نور العترة

فيمن ولدت لستّة أشهر

فيمن ولدت لستّة أشهر

۱۸ ـ قال المفيد (۱) : روي عن يونس ، عن الحسن ، أنّ عمر اُتي بامرأة قد ولدت لستّة أشهر ، فهمّ برجمها ، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : إنّ خاصمتك بكتاب الله خَصَمْتُك ، إن الله تعالى يقول : ( وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ) (۲) ويقول جلّ قائلاً : ( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ) (۳) فإذا كانت مدّة الرضاعة حولين كاملين ، وكان حمله وفصاله ثلاثين شهراً كان الحمل منها ستّة أشهر.

فخلّى عمر سبيل المرأة ، وثبت الحكم بذلك ، فعمل به الصحابة والتابعون ومن أخذ عنهم (٤) إلى يومنا هذا. انتهى.

وقد أشار إلى مسألة المجنونة التي زنت ـ المتقدّمة ـ وإلى مسألة من ولدتْ لستّة أشهر أبو عمرو يوسف بن عبدالله بن محمد بن عبدالبرّ بن عاصم النمريّ القرطبيّ المالكيّ في كتاب « الاستيعاب في أسماء الأصحاب » (٥) فقال في ترجمة عليّ عليه السلام من كتاب « الاستيعاب » ما لفظه : وقال في المجنونة الّتي أَمر برجمها عمر وفي الّتي وضعت لستّة أشهر فأراد عمر رجمها ، فقال له عليّ عليه السلام : إنّ الله تعالى يقول : ( وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ) الحديث ، وقال له : إنّ الله رفع القلم عن المجنون ، الحديث ، فكان عمر يقول : لولا عليّ لهلك عمر.

قال : وقد روي مثل هذه القصّة لعثمان مع ابن عبّاس ، وعن عليّ أخذها ابن عبّاس. انتهى.

وفي مناقب ابن شهراشوب (٦) : كان الهيثم في جيش ، فلما جاء جاءت امرأته بعد قدومه بستّة أشهر بولد ، فأنكر ذلك منها ، وجاء بها عمر ، وقصّ عليه ، فأمر برجمها ، فأدركها عليّ عليه السلام قبل أن ترجم ، ثمّ قال لعمر : أرْبَعْ على نفسك (۷) ، إنّها صدقتْ ، إنّ الله تعالى يقول : ( وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ) ، وقال : ( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ) فالحمل والرضاع ثلاثون شهراً.

فقال عمر : لولا عليّ لهلك عمر ، وخلّى سبيلها ، وألحق الولد بالرجل.

ثمّ قال ابن شهراشوب : شرح ذلك : انّ أقلّ الحمل أربعون يوماً وهو زمن انعقاد النطفة ، وأقلّه لخروج الولد حيّاً ستّة أشهر ، وذلك أنّ النطفة تبقى في الرحم أربعين يوماً ، ثمّ تصير علقة أربعين يوماً ، ثمّ تصير مضغة أربعين يوماً ، ثمّ تتصوّر في أربعين يوماً ، وتلجها الروح في عشرين يوماً ، فذلك ستّة أشهر ، فيكون الفصال في أربعة وعشرين شهراً ، فيكون الحمل في ستّة أشهر (۸).

الهوامش

۱. إرشاد المفيد ۱ / ۲۰٦.

۲. سورة الأحقاف : ۱٥.

۳. سورة البقرة : ۲۳۳.

٤. في المصدر : عنه.

٥. ۳ / ۳۹.

٦. ۲ / ۳٦٥.

۷. ْأي كُفّ وارفُق.

۸. سنن سعيد بن منصور : ۲ / ٦٦ ح ۲۰۷٤ ، السنن الكبرى للبيهقيّ : ۷ / ٤٤۲ ، المناقب للخوارزميّ : ۹٤ ح ۹٤ ، تذكرة الخواصّ : ۱٤۸ ، كشف الغمّة : ۱ / ۱۱۸ ، ذخائر العقبى: ۸۲ ،كشف المراد : ۳۸٤ ، نهج الحقّ وكشف الصدق : ۳٤۹ ، فرائد السمطين : ۱ / ۳٤٦ ح ۲٦۹ ، جواهر المطالب : ۱ / ۱۹٥ ، كنز العمّال : ٥ / ٤٥۷ ح ۱۳٥۹۸ ، تأويل الآيات : ۲ / ٥۸۱ ح ٦ ، إحقاق الحقّ : ۸ / ۲٦ ، تفسير البرهان : ٥ / ٤۲ ح ۹ ، بحار الأنوار : ٤۰ / ۱۸۰ وص ۲۳۲ ح ۱۲ وص ۲٥۲ ح ۲۷ وج ۱۰٤ / ٦٦ ح ۱ و ۲ ، تفسير نور الثقلين : ٥ / ۱٤ ح ۱۹ ، معادن الجواهر : ۲ / ۳۳ ح ۱۲ ، الغدير : ٦ / ۹۳ ۹٥ ، قضاء أمير المؤمنين عليه السلام : ٤٤ و ٤٥ ح ۳ ، دلائل الصدق : ۳ / ۷٥ ، غزوات أمير المؤمنين عليه السلام : ۳۹.

مقتبس من كتاب : [ عجائب أحكام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ] / الصفحة : ٥۹ ـ ٦۱

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى