مقالات

حين تكونُ الدَّولة في مأزق (دردشة اقتصاديَّة)

بسم اللّٰه الرَّحمٰن الرَّحيم

✍️ زكريَّا بركات
٢ أكتوبر ٢٠٢٢


يقول أحدُ الكُتَّاب:

“بدأت أوكرانيا في تصدير كمِّيات كبيرة من الحبوب إلى أوروبا بأسعار مخفَّضة، الأمر الذي أثار غضب المزارعين الأوروبيين، كما أثار احتجاجات في الشوارع”. انتهى.


من المهم التدبُّر في تعارض المصالح الذي تحدَّث عنه الكاتب أعلاه.. فالدَّولة الأجنبية حين تُصدِّر بضاعة بسعر مخفَّض، يكون ذلك لمصلحة المستهلكين، ولكنه يضرُّ بمصلحة المُنتِج المحلي..
كثيراً ما يتصوَّر المواطنون أن الدَّولة هي المسؤول الأوَّل عن غلاء الأسعار، بينما تكون الحقيقة مختلفة تماماً..

في مثل هذه الحالة تكون الدَّولة بين نارين:

١. السَّماح للمُنتِج الأجنبي بتصدير بضاعته بسعر مخفَّض مما يؤدِّي إلى انخفاض الأسعار، ولكن هذا يتسبَّب في انهيار المنتج المحلِّي بمعنى عدم قدرته على البيع بسعر منافس، فيعجز عن البقاء في السوق وبالتالي قد تنهار الصناعة المحلية ويؤدِّي ذلك إلى المزيد من البطالة والفقر.

٢. منع المنتج الخارجي، أو فرض رسوم وضرائب عالية بغية دعم المنتج المحلِّي، وهذا يؤدِّي إلى إنعاش الصناعة الداخلية وقدرة المنتج المحلِّي على البقاء في الأسواق.. ولكن هذا يعني ارتفاع الأسعار ومعاناة المواطنين الفقراء وذوي الدخل المحدود..

وبسبب ذلك يستطيع العدوُّ الخارجي بمساعدة أدواته الداخلية أن يحرِّك الشارع ضدَّ الدَّولة في كلتا الحالتين، ففي الحالة الأولى يقوم بإقناع الأيدي العاملة المحلية بالثَّورة والخروج إلى الشارع دفاعاً عن حقوقها الاقتصادية ولقمة عيشها..! وفي الحالة الثانية يتم إقناع الطبقات الفقيرة من الشعب للخروج إلى الشوارع بسبب غلاء المعيشة وفشل الدولة في تخفيض الأسعار..!

وبالخروج إلى الشوارع، من الممكن أن تتردَّى الأوضاع إلى الأسوأ، خصوصاً حين لا تكون الثَّورة ذات قيادة يمكنها تقديم الحلول ومعالجة الأوضاع..

ولا حول ولا قوَّة إلَّا باللّٰه العليِّ العظيم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى