مقالات

المدح والتعظيم…

كثرت في السنوات الأخيرة الأحاديث حول أنواع من الإسلام تنتشر في مناطق شتى من العالم، وتبارى كثيرون في وصف الإسلام بالمنفتح أو المنغلق أو المتطور أو المتعصب أو الحضاري أو المتزمت…

وأصبح كل تعلق بأصالة الإسلام وفقهه يعتبر “طالبانياً” وهو المصطلح الذي يوازي الرجعية والتخلف.. وكل تنازل وتفريط أو تساهل يعتبر حداثياً!‏

وكان الحديث عن الإسلام حصراً، وكأن التعصب ليس إلا به، حتى جاءت وفاة زعيم الكنيسة الكاثولكية في العالم وانتخاب خليفة له منذ أيام حيث سلطت الاضواء على أفكاره التي تستحق التوقف عندها ملياً والتأمل بها، قبل ما جرت عليه العادة من الإطناب في التهنئة والمدح والتعظيم وتعليق الآمال واستجداء مواصلة الحوار!‏

فالإنصاف والموضوعية تقتضيان أن نكون إلى جانب الصدق متزنين علمياً فلا نمدح بلا بينة ولا نذم بلا حجة بالرغم من إصرار الكثيرين على تغليب المظاهر والبروتوكول على الوقائع ومصالح الأمة ولوعن غير قصد .‏

فالبابا الجديد وكما نشر عنه في عشرات المقالات يرفض كل أنوع التغيير أو التجديد في التعاليم الإجتماعية للكنيسة بما فيها أنواع تنظيم الأسرة العادية وبالطرق البسيطة السائدة كما يرفض ضم تركيا إلى الإتحاد الأوروبي بسبب ثقافتها الإسلامية ويعتبر ذلك “إهانة للتاريخ” والمعروف عنه رسائله البالغة القسوة والشدة ضد الآخرين ومن جملتهم “الكنائس الشقيقة” حيث ندد في إحدى رسائله بهذا التعبير (الكنائس الشقيقة) ورفض إستعماله “حيث لا أشقاء لكنيسة روما بل هي الأم وهم الأبناء وعلى درجات مختلفة”.‏

وكل العالم سمع في خطاب تنصيب البابا يوم الأحد 24/04/2005 كيف أنه بعث بتحية للإرث اليهودي ولم يشر ولو إشارة مودة أو إشارة إعلامية للمسلمين في العالم وهذا يذكر بمواقف سلفه الذي قدم اعتذاراً علنياً لليهود ورفض تقديم اعتذار للمسملين عن الحروب الصليبية التي إستمرت مئتي عام عندما طلب منه ذلك.‏

فكيف يمكن أن يطنب البعض في المدح إتكالا ً على أماني وتمنيات في حوار الحضارات والإرث المشترك بناء ً على ما تقدم وبناءً على قول البابا الجديد “أن الكنيسة معصومة مهما أخطأت”.‏

إن المطلوب اليوم أن نكون أكثر صراحة وجرأة عندما نرفع الشعارات الجميلة والجذابة للحوار والإنفتاح فنطلب من الآخرين أن يكونوا مقتـنعين بحوارنا والإنفتاح علينا بل قبل ذلك أي يعترفوا بالحد الأدنى لتاريخنا العقائدي والثقافي والإنساني حتى لا تكون العلاقة مجرد تمثيلية علنية تنتهي بانتهاء الحفل.‏

إن غش النفس من أعظم الغش وأخطره، فخير لنا أن نتصالح مع أنفسنا قبل أن ندعي التصالح مع الآخرين، وتكفي نظرة منصفة للتجارب في السنوات الماضية بتصريحاتها واجتمعاتها ومؤتمراتها “وجاذبياتها” التي أولدت نتائج كارثية على الأمة لنثق قليلاً بأنفسنا وما نحمل، فخير لنا أن نموت بكرامة من أن نعيش مهزلة”فرحٍ” على ضحك الآخرين علينا!1‏

  • 1. الموقع الرسمي لسماحة السيد سامي خضرا(حفظه الله).
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى