مقالات

حديثٌ عن العقل وعن معرفة اللّٰه تبارك وتعالى

بسم اللّٰه الرَّحمٰن الرَّحيم

العقل يقوم بالإثبات والنفي.. وأما تصوُّر الكيفيَّة فهو تدخُّل من قوة الخيال.. وقوة الخيال تستمد مادَّتها من الصور التي تستقيها من قوة الحس التي تستمد موادَّها من الحواس التي تتعامل مع العالم المادِّي.. والعالم المادي مخلوق..
راجعوا درس (العلم) في أوائل كتاب “المنطق” للشيخ المظفر لمزيد من التدبر في دور القوى الأربع (الحس، والخيال، والوهم، والعقل) .
فمشكلة الإنسان الذي لا يتدبر نفسه، فلا يعرف نفسه وقواها، تكمن في أنه لا يميِّز بين القوى التي تتدخل في تكوين معرفته وتصوراته، فيسمِّي قوة الخيال عقلاً؛ لأنه لا يفهم ما هو دور العقل وما هو دور الخيال..
ومن هنا تأتي أهمية طلب العلم لجميع الناس؛ حتى يعرفوا معاني هذه الكلمات، فيتجنبوا استعمالها بغير حق.. فكثير من الذين لم يطلبوا العلم يستعملون كلمة العقل وهم يتحدثون عن الخيال أو الوهم.. وهذا من مصاديق (كلمة حق أريد بها باطل) ..!
ومن المحتمل أن يكون هذا المعنى من أعمق ما قُصد في حديث (من عرف نفسه فقد عرف ربه) ؛ فإن التمييز بين المُدركات وقوى الإدراك في الإنسان، هي من معرفة النفس الإنسانية، وحين يُحسن الإنسان هذه المعرفة فإنه يفهم أن الله يعرف بالعقل، ولا يعرف بالخيال.. وما دامت (كيف) مما ينتمي إلى (الخيال) ؛ فإنها لا تصلح أن تدخل في نطاق معرفة الله؛ لأن الخيال لا طريق له إلى معرفة الله؛ والسبب هو أن المعطيات التي يمتلكها الخيال كلها مأخوذة من قوة الحس، وقوة الحس تستمد موادَّها من عالم المادَّة، وعالم المادة مخلوق..
فالذي يريد أن يتصوَّر كيفيَّةً لِلّٰه تعالى، فهو في الحقيقة يرسم صورة بـ (قوَّة الخيال) مركبة من صور المخلوقات التي أدركها عبر قوة الحس..
سبحانَ ربِّك ربِّ العزَّة عمَّا يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمدُ للّٰه ربِّ العالمين.

✍🏻 زكريَّا بركات
٦ مارس ٢٠١٦

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى