مقالات

التجرُّد من العواطف في مجال التقييم العلميِّ

بسم الله الرحمن الرحيم

بقلم: زكريَّا بركات
11 يونيو 2022


الإنسانُ مخلوقٌ ضعيفٌ، يكتنفه الضَّعفُ من كلِّ جهة، ومن آيات ضعفه: تأثُّره بعواطفه ومشاعره وميوله، فكم من حقٍّ يُنكره الإنسانُ إذا خالف عواطفه، وكم من باطل يتعصَّب له بدافع العواطف أيضاً، وقليلٌ هم العقلاء الذين يستطيعون التجرُّد من تأثير العواطف في سبيل الخروج بنظرة محايدة، وحينئذ تكون لأحكامهم قيمةٌ علميَّةٌ.

وفي هذا المجال استوقفتني عبارةٌ كتبها عالمٌ جليل ومُصلحٌ اجتماعيٌّ كبير، هو الشيخ مُحمَّد الحسين آل كاشف الغطاء (ت 1373 هـ) ، وذلك في مُقدِّمة كتابه “تحرير المجلَّة”، حيث خاطب قُرَّاءه قائلاً:

“وأقصى ما أرجوه من المطالعين الأفاضل والشباب المُهذَّب أن يتجرَّدوا – عند النظر فيه – من بعض العواطف لنا أم علينا، حتَّى ينظروا إلى الأشياء كما هي ويعطوها حقَّها بمعيار العدل والإنصاف من دون إسراف ولا إجحاف”. انتهى.

نعم، هكذا يتكلَّم المُصلحون الحقيقيُّون، الذين أصلحوا أنفسهم قبل أن يتصدَّوا لإصلاح غيرهم.. وكم هو البون شاسعٌ بين هذا المنطق السديد وبين سلوك كثير ممَّن يتقمَّصون العلم ويدَّعون الإصلاح والتجديد، وهم – في الحقيقة – مجرَّد دُعاة إلى أنفسهم، يفرحون بكلِّ تصفيق، ويبتهجون بكلِّ تطبيل، ويحرصون بشدَّة على كسب كلِّ تمجيدٍ وتبجيلٍ..

فرقٌ كبيرٌ بين إنسانٍ يرجوك أن تحذر من حبِّك له حين تقرأ فكره وتقيِّم خطابه، وبين آخر يحرص على أن يُسيطر عليك عاطفيًّا ويسوقُ كلَّ المؤثِّرات المتاحة في سبيل الإيقاع بك في شراك التبعيَّة له.

ولا حولَ ولا قوَّة إلَّا بالله العليِّ العظيم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى