القرب والبعد من الله (عز وجل) لا يكون إلا بالتقوى التي هي الحجاب الحائل بين الإنسان والذنب فالمؤمن الحقيقي هو الذي يلتزم بكل ما أمر به القرآن الكريم والنبي (صلى الله عليه واله وسلم ) وأهل البيت Dتلك الأوامر التي تهدف بمجملها إلى الحياة الكريمة السعيدة بعيداً عن المشاكل والهموم، ومما حث عليه القرآن والعترة الطاهرة هو ستر عيب المؤمن والنهي عن تتبع عثراته وإفشائها ومن مجمل تلك النصوص الناهية قوله تعالى (ولا تجسسوا) وهنا نهي تام عن التجسس والترصد لعيوب الناس بهدف إفشائها والنيل منهم، فمن يبحث في الآيات والأخبار يعلم علم اليقين أن من يتبع عيوب المسلمين ويظهرها بين الناس أسوأ الناس وأخبثهم وأن الله تعالى قد توعده بأليم العذاب، قال تعالى:(إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (سورة النور19) .
فهنالك جملة من الروايات الشريفة نهت نهياً قاطعاً ودعت إلى الستر على المؤمنين وحذرت أيما تحذير من التعرض للمسلمين وهتك حرمهم بإفشاء معايبهم مبينة العذاب الأليم في الدنيا والأخرة لهذا الفعل المشين، منها قوله (صلى الله عليه واله وسلم ): (من أذاع فاحشة كان كمبتدئها، ومن عير مؤمناً بشيء، لم يمت حتى يرتكبه) .
وقال(صلى الله عليه واله وسلم ): (من استمع خبر قوم وهم له كارهون، صبت في أذنيه الآنك يوم القيامة).
ومنها ما رواه أبي جعفر (عليه السلام) قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) يا معشر من أسلم بلسانه ولم يسلم بقلبه! لا تتبعوا عثرات المسلمين، فأنه من يتبع عثرات المسلمين يتتبع الله عثراته، ومن تتبع الله عثراته يفضحه).
وقال الباقر (عليه السلام): (من أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يؤاخي الرجل الرجل على الدين، فيحصى عليه زلاته ليعيره بها يوماً ما).
بل من الروايات ما بينت أن جميع عيوب الإنسان عورة ينبغي سترها والتغاضي عنها فقد سئل إمامنا الصادق (عليه السلام): عن شيء يقوله الناس، عورة المؤمن على المؤمن حرام؟ فقال: (ليس حيث تذهب، إنما عورة المؤمن أن يراه يتكلم بكلام يعاب عليه فيحفظه عليه ليعيره به يوماً إذا غضب).
بل إن تتبع العيوب من أقبح العيب كما يبين ذلك ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال : (تتبع العيوب من أقبح العيوب، وشر السيئات).
ولا بأس أن نشير ها هنا إلى أمر مهم وهو أن من ألوان الستر هو الستر على النفس وعدم التبجح والتباهي بالذنب والمعصية لأن في ذلك حرباً وتحدياً لله (عزوجل) بل الواجب شكر الله على ستره رغم مخالفة أمره والمبادرة إلى التوبة والإنابة السريعة عسى الله أن يُديم ستره.