بيان لسماحة الشيخ صالح الكرباسي يتناول فيه المخطط الشيطاني الذي يتبناه الإعلام الغربي تجاه رسول الاسلام و نبي الرحمة النبي المصطفى محمد ( صلى الله عليه و آله ) .
المصطفى نبي الرحمة
ليعرف العالم أن نبي الإسلام محمد المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) هو نبي الرحمة و الرأفة و الخُلق الرفيع و السجايا الحميدة ، و قد أرسله الله تعالى رحمة للعالمين ، حيث قال الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴾ 1 ، كما و أرسله ليُعَلِّم البشرية الأخلاق الحميدة و يُتمَّ مكارم الأخلاق كما قال ( صلى الله عليه و آله ) : ” إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ ” 2 .
و قد قال الله سبحانه و تعالى عن هذا النبي العظيم و عن كرم أخلاقه : ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ 3 ، الأمر الذي يؤمن به المسلم و يعترف به غير المسلمين ، و لا ينكره سوى الحاقدين على الإسلام و المسلمين من أصحاب المصالح و المطامع الرخيصة ، الذين يتجاهلون ماضيهم المظلم و يتنكرون للحقائق الواضحة الوضاءة و يثيرون الفتن في العالم .
الاسلام دين العقل و المنطق و الحوار
ثم إن سماحة الاسلام و عقلانية تعاليمه و سننه ، و فطرية مبادئه الاعتقادية ، الى جانب تبنيه للعلم و المعرفة ، و تحدثه بلسان المنطق و البرهان ، و اختياره لأسلوب الحوار و البحث بعيداً عن التعصبات ، هو الذي جعل من الاسلام ديناً عصرياً حضارياً متماشياً مع متطلبات العصر الحاضر ، حيث أنه يلبي كل متطلبات الانسان المثقف الواعي في عصر التكنلوجيا و المعلومات ، الأمر الذي جعله ينتشر في بلاد الغرب بسرعة فائقة و على نطاق واسع ، مما جعل الساسة الغربيون يشعون بالخوف و القلق من أن يغزوهم الاسلام من جديد بفكره القوي ، و بحلوله الناجعة لمشاكل البشرية و آلامها المتزايدة ، فحفاظاً على عروشهم المهزوزة بدأوا بحملتهم المسعورة تجاه نبي الرحمة ( صلى الله عليه و آله ) .
البابا بنديكتوس تصريحاته الحاقدة
نعم إن ما تفوَّه به البابا بنديكتوس إنما ينُمّ عن جهله أو تجاهله للحقائق الواضحة الجلية ، أو ينم عن حقد دفين تجاه الإسلام و الرسول المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) ، و نحن نقول له : إن كنت تدري و تعي ما تقول فتلك مصيبة ، و إن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم إذ إبتلي العالم بأمثالك ، و لو أنك كنت راجعت ما قاله علماء الغرب و فلاسفته في النبي محمد ( صلى الله عليه و آله ) لما بدرت منك هذه الخطيئة الكبرى التي لا تغُفر لأمثالك ، و إليك نموذجاً واحداً من تلك الأقوال : قال الفيلسوف ” برنادشو ” : إن رجال الدين في القرون الوسطى ـ نتيجة للجهل أو التعصب ـ قد رسموا لدين محمد صورة قاتمة , لقد كانوا يعتبرونه عدواَ للمسيحية , لكنني أطلعت على أمر هذا الرجل فوجدته أعجوبة خارقة , و توصلت إلى أنه لم يكن عدواً للمسيحية . بل يجب أن يسمى منقذ البشرية , و في رأيي إنه لو تولى أمر العالم اليوم لوفِّق في حل مشكلاتنا بما يؤمن السلام و السعادة التي يرنو البشر إلى قمته ، ( لمزيد من الأقوال راجع : كتاب محمد ( صلى الله عليه و آله ) عند علماء الغرب ، للعلامة الفقيد الشيخ خليل ياسين ) .
الاساءات المتكررة في الاعلام الدنماركي
من الواضح أن ما قامت به بعض الصحف الدنماركية و النروجية و الالمانية و الفرنسية و غيرها من وسائل الاعلام الغربية من نشر الرسوم الساخرة و الإساءة إلى أشرف الخلائق و المرسلين و حبيب إله العالمين و الصادق الأمين رسول الاسلام محمد المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) هي حلقة تأتي ضمن سلسلة الحلقات السابقة و اللاحقة من الإساءات المدروسة و المخطط لها من قبل .
و هذه الاساءة الجديدة هي كسابقاتها أمثال الآيات الشيطانية لسلمان رشدي ، و تدنيس المصحف الشريف بصورة متكررة ، و كذلك الاساءات المتكررة للرسول العظيم ( صلى الله عليه و آله ) ، و التلويح بمهاجمة الحرمين الشريفين و هدم الكعبة المشرفة ، و منع المرأة المسلمة من إرتداء الحجاب ، و غيرها من الأمور الكثيرة ، تصبُّ كلها في وادٍ واحدٍ ، و إنها نابعة من سياسة عدائية واحدة و إنْ مُورست تحت عناوين مختلفة كحقوق الانسان و الحرية و العولمة و الديمقراطية و العدالة .
إن ما نشرته هذه الصحف المأجورة سوف لن تكون الأخيرة إذا لم يتخذ المسلمون موقفاً قوياً و موَحداً في الدفاع عن الرسول الكريم ( صلى الله عليه و آله ) و عن الكيان الإسلامي و قيمه و مبادئه .
و لا شك أن هذه المؤسسات الصهيونية الحاقدة إنما تتعمد مثل هذه الاساءات بين الفَيْنَة و الأُخرى للحَطِّ من قدسية الدين الاسلامي و الاساءة الى أهم رموزه الدينية للنيل من كرامة الانسان المسلم و تضعيف إيمانه و قتل روح الشجاعة فيه ، و هي إنما تقوم بمثل هذه الأعمال لجَسِّ نبض المسلمين و قياس درجة حساسيتهم تجاه قادتهم و قيمهم و مبادئهم و عقيدتهم الاسلامية .
و لا شك أن هذه المؤسسات القذرة سوف لا و لن تتوقف عن مثل هذه الأعمال إلا إذا تلقَّت من المسلمين الغيارى صفعة قوية تُعيد إليها صوابها ، و واجهت موقفاً اسلامياً موحداً ، و سوف لا تتراجع إلا إذا أُرجعت ، و لا شك إنها إذا لمست فتوراً أو جبناً أو خذلانا ـ و العياذ بالله ـ من قِبَل المسلمين ضاعفت هجومها على الاسلام و المسلمين للقضاء على كل ما بوسعها و بكل ما أوتيت من وحشية و همجية .
غير أن هذه المؤسسات و أصحابها الأغبياء خفي عليهم أن زمن مثل هذه الأعمال الرخيصة قد ولَّى و أن الصحوة الاسلامية إتسعت دائرتها و سوف تزداد إتساعاً بإذن الله كلما كشرَّ أعداء الاسلام الحاقدين عن أنيابهم ، و أن الأمة الاسلامية سوف تكون قوة حقيقية واحدة متماسكة و ستنهض نهضة واحدة للدفاع عن الدين الاسلامي و الرسول المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) و القيم الاسلامية بعون الله العزيز الجبار .
واجب المسلمين تجاه الاساءات المتكررة
إن أقل ما يمكن أن يقوم به المسلمون هو :
1 – مقاطعة الدول التي تتبنى مثل هذه الإساءات أو تقوم بحماية من يقوم بها مقاطعة شاملة و في شتى المجالات على الصعيدين الدولي و الفردي ، من مقاطعتها سياسياً و إقتصادياً ، و من عدم السفر إليها ، و عدم شراء سلعها ، و ما إليها من أمور .
2 – تعميم ثقافة الاستنكار الفردي و الجَماعي على شتى المستويات و في جميع وسائل الاعلام .
3 – مطالبة المؤتمر الاسلامي بإصدار قانون يلزم الدول الاسلامية بإتخاذ المواقف الصارمة التي تمنع تكرر مثل هذه الاساءات .
4 – فضح المخططات المستقبلية لهذه المؤسسات ، و إتخاذ الإجراءات الوقائية الكفيلة بعدم تكرار أمثال هذه الاساءات .
5 – و الأهم من كل ذلك هو قيام كل مسلم بواجبه في تبيين الحقائق الناصعة ، و إعلام العالم بالخدمات العظمى التي قدمها الاسلام و المسلمون للبشرية ، و إظهار الوجه اللامع للدين الاسلامي و لرسوله الحبيب محمد المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) بالسبل الايجابية و الاساليب المؤثرة ، فعلى كل مسلم أن يبذل ما بوسعه للدفاع عن الاسلام و قيمه و مبادئه ، و أن ينصر نبيه العظيم بقامه و لسانه شعراً و نثراً و خطابة و كتابة ، و بالوسائل الأخرى أيضاً كالأفلام و المسلسلات التاريخية و الوثائقية ، الى غير ذلك من اساليب التوعية و التثقيف .
- 1. القران الكريم : سورة الأنبياء ( 21 ) ، الآية : 107 ، الصفحة : 331 .
- 2. مستدرك وسائل الشيعة : 11 / 187 ، للشيخ المحدث النوري ، المولود سنة : 1254 هجرية ، و المتوفى سنة : 1320 هجرية ، طبعة : مؤسسة آل البيت ، سنة : 1408 هجرية ، قم / إيران .
- 3. القران الكريم : سورة القلم ( 68 ) ، الآية : 4 ، الصفحة : 564 .