نور العترة

نوّاب المعصوم….

نص الشبهة: 

إنما وجب نصب الإمام المعصوم ـ عند الشيعة ـ لغرض أن يزيل الظلم والشر عن جميع المدن والقرى، ويقيم العدل والقسط. والسؤال: هل تقولون: إنه لم يزل في كل مدينة وقرية خلقها الله تعالى معصوم يدفع ظلم الناس أم لا؟‍‍‍! إن قلتم: لم يزل في كل مدينة وقرية خلقها الله تعالى معصوم. قيل لكم: هذه مكابرة ظاهرة، فهل في بلاد الكفار من المشركين وأهل الكتاب معصوم؟! وهل كان في الشام عند معاوية «رضي الله عنه» معصوم؟‍! وإن قلتم: بل نقول: هو واحد، وله نواب في سائر المدائن والقرى، قيل لكم: له نواب في جميع مدائن الأرض، أم في بعضها؟! فإن قلتم: في جميع مدائن الأرض وقراها. قيل لكم: هذه مكابرة مثل الأولى! وإن قلتم: بل له نواب في بعض المدن والقرى. قيل لكم: جميع المدن والقرى حاج تهم إلى المعصوم واحدة، فلماذا فرقتم بينهم؟!

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
فإن الهدف من نصب الإمام هو نفسه الهدف من نصب النبي، لأن الإمام وصي النبي، والمؤدي عنه، والهادي للناس من بعده، غير أنه لا يوحى إليه ـ كما يوحى للأنبياء ـ.
ومن جملة مهمات الأنبياء وأوصيائهم: هداية الناس، وإقامة العدل والقسط فيهم، بشرط مساعدة الناس لهم، وقبولهم منهم، فإذا خذلوهم، ولم ينصروهم، فليس على الأنبياء وأوصيائهم جناح، وإنما يكون الناس هم الذين قصروا وتسببوا لأنفسهم بالحرمان من نعم الله..
ولأجل ذلك تجد: أن الظلم والجور لم يرتفع من الأرض بمجرد بعثة الأنبياء، وإنزال الكتب السماوية، بل واجه الناس أنبياءهم بالأذى والإساءات، وقتلوا من قتلوا منهم، ومن أوصيائهم، والأئمة «عليهم السلام»..
وحسبك دليلاً على ما نقول: ما جرى على الإمام الحسين «عليه السلام» الذي يقول: «إني لم أخرج أشراً، ولا بطراً، ولا مفسداً ولا ظالماً، ولكن خرج ت لطلب الإصلاح في أمة جدي.. أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، فمن قبلني بقبول الحق، فالله أولى بالحق، ومن رد علي..» 1.
فكان جزاؤه «عليه السلام » القتل والإستئصال لأهل بيته وأصحابه، بتلك الصورة الفظيعة والمفجعة..
كما أن أباه علياً «عليه السلام» قد لاقى ما لاقى من رزايا وبلايا في نفسه، وفي أهل بيته، وفي زوجته، ثم قضى شهيداً على يد أشقى الأولين والآخرين..
ثم استشهد ولده الإمام الحسن «عليه السلام» بسم بنت الأشعث بن قيس، بتدبير من معاوية بن أبي سفيان.
وإن شاء السائل أن نرد عليه نفس سؤاله، فنقول له: إنما بعث الأنبياء والرسل لهداية الناس، ولإقامة العدل والقسط، فقد قال تعالى:﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ … ﴾ 2.
وهذا لا يختص بمكان دون مكان، ولا بزمان دون زمان، بل يشمل جميع الأزمنة والأمكنة، وسائر المدن والقرى. فهل تقولون: إنه لم يزل في كل مدينة وقرية نبي معصوم يدفع الظلم عن الناس أم لا؟!
إن قلتم: لم يزل في كل مدينة أو قرية خلقها الله نبي معصوم.. قيل لكم: هذه مكابرة ظاهرة، فهل في بلاد الكفار، من المشركين وأهل الكتاب نبي معصوم؟!
وهل كان عند قيصر وعند كسرى في بلدهم نبي معصوم؟!
وإن قلتم: بل نقول: هو واحد، وله نواب في سائر المدن.
قيل لكم: له نواب في جميع مدائن الأرض، أم في بعضها؟!
فإن قلتم: في جميع مدائن الأرض وقراها.
قيل لكم: هذه مكابرة مثل الأولى.
وإن قلتم: له نواب في بعض المدن والقرى دون البعض الآخر.
قلنا لكم: جميع المدن والقرى حاج تهم إلى النبي المعصوم واحدة، فلماذا فرقتم بينهم؟!
والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله.. 3.

  • 1. بحار الأنوار ج 44 ص 329 وكتاب الفتوح لابن أعثم (ط دار الأضواء) ج 5 ص 21 ومناقب آل أبي طالب (ط قم) ج 4 ص 89 و (ط المطبعة الحيدرية ـ النجف) ج 3 ص 241 والعوالم، الإمام الحسين «عليه السلام» ص 179 ولواعج الأشجان ص 30 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج 11 ص 602 عن مقتل الخوارزمي ج 1 ص 188.
  • 2. القران الكريم: سورة الحديد (57)، الآية: 25، الصفحة: 541.
  • 3. ميزان الحق (شبهات.. و ردود)، السيد جعفر مرتضى العاملي، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، سنة 1431 هـ ـ 2010 م، الجزء الأول، السؤال رقم (29).
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى