افتعل ابن سعد على أبيّ الضيم ما لم يقله و كتب إلى ابن زياد زعما منه أن فيه صلاح الأمة و جمال النظام فقال في كتابه :
أما بعد فإن اللّه اطفأ النائرة و جمع الكلمة و اصلح أمر الأمة ، و هذا حسينٌ أعطاني أن يرجع إلى المكان الذي منه أتى ، أو أن يسير إلى ثغر من الثغور فيكون رجلا من المسلمين له ما لهم و عليه ما عليهم ، أو أن يأتي أمير المؤمنين يزيد فيضع يده في يده فيرى فيما بينه و بينه رأيه و في هذا رضا لكم و للأمة صلاح «1».
و هيهات أن يكون ذلك الأبيّ و من علّم الناس الصبر على المكاره و ملاقاة الحتوف – طوع ابن مرجانة و منقادا لابن آكلة الأكباد! أليس هو القائل لأخيه الأطرف : و اللّه لا أعطي الدنية من نفسي ، و يقول لابن الحنفية : لو لم يكن ملجأ لما بايعت يزيد ، و قال لزرارة بن صالح : إني أعلم علما يقينا أن هناك مصرعي و مصارع أصحابي و لا ينجو منهم إلا ولدي علي، و قال لجعفر بن سليمان الضبعي : إنهم لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي.
و آخر قوله يوم الطف: ألا و إن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة و الذلة و هيهات منا الذلة يأبى اللّه لنا ذلك و رسوله و المؤمنون و حجور طابت و طهرت و أنوف حمية و نفوس أبية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام.
و إن حديث عقبة بن سمعان يفسر الحال التي كان عليها أبو عبد اللّه عليه السّلام ، قال : صحبت الحسين من المدينة إلى مكة و منها إلى العراق و لم أفارقه حتى قتل و قد سمعت جميع كلامه فما سمعت منه ما يتذاكر فيه الناس من أن يضع يده في يد يزيد و لا أن يسيره إلى ثغر من الثغور لا في المدينة و لا في مكة و لا في الطريق و لا في العراق و لا في عسكره إلى حين قتله، نعم سمعته يقول: دعوني اذهب إلى هذه الأرض العريضة «2».
______________________________
(1) الاتحاف بحب الأشراف 15 و تهذيب التهذيب ج 2 ص 253.
(2) الطبري ج 6 ص 235.
المصدر: http://h-najaf.iq/