مقالات

الحُبُّ

ليس الحُبُّ أمراً اختياريًّا، بل هو تفاعل وانشداد قلبيٌّ قهريٍّ يسيطر على الإنسان ويتبلور في مشاعر وتصورات وتفكير وكلام وسلوك.. إلَّا أنَّ مقدِّمات الحُبِّ اختياريَّة، فالإنسان المحبُّ قد خَطَا ـ باختياره ـ خطواتٍ (باطنية وظاهرية) في اتجاهات معيَّنة انتهت به إلى حالة تصوُّريَّة ومعرفيَّة خاصَّة تسبَّبت في تكوُّن الحُبِّ. كما إنَّ تبلور الحُبِّ في مرحلة التفكير والأقوال والأقوال ـ أيضاً ـ تحت اختيار الإنسان، وهو المعبَّر عنه بالمودَّة.
فترتيب المراحل كما يلي:
خطوات اختيارية (باطنية وظاهرية) »»» حالة تصورية ومعرفية »»» تكوُّن الحبُّ قهريًّا »»» تبلور الحبِّ في حالات اختيارية من التفكير والأقوال والأفعال.
خلاصة هذا التوضيح: أنَّ مُقدِّمات الحُبِّ اختيارية، والحُبَّ ـ في حدِّ ذاته ـ ليس اختياريًّا، والمودَّةَ اختياريَّة أيضاً.
ونظراً إلى أنَّ الحُبَّ غير اختياري، وله تأثير كبير على المودَّة الاختيارية التي تتمثل في التفكير والكلام والسلوك، فمن الضروري أن يهتمَّ الإنسانُ بمُقدِّمات الحُبِّ، ليتَّصف قلبُه بالحُبِّ الصحيح، وبالتالي يكون ذا مودَّة في محلِّها.
رُوي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه سُئل عن العشق، أي حالة الانشداد والحُبِّ الذي يجعل أحد الجنسين مولَّهاً بالآخر، فقال عليه السلام: قلوبٌ خَلَتْ من ذكر الله، فأذاقها اللهُ حُبَّ غيره. [علل الشرائع للصدوق 1 : 140] .
عبارة (خلت من ذكر الله) إشارة إلى مرحلة مقدمات الحب والخطأ الذي يرتكبه الإنسان في المرحلة الاختيارية.
عبارة (فأذاقها الله…) إشارة إلى المرحلة القهرية التي يقع فيها الإنسان.
لكن الله تعالى لم يغلق باب الرحمة والفرج والخلاص في وجه الإنسان المبتلى، فأوَّل ما يعين المبتلى هو أن يتوجَّه إلى الله ويلتجئ إليه بالطلب والدعاء، كأن يقول ـ مثلاً ـ :
إلهي ماذا وجد من فقدك؟
خابَ الوافِدون على غيرِك،
وخَسِرَ المُتعرِّضون إلَّا لك،
وضاع المُلِمُّون إلَّا بك،
وأَجدَبَ المُنتجِعون إلَّا من انتجع فضلَك..
والأدعية المرويَّة عن أولياء الله وأحبَّائه هي علاج الأرواح وبلسم الجراح..
والله وليُّ التوفيق.

✍️ زكريا بركات
١٥ رجب ١٤٤٦ ـ ذمار

https://chat.whatsapp.com/Ip9Ybjmpvt50fxj9uMMmac

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى