
قوله تعالى: لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، كان أهل الأوثان يصومون لإرضاء آلهتهم أو لإطفاء نائرة غضبها إذا أجرموا جرما أو عصوا معصية، و إذا أرادوا إنجاح حاجة و هذا يجعل الصيام معاملة و مبادلة يعطي بها حاجة الرب ليقضي حاجة العبد أو يستحصل رضاه ليستحصل رضا العبد، و أن الله سبحانه أمنع جانبا من أن يتصور في حقه فقر أو حاجة أو تأثر أو أذى، و بالجملة هو سبحانه بريء من كل نقص، فما تعطيه العبادات من الأثر الجميل، أي عبادة كانت و أي أثر كان، إنما يرجع إلى العبد دون الرب تعالى و تقدس، كما أن المعاصي أيضا كذلك، قال تعالى: «إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهٰا:» الإسراء ٧، هذا هو الذي يشير إليه القرآن الكريم في تعليمه بإرجاع آثار الطاعات و المعاصي إلى الإنسان الذي لا شأن له إلا الفقر و الحاجة، قال تعالى: « يٰا أَيُّهَا اَلنّٰاسُ أَنْتُمُ اَلْفُقَرٰاءُ إِلَى اَللّٰهِ وَ اَللّٰهُ هُوَ اَلْغَنِيُّ:» الفاطر ١٥ و يشير إليه في خصوص الصيام بقوله لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ و كون التقوى مرجو الحصول بالصيام مما لا ريب فيه فإن كل إنسان يشعر بفطرته أن من أراد الاتصال بعالم الطهارة و الرفعة، و الارتقاء إلى مدرجة الكمال و الروحانية فأول ما يلزمه أن يتنزه عن الاسترسال في استيفاء لذائذ الجسم و ينقبض عن الجماح في شهوات البدن و يتقدس عن الإخلاد إلى الأرض.
الميزان في تفسير القرآن (سيد محمد حسین طباطبائي، الجزء ٢، الصفحة ٤)
__
شهر_رمضان
مدرسةأهل البيت
اللهم عجل لوليك_الفرج
محاسن_الكلام
للانضمام إلى مجتمعنا على الواتس اب:
https://chat.whatsapp.com/HQ5StBT435DGhOlHxy1VhT