للفرقان معانٍ متعددة في القرآن الكريم و الأحاديث الشريفة نذكر أهمها :
المعنى الأول : مجموع القرآن الكريم ، كما في قول الله جَلَّ جَلاله : ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ 1 .
سبب تسمية القرآن الكريم بالفرقان :
سُمِّيَ القرآن الكريم بالفرقان لسببين :
السبب الأول : لنزول آياته و سوره بصورة متفرقة ، و بشكل مغاير لغيره من الكتب السماوية التي أنزلها الله عَزَّ و جَلَّ على أنبيائه ( عليهم السلام ) ، و ذلك لأن الكتب السماوية الأخرى أنزلت كل واحدة منها دفعة واحدة مكتوبة في الألواح و الأوراق ، أما القرآن الكريم فلم يُنزَل كذلك و إنما تم تنزيله خلال عشرين عاماً على قلب الرسول المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) وحياً ، و لم ينزل مكتوباً و مجموعاً كغيره من الكتب السماوية ، فعَنْ يَزِيدَ بْنِ سَلَّامٍ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) ، فَقَالَ : لِمَ سُمِّيَ الْفُرْقَانُ فُرْقَاناً ؟
قَالَ : ” لِأَنَّهُ مُتَفَرِّقُ الْآيَاتِ وَ السُّوَرِ ، أُنْزِلَتْ فِي غَيْرِ الْأَلْوَاحِ ، وَ غَيْرُهُ مِنَ الصُّحُفِ وَ التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ الزَّبُورِ أُنْزِلَتْ كُلُّهَا جُمْلَةً فِي الْأَلْوَاحِ وَ الْوَرَقِ ” 2 .
السبب الثاني : لأنه كتاب يميِّز بين الحق و الباطل ، قال العلامة الطبرسي ( رحمه الله ) : ” سُمِيَ بذلك لأنه يُفَرِّقُ بين الحق و الباطل بأدلته الدَّالة على صحة الحق و بطلان الباطل ” 3 .
و قال العلامة المجلسي 4 ( رحمه الله ) : ” الْفُرْقانَ : أي الكتاب الجامع لكونه فارقاً بين الحق و الباطل ، و ضياءً يُستضاء به في ظلمات الحيرة و الجهالة ، و ذِكرا يتَّعظ به المتقون ” 5 .
و قال العلامة الطريحي ( رحمه الله ) 6 : ” الفرقان : القرآن ، و كل ما فُرِّقَ به بين الحق و الباطل فهو فرقان ” 7 ، كما في قول الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ 8 ، و كذلك في قوله جَلَّ جَلالُه : ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ ﴾ 9 .
المعنى الثاني : المراد بالفرقان الآيات المحكمات 10 ، و هو معنى أخص من المعنى الأول ، فقد سُئلَ الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) عَنِ الْقُرْآنِ وَ الْفُرْقَانِ أَ هُمَا شَيْئَانِ أَوْ شَيْءٌ وَاحِدٌ ؟
فَقَالَ ( عليه السَّلام ) : ” الْقُرْآنُ جُمْلَةُ الْكِتَابِ ، وَ الْفُرْقَانُ الْمُحْكَمُ الْوَاجِبُ الْعَمَلِ بِهِ ” 11 .
- 1. القران الكريم : سورة الفرقان ( 25 ) ، الآية : 1 ، الصفحة : 359 .
- 2. علل الشرايع : 2 / 470 ، و عنه في بحار الأنوار : 9 / 304 .
- 3. مجمع البيان : 1 / 14 .
- 4. العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي ، المولود بإصفهان سنة : 1037 ، و المتوفى بها سنة : 1110 هجرية ، صاحب الموسوعة الحديثية الكبرى المُسماة بـ ” بحار الأنوار ( الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ) ” .
- 5. بحار الأنوار : 67 / 340 .
- 6. العلامة فخر الدين بن محمد الطريحي ، المولود سنة : 979 هجرية بالنجف الأشرف / العراق ، و المتوفى سنة : 1087 هجرية بالرماحية ، و المدفون بالنجف الأشرف / العراق .
- 7. مجمع البحرين : 5 / 224 .
- 8. القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 53 ، الصفحة : 8 .
- 9. القران الكريم : سورة الأنبياء ( 21 ) ، الآية : 48 ، الصفحة : 326 .
- 10. المُحْكَم : و يقابله المتشابه ، مصطلح قرآني يطلق على ما اتضح معناه و ظهر لكل عارف باللغة ، و على ما كان محفوظا من النسخ أو التخصيص ، أو منهما معا ، و على ما لا يحتمل من التأويل إلا وجهاً واحداً ، و كل آية من آيات الذكر الحكيم كانت كذلك فهي آية محكمة ، و تُرد الآيات المتشابهة إلى الآيات المحكمة لفهمها .
لمزيد من المعلومات عن المحكم و المتشابه يمكنك الرجوع إلى : الفروق اللغوية : 424 ، مجمع البحرين : 6 / 43 . - 11. الكافي : 2 / 630 ، و لمزيد من المعلومات بخصوص معاني ” الفرقان ” يمكنك مراجعة : الفروق اللغوية : 424 .