نص الشبهة:
يقول مالك بن الأشتر أحد كبار أصحاب علي «رضي الله عنه»، وهو ممن تعظمهم الشيعة: «أيها الناس، إن الله تبارك وتعالى بعث فيكم رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بشيراً ونذيراً، وأنزل عليه الكتاب فيه الحلال والحرام والفرائض والسنن، ثم قبضه إليه وقد أدى ما كان عليه، ثم استخلف على الناس أبا بكر فسار بسيرته واستن بسنته، واستخلف أبو بكر عمر فاستن بمثل تلك السنّة» (مالك بن الأشتر ـ خطبة وآراؤه، ص89، و«الفتوح» لابن أعثم، 1 / 396.) فهو يثني على أبي بكر وعمر بما هما أهل له، ومع هذا يتعامى الشيعة عن هذا الثناء ولا يذكرونه في مجالسهم وحسينياتهم التي لا تخلو من الطعن في الشيخين ! هداهم الله. فلماذا؟!
وفي صياغة أخرى:
كيف أثنى مالك بن الأشتر وهو أحد كبار أصحاب علي «رضي الله عنه» على الخليفتين الراشدين أبي بكر وعمراً حيث قال في خطبه وأرائه: «أيها الناس إن الله بعث فيكم رسوله محمد «صلى الله عليه وآله» وأنزل عليكم الكتاب فيه الحلال والحرام والفرائض والسنن ثم قبضه الله وقد أدى ما كان عليه ثم استخلف على الناس أبا بكر فصار بسيرته واستنَّ بسنته واستخلف أبو بكر عمر فاستنَّ بمثل تلك السنة.. » (للمزيد: أنظر مالك بن الأشتر خطب وأراء ص 89 والفتوح لابن أعثم ج 1 ص 396.)..
فلماذا لم يذكر الرافضة هذا الثناء في مجالسهم وحسينياتهم التي لا تخلو من الطعن في الشيخين ـ هداهم الله ـ فلماذا؟!
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين..
وبعد..
أولاً: إن هذه الرواية لم يوردها الشيعة ولا أبدوا صحتها، بل هي من روايات غير الشيعة، فلا يصح الإستدلال عليهم بما لا يعترفون بصحته.
ثانياً: لا يجب ذكر كل كبيرة وصغيرة في المجالس والحسينيات، إلا إن كانت آية أو رواية عن النبي «صلى الله عليه وآله»، أو عن خلفائه الاثني عشر، الذين قال: إنهم يأتون من بعده..
ثالثاً: لا يؤمن الرافضة بعصمة الأشتر، وبراءته من الزلل.. بل هو كغيره من الناس الذين قد يختلفون معهم، وقد يتفقون..
رابعاً: لا يجب أن تسير حالات الناس على منوال واحد في جميع مراحل حياتهم، فقد تجد إنساناً اليوم على هذا الرأي، وغداً على رأي آخر..
خامساً: إن الكلام المنقول عن الأشتر قد تضمن أمراً لا يرضاه السنة ولا الشيعة، فهو يقول عن النبي «صلى الله عليه وآله» حسب ما ورد في السؤال: «ثم استخلف على الناس أبا بكر» مع أن السنة لا يقولون بأن خلافة أبي بكر بالنص، بل هي عندهم باختيار أهل السقيفة. كما أن الشيعة وإن كانوا يقولون بأن الإمامة ثابتة بالنص، ولكنهم يصرحون قاطبة: بأن النص إنما كان على خصوص علي «عليه السلام»، وأن النبي «صلى الله عليه وآله» قد أخذ له البيعة من الصحابة في يوم الغدير..
سادساً: إن في الكلام المنسوب إلى الأشتر إشكالاً آخر.. وهو أنه يدعي: أن عمر قد استن بمثل سنة أبي بكر.. وهذا غير صحيح، فقد خالف عمر أبا بكر في أمور عديدة، يكفي أن نذكر منها مخالفته له في قسمة المال.. لأن أبا بكر قد سار بسيرة الرسول «صلى الله عليه وآله»، ولكن عمر عدل عن ذلك ودون الدواوين وفق نظام خاص.. فلما قام علي «عليه السلام» بالأمر، وعاد إلى سنة رسول الله «صلى الله عليه وآله»، التي جرى عليها أبو بكر قام الناس ضده، ومنهم طلحة والزبير، وكان ما كان.. وخالفه أيضاً في أمور كثير منها تحريم المتعة ومنها حذفه (حي على خير العمل) وغير ذلك من أمور كثيرة..
سابعاً: إن الطعن في الشيخين الذي أشار إليه السائل، يتمثل بذكر ما جرى بعد وفاة رسول الله «صلى الله عليه وآله»، بما في ذلك ذكر ضربهما للزهراء «عليها السلام» بنت رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وإسقاط جنينها، والسعي لإحراق بيتها بمن فيه، وفيه علي «عليه السلام» والحسن والحسين «عليهما السلام» سيدا شباب أهل الجنة، والخادمة فضة..
فهل ذكر هذه الحقائق يعد طعناً في الناس، فلماذا إذاً يذكرون الطعون في العلماء، وفي رواة الأحاديث في كتب الرجال؟! فإن أجابونا: بأن المسوغ لذلك هو معرفة صحيح الحديث من ضعيفه.
قلنا لهم: لماذا لا يصح إذن ذكر ما فعله أبو بكر وعمر بالزهراء «عليها السلام»، وبمالك بن نويرة بواسطة خالد، وغير ذلك من أمور صدرت منهم، لأجل تعريف الناس: بأنهما لا يصلحان للخلافة، كما لا يصلح ذلك العالم والرواي لرواية الحديث ولأخذ العلم منه؟!
وأما السب والشتم، فهو غير مرضي ولا مقبول، فقد نهى الله تعالى والنبي والأئمة الطاهرون عنه.. فإن فعله أحد الجهال، فلا بد من نهيه عنه وإرشاده إلى الصواب.. ولا يصح نسبة ما يفعله الجهال إلى المذهب، ولا أن يجعل من المقولات العقائدية له.
وقد ذكرنا: أن جهالاً من غير الشيعة يطعنون ويسبون الإمام الصادق والزهراء، وغيرهما من الأئمة الطاهرين «عليهم السلام»، فهل يصح نسبة ذلك إلى مذهب أهل السنة؟!
والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله.. 1.
- 1. ميزان الحق.. (شبهات.. وردود)، السيد جعفر مرتضى العاملي، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، الجزء الثالث، 1431 هـ. ـ 2010 م، السؤال رقم (124).