركنا عركة عظيمة ، واضطربنا فما أحسست بنفسي  إلا مرميا  لما بي .

 فبينما أنا  كذلك  وإذا بانسان يوقظني بطرف رمحه ، ففتحت عيني فنزل  إلي ومسح الضربة فتلاءمت فقال : البث هنا ثم غاب قليلا وعاد ومعه رأس مخاصمي  مقطوعا والدواب معه ، فقال لي : هذا رأس عدوك ، وأنت نصرتنا فنصرناك ، ولينصرن الله من نصره ، فقلت : من أنت ؟ فقال : فلان بن فلان يعني صاحب الامرعليه السلام ثم قال لي : وإذا سئلت عن هذه الضربة ، فقل ضربتها في صفين . [١٨]

٣٧ – يا باب استمسك عليهم

روي أن أمير المؤمنين عليه السلام كان قاعدا في المسجد وعنده جماعة  من أصحابه ، فقالوا له : حدثنا يا أمير المؤمنين ، فقال لهم : ويحكم إن كلامي  صعب مستصعب لا يعقله إلا العالمون ، قالوا : لابد من أن تحدثنا ، قال : قوموا بنا  فدخل الدار فقال :

أنا الذي علوت فقهرت ، أنا الذي احيي واميت ، أنا الاول  والآخر والظاهر والباطن ، فغضبوا وقالوا : كفر ! وقاموا ،

فقال علي عليه السلام للباب : يا باب استمسك عليهم ، فاستمسك عليهم الباب ، فقال : ألم أقل لكم : إن كلامي صعب  مستصعب لا يعقله إلا العالمون ؟ تعالوا افسر لكم ، أما قولي : أنا الذي علوت فقهرت  فأنا الذي علوتكم بهذا السيف فقهرتكم حتى آمنتم بالله ورسوله ، وأما قولي : أنا  احيي واميت فأنا احيي السنة واميت البدعة ، وأما قولي : أنا الاول فأنا أول  من آمن بالله وأسلم وأما قولي : أنا الآخر فأنا آخر من سجى على النبي صلى الله عليه واله ثوبه  ودفنه ، وأما قولي : أنا الظاهر والباطن فأنا عندي علم الظاهر والباطن ، قالوا : فرجت عنا فرج الله عنك . [١٩]

٣٨ – إن أيــديكم سبقتكم الى النـار

عن أميـر المـؤمنين (عليـه السلام): أنـه كان اذا قطع السارق ، حسمه بالنار، كي لاينزف دمه فيموت . وعنه (عليـه السلام): أنه أمر بقطع سراق ، فلما قطعوا، أمـر (بحسمهم فحسمـوا) ثم قال: ” يا قنبـر، خـذهم اليك فـداوكلـومهم ، واحسن القيام عليهم، فاذا بـرؤوا فـاعلمني ” فلما برؤوا أتاه ، فقال : يا أمير المـؤمنين، قـد بـرئت جـراحتهم، قال: “اذهب فـاكس كـل رجـل منهم ثــوبيــن، وائتني بهم ” ففعــل وأتــاه بهم كأنهم قــوم (محرمون) قد اتزر كل واحد منهم بثوب وارتدى بآخر، فمثلوا بين يـديـه ، فاقبل على الأرض ينكتها باصبعه مليا، ثم رفع رأسه فقال : ” اكشفـوا أيـديكم  فكشفـوها، فقال: ” ارفعـوها الى السماء، ثم قولوا: اللهم إن عليا قطعنا ” ففعلوا، فقال: ” اللهم على كتابك وسنـة نبيك ، ثم قـال لهم: يـا هــؤلاء، إن أيــديكم سبقتكم الى النـار، فـان انتم تبتم انتـزعتم أيـديكم من النار، وإلالحقتم بهـا . [٢٠]

٣٩ – لاسألك عن سبع كلمات

جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام وقال : جئتك من سبعمائة  فرسخ لاسألك عن سبع كلمات فقال عليه السلام : سل ما شئت ، فقال الرجال :

أي شئ  أعظم من السماء ؟ وأي شئ أوسع من الارض ؟ وأي شئ أضعف من اليتيم ؟ وأي شي ه  أحر من النار ؟ وأي شئ أبرد من الزمهرير ؟ وأي شئ أغنى من البحر ؟ وأي  شئ أقسى من الحجر ؟

قال أمير المؤمنين عليه السلام :

البهتان على البرئ أعظم من السماء والحق أوسع من الارض ، ونمائم الوشاة أضعف من اليتيم والحرص أحر من  النار ، وحاجتك إلى البخيل أبرد من الزمهرير ، والبدن القانع أغنى من البحر ، وقلب الكافر أقسى من الحجر . [٢١]

——————————————————————————-
[١] . لم نعثر عليه في مشارق أنوار اليقين، بل وجدنا نحوه في فضائل شاذان بن جبرئيل: ١٠٧، والروضة له: ٦ – ٨ (مخطوط) وعنهما البحار: ٤٠ / ٢٧٠ ح ٣٩. (٢) خرائج الراوندي: ٢ / ٥٦٩ ح ٢٥، عنه البحار: ٤٢ / ١٨ ح ٤. ومدينة المعاجز السيد هاشم البحراني المجلد الثاني .
[٢] . رواه ثقة الاسلام الكليني في باب : “ما يفصل به بين دعوى المحق والمبطل “من كتاب الحجة من أصول الكافي : ج ١ ، ص ٣٤٣ . والمجلسي في  البحار المجلد ٣٢.
[٣] . البحار ج ٦٥ : ٣٨١ . تحف العقول عن ال الرسول للحراني .
[٤] . كشف الغمة : ٤٨ , والبحار المجلد الاربعين .
[٥] . معاني الاخبار : ٢٣٠ , بحار الانوار ٦: ٣٢١ , و١٤ : ٣٣٤ .
[٦] . شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ٣: ١٧٤ .
[٧] . بشارة المصطفى لشيعة المرتضى : ٣٨ .
[٨] . الميزان في تفسير القران ١: ١٠٣ .
[٩] . الفروع من الكافي ٧: ٢٦٨ .
[١٠] . اثار البلاد واخبار العباد ص١١٧ .
[١١] . البحار ٣٩: ١٣١ . عن تفسير العياشي .
[١٢] . الاختصاص للمفيد : ١٥٧ .
[١٣] . الاحتجاج  : ٢٥٦ .
[١٤] . الدعوات للراوندي : ٢٤ .
[١٥] . رواه الطبري في الجزء الأول من كتاب بشارة المصطفى ص ١٢، ط النجف الأشرف. ورواه الحموئي عن مصدر آخر في الباب: (٦٨) من السمط الأول من كتاب فرائد السمطين: ج ١ ص ٣٧٤ ط بيروت. ورواه العلامة الأميني عنهما وعن رياض العلماء في آخر ترجمة عمرو بن العاص من كتاب الغدير: ج ٢ ص ١٧٧، ط بيروت.
[١٦] . بحار الانوار ٣٥ : ٦٢ .
[١٧] . الدعوات للراوندي ١: ٧٥ . عنه البحار: ٦٢ / ٢٦٧ ح ٤٣، وأخرجه في البحار.
[١٨] . البحار ٥٢ :٧٥ .
[١٩] . الاختصاص للشيخ المفيد : ١٦٣ .
[٢٠] . دعائم الاسلام ٤٧٠:٢، مستدرك الوسائل ١٣٠:١٨ ح٢٢٢٧٩.
[٢١] . جامع الاخبار : ١٦١ , البحار ٧٨ : ٣٠ .

يتبع …..

المصدر: http://arabic.balaghah.net

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى