التبذير هو صرف المال في غير وجهه، أي صرفه فيما لا ينبغي صرفه فيه، كصرف المال في غير طاعة الله لكونه من مصاديق إهدار المال و من مصاديق الفساد.
الفرق بين الاسراف و التبذير
الفرق بين التبذير و الاسراف هو أن الاسراف يُطلق على تجاوز الحد في الانفاق و الصرف، ذلك لأن الحد المسموح به في الصرف و الانفاق هو ما ترتفع به الحاجة، فيكون الزائد إسرافاً، و أما التبذير فهو الصرف في غير الوجهة الصحيحة.
قال العلامة الطريحي: “و قد فُرق بين التبذير و الإسراف في أن التبذير الإنفاق فيما لا ينبغي، و الإسراف الصرف زيادة على ما ينبغي” 1.
النهي عن الاسراف و التبذير في القرآن الكريم
نهى اللّه تعالى عن الاسراف كما نهى عن التبذير.
قال الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ … وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ 2.
و قال عَزَّ مِنْ قائل: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ 3.
هذا و قد نهى اللهُ عَزَّ و جَلَّ عن التبذير حيث قال: ﴿ وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ﴾ 4.
التبذير في الأحاديث الشريفة
رَوى العياشي في تفسيره عَنْ بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ أنَّهُ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ 5 عليه السلام فَدَعَا بِرُطَبٍ، فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ يَرْمِي بِالنَّوَى.
قَالَ: وَ أَمْسَكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام يَدَهُ، فَقَالَ: “لَا تَفْعَلْ، إِنَّ هَذَا مِنَ التَّبْذِيرِ ﴿ … وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾ 6 ” 7.
و عن العياشي أيضاً عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله ﴿ … وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ﴾ 8 ؟
قال: “من أنفق شيئا في غير طاعة الله فهو مبذر، و من أنفق في سبيل الخير فهو مقتصد” 9.
- 1. مجمع البحرين: 3 / 217، للعلامة فخر الدين بن محمد الطريحي، المولود سنة: 979 هجرية بالنجف الأشرف/العراق، و المتوفى سنة: 1087 هجرية بالرماحية، و المدفون بالنجف الأشرف/العراق، الطبعة الثانية سنة: 1365 شمسية، مكتبة المرتضوي، طهران/إيران.
- 2. القران الكريم: سورة الأنعام (6)، الآية: 141، الصفحة: 146.
- 3. القران الكريم: سورة الأعراف (7)، الآية: 31، الصفحة: 154.
- 4. القران الكريم: سورة الإسراء (17)، الآية: 26 و 27، الصفحة: 284.
- 5. أي الإمام جعفر بن محمد الصَّادق (عليه السَّلام)، سادس أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
- 6. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 205، الصفحة: 32.
- 7. تفسير العياشي: 2 / 288، و عنه في بحار الأنوار (الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار (عليهم السلام)): 72 / 303، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي، المولود بإصفهان سنة: 1037، و المتوفى بها سنة: 1110 هجرية، طبعة مؤسسة الوفاء، بيروت/لبنان، سنة:1414 هجرية.
- 8. القران الكريم: سورة الإسراء (17)، الآية: 26، الصفحة: 284.
- 9. تفسير العياشي: 2 / 288، و عنه في تفسير البرهان ج 2: 416.