أسئلة وأجوبة

دعاء العمري …

دعاء العمري 1 هو دعاء الذي يستحب قراءته في غيبة الإمام القائم (عج). و قد سمي بهذا الاسم نسبة إلى الشيخ أبو عمرو سعيد العمري، السفير الأول للإمام المهدي (عج) خلال غيبته الصغرى، و قد رواه الشيخ الصدوق في كتابه “كمال الدين و تمام النعمة”، عن أبي علي بن همام، أنَّ الشيخ العمري (قده) أملاه عليه، و أمره أن يدعو به في غيبة القائم (عج).

و في أحد الكتب الأربعة المعتبرة عند الشيعة و هو كتاب ” الكافي ” للشيخ الكليني، روى حواراً بين الإمام الصادق (ع) و أحد أصحابه المعروفين زرارة، جاء فيه سؤال زرارة للإمام الصادق (ع) عمَّا يفعل لو أدرك زمان إمامة المهدي (عج) قائلاً له: ما تأمرني لو أدركتُ ذلك الزمان؟

قال: ادع بهذا الدعاء: ” اللهم عرِّفني نفسك، فإنَّك إن لم تعرِّفني نفسك لم أعرفك…الخ” 2، و هذا من الإخبار بالغيب، لأنَّ الدعاء بكامله مروي عن الشيخ العمري، في زمن إمامة المهدي(عج).

إنَّ أدعية تعجيل الفرج بابٌ للفرج، فقد ورد عن الإمام المهدي (عج) فيما وقَّعه بخطه: “وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج، فإنَّ في ذلك فرجكم” 3. و من هذه الأدعية دعاء العمري، نذكر مطلعه والقسم الأول منه، ثم نوضح أبرز معانيه:

اللهم عرفني نفسك، فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك.

اللهم عرفني نبيك فإنك إن لم تعرفني نبيك لم أعرف حجتك.

اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني.

اللهم لا تمتني ميتة جاهلية، و لا تزغ قلبي بعد إذ هديتني.

اللهم فكما هديتني بولاية من فرضت طاعته عليَّ من ولاة أمرك بعد رسولك صلوات الله عليه و آله، حتى واليت ولاة أمرك: أمير المؤمنين و الحسن و الحسين و علياً و محمداً و جعفراً و موسى و علياً و محمداً و علياً و الحسن و الحجة القائم المهدي صلوات الله عليهم أجمعين.

اللهم فثبتني على دينك و استعملني بطاعتك، و لين قلبي لولي أمرك، و عافني مما امتحنت به خلقك، و ثبتني على طاعة ولي أمرك الذي سترته عن خلقك، فبإذنك غاب عن بريتك، و أمرَك ينتظر، و أنت العالم غير معلم بالوقت الذي فيه صلاح أمر وليك في الإذن له، بإظهار أمره و كشف ستره، فصبِّرني على ذلك حتى لا أحب تعجيل ما أخرت و لا تأخير ما عجلت، و لا أكشف عما سترته، و لا أبحث عما كتمته، و لا أنازعك في تدبيرك، و لا أقول: لم و كيف؟ و ما بال ولي الأمر لا يظهر؟ و قد امتلأت الأرض من الجور؟ و أفوض أموري كلها إليك.

اللهم إني أسألك أن تريني ولي أمرك ظاهراً نافذاً لأمرك، مع علمي بأن لك السلطان و القدرة و البرهان و الحجة و المشيئة و الإرادة و الحول و القوة، فافعل ذلك بي و بجميع المؤمنين حتى ننظر إلى وليك صلواتك عليه وآله ظاهر المقالة، و اضح الدلالة، هادياً من الضلالة، شافياً من الجهالة، أبرز يا رب مشاهده، و ثبِّت قواعده، و اجعلنا ممن تقر عينه برؤيته، و أقمنا بخدمته، و توفنا على ملته، و احشرنا في زمرته.

اللهم أعذه من شر جميع ما خلقت و برأت و ذرأت و أنشأت و صورت، و احفظه من بين يديه و من خلفه و عن يمينه و عن شماله و من فوقه و من تحته بحفظك الذي لا يضيع من حفظته به، و احفظ فيه رسولك و وصي رسولك.

اللهم و مدَّ في عمره، و زد في أجله، و أعنه على ما أوليته و استرعيته، و زد في كرامتك له فإنَّه الهادي و المهتدي و القائم المهدي، الطاهر التقي النقي الزكي و الرضي المرضي، الصابر المجتهد الشكور.

اللهم و لا تسلبنا اليقين لطول الأمد في غيبته و انقطاع خبره عنا، و لا تنسنا ذكره و انتظاره، و الإيمان و قوة اليقين في ظهوره، و الدعاء له، و الصلاة عليه حتى لا يقنطنا طول غيبته من ظهوره و قيامه، و يكون يقيننا في ذلك كيقيننا في قيام رسولك صلواتك عليه و آله، و ما جاء به من وحيك و تنزيلك، و قو قلوبنا على الإيمان به، حتى تسلك بنا على يده منهاج الهدى و الحجة العظمى، و الطريقة الوسطى، و قونا على طاعته، و ثبتنا على متابعته، و اجعلنا في حزبه و أعوانه و أنصاره، و الراضين بفعله، و لا تسلبنا ذلك في حياتنا، و لا عند و فاتنا، حتى تتوفانا و نحن على ذلك، غير شاكين و لا ناكثين و لا مرتابين و لا مكذبين.

1- يبدأ الدعاء: “اللهم عرفني نفسك”، لأنَّ المعرفة الصحيحة لا تكون إلاَّ من عند الله تعالى، فهو الذي” ﴿ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ 4، و هو الذي يهدي إلى الصراط المستقيم، ﴿ … قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ … ﴾ 5، و هو الذي أرسل الأنبياء هداة للبشرية، و عرَّفنا عليهم، و تعرفنا من خلال هذا الطريق على حججه و أوليائه، فلا طريق للمعرفة الحقَّة إلاَّ الله جلَّ وعلا، و هي التي تُنقذ من الجاهلية، و المؤمن بحاجة دائمة للتواصل مع ربه ليعينه على الاستمرار في طريق الهدى، و عدم الوقوع في الزيغ. و عليه أن يدعو ربَّه لذلك، ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ 6.

2- و في الدعاء تربية النفس كي لا تتعجل ما أخَّره الله تعالى لحكمة يعلمها و مصلحة يريدها، ” فصبِّرني على ذلك حتى لا أحب تعجيل ما أخرت و لا تأخير ما عجلت”، و في حديث للإمام الصادق(ع) مع أحد أصحابه و اسمه “مهزم” : “يا مهزم، كذب الوقَّاتون، و هلك المستعجلون، و نجا المسلمون” 7، و في رواية أخرى عن الإمام الصادق(ع):” إنما هلك الناس من استعجالهم لهذا الأمر، إن الله لا يعجل لعجلة العباد، إن لهذا الأمر غاية ينتهي إليها، فلو قد بلغوها لم يستقدموا ساعة و لم يستأخروا” 8.

3- يتشوق المؤمن لرؤية صاحب الزمان(عج) و قد ظهر وبسط دولته، ففي هذا الفرج منتهى السعادة، حيث يكون المرء بخدمة وليه، و تحت إمرته، و مستعداً للشهادة بين يديه. يدعو المؤمن ربَّه أن يحفظ الإمام (عج) و يطيل عمره، و يهلك أعداءه، ليسود المنهج الحق، و لتعم العدالة على الأرض.

يعيش المؤمن حالة اليقين بعظمة خالقه، يعبده كأنَّه يراه، ففي تفسير اليقين عن رسول الله(ص) في جواب جبرائيل له: “المؤمن يعمل لله كأنَّه يراه، و إن لم يكن يرى الله فالله يراه” 9. و كذلك يعيش اليقين بظهور الحجة مهما طال الغياب، فدربُ المؤمن واضحة، لا شك فيها و لا ريب، وم ن عاش هذا اليقين بالله و رسوله وحججه بَلَغَ المرتبة العليا التي يذوق معها حلاوة الإيمان. جعلنا الله جلَّ و علا ممن يعيشون هذا اليقين، فلا يرهقهم الاستعجال، و لا يغير من حالهم تأجيل الفرج 10.

  • 1. الشيخ الصدوق، كمال الدين و تمام النعمة، ص: 512.
  • 2. الشيخ الكليني، الكافي، ج1، ص: 342.
  • 3. الشيخ الطوسي، الغيبة، ص: 293.
  • 4. القران الكريم: سورة العلق (96)، الآية: 5، الصفحة: 597.
  • 5. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 120، الصفحة: 19.
  • 6. القران الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 8، الصفحة: 50.
  • 7. الشيخ الكليني، الكافي، ج1، ص: 368.
  • 8. المصدر نفسه، ج1، ص: 369.
  • 9. الشيخ الصدوق، معاني الأخبار، ص: 260.
  • 10. المصدر : موقع سماحة الشيخ نعيم قاسم حفظه الله.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى