إعرف عدوكالاسرة و المجتمعالتاريخ الإسلاميالجهاد و الشهادةزاد عاشوراءسادة القافلةسيرة أهل البيت (ع)مقالاتمناسباتمنوعات

الحسين في عهد خلفاء الاربعة

 لم يحدثنا التاريخ بشيء عنه خلال خلافة ابي بكر القصيرة، و لعل مرد ذلك إلى صغر سنه يوم ذاك لأنه بقي في الخلافة نحوا من سنتين و الحسين (عليه السلام) يوم وفاة أبي بكر كان في التاسعة من عمره، أما في خلافة ابن الخطاب فيجد الباحث بعد التتبع نتفا من سيرته هنا و هناك.
فقد جاء عنه في مطلع خلافة عمر بن الخطاب انه قال: أتيته و هو يخطب على المنبر و المسلمون حوله فتخطيت الناس و صعدت إليه و قلت له:
انزل عن منبر أبي و اذهب الى منبر أبيك، فابتسم لي و قال: ليس لأبي منبر و إنه لمنبر أبيك أي و اللّه ثم أخذني بيده و أجلسني الى جانبه، فلما نزل عن المنبر انطلق بي إلى منزله و قال لي: من علمك ذلك؟ فقلت: و اللّه ما علمني أحد، فقال: بأبي أنت و أمي لو جعلت تغشانا، فأتيته يوما و هو مجتمع مع معاوية في خلوة و ولده عبد اللّه واقف على الباب فرجع و رجعت معه، فلقيني بعد ذلك و قال لي: لم أرك منذ فارقتني، فقلت له: إني جئتك و أنت في خلوة مع معاوية و وجدت ولدك عبد اللّه على الباب فرجعت معه، فقال: أنت أحق من ولدي فإنما أنبت ما ترى في رؤوسنا اللّه ثم أنتم.
و جاء في تذكرة الخواص و غيرها عن ابن عباس: ان عمر بن الخطاب كان يحب الحسن و الحسين و يقدمهما على ولده و لقد وزع الأموال يوما فأعطى لكل من الحسن و الحسين عشرة آلاف درهم و أعطى ولده عبد اللّه ألفا، فعاتبه ولده و قال: لقد علمت سبقي الى الإسلام و هجرتي الى رسول اللّه و أنت تفضل علي هذين الغلامين، فقال له: ويحك يا عبد اللّه، آتني بجد كجدهما و أب كأبيهما و أم كأمهما و خال كخالهما و عم كعمهما و عمة كعمتهما و جدهما رسول اللّه و أبوهما علي بن أبي طالب و امهما فاطمة الزهراء و جدتهما خديجة بنت خويلد و خالهما ابراهيم ابن رسول اللّه و عمهما جعفر الطيار و عمتهما أم هانئ بنت أبي طالب.
و روى ابن عساكر في تاريخه أن عمر بن الخطاب فرض للحسن و الحسين مثلما فرض لأبيهما و ألحقهما بأهل بدر في العطاء، و أرسل إليه عامله على اليمن حللا فوزعها و لم يعط الحسن و الحسين منها فلبسها الناس و راحوا يخطرون بها و خرج الحسن و الحسين من بيت امهما فاطمة و كان في جوف المسجد فقطب عمر بن الخطاب و قال لمن حوله: و اللّه ما انصفت اذ كسوتكم من حلل اليمن و تركت هذين الغلامين، ثم كتب لعامله على اليمن أن:
ابعث لي بحلتين لحسن و حسين و عجل بهما فبعث إليه بحلتين فكساهما و قال: الآن طابت نفسي.
و في رواية ثانية ان الحلل التي جاءته اولا لم يكن فيها ما يصلح لهما فأرسل إلى عامله في اليمن أن يرسل له حلتين على حسابهما.
و لم يرد في المصادر التاريخية ما يشير الى اشتراكه في حروب المسلمين مع الدولتين الرومانية و الفارسية، و لعل ذلك يعود إلى أنه خلال خلافة ابن الخطاب لم يتجاوز مطلع الشباب، و في خلافة عثمان بن عفان كان قد تكامل شبابه فاشترك هو و أخوه الحسن (عليه السلام) في الحياة العامة و في بعض الغزوات إلى افريقيا و بلاد الفرس.
