النَمِيْمَة : مِن نَمّ نَمَّا ، هي نقل الحديث على وجه السعاية و الإفساد لإيقاع الفتنة بين شخصين أو أكثر ، و هي من الآثام الكبيرة و المعاصي العظيمة ، وَ ضِدُّها صَوْنُ الْحَدِيثِ .
و يُسمَّى فاعل النميمة و مُحترفها نَمَّاماً ، و قَتَّاتاً .
و قيل النَّمامُ هو الذي يكون مع القوم يتحدثون فَيَنُمُّ عليهم ، و القَتَّاتُ هو الذي يتَسمَّعُ على القوم و هم لا يعلمون فَيَنُمّ حديثهم 1 .
النميمة في القرآن الكريم :
لقد ذَمَّ الله عَزَّ و جَلَّ النميمة و فاعلها حيث قال : ﴿ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ * هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ * مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ ﴾ 2 .
و المقصود بـ ” مَّشَّاء بِنَمِيمٍ ” كما عن إبن عباس : أي القتات ، يسعى بالنميمة و يفسد بين الناس و يضرب بعضهم على بعض 3 .
و قيل أن أم جميل بنت حرب أخت أبي سفيان كانت تمشي بالنميمة بين الناس فتُلقي بينهم العداوة و تُوقد نارها بالتهييج كما توقد النار الحطب فسمى الله عَزَّ و جَلَّ النميمة حطباً حيث قال : ﴿ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ﴾ 4 ، 5 .
النميمة في الأحاديث الشريفة :
رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق أنهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) : ” أَ لَا أُنَبِّئُكُمْ بِشِرَارِكُمْ ” ؟
قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ .
قَالَ : ” الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ ، الْمُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْأَحِبَّةِ ، الْبَاغُونَ لِلْبُرَآءِ الْمَعَايِبَ ” 6 .
وَ رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام ) أنهُ قَالَ : قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السلام ) : ” طُوبَى لِكُلِّ عَبْدٍ نُوَمَةٍ لَا يُؤْبَهُ لَهُ ، يَعْرِفُ النَّاسَ وَ لَا يَعْرِفُهُ النَّاسُ ، يَعْرِفُهُ اللَّهُ مِنْهُ بِرِضْوَانٍ ، أُولَئِكَ مَصَابِيحُ الْهُدَى ، يَنْجَلِي عَنْهُمْ كُلُّ فِتْنَةٍ مُظْلِمَةٍ ، وَ يُفْتَحُ لَهُمْ بَابُ كُلِّ رَحْمَةٍ ، لَيْسُوا بِالْبُذُرِ الْمَذَايِيعِ ، وَ لَا الْجُفَاةِ الْمُرَاءِينَ ” .
وَ قَالَ : ” قُولُوا الْخَيْرَ تُعْرَفُوا بِهِ ، وَ اعْمَلُوا الْخَيْرَ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهِ ، وَ لَا تَكُونُوا عُجُلًا مَذَايِيعَ ، فَإِنَّ خِيَارَكُمُ الَّذِينَ إِذَا نُظِرَ إِلَيْهِمْ ذُكِرَ اللَّهُ ، وَ شِرَارُكُمُ الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ ، الْمُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْأَحِبَّةِ ، الْمُبْتَغُونَ لِلْبُرَآءِ الْمَعَايِبَ 7 .
وَ رُوِيَ عن الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السلام ) أنهُ قَالَ : ” مُحَرَّمَةٌ الْجَنَّةُ عَلَى الْقَتَّاتِينَ الْمَشَّاءِينَ بِالنَّمِيمَةِ ” 8 .
وَ رُوِيَ أنه أصاب بني اسرائيل قحط ، فاستسقى موسى مرات ، فما اجيب .
فاوحى الله تعالى إليه : انى لا أستجيب لك و لمن معك و فيكم نمَّام قد أصرَّ على النميمة .
فقال موسى : يا رب ، من هو حتى نُخرجه من بيننا ؟
فقال : يا موسى ، أنهاكم عن النميمة و أكون نمَّاما ؟ !
فتابوا بأجمعهم ، فَسُقُوا .
وَ رُوِيَ أن ثُلث عذاب القبر من النميمة .
وَ رُوِيَ أن الْعَقْرَب كَانَ رجلاً نَمَّاماً فمَسَخَهُ الله عقرباً 9 .
- 1. مجمع البحرين : 2 / 214 ، للعلامة فخر الدين بن محمد الطريحي ، المولود سنة : 979 هجرية بالنجف الأشرف / العراق ، و المتوفى سنة : 1087 هجرية بالرماحية ، و المدفون بالنجف الأشرف / العراق ، الطبعة الثانية سنة : 1365 شمسية ، مكتبة المرتضوي ، طهران / إيران .
- 2. القران الكريم : سورة القلم ( 68 ) ، الآيات : 10 – 12 ، الصفحة : 564 .
- 3. راجع : مجمع البيان في تفسير القرآن ( للعلامة الطبرسي ) : 9 _ 10 / 501 .
- 4. القران الكريم : سورة المسد ( 111 ) ، الآية : 4 ، الصفحة : 603 .
- 5. راجع : مجمع البيان في تفسير القرآن ( للعلامة الطبرسي ) : 9 _ 10 / 852 .
- 6. الكافي : 2 / 369 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني ، المُلَقَّب بثقة الإسلام ، المتوفى سنة : 329 هجرية ، طبعة دار الكتب الإسلامية ، سنة : 1365 هجرية / شمسية ، طهران / إيران .
- 7. الكافي : 2 / 225 .
- 8. الكافي : 2 / 369 .
- 9. المَسْخ : قلبُ الشيء و تحويل صورته إلى ما هو أقبح منها ، و لقد مسخ الله تعالى جماعة من البشر إلى حيوانات ، غير أن الممسوخين لم يبقوا أكثر من ثلاثة أيام ثم ماتوا و لم يتوالدوا ، و الحيوانات التي تُعدُّ من الممسوخات إنما سُمّيت مُسوُخاً استعارةً لكونها على صور أولئك الممسوخين ، و لهذه الحيوانات أحكام خاصة في الفقه و الشريعة الإسلامية ، و قد صرّح القرآن الكريم بحدوث المسخ في الامم السابقة .