بسم الله الرحمن الرحيم
من آيات عظمة الدِّين الإسلاميِّ أنَّه يمنع من ظُلم الظَّالم؛ بل يخيِّر المظلوم أو وليَّه بين العدل والإحسان، مع ترجيح الإحسان (بالعفو عن الظالم) ، فيجعل العفوَ أفضلَ فَرْدَيِ التَّخيير. فمثلاً: إذا قام الجاني (الظَّالم) ببتر عضو المجنيِّ عليه (المظلوم) ، فالعدل هو الاقتصاص منه ببتر عضوه المماثل لعضو المظلوم المبتور، ولكنَّ بتر عضو الظالم إذا كان سيؤدِّي إلى موته فإنَّ بتره يندرج تحت الظُّلم والعدوان وليس عدلاً، فلا يجوز ذلك، بل يلزم حينئذ الانتقالُ إلى الدِّية. واحتمل بعضُ الأعلام أن يكون اشتراطُ إذن وليِّ أمر المسلمين في قصاص الأعضاء هو رعايةً لئلَّا يكون القصاص موجباً للتعدِّي والظلم على الجاني. هذا بالنِّسبة إلى العدل والظُّلم، وأمَّا الإحسانُ المرجَّح الَّذي هو أفضل فَرْدَيِ التَّخيير فهو العفوُ عن الظَّالم؛ ليكون ذلك صدقةً وكفَّارةً، أي سبباً في غفران ذنوب المظلوم. هذه نظرة الدِّين الإسلامي وحكمه في حقِّ الظالم، فكيف سيكون حكم من يظلم غير ظالمه ويعتدي على من لم ينله بسوء؟! ثمَّ كيف سيكون حالُ من يظلم ويتعدَّى على من أحسن إليه؟! إنَّها أمورٌ تستحقُّ التوقُّف والتدبُّر حقًّا، ولا يكونُ الإنسانُ مُتديِّناً بدين الإسلام ومرضيًّا عند الله ـ تعالى ـ إلَّا ببُعده عن الظُّلم بجميع أنواعه وأشكاله.. والله وليُّ التَّوفيق.
انظر ـ لمزيد من التفصيل ـ كتابَ: خمس رسائل، تأليف: آية الله جوادي آملي، ص19 ـ 23.
✍🏻 زكريَّا بركات
27 جمادى الآخرة 1445 هـ