قَالَ الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السَّلام ) : ” وُجِدَ عَلَى عَهْدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ رَجُلٌ مَذْبُوحٌ فِي خَرِبَةٍ ، وَ هُنَاكَ رَجُلٌ بِيَدِهِ سِكِّينٌ مُلَطَّخٌ بِالدَّمِ ، فَأُخِذَ لِيُؤْتَى بِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) ، فَأَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَهُ .
فَاسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ ، فَقَالَ لَهُمْ : خَلُّوا عَنْ هَذَا ، فَأَنَا قَاتِلُ صَاحِبِكُمْ !
فَأُخِذَ أَيْضاً ، وَ أُتِيَ بِهِ مَعَ صَاحِبِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) .
فَلَمَّا دَخَلُوا قَصُّوا عَلَيْهِ الْقِصَّةَ .
فَقَالَ لِلْأَوَّلِ : مَا حَمَلَكَ عَلَى الْإِقْرَارِ ؟
قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنِّي رَجُلٌ قَصَّابٌ وَ قَدْ كُنْتُ ذَبَحْتُ شَاةً بِجَنْبِ الْخَرِبَةِ ، فَأَعْجَلَنِي الْبَوْلُ ، فَدَخَلْتُ الْخَرِبَةَ وَ بِيَدِي سِكِّينٌ مُلَطَّخٌ بِالدَّمِ ، فَأَخَذَنِي هَؤُلَاءِ وَ قَالُوا أَنْتَ قَتَلْتَ صَاحِبَنَا !
فَقُلْتُ : مَا يُغْنِي عَنِّي الْإِنْكَارُ شَيْئاً وَ هَاهُنَا رَجُلٌ مَذْبُوحٌ وَ أَنَا بِيَدِي سِكِّينٌ مُلَطَّخٌ بِالدَّمِ ، فَأَقْرَرْتُ لَهُمْ أَنِّي قَتَلْتُهُ .
فَقَالَ عَلِيٌّ ( عليه السَّلام ) لِلْآخَرِ : مَا تَقُولُ أَنْتَ ؟
قَالَ : أَنَا قَتَلْتُهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ .
فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) : اذْهَبُوا إِلَى الْحَسَنِ ابْنِي لِيَحْكُمَ بَيْنَكُمْ .
فَذَهَبُوا إِلَيْهِ وَ قَصُّوا عَلَيْهِ الْقِصَّةَ .
فَقَالَ ( عليه السَّلام ) : أَمَّا هَذَا فَإِنْ كَانَ قَدْ قَتَلَ رَجُلًا فَقَدْ أَحْيَا هَذَا 1 ، وَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ : { وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً } 2 ، لَيْسَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمَا شَيْءٌ ، وَ تُخْرَجُ الدِّيَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ ” 3 .
- 1. أي أحيا الرجلَ القصاب المتهم الذي كان قد أقرَّ بالقتل .
- 2. سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 32 .
- 3. من لا يحضره الفقيه : 3 / 23 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن حسين بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق ، المولود سنة : 305 هجرية بقم ، و المتوفى سنة : 381 هجرية ، طبعة انتشارات إسلامي التابعة لجماعة المدرسين ، الطبعة الثالثة ، سنة : 1413 هجرية ، قم / إيران .