نص الشبهة:
في إحدى الحوارات مع إخوة موالين تطرقنا إلى موضوع عالم الذر . وكان الإشكال : أن أحد الإخوة قال : «إن الإنسان هو من اختار حياته في عالم الذر ، مثلا التاجر هو من اختار أن يكون تاجراً والنبي هو من اختار ذلك ، وابن الزنى هو من اختار أن يكون كذلك» ، وإنما الحياة الدنيا هي دار تطبيق لما اخترناه هناك في عالم الذر . وقد استدل على قوله من أنه لا يمكننا أن ننسب كون ابن الزنى ابن زنى من الله تعالى ، لأن الله تعالى لا يأتي بالقبيح ، ثم لكي لا تكون لنا حجة على الله يوم القيامة . فبما أننا لا ننسب هذا الاختيار القبيح إلى الله تعالى لعلمنا بعدله ، نسبنا هذا الاختيار القبيح إلى أنفسنا . ـ هل هذا الكلام صحيح من أننا من اختار ماذا سيكون منذ عالم الذر ؟! وهل من روايات منصوصة بالموضوع ؟ أم أن المسألة عقلية ؟ . مع إعطائنا المصادر لو سمحتم .
الجواب:
رداً على ما جاء في سؤالكم نقول متوكلين على الله :
قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز : ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ ﴾ 1 .
وجاءت الروايات لتؤيد ذلك وتشرحه وتبين : أن الله سبحانه وتعالى قد أخذ من بني آدم في عالم الذر ذريتهم ، وأشهدهم على ألوهيته ، ونبوَّة نبينا محمد [صلى الله عليه وآله] ، وولاية مولانا علي أمير المؤمنين [عليه السلام] . وقد شهدوا بذلك . وأخذ الله عليهم الميثاق به . وأشهد الملائكة على قبولهم لهذا الميثاق .
وقد صرحت الآية الشريفة أيضاً بأنهم سيعتذرون يوم القيامة ، بأنهم قد نسوا في دار الدنيا ميثاقهم هذا ، وعملوا بخلافه .
أما ما ذكره السائل الكريم من أن الإنسان قد اختار حياته في عالم الذر ، وأن ما يعمله في الدنيا ما هو إلا تطبيق لما أخذ عليه في ذلك العالم ، فلا نرى الآية ولا الروايات قد دلت على شيء من ذلك .
فنحن نطالبه بالدليل الذي استند إليه 2 .
- 1. القران الكريم: سورة الأعراف (7)، الآية: 172، الصفحة: 173.
- 2. مختصر مفيد . . ( أسئلة و أجوبة في الدين والعقيدة ) ، للسيد جعفر مرتضى العاملي ، « المجموعة الأولى » المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الأولى ، 1423 ـ 2002 ، ص 33 ـ 34 .