مقالات

امكان الانشقاق والالتئام علميا …

نص الشبهة: 

هل يمكن علمياً الانشقاق في الأجرام السماوية؟ وإذا أمكن الانشقاق، فإنما يمكن ببطلان التجاذب بين الشقتين حينئذٍ؛ فيستحيل الالتئام بعد الانشقاق.

الجواب: 

وأجيب عنه: بأن خرق العادة بقدرة الله سبحانه ليس محالاً.
كما أن العلماء يقولون: إنه قد حدثت انشقاقات كثيرة في الأجرام السماوية؛ بسبب عوامل خاصة، ومن الأمثلة على ذلك:
1 ـ إن ثمة حوالي خمسة آلاف من القطع الكبيرة والصغيرة التي تدور حول الشمس ويعتقد العلماء أنها بقايا إحدى السيارات التي كانت بين مداري المريخ والمشتري، ثم انفجرت لأسباب مجهولة وتحولت إلى قطع متفاوتة الأحجام في مدارات حول الشمس.<img alt="” src=”http://islam4u.com/sites/all/modules/wysiwyg/plugins/break/images/spacer.gif”>
2 ـ ويقولون: إن الشهب هي أحجار صغيرة تسير بسرعة مذهلة في مدار حول الشمس، وربما تتقاطع مع الأرض أحياناً، فتجذبها الأرض، فتصطدم بالجو الأرضي فتشتعل ثم تتلاشى.
ويقول العلماء: إنها بقايا نجوم انفجرت وتشققت بهذا النحو.
3 ـ والمنظومة الشمسية أيضاً يقال ـ حسب نظرية لابلاس ـ إنها كانت في الأصل قطعة واحدة، ثم انفجرت، لسبب غير معلوم فصارت على هذا النحو، فلماذا لا ينشق القمر بسبب قاهر وهو القدرة الإلهية، حيث إن النبي (صلى الله عليه وآله) قد دعا الله فاستجاب له ؟ ولم يدّع أحد أنه ينشق بلا سبب أصلاً.
وأما عودته إلى الالتئام بعد ذلك، فقد قال العلماء: إن كل جرم كبير له جاذبية.
ولذلك نجد أن الشمس كثيراً ما تجذب بعض القطعات التي تدور حولها، فتتحول تلك القطع بفعل الصدمة والاحتكاك إلى لهب متلاشٍ.
إذاً، فما دام كل من شقي القمر قريباً إلى الآخر، وبعد رفع تأثير القوة المانعة من تأثير الجاذبية، فلماذا لا يشد كل من النصفين النصف الآخر إلى نفسه، ليعودا كما كانا، وأي محذور عقلي في ذلك ؟! 1.
وقد أوجز العلامة الطباطبائي الإجابة عن سؤال امتناع الالتئام لعدم الجاذبية، فقال: إن الاستحالة العقلية ممنوعة، والاستحالة العادية، بمعنى اختراق العادة، لو منعت عن الالتئام بعد الانشقاق، لمنعت أولاً عن الانشقاق بعد الالتئام ولم تمنع. وأصل الكلام مبني على خرق العادة 2.
ومما تجدر الإشارة إليه هنا: أن جريدة كيهان الإيراينة قد نشرت بتاريخ: الثلاثاء 3 شباط 2004 (14 / 11 / 1382 هـ. ش) العدد 62/17876 خبراً مفاده أن رواد الفضاء الأمريكي قد توصلوا في تحقيقاتهم الأخيرة إلى أن القمر قد انشق إلى نصفين، ومن ثم ـ بواسطة قوة فاعلة ـ التأم من جديد.
وفي مقابلة تلفزيونية مع عالم الجيولوجيا الدكتور زغلول النجار أعلن أنه وخلال محاضرة له في جامعة (كارديف) في غرب بريطانيا، أكد داود موسى بيتكوك (رئيس الحزب الإسلامي البريطاني): أنه سمع ذلك من التلفزيزن البريطاني، وأن هذا كان سبب إسلامه.

دلالة الآية القرانية على ذلك

ويحتمل البعض: أن يكون قوله تعالى: ﴿ … اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ﴾ 3 ناظراً إلى المستقبل، وأنه من أشراط الساعة، كتكوير الشمس، وانكدار النجوم.
وأجيب عنه بما حاصله:
أولاً: إن ظاهر قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ﴾ 4 هو أن جماعة من مخالفي النبي لا يؤمنون بالآيات وكلما جاءتهم آية يزيد عنادهم واستكبارهم، ويعتبرونها من السحر.
مما يدل على أنه قد جرى له (صلى الله عليه وآله) معهم في قصة انشقاق القمر مثل ذلك.
ثانياً: إن جملة (انشق) فعل ماض، ولا يراد الاستقبال من الفعل الماضي إلا بقرينة، وهي غير موجودة، بل الموجود خلافه ؛ فقد قال الرازي:
(المفسرون بأسرهم على أن المراد أن القمر انشق، ودلت الأخبار الصحاح عليه) 5 وإن كان الطبرسي وابن شهرآشوب يستثنيان: عطاء، والحسن والبلخي 6.
ثم قال الطبرسي: وهذا لا يصح، لأن المسلمين أجمعوا على ذلك، فلا يعتد بخلاف من خالف فيه 7.
وإن قيل: إن اقتران جملة: اقتربت الساعة: بجملة: وانشق القمر، يوحي بأن زمانهما واحد.
فالجواب هو: أن كثيراً من الآيات تؤكد على أن الساعة قد قرب وقتها، فلم الغفلة ؟ قال تعالى: ﴿ … اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ﴾ 8.
وينقل عنه (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (بعثت أنا والساعة كهاتين) 9 وأشار إلى إصبعيه.
(والظاهر: أن ذلك بملاحظة مجموع عمر الدنيا الطويل جداً، حتى ليصح أن يقال:
إن هذا الفاصل الزماني بين بعثته (صلى الله عليه وآله) وقيام الساعة ليس بشيء).
وبعد هذا.. فإن مفاد الآية يكون: أن الساعة قد اقتربت، وهذه الآية المعجزة قد ظهرت للنبي (صلى الله عليه وآله).
ولكن هؤلاء المشركين المستكبرين لا يؤمنون، ولا يصدقون، بل يقولون: سحر مستمر 10.
ولكن بعض المحققين يقول: إن قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً … ﴾ 4 جملة شرطية، لا دلالة فيها على وقوع ذلك.
وجملة ﴿ … وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ﴾ 3مساقها مساق قوله تعالى: ﴿ … أَتَىٰ أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ … ﴾ 11 فإنها جملة فعلية ماضوية، ولكن الأمر لم يأت بعد بقرينة قوله: ﴿… فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ … ﴾ 11.
وكذا الحال في قوله تعالى: ﴿ … وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ﴾ 3 بملاحظة قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً … ﴾ 4والمراد بيان حالهم لو وقع لهم أمر كهذا.
وأما الإجماع الذي ادعاه الطبرسي ؛ فلا حجية فيه، إذ من المحتمل أن يكون منشؤه الفهم الخاطئ للآية، انتهى كلامه.
ونقول نحن: إن هذا الكلام له وجه، لو لم يكن لدينا أخبار صحيحة تدل على وقوع انشقاق القمر.

الأساطير

هذا، وقد لعبت الأهواء والأساطير في قضية شق القمر، حتى لقد شاع على ألسنة الناس: أن أحد شقي القمر قد مر من كُمّ النبي (صلى الله عليه وآله).
فيقول العلامة الشيخ ناصر مكارم: إن هذا الكلام ليس له في كتب الحديث والتفسير عين ولا أثر، سواء عند السنة، أو عند الشيعة.
وثمة تفاصيل وخصوصيات تذكر في بعض الروايات لا نرى في تحقيق الحق فيها كبير نفع، ولا جليل أثر ؛ ولذا فنحن نعرض عنها إلى ما هو أهم، ونفعه أعم 12.

  • 1. كتاب: همه بايد بدانند ص84 ـ 90.
  • 2. تفسير الميزان ص19 ـ 65.
  • 3. a. b. c. القران الكريم: سورة القمر (54)، من بداية السورة إلى الآية 1، الصفحة: 528.
  • 4. a. b. c. القران الكريم: سورة القمر (54)، الآية: 2، الصفحة: 528.
  • 5. التفسير الكبير للرازي ج29 ص28.
  • 6. مجمع البيان ج9 ص186 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص122.
  • 7. مجمع البيان ج9 ص186.
  • 8. القران الكريم: سورة الأنبياء (21)، من بداية السورة إلى الآية 1، الصفحة: 322.
  • 9. نقله في مفتاح كنوز السنة ص227 عن البخاري، ومسلم، وابن ماجة والطيالسي، وأحمد، والترمذي والدارمي، فراجع.
  • 10. راجع في كل ما ذكرناه في دلالة الآية كتاب: همه بايد بدانند (فارسي) ص76 ـ 80.
  • 11. a. b. القران الكريم: سورة النحل (16)، من بداية السورة إلى الآية 1، الصفحة: 267.
  • 12. الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله)، سماحة العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الخامسة، 2005 م. ـ 1425 هـ. ق، الجزء الثالث.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى