مقالات

مسألة عدالة الصحابة…

الذين أوجدوا نظرية عدالة كل الصحابة صاغوها و نظروها بصورة تضمن الحماية التامة لماضيهم و حاضرهم و مستقبلهم ، و تضفي على أحوالهم في الأزمان الثلاثة رداء الشرعية و المشروعية ، و فصلوا لها من الأثواب ما يضمن حضورها الفعال في كل أمر من الأمور يمكن :
1 ـ أن يمسهم من قريب أو بعيد .
2 ـ أو يؤثر على قربهم أو بعدهم من الشرعية .
3 ـ أو يوصل و يجذر مواقع الخلاف في معسكر خصومهم .
4 ـ أو يفرق الخصوم في بحار من الشك و الحيرة و الاضطراب .
و المثير حقا أن النظرية ترمز عند عشاقها و مؤيديها اليوم لحبهم لمحمد و لأصحابه ، و هم يتولون الدفاع عن هذا الرمز و يصارعون نيابة عن مخترعي هذه النظرية الذين وقفوا خارج الحلبة كأنهم لا علاقة لهم بما يجري .
أما الذين يطالبون بتعديل هذه النظرية فهم لا يقلون حبا لمحمد و أصحابه المخلصين عن أولئك المؤيدين لنظرية عدالة كل الصحابة ، و لكنهم يطالبون باعتماد القواعد الشرعية و العقلية لترشيد هذا الحب ليبقى دائما في إطار الإسلام ، و ترك التقليد و التعصب الأعمى الذي يعطل العقل و نعمة الحوار الهادف الذي خص به الصفوة من عباده الصالحين .

المرجعية الفقهية

في فصل الجذور السياسية لنظرية عدالة الصحابة أثبتنا أن الأكثرية الساحقة من الأحاديث الواردة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني أمية تقربا إليهم بما يظنون أنهم يرغمون أنوف بني هاشم ، كما روى ابن عرفة و هو من أكابر المحدثين ، و تبين لنا أيضا أن الباحثين قد أجمعوا على أن نشأة الاختراع في الرواية و وضع الحديث على رسول الله ، إنما كان في أواخر عهد عثمان و بعد الفتنة التي أودت بحياته ، ثم اتسع الاختراع و استفاض حتى مبايعة علي ( عليه السلام ) ، فما كاد المسلمون يبايعونه بيعة صحيحة حتى ذر قرن الشيطان الأموي ليغصب الحق من صاحبه و بأيلولة الأمر إلى بني أمية تشذب فن الاختراع و وضع الحديث ، حتى جعلت الدولة الأموية لمن يتعاطون فن الاختراع و وضع الحديث جعلا يرغب في مثله ـ على حد تعبير الإمام محمد عبده 1 .
هذه المرويات من المخترعات و الموضوعات بقيت إلى جانب غيرها من مرويات عدول الصحابة مرجعا للجمهور على اختلاف مذاهبهم و نزعاتهم الفقهية في التشريع و غيره من الأمور 2 .

المرجعيتان

1 ـ كل الصحابة مرجعية لأهل السنة

الذين اعتبروا كل الصحابة ـ بالمعنيين اللغوي و الاصطلاحي ـ عدولا ، أخذوا كافة مروياتهم عن الصحابة الصادقين العدول بالإضافة إلى المرويات الأخرى و التي وضعت في زمن الفتنة و أخذت صورتها النهائية في العهد الأموي ، ولم يفرقوا بين صحابي و صحابي لأنهم كلهم عدول ، و كلهم في الجنة و من المحال عقلا أن يتعمد الكذب رجل من أهل الجنة . فمرجعية هؤلاء هم الصحابة و قد غلب عليهم اسم أهل السنة ، فأهل السنة هؤلاء عرفوا الدين و فهموه عن طريق الصحابة بالمعنيين اللغوي و الاصطلاحي .
و الصحابة الذين نالوا حظوة في البلاط الأموي كانوا من أكثر الصحابة حديثا .
فقد ذكر أبو محمد بن حزم أن مسند أبي عبد الرحمن بن مخلد الأندلسي قد احتوى من حديث أبي هريرة على ( 5374 ) حديثا ، روى البخاري منها ( 446 ) حديثا .
و غني عن البيان أن أبا هريرة من أقرب المقربين إلى معاوية و أن مدة صحبة أبي هريرة للنبي لا تتجاوز السنة و بضعة أشهر . و الخلاصة أن أي حديث يرويه أي صحابي بالمعنيين اللغوي و الاصطلاحي محترم و مصان ، و هو جزء من الدين عند أهل السنة طالما ثبت أنه صحابي ، لأن الصحابة كلهم عدول و كلهم في الجنة و لا يجوز عليهم تعمد الكذب . و حتى يكون الراوية أهل للثقة يجب أن لا يكون متهما بالتشيع لعلي ( عليه السلام ) أو لأهل البيت ، فإذا ثبت ذلك فهو ليس بثقة من حيث المبدأ .
قال يحيى بن معين : و قيل له في سعيد بن خالد البجلي حين وثقه : هذا شيعي . قال شيعي و ثقة !!! . ولم يعرف الجمهور بهذا الوصف ( أهل السنة ) قبل أواخر القرن الأول لأن التسنن من الأحداث الطارئة 3 .

ما هو السند الشرعي لأهل السنة بمرجعيتهم للصحابة ؟

يقول أهل السنة : إن الرسول ( صلى الله عليه وآله ) قد قال :
” أصحابي كالنجوم بأيهم اهتديتم اقتديتم ” و في رواية فأيهم أخذتم بقوله . . . . .
يقول ابن تيمية شيخ الحنابلة ، و يلقب عند الجمهور بشيخ الإسلام : و حديث أصحابي كالنجوم ضعفه أئمة الحديث فلا حجة فيه 4 . و هذا الحديث باطل بالإجماع 3 .

2 ـ أئمة أهل البيت و ثقات الصحابة هم مرجعية أهل الشيعة

أهل السنة اتخذوا مرجعا فقهيا لهم الصحابة كلهم بالمعنيين اللغوي و الاصطلاحي في مقابل الشيعة الذين رجعوا إلى الأئمة من أهل البيت ( عليهم السلام ) ، و إلى ما رواه ثقات الصحابة عن النبي ( صلى الله عليه و آله و سلم ) بالإضافة إلى كتاب الله في جميع ما جاء به الإسلام من أصول و فروع . و قد ورثوا فقههم و أصولهم و جميع تعاليمهم في جميع مراحله و فصوله عن جدهم أمير المؤمنين الذي وصفه رسول الله بأنه باب مدينة العلم ( أنا مدينة العلم و علي بابها و من أراد المدينة فليأت الباب ) . و كان لهذه المرجعية ضوابط ثابتة ، فقد كان الأئمة ( عليهم السلام ) يقولون : ” إنا إذا حدثنا لا نحدث إلا بما يوافق كتاب الله ، و كل حديث ينسب إلينا لا يوافق كتاب الله فاطرحوه ” .
كما كان الإمام الصادق ( عليه السلام ) يقول : ” حديثي حديث أبي ، و حديث أبي حديث جدي ، و حديث جدي حديث رسول الله ، و حديث رسول الله قول الله ” 5 .

ما هو السند الشرعي لأهل الشيعة بمرجعيتهم لأئمة أهل البيت ؟

السند الشرعي هو النصوص الشرعية القاطعة الواردة في القرآن الكريم و السنة المطهرة بفروعها الثلاثة ، و هي موضع اتفاق بين أهل السنة و أهل الشيعة . فأئمة أهل البيت الكرام هم من الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا 6 بالنص القرآني و القرآن هو الثقل الأكبر و هم الثقل الأصغر بالنص الشرعي ، و الهداية لا يمكن أن تدرك إلا بالتمسك بالثقلين ، و الضلالة لا يمكن تجنبها إلا بالتمسك بالثقلين 7 و هم لهذه الأمة كسفينة نوح من ركبها نجا و من تخلف عنها غرق ، بالنص الشرعي أيضا 8 ، و هم أمان لأمة محمد ، من الاختلاف بالنص الشرعي أيضا 9 و نسوق بأدناه طائفة من الأدلة على كل نص ثم نوردها مجتمعة في باب الميزان .

