بدأوا يرشقونه بالسهام و النبال حتى صار درعه كالقنفذ، فوقف ليستريح ساعة و قد ضعف عن القتال فبينما هو واقف إذ أتاه حجرٌ فوقع على جبهته، فاخذ الثوب ليمسح الدم عن عينه فأتاه سهم محدّد مسموم له ثلاث شعب فوقع السهم في صدره على قلبه، فقال الحسين: بسم الله و بالله و في سبيل الله و على ملّة رسول الله، ثم رفع رأسه إلى السماء و قال: الهي إنك تعلم أنّهم يقتلون رجلاً ليس على وجه الأرض ابن نبيّ غيره.
ثم أخذ السهم و أخرجه من قفاه فانبعث الدم كالميزاب، فوضع يده على الجرح فلما امتلأت دماً رمى به إلى السماء، ثم وضع يده على الجرح ثانياً فلما امتلأت لطّخ به رأسه و لحيته و قال هكذا أكون حتى ألقى جدّي رسول الله و أنا مخضوب بدمي أقول: يا رسول الله قتلني فلان و فلان.
فعند ذلك طعنه صالح بن وهب على خاصرته طعنة، فسقط عن فرسه على خده الأيمن و هو يقول: بسم الله و بالله و في سبيل الله و على ملّة رسول الله، ثم جعل يجمع التراب تحت يده كالوسادة فيضع خدّه عليها ثم يناجي ربّه قائلاً:
صبراً على قضائك و بلائك، يا رب لا معبود سواك، ثم وثب ليقوم للقتال فلم يقدر، فنادى: وا جدّاه وا محمّداه، وا أبتاه وا عليّاه، وا غربتاه وا قلّة ناصراه، أ اُقتل مظلوماً و جدّي محمد المصطفى؟ ءأذبح عطشانا و أبي عليّ المرتضى؟ ءأترك مهتوكاً و أمي فاطمة الزهراء؟1
- 1. مقتل الإمام الحسين عليه السَّلام للخطيب العلامة السيد محمد كاظم القزويني (رحمه الله).