
و من طوى هذه المرحلة فآمن بالله وحده فإنه يواجه من الظلم الكبائر من المعاصي كعقوق الوالدين و أكل مال اليتيم و قتل النفس المحترمة و الزنا و شرب الخمر فإيمانه في تأثيره آثاره الحسنة يشترط باجتناب هذا النوع من الظلم، و قد وعده الله أن يكفر عنه السيئات و المعاصي الصغيرة إن اجتنب كبائر ما ينهى عنه، قال تعالى: «إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبٰائِرَ مٰا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئٰاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً» : (النساء: ٣١) و فساد أثر هذا الإيمان هو الشقاء بعذاب هذه المعاصي و إن لم يكن عذابا خالدا غير منقطع الآخر كعذاب الشرك بل منقطعا إما بحلول أجله و إما بشفاعة و نحوها.
و من تزود هذا الزاد من التقوى و حصل شيئا من المعرفة بمقام ربه كان مسئولا بأصناف من الظلم تبدو له بحسب درجة معرفته بربه كإتيان المكروهات و ترك المستحبات و التوغل في المباحات، و فوق ذلك المعاصي في مستوى الأخلاق الكريمة و الملكات الربانية و وراء ذلك الذنوب التي تعترض سبيل الحب، و تحف بساط القرب، فالإيمان في كل من هذه المراتب إنما يؤمن المتلبس به و يدفع عنه الشقاء إذا عري عن ملابسة الظلم المناسب لتلك المرتبة. فلقوله تعالى: « اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمٰانَهُمْ بِظُلْمٍ » إطلاق من حيث الظلم لكنه إطلاق يختلف باختلاف مراتب الإيمان و إذ كان المقام مقام محاجة المشركين انطبق الظلم المنفي على ظلم الشرك فحسب و الأمن الذي يعطيه هذا الإيمان هو الأمن مما يخاف منه من الشقاء المؤبد و العذاب المخلد، و الآية مع ذلك آية مستقلة من حيث البيان مع قطع النظر عن خصوصية المورد تفيد أن الأمن و الاهتداء إنما يترتب على الإيمان بشرط انتفاء جميع أنحاء الظلم الذي يلبسه و يستر أثره بالمعنى الذي تقدم بيانه.
الميزان في تفسير القرآن
ج ٧ ص ١٩٩.
__
مدرسةأهل البيت
اللهم عجل لوليك_الفرج
محاسن_الكلام
للانضمام إلى مجتمعنا على الواتس اب:
https://chat.whatsapp.com/HQ5StBT435DGhOlHxy1VhT