فقد جاء في رواية ابن خلدون من تاريخه كتاب العبر المجلد الثاني ص 128 و 129 ان عثمان بن عفان عزل عمرو بن العاص عن ولاية مصر و استعمل عليها أخاه من الرضاعة عبد اللّه بن سرح، و كان قد أمر عبد اللّه بغزو افريقية، و أمر على الجند عقبة بن نافع بن عبد القيس و عبد اللّه بن نافع بن الحرث فخرجوا الى افريقية فصالحهم أهلها على مبلغ من المال يؤدونه إليهم و لم يستطيعوا التوغل فيها لكثرة اهلها، ثم استأذن ابن سرح عثمان في التوغل فيها و طلب منه ان يمده بالجيش فاستشار عثمان بن عفان الصحابة فأشاروا عليه بإرسال الجيش إليها، فأمده بالعساكر و فيهم جماعة من الصحابة منهم عبد اللّه بن عباس و ابن عمر و عبد اللّه بن عمرو بن العاص و ابن جعفر و الحسن و الحسين (عليه السلام)، و ممن أكد اشتراكهما في تلك الغزوة احمد بن خالد الناصري السلاوي في كتابه الاستقصاء لأخبار المغرب الأقصى في المجلد الأول ص 39.
و روى الطبري في ص 57 و 58 من المجلد الخامس و ابن خلدون في ص 134 و 135 من المجلد الثاني من كتابه العبر، ان الحسين (عليه السلام) قد اشترك في حروب المسلمين مع الفرس في طبرستان و جهاتها، و جاء فيهما: أنه في سنة ثلاثين من الهجرة غزا سعيد بن العاص طبرستان، و كان ملكها (الأصبهبذ) قد صالح سويد بن مقرن في عهد عمر بن الخطاب على مال يؤديه للمسلمين في كل عام، و لما غزاها سعيد بن العاص عند ما ولاه عثمان الكوفة ضم إليه جماعة من الصحابة و فيهم الحسنان (عليه السلام) و عبد اللّه بن عباس و جماعة من أولاد المهاجرين و الانصار، و امتد الغزاة إلى جرجان و نهاوند و غيرهما فخضعت جميع تلك المناطق للقوات الغازية. و قد أهمل هذه الناحية جماعة من المؤرخين و لم يتعرضوا لاشتراك الحسن و الحسين في الغزوات و الحروب الإسلامية التي كانت مكللة بالنجاح يوم ذاك، و حتى في غزو إفريقيا و طبرستان و جهاتها كما أهملوا غيرها من الحقائق التاريخية، لذلك فإن اهمالهم لها لا يكفي وحده لأن يكون سببا للتشكيك بها، لا سيما عند المتتبع لتاريخ أهل البيت‏ الحافل بالتضحيات في سبيل الإسلام.
و يدعي اكثر المؤرخين بأن الحسين (عليه السلام) قد اشترك هو و أخوه الحسن (عليه السلام) في الدفاع عن عثمان، و قد أمرهما أمير المؤمنين (عليه السلام) ان يقفا على باب داره ليصدا هجمات الثوار عليه.
و أضاف إلى ذلك بعض المؤرخين: أن الثوار قد تهيبوا الدخول عليه من الباب الذي رابط عليه الحسنان، فتسلقوا الجدران و دخلوا عليه و كانت بذلك نهايته، و كنت قد تعرضت لهذه الناحية من مواقفهما في القسم الأول من هذا الكتاب، خلال حديثي عن الثورة التي اطاحت بعثمان و سلطانه، و أبديت بعض الملاحظات على هذا النوع من المرويات فلم يعد ما يوجب الحديث عنها. و قد اشترك مع ابيه خلال خلافته في جميع الشؤون السياسية و العسكرية و الادارية و كان يرعاه و يتمنى عليه و على اخيه الحسن ان لا يغامرا في المعارك، في حين انه كان يحرض ولده محمد بن الحنفية على اقتحامها.
و قد قيل له لم يغرر بك ابوك و لا يغرر بالحسن و الحسين، فقال: انهما عيناه و أنا يمينه فهو يدفع عن عينيه بيمينه، و مرة اخرى قيل لأمير المؤمنين: لما ذا تسمح لمحمد بن الحنفية في خوض المعارك و تمنع الحسن و الحسين؟ فقال: لأنهما عيناي و محمد يداي و أنا أدفع عن عيني بيدي.
و لما عاد الى الكوفة بعد رفع المصاحف و التحكيم و سمع قول من قال: لو كان مضى بمن اطاعه فقاتل حتى يظفر او يهلك، قال: و اللّه ما غاب عن رأيي ذلك و ان كنت سجينا بنفسي عن الدنيا طيب النفس بالموت، و لقد هممت بالإقدام على القوم فنظرت الى هذين قد ابتدراني يعني الحسن و الحسين، و نظرت الى هذين و قد استقدماني، يعني عبد اللّه بن جعفر و محمد بن علي، فعلمت ان هذين ان هلكا انقطع نسل رسول اللّه من هذه الأمة، و أشفقت على هذين ان يهلكا و ايم اللّه لئن لقيتهم بعد يومي هذا لألقيتهم و ليسوا معي في عسكر أبدا.
و جاء في المجلد الثاني من أسد الغابة ص 193 و 194 عن شقيق بن سلمة ان الحسين (عليه السلام) برز في معارك أبيه مع القاسطين او المارقين و الناكثين، و نادى: هل من مبارز؟ فأقبل رجل من آل ذي لعوة اسمه الزبرقان بن احلم و كان بطلا شديد البأس فقال للحسين: من أنت؟ قال أنا الحسين بن علي، فقال له الزبرقان: انصرف يا بني،؛ فاني و اللّه لقد نظرت إلى رسول اللّه مقبلا من ناحية قباء على ناقة حمراء و انك يومئذ قدامه فما كنت لألقى رسول اللّه بدمك و انصرف عنه‏ .
وصية أمير المؤمنين الى الحسين (عليه السلام) :
لقد روى الرواة أنه لما ضرب ابن ملجم أمير المؤمنين بالسيف و أدخل بيته كان يغمى عليه ساعة بعد ساعة، و في الليلة التي توفي فيها جمع ولده و نص على إمامة الحسن و الحسين و أوصى أولاده بإطاعتهما، و قال لهما: أوصيكما بتقوى اللّه و أن لا تبغيا الدنيا و إن بغتكما و لا تأسفا على شي‏ء زوى منها عنكما، و كونا للمظلوم عونا و للظالم خصما، و التفت الى من كان عنده من بنيه و بني هاشم، و قال: يا بني عبد المطلب لا ألفينكم تخوضون دماء المسلمين خوضا تقولون قتل أمير المؤمنين، لا تقتلن بي إلا قاتلي، و انظروا إذا أتاحت من ضربته هذه فاضربوه ضربة بضربة و لا تمثلوا بالرجل فإني سمعت رسول اللّه يقول: اياكم و المثلة و لو بالكلب العقور.
و كان مما أوصى به الحسين كما في الاعجاز و الايجاز لأبي منصور الثعالبي: يا بني ما شر بعده الجنة بشر و لا خير بعده النار بخير، و كل نعيم دون الجنة محضور، و كل بلاء دون النار عافية، اعلم يا بني: ان من أبصر عيب نفسه شغل عن غيره، و من رضي بقسم اللّه لم يحزن على ما فاته و من سل سيف البغي قتل به، و من حفر لأخيه حفرة وقع فيها و من هتك حجاب غيره انكشفت عورات بيته على الناس، و من نسي خطيئته استعظم خطيئة غيره، و من كابد الأمور عطب، و من اقتحم البحر غرق، و من أعجب برأيه ضل، و من استغنى بعقله ذل، و من تكبر على الناس ذل، و من سفه عليهم شتم، و من دخل مداخل السوءاتهم، و من خالط الأنذال حقر، و من جالس العلماء وقر.
يا بني اعجاب المرء بنفسه دليل على ضعف عقله، كفى أدبا لنفسك ما كرهته من غيرك، و ان لأخيك عليك مثل الذي لك عليه، الى غير ذلك من النصائح و الارشادات التي أوصاه بها كما جاء في إعجاز الثعالبي و غيره من مجاميع الحديث و التاريخ.

المصدر: http://h-najaf.iq/

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى