منوعات

الإمام عليّ (ع)القويّ

ممّا اشتهر به أمير المؤمنين (ع) هو قوّته المضافة إلى شجاعته.

–             فهو قاتل نصف المشركين في بدر والمشترك في قتل نصفهم الآخر.

–             وهو قاتل عمرو بن عبد ودّ العامريّ الذي كان يقدّر بألف فارس، وقد تحدَّى المسملين في معركة الأحزاب بعد ما تجاوز الخندق، وأخذ يكرِّر النداء: هل من مبارز، ولا يجيبه أحد فأنشد:

       ولقد بُححتُ من النداء                 بجمعهم هل من مبارز

ووقفت حـــــــــــين دعوتهم              في موقف القرن المناجز

إنّـــــــــي كــــــــــــــذلك لم أزل               متسرِّعًا نحــــــــــــــــــــو الهزاهز

إنّ الشـجاعة والسماحة              في الفتى خــــــــــــــــير الغرائز[1]

لم يجب النداءمن المسلمين إلاّ عليّ الذي تقدّم نحوه قائلاً:

إثبت أتاك لما دعوت                         مجيب صوتك غيرُ عاجز

ذو نيَّةٍ وبصــــــــــــــــــــــــــــــيرة                          والصدق ينجي كلّ فائز

إنّي لأرجـــــــو أن تقوم                          عليـــــــــــــــــــــك نائحة الجنائز

فقال عمرو: من أنت؟ قال (ع): عليّ بن أبي طالب. قال: كفو كريم ولست من رجالي. فقال عليّ صلوات الله عليه: يا عمر، إنّه بلغني عنك أنّك نذرت أن لا يدعوك أحد إلى خصلتين إلاّ أجبته إلى إحداهما، قال (ع): أجل!. قال: فإنّي أدعوك إلى الله وإلى رسوله وإلى الإسلام. قال: ما أبعدني من ذلك. قال: فإنّي أدعوك إلى النزال. قال: نعم، هي أهون الخصلتين عليَّ، فاضطربا بأسيافهما ساعة وثارت عجاجة. ودعا رسول الله صلوات الله عليه وآله لعليّ صلوات الله عليه دعاءً كثيرًا، فأعانه الله عزّ وجلّ على عمرو بن عبد ود، فقتله، وانجلت العجاجة، وعليّ صلوات الله عليه يمسح سيفه عنه، ويقول:

أعليَّ تقتحم الفوارس هــــــكذا                عنّي وعنهم حدّثـــــــــــــــــــوا أصحابي

آلى ليقتلني بحلفـــــــــــــة كاذب                 وحلفت فاستمعوا إلى الكـــــذاب

نصر الحــــــــــــجارة من سفاهة                  رأيه ونصرت ربّ محمّد بصواب

لا تحســــــــــبنّ الله خاذل دينه                 ونبيّه يــــــــــــا معــــــــــــــــــــــشر الأحزاب

وقد علّقت أخت عمرو على مقتله من قبل أمير المؤمنين (ع) ببيتي شعر هما:

لو كان قاتل عمر غير قاتله                   لكنت أبكي عليه آخر الأبد

لكن قاتله من لا يعاب به           وكما يدعى قديمًا بيضة البلد[2]

–             وهو قاتل مرحب وقالع باب خيبر الذي ذكَّر (ع) المسلمين بقوله: “نشدتكم بالله، هل فيكم أحد احتمل باب خيبر حين فتحها فمشى به مئة ذراع، ثمّ عالجه بعده أربعين رجلاً فلم يطيقوه غيري قالوا: لا”[3].

عندها عرج جبرئيل وهو يقول: لا سيف إلاّ ذوق الفقار ولا فتى إلاّ عليّ.

قال الشاعر:

جبرئيل نادى في الوغى              النقع ليس بمنجــلي

والمسلمون بأســــــــــــــــــرهم               حول النـــــبيّ المــرسل

لا سيف إلاّ ذو الفقار              لا فتـــــــــــــــى إلاّ عليّ[4]

وقد ذكر ذلك ابن أبي الحديد بقوله مشيرًا إلى الإمام عليّ (ع):

هذا ضمير العالم الموجود عن                  عدم وسرُّ وجوده المستـــــــــودع

هذا هو النور الذي عذبـــــــــاته                  كانــــــــــــــــت بجبهة آدم تتطـــــــــلّع

وشهاب موسى حيث أظــــــلم                  ليله رفعت له لآلاؤه تتــــــــــشفّع

يا هازم الأحزاب لا يثنيه عن                 خوض الحمام مدجَّج ومدرَّع

يا قالع الباب الذي عن هزِّها                  عجــــــــــزت أكفّ أربعون وأربع

دعوة الإسلام إلى إعداد القوّة

إضافة إلى قوّة النفس من خلال تزكيتها دعا الإسلام إلى تقوية البدن، قال تعالى: ” وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ “[5].

من هنا:

1- أرشد أهل البيت (ع) إلى أن يدعو المؤمن ربّه أن يواكبه من خلال قوّة بدنه، ففي الدعاء عن الإمام السجّاد (ع): “اللهم أعطني…الصحة في الجسم، والقوّة في البدن”[6].

2- أعلن النبيّ (ص) عن حبِّ الله تعالى للرجل القويّ فقال (ص)، فيما ورد عنه: “إنّ الله يحبّ الرجل القويّ[7].

3- شرّع الله جملة من العبادات القائمة على رياضة الجسد، كالصلاة بقيامها وركوعها وسجودها وجلوسها وما فيها من حركات، وكالحجّ بمسير طوافه، ومسار سعيه، وصعود جبله، ونزول واديه، ورجم جمراته…الخ.

4- دعا النبيّ (ص) الآباء إلى تعليم أولادهم مهارات تكسب القوّة، فعنه (ص): “علِّموا أولادكم السباحة والرماية”[8].

5- شجّع النبيّ (ص) في أكثر من مورد في سيرته المباركة على ممارسة أنشطة رياضيّة تكسب القوّة، فقد ورد أنّه (ص) مرّ بقوم من الأنصار يترامون، فاشترك النبيّ (ص) معهم في الرماية والرشق[9]. ومرّة أخرى، وبعد مطاردة للعدو، قال أبو قتادة لرسول الله (ص): “إنّ العدوّ قد انصرف، فإن رأيت أن نستبق، فقال (ص): نعم، فاستبقوا، فخرج رسول الله (ص) سابقًا عليهم”[10]. ومرّة ثالثة خرج النبيّ (ص) إلى الأبطح فرأى أعرابيًّا كان موصوفًا بالقوّة، يرعى غنمًا له،  فقال لرسول الله (ص): هل لك أن تصارعني…فصارعه (ص)، فصرعه النبيّ (ص)، فقال له الأعرابيّ، هل لك إلى العود؟…فصارعه، فصرعه النبيّ (ص)، فقال الأعرابي، أعرض عليّ الإسلام، فما أحد صرعني غيرك”[11].

الأقوى

مع كلّ ما تقدّم من أهميّة تقوية الأجسام، إلاّ أنّ القوة الأولى التي علينا الاهتمام بها هي ما أرشد إليه رسول الله حينما مرّ “بقومٍ يرفعون حجرًا، فقال: ما هذا؟ فقالوا: نعرف بذلك أشدّنا وأقوانا، فقال (ص): ألا أخبركم بأشدّكم وأقواكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله؛ قال (ص): أشدّكم وأقواكم الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في إثم ولا باطل، وإذا سخط لم يخرجه سخطه من قول الحقّ، وإذا قدر لم يتعاط ما ليس له بحقّ”[12].


[1] المرتضى، رسائل الشريف المرتضى، ج4،  ص118.

[2] المرتضى، رسائل الشريف المرتضى، ج4،  ص118.

[3]  الطبرسيّ، الاحتجاج، ج1، ص 204.

[4]  المرتضى، رسائل الشريف المرتضى، ج4،  ص 119.

[5]  سورة الأنفال، الآية 60.

[6]  الطوسي، محمّد، مصباح المتهجّد، ط1، بيروت، مؤسّسة فقه الشيعة، 1411هـ، ص 595.

[7]  المجلسيّ، محمّد باقر، بحار الأنوار، ج61، ص 184.

[8] الكلينيّ، محمّد، الكافي، ط3، طهران، دار الكتب الإسلاميّة، 1367ش، ج6، ص 47.

[9] الطبرسيّ، حسين، مستدرك الوسائل، ط2، بيروت، مؤسّسة أهل البيت (ع) لإحياء التراث، 1988م، ص 76.

[10] الحرّ العامليّ، زين الدين، وسائل الشيعة، ج19، ص 250.

[11] البروجرديّ، حسين، جامع أحاديث الشيعة، ج19، ص 165.

[12]المجلسيّ، محمّد باقر، بحار الأنوار، ج72، ص 28.

المصدر:موقع سراج القائم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى