روايات أهل البيت(ع)

يوم الغدير…

أهمية يوم الغدير 1 و الحديث المصيري 2 الذي أدلى به النبي المصطفى صلى الله عليه و آله في ذلك اليوم بأمر من الله عَزَّ و جَلَّ و ضرورته غير خافية على العلماء المؤمنين أصحاب البصائر و ذوي الألباب، ذلك لأن هناك تلازماً مشهوداً و واضحاً بين الرسالة المحمدية المباركة و بين استمرارية هذه الرسالة و بقاء الأصول و المبادئ و القيم التي جاءت بها هذه الرسالة الهادفة التي هي رحمة للعالمين كما قال الله تعالى مخاطباً رسوله العظيم: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ 3 ، فأي رحمة في ترك المسلمين هملاً بدون رعاية و من دون وصي و خليفة يرجعون اليه من بعده، الأمر الذي يدعيه أباع مدرسة الخلفاء المخالفين لأهل البيت عليهم السلام، و هو ما تسبب في نشوب نيران الفتن الكبرى و الاختلاف الواسع بين المسلمين فور إرتحال النبي صلى الله عليه و آله و حتى اليوم.

التلازم بين الرسالة المحمدية و الامامة

يجد الباحث اللبيب دون أن يتحمل عناء البحث و التنقيب كثيراً أن هناك تلازماً بين الرسالة المحمدية و بين استمرارية هذه الرسالة و بقائها من خلال تعيين من يتحمل أعباء قيادة الأمة و إرشادهم و تبيين ما هو بحاجة إلى التبيين و الشرح و التفسير و صيانة العقيدة و الشريعة من الانحراف و التلاعب بعد إرتحال النبي المصطفى صلى الله عليه و آله.
نعم العقل يحكم بضرورة الاستخلاف 4 و لزوم تعيين الوصي و الامام الذي يتولى قيادة الامة بعد رسول الله صلى الله عليه و آله، كما و أن العقل يحكم بضرورة وجود الشفافية التامة و الصراحة في تعيين الخليفة حتى لا يبقى مجالاً للاختلاف و الفتنة، الأمر الذي إلتزمه النبي محمد صلى الله عليه و آله منذ الأيام الاولى لدعوته المباركة.

حديث الانذار  يوم الدار

بغض النظر من أن مسألة الاستخلاف و ضرورة تعيين الخليفة و الوصي هي مسألة عقلية و لا تحتاج إلى كثير من البحث و الاستدلال فإنالنبي صلى الله عليه و آله و منذ الأيام الأولى من الدعوة المحمدية و إلى جانب دعوته الناس إلى الايمان بالله و عبادته و توحيده و الإعتراف بنبوته بيَّنَ بكل وضوح و بصراحة تامة أن من يُخلفه بعده في أموره هو خليفته و وصيه علي بن أبي طالب، ثم استمر النبي صلى الله عليه و آله على هذا النهج في مواقف عديدة و كثيرة مصرحاً بهذا الأمر و مكرراً له حتى كان يوم الغدير في حجة الواداع صرح بتأكيد أكثر و وضوح متميز لا يتحمل التأويل أن عليا هو الخليفة و الوصي و الامام الذي يجب أن يمسك بزمام القيادة فيقود الامة من بعده، كل ذلك لبيان التلازم بين أمر الرسالة المحمدية و الامامة و عدم إنفكاكهما عن بعضهما 5.
و من أبرز الأدلة على ما نقول حديث يوم الدار يوم الانذار بعد نزول آية الإنذار: ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ 6 ، و اليك نص الحديث عن تفسير البغوي المتوفى سنة ٥١٠ هـجرية.

حديث يوم الدار يوم الانذار

يقول البغوي: روى محمّد بن إسحاق، عن عبد الغفار بن القاسم، عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب ، عن عبدالله بن عباس ، عن علي بن أبي طالب قال:
لمّا نزلت هذه الاية على رسول الله صلي الله عليه و اله ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ 6 دعاني رسول الله صلى الله عليه و اله فقال : يا علي، إنّ الله يأمرني أن أُنذر عشيرتي الاقربين، فضقت بذلك ذرعاً، و عرفت أنّي متى أُباديهم بهذا الامر أرى منهم ما أكره، فصمتُّ عليها، حتّى جاءني جبرئيل فقال لي: يا محمّد إلاّ تفعل ما تؤمر يعذّبك ربّك، فاصنع لنا صاعاً من طعام، و اجعل عليه رِجل شاة، و املا لنا عسّاً 7 من لبن، ثمّ اجمع لي بني عبد المطّلب حتّى أُبلّغهم ما أُمرت به.
ففعلت ما أمرني به، ثمّ دعوتهم له، و هم يومئذ أربعون رجلاً، يزيدون رجلاً أو ينقصونه، فيهم أعمامه أبو طالب و حمزة و العباس و أبو لهب.
فلمّا اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعته، فجئتهم به، فلمّا وضعته، تناول رسول الله صلى الله عليه و اله جذبة من اللحم، فشقّها بأسنانه، ثمّ ألقاها في نواحي الصفحة، ثمّ قال : خذوا باسم الله، فأكل القوم حتّى ما لهم بشيء حاجة، و أيم الله أنْ كان الرجل الواحد منهم ليأكل مثل ما قدمت لجميعهم.
ثمّ قال : إسقِ القوم، فجئتهم بذلك العُسَّ فشربوا حتّى رووا جميعاً، و أيم الله أنْ كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله.
فلمّا أراد رسول الله أن يكلّمهم بدره أبو لهب فقال : سَحَرَكم صاحبكم، فتفرّق القوم و لم يكلّمهم رسول الله صلى الله عليه و اله.
فقال في الغد: يا علي، إنّ هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول، فتفرّق القوم قبل أنْ أُكلّمهم ، فأعد لنا من الطعام مثل ما صنعت ثمّ اجمعهم، ففعلت ثمّ جمعت، فدعاني بالطعام فقرّبته، ففعل كما فعل بالامس، فأكلوا و شربوا، ثمّ تكلّم رسول الله صلى الله عليه و اله، فقال:
يا بني عبد المطّلب، إنّي قد جئتكم بخيري الدنيا و الاخرة ، و قد أمرني الله تعالى أنْ أدعوكم إليه، فأيّكم يوآزرني على أمري هذا و يكون أخي و وصيّي و خليفتي فيكم؟
فأحجم القوم عنها جميعاً.
فقلت و أنا أحدثهم سنّاً: يا نبيّ الله، أكون وزيرك عليه.
قال: فأخذ برقبتي، و قال: “إنّ هذا أخي و وصيّي و خليفتي فيكم، فاسمعوا له و أطيعوا”.
فقام القوم يضحكون و يقولون لأبي طالب: قد أمرك أنْ تسمع لعلي و تطيع 8.
و هذا الحديث يدل على أن الرسول المصطفى صلى الله عليه و آله و منذ الايام الأولى لدعوته المباركة صرَّح بكون علي بن أبي طالب عليه السلام هو الخليفة و الوصي من بعده و الولي الذي يجب على المسلمين إطاعته و الانقياد له، و الأمر كان في غاية الوضوح حتى فهمه الجميع و يظهر ذلك من تعليقاتهم.

اليوم المصيري في تاريخ الامة الإسلامية

و من يدرس تاريخ يوم الغدير و الحدث العظيم الذي وقع فيه سرعان ما يكتشف أن تخطيطاً إلهياً كان وراء هذا الحدث العظيم بدأ من اليوم الأول للدعوة النبوية و إكتمل في يوم الغدير الأغر الذي هو يوم إكمال الدين و تمام النعمة.
عن أبي الفضل شهاب الدين محمود الآلوسي البغدادي ، المتوفى سنة 1270 هجرية ، عن ابن عباس ، قال : نزلت الآية : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ … ﴾ 9 في علي حيث أمر الله سبحانه أن يخبر الناس بولايته ، فتخوّف رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن يقولوا حابى ابن عمه و أن يطعنوا في ذلك عليه ، فأوحى الله تعالى إليه ، فقام بولايته يوم غدير خم ، و أخذ بيده ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ” من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم والِ من والاه و عادِ من عاداه ” 10.
و ما أن أتم النبي صلى الله عليه و آله ما أمره الله عَزَّ و جَلَّ به حتى نزلت الآية المباركة: ﴿ … الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا … ﴾ 11 .

  • 1. يوم الغدير هو اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة من السنة العاشرة من الهجرة النبوية المباركة، و هو اليوم الذي نَصَّبَ فيه الرسول المصطفى محمد صلى الله عليه و آله بأمر من الله عزَّ و جلَّ علي بن أبي طالب عليه السلام خليفةً و وصياً و إماماً و ولياً من بعده.و هو يوم عظيم ذكرت الأحاديث الشريفة جوانب من عظمة هذا اليوم المبارك، و يوم الغدير يوم عيد بل أعظم الأعياد و أشرفها، وَ هُوَ عِيدُ اللَّهِ الْأَكْبَرُ لأنه يوم إكمال الدين و تمام النعمة.
  • 2. يُعتبر حديث الغدير من الأحاديث التاريخية الهامة و المصيرية التي أدلى بها رسول الله صلَّى الله عليه و آله في السنة الأخيرة من حياته المباركة و لدى عودته من حجة الوداع في منطقة غدير خُم، و هي من الأحاديث التي تثبت خلافة و إمامة الإمام امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السَّلام و توجب ولايته على جميع المؤمنين بعد ولاية الله تعالى و ولاية رسوله المصطفى صلَّى الله عليه و آله بكل صراحة و وضوح، و هو حديث الغدير حديث متواتر و من أصح الأحاديث و قد رواه المحدثون عن أصحاب النبي صلَّى الله عليه و آله و عن التابعين بصيغٍ مختلفة تؤكد جميعها على أن علياً هو الخليفة و الولي و الامام الذي يقود الامة بعد رسول الله فحسب.
  • 3. القران الكريم: سورة الأنبياء (21)، الآية: 107، الصفحة: 331.
  • 4. إن مراجعة سريعة للتاريخ الإسلامي في زمن الرسول صلى الله عليه و آله تكشف لنا أن الواقع يشهد بأن النبي صلى الله عليه و آله إهتم بأمر الاستخلاف إهتماماً كبيراً، و لم يترك الناس و حتى النساء و الأطفال في المدينة دون أن يستخلف عليهم أحداً يتولى أمورهم حين غيابه، حتى و لو كانت غيبته لفترة بسيطة و لو ليوم واحد، أو كان إبتعاده عن المدينة لبضعة أميال فقط، فكيف يترك الأمة ـ و هو يفارقهم إلى الأبد ـ من دون راعٍ و قائد و إمام يرشدهم و يبين لهم ما لا يعرفونه من أمور العقيدة و الشريعة و الحكم و النظام الإسلامي ؟!
    قائمة باستخلافات النبي صلى الله عليه و آله:
    إستخلافات الرسول في السنة الثانية:
    1 ـ استخلف سعد بن عبادة سيد الخزرج من الأنصار خمس عشرة ليلة مدة غيبته عن المدينة .
    2 ـ استخلف في غزوة بواط سعد بن معاذ من سادة الأوس من الأنصار في ربيع الأول .
    3 ـ استخلف مولاه زيد بن حارثة في غزوته لطلب كرز بن جابر الفهري.
    4 ـ استخلف أبا سلمة المخزومي في غزوة ذي العشيرة ، حين ذهب في جمادى الأولى أو الثانية يعترض عيرا لقريش ذاهبة إلى الشام.
    5 ـ استخلف ابن أم مكتوم الضرير في غزوة بدر الكبرى و غاب عن المدينة تسعة عشر يوما.
    6 ـ استخلف أبا لبابة الأنصاري الأوسي في غزوة بني قينقاع.
    7 ـ استخلف أيضا أبا لبابة في غزوة السويق.
    إستخلافات الرسول في السنة الثالثة:
    8 ـ استخلف ابن أم مكتوم في غزوة قرقرة الكدر.
    9 ـ استخلف ابن أم مكتوم في غزوة بفران و غاب عن المدينة عشرة أيام من جمادى الآخرة.
    10 ـ استخلف عثمان بن عفان في غزوة ذي أمر بنجد، و غاب فيها عن المدينة عشرة أيام.
    11 ـ استخلف ابن أم مكتوم في غزوة أحد، و قاتل المشركين في سفح جبل أحد ـ على بعد ميل من المدينة ـ غاب فيها عن المدينة يوما واحدا.
    12 ـ استخلف ابن أم مكتوم في غزوة حمراء الأسد – على بعد عشرة أميال من المدينة ـ سار في طلب أبي سفيان حين بلغه أنه يريد الكر على المدينة ، ففاته أبو سفيان و من معه فأقام فيها ثلاثة أيام ، ثم عاد إلى المدينة.
    إستخلافات الرسول في السنة الرابعة:
    13 ـ استخلف ابن أم مكتوم في غزوة بني النضير بناحية الغرس حصرهم خمسة عشر يوما، ثم أجلاهم عنها.
    14 ـ استخلف عبد الله بن رواحة الأنصاري في غزوة بدر الثالثة ستة عشر يوما، و أقام فيها ثمانية أيام لموعد أبي سفيان إياهم في أحد أنه سيقاتلهم العام القادم في بدر.
    إستخلافات الرسول في السنة الخامسة:
    15 ـ استخلف في غزوة ذات الرقاع عثمان بن عفان خمس عشرة ليلة.
    16 ـ استخلف ابن أم مكتوم في غزوة دومة الجندل حين سار إلى أكيدر بن عبد الملك النصراني فأقام أيام و عاد إلى المدينة و هي أول غزواته إلى الروم.
    17 ـ استخلف مولاه زيد بن حارثة في غزوة بني المصطلق على ماء المريسيع  ثمانية عشر يوما خرج فيها لليلتين خلتا من شعبان.
    18 ـ استخلف في غزوة الخندق ابن أم مكتوم، و هو يقاتل الأحزاب دون الخندق من داخل المدينة في شهر شوال أو ذي القعدة.
    19 ـ استخلف أبا رهم الغفاري في غزوة بني قريضة، و هم على بُعد يوم من المدينة، حصرهم خمسة عشر يوما أو أكثر، بدأهم بسبع بقين من ذي القعدة.
    إستخلافات الرسول في السنة السادسة:
    20 ـ استخلف في غزوة بني لحيان من هذيل بالقرب من عسفان ابن أم مكتوم أربع عشرة ليلة و رجع.
    21 ـ استخلف ابن أم مكتوم خمس ليال في غزوة ذي قرد، على ليلتين من المدينة.
    22 ـ استخلف ابن أم مكتوم في غزوة الحديبية.
    إستخلافات الرسول في السنة السابعة:
    23 ـ استخلف سباع بن عرفطة في غزوة خيبر ، و هي على بعد ثمانية بُرَد من المدينة، و بعد فتح قلاعها عنوة و صلحا سار إلى وادي القرى فحصرهم أياما حتى افتتحها عنوة ثم صالح أهل تيماء و هي على ثمانية مراحل من الشام، و وادي القرى بينها و بين المدينة.
    24 ـ و استخلف أيضا سباع بن عرفطة في عمرة القضاء.
    إستخلافات الرسول في السنة الثامنة:
    25 ـ استخلف على المدينة أبا رهم الغفاري في غزوة مكة.
    26 ـ سار بعد غزوة مكة إلى هوازن لغزو حنين، و حنين واد إلى جانب ذي المجاز يبعد ثلاث ليال عن مكة، و بقي ـ أيضا ـ أبو رهم كذلك واليا على المدينة في هذه الغزوة.
    27 ـ و استخلف علي بن أبي طالب في غزوة تبوك ـ على بعد تسعين فرسخا من المدينة ـ . و هي آخر غزواته ، و كانت غزواته ثماني و عشرين غزوة إن اعتبرنا خيبر و وادي القرى غزوتين ، و إلا فهي سبع و عشرون غزوة.
    رجعنا في ذكر أسماء من استخلفهم رسول الله صلى الله عليه و آله على المدينة في غيابه عنها إلى التنبيه و الإشراف للمسعودي في ذكره التأريخ من السنة الثانية إلى السنة الثامنة من الهجرة ، و قد يختلف في ذكر أسماء من ولاه رسول الله صلى الله عليه و آله على المدينة مع غيره أحيانا.
  • 5. هناك أحاديث كثيرة تؤكد الملازمة بين القرآن و العترة الطاهرة عليهم السلام، و كذلك الملازمة التامة بين القرآن الكريم و الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، منها:
    1. عن النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) ، قال : ” إنّي أُوشكُ أن أُدعى فأُجيب ، و إني تاركٌ فيكم الثَّقَلَين ، كتابَ اللهِ عَزَّ و جَلَّ ، و عِتْرَتي ، كتاب الله حَبلٌ ممدود من السماء إلى الأرض ، و عترتي أَهْلُ بيتي ، و إن اللطيف الخبير أَخبرني أَنهما لَن يفترقا حتى يَرِدا عليّ الحوض ، فَانْظُرُوني بِمَ تَخلُفُونِي فيهما ” (راجع: مسند أحمد : حديث : 10707 ، و في هامش الكتاب الموجود على c.d الحديث الشريف ، الثقلين : المراد كتاب الله و أهل بيت الرسول ، عترتي : أهل بيتي ، و يراجع الحديث في صحيح مسلم ، إذ أخرجه في : 4 / 1873 ، عن زيد بن أرقم).
    2. عَنْ ثَابِتٍ مَوْلَى أَبِي ذَرٍّ ـ رَحِمَهُ اللَّهُ ـ ، أنهُ قَالَ : كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ رضي الله عنه يَوْمَ الْجَمَلِ ، فَلَمَّا رَأَيْتُ عَائِشَةَ وَاقِفَةً دَخَلَنِي مِنَ الشَّكِّ بَعْضُ مَا يَدْخُلُ النَّاسَ ، فَكَشَفَ اللَّهُ عَنِّي ذَلِكَ عندَ صلاة الظُهر ، فَقَاتَلْتُ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فلمَّا فَرَغَ ذَهَبْتُ إلى المدينة.
    فَأَتَيْتُ أُمَّ سَلَمَةَ ، فقلت : إني و الله ما جئت أسأل طعاماً و لا شراباً ، و لكني مولى لأبي ذر .
    فقالت : مرحباً .
    فَقَصَصْتُ عَلَيْهَا قِصَّتِي .
    فَقَالَتْ : أين كنتَ حِينَ طَارَتِ الْقُلُوبُ مَطَايِرَهَا ؟
    قُلْتُ : إلى حيث كشف الله ذلك عني عند زوال الشمس .
    فَقَالَتْ : أَحْسَنْتَ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه [و آله] ) يَقُولُ : ” عَلِيٌّ مَعَ الْقُرْآنِ ، وَ الْقُرْآنُ مَعَ عليٍ، لَن يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ ” (انظر مستدرك الحاكم: كتاب معرفة الصحابة ، ذكر إسلام أمير المؤمنين علي رضي الله تعالى عنه ، حديث رقم : 4628 ، و كذلك المعجم الصغير حديث رقم : 721 ، باب العين.
    قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ، و لم يخرجاه .
    و قد رَوى الشيخ الطوسي ( رحمه الله ) في كتابه المُسمى بـ ” الأمالي ” عَنْ من روى عَنْ ثَابِتٍ مَوْلَى أَبِي ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ هذه الرواية بتفاوت يسير، و إليك نص ما رواه:
    عَنْ من روى عَنْ ثَابِتٍ مَوْلَى أَبِي ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ ، أنهُ قَالَ : شَهِدْتُ مَعَ عَلِيٍّ يَوْمَ الْجَمَلِ ، فَلَمَّا رَأَيْتُ عَائِشَةَ وَاقِفَةً دَخَلَنِي مِنَ الشَّكِّ بَعْضُ مَا يَدْخُلُ النَّاسَ ، فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ كَشَفَ اللَّهُ ذَلِكَ عَنِّي ، فَقَاتَلْتُ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) .
    ثُمَّ أَتَيْتُ بَعْدَ ذَلِكَ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ و رَحِمَهَا اللَّهُ ، فَقَصَصْتُ عَلَيْهَا قِصَّتِي .
    فَقَالَتْ : كَيْفَ صَنَعْتَ حِينَ طَارَتِ الْقُلُوبُ مَطَايِرَهَا ؟
    قَالَ : قُلْتُ : إِلَى أَحْسَنِ ذَلِكِ ، وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ كَشَفَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنِّي ذَلِكِ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ ، فَقَاتَلْتُ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ قِتَالًا شَدِيداً .
    فَقَالَتْ : أَحْسَنْتَ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) يَقُولُ : ” عَلِيٌّ مَعَ الْقُرْآنِ ، وَ الْقُرْآنُ مَعَهُ ، لَا يَفْتَرِقَانِ حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ ” أنظر: بحار الأنوار ( الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ) : 22 / 222 ، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي ، المولود بإصفهان سنة : 1037 ، و المتوفى بها سنة : 1110 هجرية ، طبعة مؤسسة الوفاء ، بيروت / لبنان ، سنة : 1414 هجرية).
  • 6. a. b. القران الكريم: سورة الشعراء (26)، الآية: 214، الصفحة: 376.
  • 7. العُسّ هو القدح الكبير، و الجمع عِساس مثل سِهام ، و قيل أعساس مثل أقفال.
  • 8. معالم التنزيل: ٤ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩ ـ طبعة دارالفكر ـ بيروت ـ ١٤٠٥ هـجرية، كما في كتاب حديث الدار للعلامة السيد علي الحسيني الميلاني: 9، الطبعة الأولى سنة: 1321 هجرية، مركز الابحاث العقائدية.
  • 9. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 67، الصفحة: 119.
  • 10. روح المعاني : 4 / 282 ، طبعة : دار الفكر / بيروت.
  • 11. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 3، الصفحة: 107.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى