قال ابن ابي الحديد في شرحه لنهج البلاغة: ذكر جماعة من شيوخنا البغداديين أن عدة من الصحابة والتابعين والمحدثين كانوا منحرفين عن علي عليه السلام، قائلين فيه السوء، ومنهم من كتم مناقبه وأعان أعداءه ميلا مع الدنيا وإيثارا للعاجلة.
١ . أنس بن مالك
فمنهم: أنس بن مالك، ناشد علي (عليه السلام) الناس في رحبة القصر ــ أو قال: رحبة الجامع بالكوفة ــ: أيكم سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه؟
فقام اثنا عشر رجلا فشهدوا بها، وأنس بن مالك في القوم لم يقم، فقال له: يا أنس! ما يمنعك أن تقوم فتشهد ولقد حضرتها؟ فقال: يا أمير المؤمنين، كبرت ونسيت. فقال: اللهم إن كان كاذبا فارمه بها بيضاء لا تواريها العمامة.
قال طلحة بن عمير: فوالله لقد رأيت الوضح به بعد ذلك أبيض بين عينيه.
٢. الأشعث بن قيس وجرير بن عبد الله
قالوا: وكان الأشعث بن قيس الكندي وجرير بن عبد الله البجلي يبغضانه، وهدم علي (عليه السلام) دار جرير بن عبد الله. قال إسماعيل بن جرير: هدم علي دارنا مرتين.
وروى الحارث بن حصين: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) دفع إلى جرير بن عبد الله نعلين من نعاله، وقال: احتفظ بهما؛ فإن ذهابهما ذهاب دينك. فلما كان يوم الجمل ذهبت إحداهما، فلما أرسله علي (عليه السلام) إلى معاوية ذهبت الأخرى، ثم فارق عليا واعتزل الحرب….
٣. أبو مسعود الأنصاري
وكان أبو مسعود الأنصاري منحرفا عنه (عليه السلام). روى شريك عن عثمان بن أبي زرعة عن زيد بن وهب، قال: تذاكرنا القيام إذا مرت الجنازة عند علي (عليه السلام)، فقال أبو مسعود الأنصاري: قد كنا نقوم. فقال علي (عليه السلام): ذاك وأنتم يومئذ يهود….
٤. عمران بن الحصين
روي أن عمران بن الحصين كان من المنحرفين عنه (عليه السلام)، وأن عليا سيره إلى المدائن، وذلك أنه كان يقول: إن مات علي فلا أدري ما موته، وإن قتل فعسى أني إن قتل رجوت له. ومن الناس من يجعل عمران في الشيعة.
٥. سمرة بن جندب
وكان سمرة بن جندب من شرطة زياد. روى الأعمش عن أبي صالح قال: قيل لنا: قد قدم رجل من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأتيناه فإذا هو سمرة بن جندب، وإذا عند إحدى رجليه خمر وعند الأخرى ثلج! فقلنا: ما هذا؟! قالوا: به النقرس، وإذا قوم قد أتوه، فقالوا: يا سمرة! ما تقول لربك غدا؟ تؤتى بالرجل فيقال لك: هو من الخوارج، فتأمر بقتله، ثم تؤتى بآخر فيقال لك: ليس الذي قتلته بخارجي، ذاك فتى وجدناه ماضيا في حاجته، فشبه علينا، وإنما الخارجي هذا، فتأمر بقتل الثاني.
فقال سمرة: وأي بأس في ذلك؟ إن كان من أهل الجنة، مضى إلى الجنة وإن كان من أهل النار مضى إلى النار!!
وروى أحمد بن بشير عن مسعر بن كدام، قال: كان سمرة بن جندب أيام مسير الحسين (عليه السلام) إلى الكوفة على شرطة عبيد الله بن زياد، وكان يحرض الناس على الخروج إلى الحسين (عليه السلام) وقتاله.
٦. عبد الله بن الزبير
من المنحرفين عنه المبغضين له عبد الله بن الزبير، وعبد الله هو الذي حمل الزبير على الحرب، وهو الذي زين لعائشة مسيرها إلى البصرة، وكان سبابا فاحشا يبغض بني هاشم، ويلعن ويسب علي بن أبي طالب (عليه السلام).
٧. معاوية بن أبي سفيان
وكان علي (عليه السلام) يقنت في صلاة الفجر، وفي صلاة المغرب، ويلعن معاوية وعمرا والمغيرة والوليد ابن عقبة وأبا الأعور والضحاك بن قيس وبسر بن أرطاة وحبيب بن مسلمة وأبا موسى الأشعري ومروان بن الحكم، وكان هؤلاء يقنتون عليه ويلعنونه.
وروى شيخنا أبو عبد الله البصري المتكلم رحمه الله تعالى عن نصر بن عاصم الليثي عن أبيه قال: أتيت مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) والناس يقولون: نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله! فقلت: ما هذا؟ قالوا: معاوية قام الساعة فأخذ بيد أبي سفيان، فخرجا من المسجد، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ” لعن الله التابع والمتبوع! رب يوم لأمتي من معاوية ذي الأستاه ” ــ قالوا: يعني الكبير العجز ــ وقال: روى العلاء بن حريز القشيري أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لمعاوية: لتتخذن يا معاوية البدعة سنة، والقبح حسنا؛ أكلك كثير، وظلمك عظيم….
٨. المغيرة بن شعبة
روى صاحب الغارات عن أبي صادق عن جندب ابن عبد الله قال: ذكر المغيرة بن شعبة عند علي (عليه السلام) وجده مع معاوية، قال: وما المغيرة؟! إنما كان إسلامه لفجرة وغدرة غدرها بنفر من قومه فتك بهم، وركبها منهم، فهرب منهم، فأتى النبي (صلى الله عليه وآله) كالعائذ بالإسلام؛ والله ما رأى أحد عليه منذ ادعى الإسلام خضوعا ولا خشوعا.
٩. النجاشي الشاعر
ومنهم النجاشي الشاعر من بني الحارث بن كعب، كان شاعر أهل العراق بصفين، وكان علي (عليه السلام) يأمره بمحاربة شعراء أهل الشام، مثل كعب ابن جعيل وغيره، فشرب الخمر بالكوفة، فحده علي (عليه السلام)، فغضب ولحق بمعاوية، وهجا عليا (عليه السلام) .
١٠. اكثر اهل البصرة
وأكثر مبغضيه (عليه السلام) أهل البصرة كانوا عثمانية، وكانت في أنفسهم أحقاد يوم الجمل، وكان هو (عليه السلام) قليل التألف للناس، شديدا في دين الله، لا يبالي – مع علمه بالدين واتباعه الحق – من سخط ومن رضي….
١١. أبو بردة بن أبي موسى الاشعري
قال: وقد روى عبد الرحمن المسعودي عن ابن عياش المنتوف قال: رأيت أبا بردة قال لأبي العادية الجهني قاتل عمار بن ياسر: أأنت قتلت عمار ابن ياسر؟ قال: نعم. قال: ناولني يدك، فقبلها وقال: لا تمسك النار أبدا!
١٢. الزهري وعروة بن الزبير
وكان الزهري من المنحرفين عنه (عليه السلام). وروى جرير بن عبد الحميد عن محمد بن شيبة قال: شهدت مسجد المدينة؛ فإذا الزهري وعروة ابن الزبير جالسان يذكران عليا (عليه السلام)، فنالا منه، فبلغ ذلك علي ابن الحسين (عليه السلام)، فجاء حتى وقف عليهما، فقال: أما أنت يا عروة فإن أبي حاكم أباك إلى الله فحكم لأبي على أبيك.
وروى عاصم بن أبي عامر البجلي عن يحيى بن عروة، قال: كان أبي إذا ذكر عليا نال منه.
وقال شيخنا أبو جعفر الإسكافي: كان أهل البصرة كلهم يبغضونه، وكثير من أهل الكوفة، وكثير من أهل المدينة.
وأما أهل مكة فكلهم كانوا يبغضونه قاطبة، وكانت قريش كلها على خلافه، وكان جمهور الخلق مع بني أمية عليه.
راجع : (شرح نهج البلاغة: ج٤ : ص٧٤ ــ ١٠٣بتصرف بسيط وراجع الغارات: ٢: ٥٢١ – ٥٩٠) .
منقول من مجلة الوارث عدد ٢٦ السنة ٢٠١٥
المصدر: http://arabic.balaghah.net