دور المرجعيتين

1 ـ دور المرجعية عند أهل السنة : قلنا إن مرجعية أهل السنة لفهم البيان القرآني هم الصحابة بالمعنيين اللغوي و الاصطلاحي ، كل الصحابة لا فرق بين واحد و آخر لأنهم كلهم عدول و كلهم في الجنة . و كانت رواياتهم في الدرجة الأولى لا تتعدى أقوال الرسول ( صلى الله عليه و آله ) و أفعاله عند المتقدمين . و عند ما تعددت المذاهب و توزعت في الأمصار شملت الروايات أقوال الرسول و أفعاله و أقوال الصحابي و أفعاله ، و أصبحت آراء الصحابة في الحوادث المصدر الثالث من مصادر التشريع : القرآن ، السنة ، رأي الصحابي . و المذاهب الثلاثة : الأحناف و المالكية و الحنابلة أكثر تعصبا لآراء الصحابة من الشوافع . و مع أن أبا حنيفة كان متحمسا للقياس ، و يراه من أفضل المصادر بعد القرآن ، إلا أنه كان يقدم رأي الصحابة عليه إذا تعارضت في مورد من الموارد . و قد جاء عن أبي حنيفة : ” إن لم أجد نصا في كتاب الله و لا في سنة رسوله ، أخذت بقول أصحابه ، فإن اختلفت آراؤهم في حكم الواقعة آخذ بقول من شئت و أدع من شئت و لا أخرج من قولهم إلى قول غيرهم من التابعين 10 .
و جاء في أعلام الموقعين لابن القيم : ” إن أصول الأحكام عند الإمام أحمد خمسة : الأول النص و الثاني فتوى الصحابة ، و إن الأحناف و الحنابلة قد ذهبوا إلى تخصيص كتاب الله بعمل الصحابي ، لأن الصحابي العالم لا يترك العمل بعموم الكتاب إلا لدليل ، فيكون عمله على خلاف عموم الكتاب دليلا على التخصيص و قوله بمنزلة عمله ” 11 .
فأنت تلاحظ أن أهل السنة قد أمعنوا بالغلو في تقديس الصحابة ، هذا التقديس الذي لا يختلف عن العصمة في شيء 11 .
و عندما انتشرت المذاهب الفقهية ، استغل هذا الغلو المفرط في محاربة التشيع لأئمة أهل البيت 11 و أقوال الصحابة تعامل كأنها وحي من السماء فيخصصون بها عموم الكتاب و يقيدون بها مطلقاته .
2 ـ دور المرجعية عند أهل الشيعة : القرآن الكريم قد جاء تبيانا لكل شيء ، و ما ثبت عن النبي ثبوتا قطعيا لا يرقى إليه شك هو بمثابة النص ، و ما عدا ذلك لا يجوز الاعتماد على السنة في مقام التشريع إلا إذا تأيدت بآية من القرآن لأنه فيه تبيان كل شيء ، و قد نزل بلغة العرب و بأسلوب يفهمه كل عربي ، و ذلك لأن السنة رواها عن الرسول جماعة يجوز عليهم الخطأ و الكذب ، و كانوا لا يقبلون مرويات بعضهم أحيانا و يعمل كل واحد منهم بما يوحيه إليه اجتهاده . و قد تراشقوا بأسوء التهم و استحل بعضهم دماء البعض الآخر 12 .
و باختصار فإن القول الفصل عند الشيعة هو القرآن الكريم المبين لكل شيء و ما ثبت من البيان ( سنة الرسول القولية و الفعلية و التقريرية ) ثبوتا يقينيا لا يرقى إليه الشك .

اختلاف المنطلقين يؤدي لاختلاف النتائج

1 ـ انطلق أهل السنة من منطلق مفاده أن الصحابة ـ كل الصحابة بالمعنيين اللغوي و الاصطلاحي بما فيه الأطفال الذين شاهدوا النبي أو شاهدهم النبي ـ هؤلاء كلهم عدول ، لا يجوز عليهم الكذب و لا يجوز عليهم التزوير ، فهم جميعا من أهل الجنة ، و لا يدخل أحد منهم النار كلهم بلا استثناء بما فيهم الحكم بن العاص طريد رسول الله و طريد صاحبيه ، و بما فيهم عبد الله بن أبي سرح الذي افترى على الله الكذب ، و بما فيهم معاوية . فكانت النتيجة من جنس المنطلق ، فما يقوله الصحابي الذي ثبتت صحبته صحيح لا يأتيه الباطل لأنه من العدول ، فإذا تعددت أقوال الصحابة في المسألة الواحدة فالمجتهد حر ليأخذ بقول أي صحابي شاء و لا حرج عليه ، و يدع من يشاء و لا حرج عليه 13 . فلو قال الحكم بن العاص قولا في مسألة ، و قال أبو هريرة قولا آخر في ذات المسألة ، و قال حذيفة بن اليمان قولا ثالثا في ذات المسألة ، و قال أبو بكر قولا رابعا في ذات المسألة ، فالمجتهد مخير ليأخذ بأي قول من هذه الأقوال ، لماذا ؟ لأنهم صحابة ، و كل الصحابة عدول ، و لا يجوز جرحهم أو الطعن فيهم كما يفعل أهل السنة بالرواة من غيرهم .
و الأهم من ذلك أن الأحناف و الحنابلة قد ذهبوا إلى تخصيص القرآن نفسه بعمل الصحابي و قوله ، لأنه ـ حسب رأيهم ـ لا يمكن أن يترك الصحابي العمل بعموم النص إلا لدليل ، فيكون عمل الصحابي على خلاف عموم النص دليلا على التخصيص و قول الصحابي بمنزلة عمله 14 .
و ما يثير الدهشة حقا هو أنهم يقصدون بالصحابي ـ أي صحابي ـ على الاطلاق المعنيين اللغوي و الاصطلاحي . و هذه مرتبة ترقى بالصحابي إلى درجة العصمة ، و تجعل منه مشرعا حقيقيا أو شريكا بالتشريع .
2 ـ أما أهل الشيعة فالأمر مختلف جدا عندهم من هذه الناحية ، فالشيعة يوالون أصحاب محمد الذين أبلوا البلاء الحسن في نصرة الدين ، و جاهدوا بأنفسهم و أموالهم . و الدعاء الذي تردده الشيعة لأصحاب محمد لهو دليل قاطع على حسن الولاء و إخلاص المودة ، و قد جاء فيه : ” . . . و أصحاب محمد خاصة الذين أحسنوا الصحبة ، و الذين أبلوا البلاء الحسن في نصره ، و كاتفوه و أسرعوا إلى قيادته ، و سابقوا إلى دعوته ، و استجابوا له حيث أسمعهم حجة رسالاته ، و فارقوا الأرواح و الأولاد في إظهار كلمته ، و قاتلوا الآباء في تثبيت نبوته ، و الذين هجرتهم العشائر إذ تعلقوا بعروته ، و انتفت منهم القرابات إذ سكنوا في ظل قرابته اللهم ما تركوا لك و فيك و ارضهم من رضوانك و بما حاشوا الحق عليك ، و كانوا من ذلك لك و إليك ، و اشكرهم على هجرتهم فيك . . . ” 15 هؤلاء هم أصحاب محمد الذين تعظمهم شيعة آل محمد و يدينون بموالاتهم ، و يأخذون تعاليم الإسلام فيما صح وروده عنهم 15 .
و الخلاصة : إن الشيعة لا يثبتون العدالة إلا لمن اتصف بها ، و كانت فيه تلك الملكة . و أصالة العدالة لكل صحابي لا دليل عليه و لا يمكن إثباته . فالشيعة تناقش أعمال ذوي الشذوذ منهم بحرية فكر و تزن كل واحد منهم بميزان عمله ، فلا يوادون من حاد الله و رسوله ، و يتبرأون ممن اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله .
و الشيعة بهذا لا يخالفون كتاب الله و سنة رسوله و عمل السلف الصالح في تمييز الصحابة و من هو مصداق هذا الاسم حقيقة . و من هنا فتحت على الشيعة باب الاتهامات الكاذبة 16 و لأن الشيعة انطلقوا من هذا المنطلق المختلف عن منطلق أهل السنة ، فإنهم قد توصلوا لنتائج مختلفة عن النتائج التي توصل لها أهل السنة .

تعدد المرجعيات

في زمن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، كثيرا ما كانت تختلف الآراء حول المسألة الواحدة و تتعدد ، فيسمعها النبي كلها و لا يضيق بها صدره ، ثم يبسط حكم الشرع في هذه المسألة سواء أكانت نصا قرآنيا أم سنة محمدية ، فيقبل الصادقون هذا الحكم فيوحدهم بعد اختلاف ، و يدخلهم حظيرة اليقين بعد شك في هذه المسألة .
و تتكرر الحادثات ، و تتكرر أحكام الحلول مما يجعل الخلاف بوجهات النظر و تعدد هذه الوجهات مظهرا من مظاهر إثراء الفكر ، و لونا من ألوانه ، لماذا ؟ لأن للناس مرجعية واحدة قولها الفصل و حكمها العدل . فوحدة المرجعية هي الأساس الذي تقوم عليه وحدة المجتمع و وحدة العقيدة ، فإذا تعددت المرجعيات يقع الخلاف المحظور . و الاختلاف و الوحدة نقيضان فيضطر الحاكم لمصادرة حق الناس بطرح أفكارهم ليضمن وحدتهم .
و نتيجة نظرية عدالة كل الصحابة تعددت من الناحية العملية المراجع . فكان في المجتمع الإسلامي عشرات الألوف من المراجع ، كل مرجع له رأيه و تصوره و فهمه . و بتعدد هذه المراجع انقسمت هذه الأمة إلى شيع و أحزاب ، كل شيعة تؤيد مرجعها و تعتقد أنه المصيب و الموصل إلى رضوان الله تعالى . و لكن عمليا ، و بما أن السلطة الحاكمة خاصة عندما تخرج من إطار الشرعية هي المسيطرة على وسائل الأعلام ، فإن بإمكانها أن تسلط الأضواء على المرجع أو تلك المراجع المتحدة و تصورها على أنها وحدها هي الفئة الناجية ، و أنها على الحق المبين ، فتنشر فتاوى هذه المرجعية و تحيطها بهالة من الإنبهار ، و بعملها هذا تدعو الناس بطريقة غير مباشرة للوثوق بهذه المرجعية بغض النظر عن أهلية تلك المرجعية أو عدم أهليتها .
فأبو هريرة صحابي مغمور لم يكن له دور في عهد الخلفاء الراشدين ، و كان يخدم الناس مقابل قوت بطنه ، ولم تتجاوز صحبته للنبي ( صلى الله عليه و آله ) سنة و بضعة أشهر ، لكن نتيجة لقربه من البلاط الأموي و حظوته فيه تحول إلى مرجعية هائلة ، و تحولت أقواله على كثرتها إلى الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه ، و روى من الأحاديث ما ينوف على سبعمائة ضعف ما رواه كبار الصحابة ، لماذا ؟ لأن الدولة تبنته و رشحته ليكون مندوبها في مرجعية تستقطب كل المرجعيات .

حكم الشرع في تعدد المرجعيات

ما من دين على الاطلاق إلا و له مرجعية . و ما من عقيدة إلا و لها مرجعية .
فمحمد هو المرجعية الوحيدة لدين الإسلام و لعقيدته ، فقوله الفصل ، و إذا وجدت مرجعية ثانية بأمر الله ، فإنها مرتبطة به بالدرجة الأولى بوصفه الأعلم و الأفهم بالعقيدة و مرتبطة بالعقيدة .
و الديانة اليهودية لها مرجعية واحدة . فموسى ( عليه السلام ) هو المرجع ، و هارون تابع له ، و إذا انفرد موسى عن هارون فهو خليفته ، فإذا عاد موسى عادت تبعية هارون له .
و الديانة المسيحية لها مرجع وهو عيسى ( عليه السلام ) ، والحواريون مرتبطون به ومسخرون لخدمة الدين تحت إمرته . فإذا انتقل محمد و موسى و هارون و عيسى إلى الرفيق الأعلى ، فيستتبع بالضرورة وجود مرجعية واحدة لكل عقيدة من هذه العقائد الثلاث معينة من قبل المرجعية الأولى بأمر ربها ، و ترك الدين والعقيدة بلا مرجعية ، تفريط تترفع عنه ملكات الأنبياء ، و يتناقض مع كمال الديانات .
و في الإسلام ، فإن مرجعية المسلمين بالنصوص الشرعية القاطعة هم أهل بيت محمد ، وبالتحديد عميد هذا البيت الطاهر في كل زمان . أما لماذا أهل بيت النبوة ؟
فهذا فضل الله يؤتيه من يشاء ، و من جهة ثانية فقد أعدهم الرسول إعدادا علميا ، و قد احتضنوا الرسول و احتضنوا دعوته . و قد بين لنا الله أنهم هم الأفضل في كل زمان ، و تلك من لوازم المرجعية . و كان واضحا بعد وفاة النبي أن مرجعية المسلمين هو عميد أهل بيت النبوة و هو علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) . فكل مسلم قد تبلغ بأن عليا هو مولاه و مولى كل مسلم و مسلمة . أنظر إلى قول الفاروق : ” هذا مولاي و مولاك و مولى كل مؤمن و مؤمنة ” . تلك هي المرجعية الشرعية .

إلغاء المرجعية الشرعية يستتبع بالضرورة إيجاد مرجعية بديلة

تلاحظ أن المرجعية الشرعية في الإسلام قد عطلت بعد موت نبيه ، فصار المرجع الرسمي ، أو القائم مقام المرجع الشرعي هو الخليفة . و دارت الأيام ، فعاد المرجع الشرعي ليقوم بعمله و وظيفة كولي للأمة و مرجع شرعي لها . فقامت الدنيا ولم تقعد إلا بعد أن قتل ، و جاء الحسن فأدرك أن الدنيا ما زالت قائمة و أنها لن تقعد إلا بقتله ، فترك الأمر ، و أحيط بالحسين في كربلاء فقتل و أبيد من حضر معه من أهل بيته الطاهرين ، فأصبحت الأمة بغير مرجعية شرعية . و بما أن المرجعية ضرورة من ضرورات وحدة المجتمع ، ركز الحاكمون الأمويون ليكونوا هم المرجعية و ليقنعوا الأمة أنهم المرجعية الشرعية ، و من الطبيعي أن يكون للكثير من طلاب الدنيا مصلحة بالتعاون معه لتحقيق هذه الغاية .

نظرية عدالة كل الصحابة هي الطريق الفرد لإيجاد المرجعية البديلة

فصلت نظرية عدالة كل الصحابة لغة و اصطلاحا بحيث تتسع بالحاكمين الأمويين ، ثم أضيفت صفة العدالة على الصحابي ـ أي صحابي على الاطلاق ـ و بما أن المرجع الشرعي عادل و لا يجوز عليه الكذب ، و بما أن الصحابي عادل و لا يجوز عليه الكذب و هو من أهل الجنة ، فمعنى ذلك أن الحاكم الأموي عادل و مؤهل ليكون المرجع الشرعي لأمة محمد ، و هذا هو مفتاح سير الأحداث .

لو جاءت النظرية عن طريق غير الحاكمين لفشلت

لو نادى بنظرية عدالة كل الصحابة أشخاص عاديون لفشلت تماما . و لكن نادى بها صحابة بتأييد مادي و معنوي من الحكام ، فقد خصصوا جعلا لمن يضع الأحاديث للطعن بالمرجعية الشرعية بعد وفاة النبي ، و قربوا القائلين بنظرية عدالة كل الصحابة ، و بذلوا لهم المال و الجاه ، و سخروا كل وسائل إعلام الدولة للترويج لهذه النظرية .
و من الطبيعي أن لا تخفى هذه الأساليب على ذوي البصيرة من الصحابة الكرام ، لكن أياديهم مغلولة ، و الأمة متفرقة ، و قد غلبت على أمرها ، فاستنكرها كبار الصحابة بالقول و الفعل ، لكن هذا الاستنكار كان يموت لحظة ولادته في زوايا البيوت ، بينما كان تأييد هذه النظرية يعمم بكل وسائل الإعلام ، وبدعم الدولة نفسها . فعمليات التنقيص من ولي الأمة و مرجعها الشرعي و لعنه و شتمه كانت أمورا يومية تمارسها الأمة بقوة السلاح ، و عنفا عن إرادتها ، و من يعارض ذلك فمصيره مصير حجر بن عدي ، و هو القتل و حرمانه من العطايا الشهرية أو لقمة العيش .
و بنفس الوقت ، كانت عملية إيجاد المرجعية البديلة تشق طريقها بريح ملائمة .

المرجعية البديلة أصبحت شرعية

مات جيل الصحابة الكرام ، و مات التابعون الصادقون ، و ماتت المعارضة ، و اختفت حجة هؤلاء جميعا ، ولم يبق منها إلا النزر اليسير . و بقيت كافة المعلومات الضرورية لإضفاء الشرعية على المرجعية المزيفة و البديلة موجودة بكامل تفاصيلها ، لأنها جزء من وثائق الدولة المحفوظة ، و بالتالي أصبحت شرعية حقيقية من حيث الظاهر بعد أن مات كل الذين يعرفون الحقيقة ، و أخفيت حجتهم و معارضتهم ، ولم يبق منها إلا اليسير ، فاعتقد اللاحقون أن المرجعية الشرعية التي أمر الله بها و أوجدها هي عينها التي نقلت إليهم عن طريق الدولة من أسلافهم ، فأصبحت معارضة هذه النظرية معارضة للدين نفسه لا معارضة للذين أوجدوها ، و أصبحت تقليدا لا تقبل المناقشة ، و من يناقشها أو يعارضها أو ينتقص من الذين وضعوها فهو زنديق لا يواكل و لا يشارب . . . الخ ، و لأن الشيعة بزعامة أهل البيت يعارضون ذلك و لا يقبلون به ، فمن الطبيعي أن تصب عليهم كل اللعنات و أن يصوروا كأنهم أعداء للدين و كفار مجرمون . و هذا ما استقر بذهن العامة ، و بذهن العلماء الذين تخرجوا من جامعات هذه النظرية ، و رووا التاريخ من خلالها .
الحل
إنه لا بديل عن الصبر ، و لا بديل عن الاقتداء بمحمد ( صلى الله عليه و آله و سلم ) ، فقد قاومه كل الناس ولم يركع ، بل استطاع بالحكمة و الموعظة الحسنة ، و بالأساليب الشرعية ، و بالحجة القاطعة و البراهين الساطعة أن يهتك حجب التقليد ، و أن يزيح عن وجه الحقيقة كل ما علق بها . و اقتنع الناس في النهاية ، و تلك هي الوسيلة الوحيدة أمام عشاق الحقيقة الشرعية .

في غياب المرجعية الشرعية

انقسم الناس إلى شيع و أحزاب متنافرة متعارضة كل حزب يدعي أنه على الحق ، و أن غيره على الباطل ، و هم جميعا يعلمون أن الأمة في غياب المرجعية الشرعية ستنقسم إلى ثلاث و سبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، و هم يعلمون أنه لا يوجد إلا حق واحد و هو الذي تسير عليه هذه الفرقة الناجية ، و الفرقة الناجية هي التي تتبع المرجعية الشرعية ، و هذا الانقسام كان واحدا من المبررات التي وجدت من أجلها نظرية عدالة كل الصحابة .

الانقسام الفقهي

في غياب المرجعية الشرعية المخصصة لبيان المقصود الشرعي من النص و تكييف النص على الوقائع انقسم المسلمون إلى عشرات الشيع و الأحزاب الفقهية و التي تحمل في ثناياها طابعا سياسيا بالضرورة ، و تمركزت هذه الأقسام بخمسة قوى :
1 ـ مذهب أهل البيت الكرام : و هو أول المذاهب الإسلامية على الاطلاق ، و هو مذهب الفئة الناجية كما سنثبت ذلك ، و قد أطلق عليه المذهب الجعفري نسبة إلى جعفر الصادق ( عليه السلام ) .
2 ـ المذهب الحنفي : نسبة إلى أبي حنيفة ، و قد أخذ أبو حنيفة عن الإمام جعفر ثم انفرد بمذهب خاص .
3 ـ المذهب المالكي : نسبة إلى مالك ، و قد أخذ عن أبي حنيفة و انفرد بمذهبه أيضا .
4 ـ المذهب الشافعي : نسبة إلى الشافعي ، و قد أخذ عن مالك و انفرد بمذهبه كذلك .
5 ـ المذهب الحنبلي : نسبة إلى أحمد ، و قد أخذ عن الشافعي و انفرد بمذهبه .
و أنت تلاحظ أن الإمام جعفر الصادق هو أستاذ أصحاب المذاهب الأربعة ، و هم يفخرون بذلك . بينما يعتبر العوام أن أتباع المذهب الجعفري على الضلال ، و أن العوام على الصواب .

جذور مطاردة أهل البيت

تمت مطاردة أهل البيت الطاهرين طوال التاريخ السياسي الإسلامي لغايات :
1 ـ إصرار المطاردين ـ بكسر حرف الراء ـ على إجبار أهل البيت للتخلي عن خصوصيتهم التي خصهم الله بها من دون المسلمين .
2 ـ و بنفس الوقت تأويل هذه الخصوصية و إخراجها عن معانيها و وظائفها .
3 ـ إيجاد خصوصيات وضعية منافسة للخصوصية الإلهية لسلب معاني و وظائف خصوصية أهل البيت .
4 ـ نظرية عدالة كل الصحابة جاءت كخصوصية وضعية أريد منها أن تقوم بسلب خصوصية أهل البيت الكرام .
5 ـ و لو أن أهل البيت الكرام عطلوا خصوصيتهم و قبلوا الأمر الواقع فإنهم لن يتركوا و هم بحالة مطاردة مستمرة . لماذا ؟
6 ـ لأن السلطة فاتنة جميلة تزوجها الحكام بالإكراه و سلبوها من زوجها الشرعي ، فملكوا الجسد ، أما قلب الزوجة و روحها ، فمع زوجها الشرعي تحلم بهذا الزوج علنا و هي بقبضة الحكام ، فشبت في قلوب الحكام طوال التاريخ غيرة مجنونة ، و قادتهم هذه الغيرة إلى أفاعيل مخزية .

خصوصية القرابة الطاهرة

البطن الهاشمي خير بطون الناس عامة ، و خير بطون العرب خاصة بالنص الشرعي . و بيت عبد المطلب هو أيضا خير بيوت الناس عامة ، و خير بيوت العرب خاصة ، و بالنص الشرعي أيضا 17 و هو هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب 18 .
و آل محمد هم أفضل الآل ، و قد افترض الله مودتهم بالكتاب ، و جعل الصلاة عليهم ركنا من أركان الصلاة ، و هذا معنى قول الشافعي :
يا أهل بيت نبي الله حبكم *** فرض من الله في القرآن أنزله
كفاكم من عظيم الفخر أنكم *** من لم يصل عليكم لا صلاة له 19 في صواعقه المحرقة : 88 ، و راجع النبهاني : 99 من الشرف المؤيد و هي مرسلة عن الشافعي ، إرسال المسلمات كما يقول الإمام شرف الدين .
و أهل بيت محمد هم دسمة هذه الأمة ، و هم الشجرة التي يتداوى بها ، و هم العترة ( و عترة الرجل هم نسله و رهطه الأقربون ) 20 .
و قد طهر الله أهل بيت نبيه و أذهب عنهم الرجس ـ و آية التطهير لا تخفى على أي مسلم ـ و بفضله تعالى و جهادهم في سبيل الله تقدموا على ما سواهم ، فهم المرجعية الشرعية للمسلمين و للدين ، و منهم القيادة السياسية ، و هذا مجد لا يضاهيه مجد ، و شرف يقصر عنه كل شرف ، و خصوصية لآل محمد .

ما هي الغاية من هذه الخصوصية ؟

الغاية الشرعية من خصوصية القرابة حقيقة أنه تشريف ، و لكنها بجوهرها تكليف لها معنى و لها وظائف فمعناها : أنها نقطة ارتكاز للمسلمين ، فبهم تكتمل الدائرة و يتحدد مركزها ، فيستقطبون الأمة كلما تفرقت ، فتقدم لهم الحل بالتأشير على نقطة الارتكاز الإلهية ، فلا يذهب المسلمون لا للشرق و لا للغرب ، و لا للشمال و لا للجنوب ، إنما يذهبون للقرابة الطاهرة ، و يتجمعون حولها فتجمعهم ، و هي بنفس الوقت مرجعية للدين ، و مرجعية للمسلمين ، فتبين الدين للمسلمين و لغير المسلمين ، و تسمع من المسلمين ثم تقدم الفهم الأمثل لهذا الدين و الموافق تماما للمقصود الإلهي .

وظائف القرابة الطاهرة

1 ـ نقطة ارتكاز و استقطاب .
2 ـ مرجعية للدين لبيانه للناس عامة و للمسلمين خاصة .
3 ـ ثقل أصغر ، و القرآن هو الثقل الأكبر ، و العترة هم الثقل الأصغر ، و الهداية لا تدرك إلا بالثقلين ، و الضلالة لا يمكن تجنبها إلا بالتمسك بهذين الثقلين معا .
فلو تمسكت الأمة بالقرآن الكريم وحده و تركت العترة الطاهرة فستضل حتما .
لماذا ؟ لأن القرآن هو الدواء ، و العترة هي الطبيب ، و الطب عملية اختصاصية 21 .
4 ـ قيادة سياسية للأمة . فعندما تكون القيادة السياسية بعترة محمد تطيب نفوسهم جميعا بها لأنها الحل الجذري الذي يقطع دابر الخلاف ، و يجلب الاستقرار ، و يميت الطمع و التنافس عليها . و قد تكفل الشرع الحنيف ببيان لمن منهم تكون هذه القيادة ، و كيف تنتقل .

لماذا أعطيت القرابة الطاهرة هذه الخصوصية ؟

لماذا اختار الله محمدا للرسالة ولم يختر أبا سفيان ؟ هذا فضل الله يؤتيه من يشاء . لماذا فضل الله بعض النبيين على بعض ؟ هذا فضل الله . لماذا اختار محمدا من بني هاشم ولم يختره من بني عدي أو بني تيم أو بني أمية ؟ هو الذي بيده الفضل يؤتي فضله من يشاء . و لكن باستقرائنا العميق لتاريخ الإسلام يمكن أن نجد بعض التعليلات لهذا الاختيار .

تعليلات

1 ـ لقد بين الله سبحانه و تعالى أن قرابة محمد هم خير الناس و أفضلهم ، و من مصلحة العباد أن يقودهم الأفضل و الأحسن . و قد وثقنا هذه الناحية قبل قليل .
2 ـ الانذار الصادر عن بني هاشم و الموجه لبطون قريش كلها عندما همت بقتل محمد ، إذ أنذرهم أبو طالب قائلا : والله لو قتلتموه ما أبقيت منكم أحدا حتى نتفانى و إياكم . و أثبت لهم أنه قد هم بقتل زعماء قريش عند ما أشيع بأن محمدا قد قتل .
3 ـ إن كل بطون قريش قررت مقاطعة بني هاشم ، و كتبوا كتابا بأن لا يناكحوهم و لا يبايعوهم و لا يخالطوهم . و تم حصر الهاشميين في شعاب أبي طالب ثلاث سنوات ، و انحاز بنو عبد المطلب بن عبد مناف إلى أبي طالب في شعبه .
و قطعت عنهم قريش الميرة و المادة ، فكانوا لا يخرجون إلا من موسم إلى موسم ، و سمعت أصوات صبيانهم من وراء الشعب ، و لقريش مطلب واحد و هو أن يسلم الهاشميون محمدا لقريش لقتله ، أو يخلي الهاشميون بين قريش و بين محمد . و لكن الهاشميين أبوا ذلك ، و دافعوا عن محمد بأرواحهم و أموالهم و أولادهم و استقرارهم .
4 ـ لما فشل الحصار ، و خوفا من القرابة الطاهرة اضطرت قبائل قريش أن تختار من كل قبيلة رجلا تعبيرا عن اشتراكها بقتل محمد يضيع دمه بين القبائل و لا يقوى الهاشميون على المطالبة بدمه ، و تحرك مندوبو القبائل فعلا ليقتلوا النبي ، و لكن الله نجاه .
5 ـ و القرابة الطاهرة في الجاهلية هي ناصية قريش و لا تقطع الأمور دون مشورتهم .
6 ـ و هم وسيلة النجاة بالنص الشرعي ، و هم الأمان بالنص الشرعي لهذه الأسباب مجتمعة و منفردة بالإضافة إلى الفضل الإلهي أعطيت القرابة الطاهرة هذه الخصوصية بالإضافة إلى الإعداد الرباني لعمدائهم من الناحية العملية و التربوية .

تحولت هذه الخصوصية إلى حجة سياسية طوال التاريخ

قال أبو بكر الصديق مخاطبا الأنصار : الناس تبع لنا ، و نحن عشيرة رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) 22 .
و قال عمر الفاروق مخاطبا الأنصار : إنه والله لا ترضى العرب أن تؤمركم و نبيها من غيركم ، و لكن العرب لا ينبغي أن تولي هذا الأمر إلا من كانت النبوة فيهم . لنا بذلك على من خالفنا من العرب الحجة الظاهرة و السلطان المبين ، من ينازعنا سلطان محمد و ميراثه و نحن أولياؤه و عشيرته إلا مدل بباطل أو متجانف لإثم أو متورط في هلكة 22 .
قال بشير بن سعد مخاطبا الأنصار و معقبا على قول الفاروق و الصديق : ” إن محمدا رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) رجل من قريش ، و قومه أحق بميراثه و تولي سلطانه ، و أيم الله لا يراني الله أنازعهم هذا الأمر أبدا ، فاتقوا الله و لا تنازعوهم و لا تخالفوهم ” 23 .
فسلم الأنصار و قالوا : لا نبايع إلا عليا ، و علي غائب مشغول و أهل البيت بمصابهم . و بايعت الأكثرية الحاضرة في سقيفة بني ساعدة أبا بكر الصديق و خرج كخليفة ، و خرج عمر كنائب للخليفة ، و خرج أبو عبيدة كنائب ثان للخليفة ، و خرج الذين بايعوه كجيش للخليفة 24 .
فوجئ الإمام علي بما جرى ، و طلب منه نائب الخليفة و ولي عهده عمر بن الخطاب أن يبايع أبا بكر كخليفة للمسلمين ، فقال علي مخاطبا أبا بكر و عمر : ” إنا أحق بهذا الأمر منكم ، لا أبايعكم و أنتم أولى بالبيعة لي ، أخذتم هذا الأمر من الأنصار و احتججتم عليهم بالقرابة من النبي ، و تأخذونه منا أهل البيت غصبا ؟ ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم لما كان محمد منكم ، فأعطوكم المقادة و سلموا إليكم الأمارة . و أنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار . نحن أولى برسول الله حيا و ميتا ، فأنصفونا إن كنتم تؤمنون و إلا فبوءوا بالظلم و أنتم تعلمون ” .
فقال له عمر : إنك لست متروكا حتى تبايع . فقال له علي : احلب حلبا له شطره ، و اشدد له اليوم أمره يردده عليك غدا . الله الله يا معشر المهاجرين لا تخرجوا سلطان محمد في العرب عن داره و قعر بيته إلى دوركم و قعور بيوتكم ، و لا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقه ، فوالله يا معشر المهاجرين لنحن أحق الناس به ، لأنا أهل البيت و نحن أحق بهذا الأمر ما كان فينا القارئ لكتاب الله الفقيه في دين الله ، العالم بسنن رسول الله ، المضطلع بأمر الرعية ، المدافع عنهم الأمور السيئة ، القاسم بينهم بالسوية . والله إنه لفينا فلا تتبعوا الهوى فتضلوا عن سبيل الله فتزدادوا من الحق بعدا . فقال بشير بن سعد الأنصاري : لو كان هذا الكلام سمعته الأنصار منك يا علي قبل بيعتها لأبي بكر ما اختلف عليك اثنان 25 .
و لما ماتت فاطمة ( عليها السلام ) أرسل علي إلى أبي بكر أن أقبل إلينا ، فأقبل أبو بكر حتى دخل على علي و عنده بنو هاشم . فحمد الله و أثنى عليه ثم قال ، أما بعد يا أبا بكر ، فإنه لم يمنعنا أن نبايعك إنكارا لفضيلتك و لا نفاسة عليك ، و لكنا كنا نرى أن لنا في هذا الأمر حقا ، فاستبددت به علينا ، ثم ذكر قرابته من رسول الله ، فلم يزل يذكر حتى بكى أبو بكر . فقال أبو بكر : لقرابة رسول الله أحب إلي من قرابتي 26 .
أتى المغيرة بن شعبة فقال : الرأي يا أبا بكر أن تلقوا العباس فتجعلوا له في هذه الإمرة نصيبا ، و تكون لكما الحجة على علي و بني هاشم . فانطلق أبو بكر و عمر و أبو عبيدة و المغيرة إلى العباس . و مما قاله أبو بكر للعباس : . . . و قد جئناك و نحن نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيبا . . . إلى أن قال : على رسلكم يا بني عبد المطلب ، فإن رسول الله منا و منكم . فأجابه العباس على كل النقاط التي أثارها إلى أن قال : و أما قولك إن رسول الله منا و منكم ، فإنه قد كان من شجرة نحن أغصانها و أنتم جيرانها 26 .
و قد آلت الأمور إلى الفاروق ، لأن أبا بكر أوصى له ، و لأنه من قريش عشيرة النبي ، ثم آلت إلى عثمان لنفس الأسباب ، فقد أوصى له عمر عمليا ، و لأنه أيضا من قريش . و آلت الأمور إلى علي لأنه الولي ، و لأن الناس بايعوه ، كذلك الحسن ( عليه السلام ) ، و عندما غصب معاوية الأمر بالقوة كان من مبررات حكمه أنه من قريش و من أقارب النبي ، فهاشم و عبد شمس إخوة ، فسنده الظاهري القربى و الغصب ، و هكذا سند الحكم الأموي كله ، و جاء بنو العباس و قد تسلحوا بالقرابة و ضربوا على وتر الآلام التي لحقت بأهل البيت كمقتل الأئمة علي و الحسن و الحسين و الذرية الطاهرة ، ثم تسلموا بالقوة فغلبوا و حكموا .
فالحكم من بعد وفاة الرسول ( صلى الله عليه و آله ) و حتى سقوط آخر خلفاء بني العباس قام في جانب منه على قاعدة أن الأئمة من قريش ، و قريش هي قرابة النبي ، و أنت تلاحظ أن القرابة من النبي يحرم منها أهل البيت ، و يستفيد منها الأبعدون .

معاملة الحكام للقرابة الطاهرة من الناحية السياسية

مشى عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ في جماعة و أخرجوا عليا غير عابئين ببكاء فاطمة الزهراء و جاء به إلى أبي بكر فقالوا له : بايع . فقال علي : إن لم أفعل فمه ؟ قالوا : إذا نضرب عنقك . قال علي : تقتلون عبد الله و أخا رسوله ؟ فقال عمر للخليفة أبي بكر : ألا تأمر فيه بأمرك ؟ فقال أبو بكر : لا أكرهه على شيء ما كانت فاطمة إلى جانبه . فلحق بقبر رسول الله يصيح و يبكي و ينادي : ﴿ … ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي … ﴾ 27 ، و نادت فاطمة بأعلى صوتها : يا أبت ، يا رسول الله ، ماذا لقينا بعدك من الخطاب و ابن أبي قحافة .
و تخلف قوم عن بيعة أبي بكر ، و كانوا في بيت علي ، فبعث أبو بكر إليهم عمر فناداهم و هم في دار علي فأبوا أن يخرجوا ، فدعا بالحطب و قال : والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقن الدار على من فيها ، فقيل : يا أبا حفص ، إن فيها فاطمة ، فقال : وإن 28 . و خرجوا ولم يحرق الفاروق بيت فاطمة ، و ماتت فاطمة و دفنت ليلا ، لأنها أوصت أن لا يصلي عليها أبو بكر . و بعد موتها بايع علي أبا بكر و أوصى أبو بكر لعمر ، و خلال حياتهما كانا يقدمان أهل البيت عند توزيع العطايا . فقد بدأ عمر بمحمد و آله ، ثم أبو بكر و آله ، ثم عمر و آله ، كما يروي البلاذري في فتوح البلدان ، و كانا يستشيران الإمام علي و يرجعان إليه 29 . و عصر أبي بكر و عمر في جانب من جوانبه عصر ذهبي لأهل البيت .
و جاء الأمويون فحاربوا عليا ، و سموا الحسن ، و قتلوا الحسين ، و أبادوا إبادة كاملة من حضر معه من أهل البيت ، و منعوهم من أن يشربوا من ماء الفرات ، و تاريخ الأشراف للبلاذري يروي هذه المحنة ، و صبوا كل غضبهم على من يحب أهل بيت محمد ، و بعد أن استولى معاوية على الحكم كتب إلى جميع عماله في جميع الآفاق بأن يلعنوا عليا في صلواتهم و على منابرهم كما يقول العقاد في ميزانه صفحة 16 .
ولم يقف الأمر عند ذلك ، بل كانت مجالس الوعاظ في الشام تختم بشتم علي ، كما يروي ابن عساكر ( : 3 / 407 ) ، و بالتالي ، فلم يجيزوا لأحد من شيعته و أهل بيته شهادة ، و محوا من الديوان كل من يظهر حبه لعلي وأولاده ، و أن يسقطوا عطاءه و رزقه 30 .
و جاء بعدهم العباسيون . يقول أبو بكر الخوارزمي : ” و الجملة أن هارون مات و قد حصد شجرة النبوة و اقتلع غرس الإمامة ” 30 .
ثم ها هو المنصور في ثورة غضبه يقول و قد عزم على قتل الإمام جعفر الصادق : قتلت من ذرية فاطمة ألفا أو يزيدون ، و تركت سيدهم و مولاهم جعفر بن محمد 31 . ثم قال مشافهة للإمام الصادق : لأقتلنك و لأقتلن أهلك حتى لا أبقي على الأرض منك قامة سيف ، و لأضربن المدينة حتى لا أترك فيها جدارا قائما 32 .
و يقول الطبري في تاريخه : إن المنصور هذا ترك خزانة رؤوس ميراثا لولده المهدي كلها من العلويين ، و قد علق بكل رأس ورقة كتب فيها ما يستدل به على صاحبه ، و من بينها رؤوس شيوخ و شبان و أطفال 33 . و المنصور هو الذي كان يضع العلويين في الإسطوانات و يسمرهم في الحيطان ، كما ذكر اليعقوبي في تاريخه ، و يتركهم يموتون في المطبق جوعا ، و تقتلهم الروائح الكريهة ، حتى لم يكن لهم مكان يخرجون إليه لإزالة الضرورة . و كان يموت أحدهم و يترك حتى يبلى من غير دفن ثم يهدم المطبق على من تبقى منهم أحياء و هم في أغلالهم 34 .
و أما الرشيد فقد أقسم على استئصالهم و كل من تشيع لهم ، و اشتهر عنه قوله :
حتام أصبر على آل بني أبي طالب والله لأقتلنهم و لأقتلن شيعتهم و لأملقن و لأملغن 35 ، و كان شديد الوطأة على العلويين يتبع خطواتهم و يقتلهم 36 .
كتب المنصور يوما إلى الإمام الصادق ( عليه السلام ) : لم لا تغشاني كما تغشاني الناس ؟ فأجابه الصادق : ليس لنا ما نخافك من أجله ، و لا عندك من أمر الآخرة ما نرجوك له ، و لا أنت في نعمة فنهنيك ، و لا تراها نقمة فنعزيك ، فما نصنع عندك ؟ ” فكتب المنصور إليه ، تصحبنا لتنصحنا . فأجابه الإمام من أراد الدنيا لا ينصحك ، و من أراد الآخرة لا يصحبك 37 .

نوعا القرابة

1 ـ القرابة القريبة لمحمد ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و هم فاطمة و علي و حسن و حسين و نسلهم لاحقتهم خصوصية القرابة و جرت عليه كل الويلات و المآسي ، و تلك مكافأة على موقف أبي طالب نحو الإسلام و نبي الإسلام و على موقف علي في حروب الإسلام مع أعدائه ، فعليهم الغرم كله و الغنم لسواهم .
2 ـ القرابة البعيدة من رسول الله ، فقد حكموا لأنهم من عائلة النبي ( قريش ) فأخذوا الغنم كله و خصوا القرابة القريبة بالغرم كله .
عزل العترة الطاهرة
النتيجة المنطقية أن عزل الإمام بعد وفاة فاطمة ، و تجلت رغبة عزل الإمام عن بني هاشم بمحاولة اجتذاب العباس إلى السلطة و إغرائه ببعض الأمر له و لعقبه . لكن العباس رفض ذلك رفضا قاطعا ، ورد ردا حاسما على السلطة الراشدة . و مع الأيام عزلت القرابة القريبة الطاهرة عن بني هاشم و عن آل البيت و عن الناس لأنه و بالمعيار الموضوعي فإذا قدر للشخص العادي أن يختار بين السلطة و بين خصومها فإنه سيختار جانب السلطة لأنها هي الجانب القوي المالك لزمام الأمور . فكانت أغلبية الأمة مع الحكام . و أقليتها مع أهل البيت ، أو كما عبر الشاعر : القلوب مع أهل البيت و السيوف عليهم و مع أعدائهم . فعمرو بن سعد بن أبي وقاص الذي قاد جيش الخليفة ضد الحسين و أهل البيت في كربلاء صلى الصبح و قال : اللهم صل على محمد و آل محمد و بعد أن أنهى الصلاة قام بقتل الموجودين من أهل بيت محمد ، ولم يكتف بقتلهم بل قطع رؤوسهم كلهم ، كما يجمع على ذلك ثقات المؤرخين ، و سلبوا أهل البيت حتى لباسهم و هم أموات . و تحركت الخيول فوطئت جثة الحسين و جثث من معه من أهل البيت تقربا إلى ابن زياد و إلى يزيد بن معاوية . ولله في خلقه شؤون .
و تلك ثمرة من ثمرات المقولة ” لا ينبغي أن يجمع الهاشميون النبوة مع الملك ” .

تأويل الخصوصية

ما ثبته الله لن يهزه البشر ، و ما وضعه الخالق لن يغيره المخلوق ، أدرك الحكام أن خصوصية أهل البيت لن تتغير مهما فعلوا بهم . فالصلاة عليهم مفروضة و طهارتهم واردة في القرآن الكريم ، و ولايتهم على الأمة ثابتة ، و النصوص بفضلهم آخذة بالأعناق . و حتى لو تم إبادة أهل البيت إبادة تامة فإن هذه الخصوصية ستبقى شبحا يلاحق الحكام ليلا نهارا . و من هنا لا بديل عن تأويل هذه الخصوصية .

الآمال التي علقت على نظرية الصحابة

الذين اخترعوا هذه النظرية علقوا عليها الآمال التالية :
1 ـ تأويل خصوصية أهل بيت النبوة تأويلا يفرغها من مضمونها و وظيفتها .
2 ـ إيجاد خصوصية بديلة تنافس خصوصية أهل البيت ، و تقوم بالتعاون مع الحكام بوظائف أهل البيت .
3 ـ خلق الشبهات و إيجاد حالة من الحيرة و الشك لتفريق المحكومين و إشغالهم عن الحكام بخلافات جانبية و تغذية هذه الخلافات لتتحول إلى خلافات عميقة و دائمة .
التقابل بالصفات
أهل البيت الكرام أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا . و من أهل البيت ـ بكل الموازين ـ فاطمة و علي و حسن و حسين على الأقل . لقد طهر الله هؤلاء و بشرهم في الجنة قبل أن يبشر المبشرين في الجنة ، و هم سادات أهل الجنة بالنص 38 . و غني عن البيان أنهم عدول ، لأن من ملك الأكثر ملك الأقل ، و من حاز الدائرة حاز ما في ضمنها .
الصحابة : أجلاء الصحابة الذين أخلصوا لله قوم مكرمون عدلهم الله ، و لكن الذين حكموا ليسوا من أجلاء الصحابة ، بل هم في غالبهم طلقاء أسلموا بعد أن أحيط بهم . إنه لا يوجد طريقة في الدنيا يمكن أن تجعلهم في مرتبة أهل البيت إلا نظرية عدالة كل الصحابة بالمعنيين اللغوي و الاصطلاحي . فهي تساوي بين من أسلم من قبل الفتح و قاتل وبين من أسلم بعد الفتح . تساوي بين القاتل و المقتول ، و المحاصر و المحاصر ، و بين المهاجر و الطليق ، و بين المؤمن و المنافق ، و تعطيهم جميعا نفس الصفة ( العدالة ) . فعلي بن أبي طالب من أهل البيت و صحابي ، و معاوية بن أبي سفيان صحابي . هذا عادل و هذا عادل ، هذا مجتهد و هذا مجتهد ، هذا في الجنة و هذا في الجنة ، و كلاهما منزه عن الكذب . علي أول من أسلم ، و ولي الله بالنص ، و حامل لواء النبي في كل معاركه ، و بطل الإسلام في كل مواقعه ، هو تماما كمعاوية الذي حارب و أبوه الإسلام في كل المواقع ، و أسلما بعد ما أحيط بهما !!!
العدالة الوضعية ترفض هذا التكييف ، و من باب أولى أن ترفضه عدالة السماء ، الله فرق بين الاثنين ، و نبيه فرق بين الاثنين ، و الأعمال فرقت بين الاثنين ، فمن أمرنا بمساواتهما ؟ و ما هو الدليل على ذلك غير نظرية عدالة الصحابة ؟ .
تلك النظرية التي وجدت أصلا للقضاء على الفوارق بين المتقدمين و المتأخرين ، بين المجاهدين و القاعدين ، بين الأولين و الآخرين .
فما وجدت نظرية عدالة كل الصحابة و ما خلصت صفة العدالة على الجميع إلا لغايات منافسة العدالة للطهارة التي اختص الله بها أهل بيت نبيه .

مثال من الواقع

علي عميد أهل البيت بالنص ، و ولي الأمة بالنص ، و أول من أسلم بالنص ، و مجاراة للذين يكرهون أن يكون الأول هو ثاني من أسلم بالنص ، و الحق معه يدور حيث دار بالنص ، و موالاته موالاة لله بالنص ، و معاداته معاداة لله بالنص ، و هو صحابي باعتراف كل الذين أسسوا نظرية عدالة الصحابة ، و هو مبشر بالجنة . فإذا كان علي صحابيا ، فلماذا فرضتم لعنه فوق كل المنابر و في كل الأمصار الإسلامية ؟
و لماذا لعنتموه و شتمتموه فعلا ؟ ألستم أنتم الذين حددتم عقوبة من يشتم الصحابي فقلتم : إنه زنديق ، لا يواكل و لا يشارب و لا يصلى عليه ؟ أم أن عدالة كل الصحابة تعمل لصالح الجميع إلا لصالح علي و أهل بيته ؟ حيث تتعطل عندهم و لا تعمل و لا تخلع عليهم صفة العدالة ؟

مثال آخر من الواقع

الحسن بن علي و الحسين بن علي سيدا شباب أهل الجنة في الجنة ، و ريحانتا النبي من هذه الأمة ، و هما ابنا رسول الله بالنص ، فقد جعل الله ذرية كل نبي من صلبه ، و جعل ذرية النبي من صلب علي ، و هما صحابيان و من العدول لأنهما صحابيان ، و من غير الجائز الانتقاص من صحابي أو شتمه أو طعنه ، و من يفعل ذلك فهو زنديق لا يواكل و لا يشارب و لا يصلى عليه . . . . الخ .
فما بالكم بمن سموا الصحابي الحسن بن علي ؟ و ما هو حكمكم بمن قتل الحسين و حرم عليه و على أهل بيته أن يشربوا من ماء الفرات و هو حلال للوحش و الطير و الحيوان و حتى للكلاب ؟ ألا يعتبر القتل انتقاصا ؟ ما رأيكم بمن يقتل ذرية محمد كلها و يسلبها متاعها و هي ميتة و يسبي النساء و ذرية محمد من الصحابة و نساء الذرية من الصحابة ؟!!!

توضيح الصورة

الذين سموا الحسن صحابة بالمعنيين اللغوي و الاصطلاحي ، و الذين قتلوا عليا صحابة ، و الذين قتلوا الحسين صحابة ، و الذين أبادوا ذرية النبي في كربلاء صحابة ، و الذين لعنوا عليا و شتموه و من والاه صحابة ، و الذين لم يقبلوا شهادة من يحب عليا صحابة .

تساؤل و استغراب

الحسن بن علي المسموم من العدول ، لأنه من الصحابة ، و الذين سموه عدول ، لأنهم من الصحابة ، و الحسين بن علي من العدول لأنه صحابي ، و الذين قتلوه من العدول ، لأنهم من الصحابة ، و ذرية محمد التي قتلت في كربلاء عدول ، لأنهم صحابة ، و الذين قتلوهم عدول ، لأنهم صحابة .
السام ( الذي ارتكب جريمة القتل بالسم ) و هو الجاني ، و المسموم و هو الضحية في الجنة ، لأنهم صحابة ، و لأنهم عدول ، و القاتل و المقتول في الجنة ، فكلاهما صحابي و من العدول ، و السالب و المسلوب في الجنة ، و كلاهما صحابي ، و كلاهما من العدول .
هذه المساواة تشكل استهتارا بالعقل البشري و مظهرا من مظاهر العبودية المخجلة للتقليد .

أدت الرسالة

و نظرية عدالة الصحابة أدت الرسالة تماما . فعلي كمعاوية ، فكلاهما صحابي ، و هما من العدول ، و كلاهما في الجنة ، و كلاهما على الحق ، و المنتصر هو ولي الأمة ، و العام الذي انتصر أحدهما على الآخر هو عام الجماعة .

التقابل بالحماية

من آذى أهل البيت فقد آذى النبي ، و يقابلها : من آذى صحابيا فقد آذى النبي ، و من أبغض أهل بيت محمد فهو في النار ، و من أبغض صحابيا على الاطلاق فهو في النار . و زيادة على الحماية المخصصة لأهل البيت فإن من انتقص صحابيا فهو زنديق ، و يجب أن يعزل فلا يواكل و لا يشارب و لا يصلى عليه ، إنما ينبذ كجيفة ميتة . فنظرية عدالة الصحابة أعطت الصحابة الحماية المقررة لأهل البيت و زيادة .

في مجال البيان

القرآن هو الثقل الأكبر ، و أهل بيت محمد هم الثقل الأصغر ، و الهداية لا تدرك إلا بالتمسك بالثقلين . و الضلالة لا يمكن تجنبها إلا بالتمسك بهما . هذا بالنص الشرعي القاطع 39 . و أهل البيت هم سفينة نوح من ركبها نجا و من تخلف عنها غرق بالنص الشرعي القاطع و هم باب حطة ، من دخله غفر له بالنص الشرعي القاطع . و هم أمان لهذه الأمة .
النجوم أمان لأهل الأرض ، و أهل بيته أمان لأمة محمد من الاختلاف بالنص الشرعي القاطع ، و الأمة بدونهم كالحمار إذا كسر صلبه ، و عميدهم يبين للناس ما اختلفوا فيه من بعد وفاة النبي بالنص الشرعي 40 .

أمثلة ما تعطيه نظرية عدالة كل الصحابة للصحابة

” مثل أصحابي في أمتي كالملح في الطعام فلا يصلح الطعام إلا بالملح ” . ورد هذا الحديث في الاستيعاب على هامش الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر 41 و انظر إلى الحديث رقم 33792 من كنز العمال 42 حيث جاء فيه بالحرف : قريش صلاح الناس ، و لا يصلح الناس إلا بهم ، و لا يعطى إلا عليهم ، كما أن الطعام لا يصلح إلا بالملح . . . نقله عن ابن عدي في الكامل عن عائشة . و انظر الحديث 33807 ( : 12 / 25 ) ” أمان لأهل الأرض من الغرق القريش ، و أمان الأرض من الاختلاف الموالاة لقريش ، قريش أهل الله ، فإذا خالفتها قبيلة من قبائل العرب صاروا حزب إبليس ” . و قد نقله عن الطبراني في الكبير ، و عن الحاكم في مستدركه .
و قد روى الترمذي و ابن حيان كما ذكر ابن حجر في الإصابة ( ص 19 ) أن الرسول ( صلى الله عليه و آله ) قد قال : ” الله الله في أصحابي لا تتخذوهم عرضا ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم ، و من أبغضهم فببغضي أبغضهم ، و من آذاهم فقد آذاني ، و من آذاني فقد آذى الله ، و من آذى الله فيوشك أن يأخذه ” 43 .

نصوص للتدبر

أ ـ قال ( صلى الله عليه و آله ) : ” يا علي من فارقني فقد فارق الله ، و من فارقك فقد فارقني ” 44 .
و قال : ” من آذى عليا فقد آذاني ” 45 .
و قال : ” من أحب عليا فقد أحبني ، و من أبغض عليا فقد أبغضني ” 46 .
و قال لعلي مرة : ” حبيبك حبيبي و حبيبي حبيب الله ، و عدوك عدوي و عدوي عدو الله و الويل لمن أبغضك بعدي ” 47 .
و قال : ” طوبى لمن أحبك و صدق فيك ، و ويل لمن أبغضك و كذب فيك ” 48 و قال : ” أوصي من آمن بي و صدقني بولاية علي بن أبي طالب ، فمن تولاه فقد تولاني ، و من تولاني فقد تولى الله ، و من أحبه أحبني و من أحبني فقد أحب الله ، و من أبغضه أبغضني ، و من أبغضني فقد أبغض الله ” 49 .
ب ـ قال ( صلى الله عليه و آله ) : ” النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق ، و أهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف ، فإذا خالفتها قبيلة من قبائل العرب ، و اختلفوا فصاروا حزب إبليس ” 50 . و انظر إلى قوله ( صلى الله عليه و آله ) : ” النجوم أمان لاهل السماء و أهل بيتي أمان لأمتي ” 50 .

تساؤلات

ماذا يكون الموقف لو أن صحابيا أبغض عليا أو آذاه ، أو أن عليا أبغض صحابيا أو آذاه فمن نتبع ؟ و من هو المحق و من هو المبطل ؟ ماذا يكون الموقف لو أن قريشا قالت : نحن أمان لهذه الأمة ، و قال أهل البيت : نحن أمان لهذه الأمة ؟ فمن نصدق ؟ ماذا يكون الموقف لو أن قسما من الأمة اتبعوا قريشا ، و قسما آخر اتبعوا أهل البيت ؟ و كل فريق زعم أنه على الحق ، فمن هو الذي على الحق في الحق و الحقيقة ؟
أنظر إلى الحديث المكذوب على رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) و هو : ” أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ” .
هذا حديث مكذوب . يقول ابن تيمية على الصفحة 551 من كتاب ” المنتقى ” للذهبي : ” و حديث أصحابي كالنجوم ضعفه أئمة الحديث فلا حجة فيه ” . فلو أن مجموعة من الصحابة وقفوا مع علي ، و مجموعة أخرى وقفوا مع معاوية ، و مجموعة ثالثة اعتزلت الفريقين ، و مجموعة رابعة تربصت لترى من يغلب فتقف معه ، فهل يعقل شرعا و عقلا أن من يتبع أي مجموعة من هذه المجموعات الأربعة هو محق ؟
فمن يكون المبطل إذا ؟!! .
ماذا يكون الموقف لو أن صحابيا قال : إن الحق عندي هنا في الشرق . و بنفس الوقت قال صحابي آخر : إن الحق عندي في الغرب ، ثم قال ثالث : إن الحق عندي هنا في الشمال ، و قال رابع : إن الحق عندي هنا في الجنوب ، و قال خامس : إن الحق عندي هنا في زاوية 45 شمال . . . الخ ، و انقسمت الأمة 73 فرقة كما أخبرنا النبي ، و بيد كل فرقة ذريعة ، فهل يعقل بالشرع و العقل أن يكونوا كلهم على الحق ؟
إنه لا يوجد إلا حق واحد!! إن الفرقة جريمة ، و إن الوحدة قربة من الله ، فهل يعقل أن يفرق النبي أمته ؟ .

تلقين الحجة بالواسطة

قال النبي ( صلى الله عليه و آله ) لعلي : ” أنت تؤدي عني و تسمعهم صوتي و تبين لهم ما اختلفوا فيه من بعدي ” 51 .
( مع أن أبا حنيفة كان متحمسا للعباس ، فقد كان يقدم رأي الصحابي عليه إذا تعارضا في مورد من الموارد ) 52 . و جاء عنه أنه كان يقول : ” إن لم أجد في كتاب الله و لا في سنة رسول الله أخذت بقول أصحابه ، فإن اختلفت آراؤهم في حكم الواقعة أخذت بقول من شئت و أدع من شئت ، و لا أخرج من قولهم إلى قول غيرهم من التابعين ” 53 .
و جاء في أعلام الموقعين لابن القيم : ” إن أصول الأحكام عند الإمام أحمد خمسة : الأول : النص ، و الثاني : فتوى الصحابة ، و إن الأحناف و الحنابلة قد ذهبوا إلى تخصيص الكتاب بعمل الصحابي ، لأن الصحابي العالم لا يترك العمل بعموم الكتاب إلا لدليل ، فيكون عمله على خلاف عموم الكتاب دليلا على التخصيص ، و قوله بمنزلة عمله ” 54 .
و نذكر بالمناسبة بأن سنة الرسول تعني : القول و الفعل و التقرير . و لاحظ ” وقوله عن الصحابي بمنزلة عمله ” . فقول الصحابي على الاطلاق بالمعنيين اللغوي و الاصطلاحي يخصص عموم القرآن و يقيد مطلقاته ، كأن قول الصحابي وحي من السماء لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه ، و المشكلة أي صحابي بالمعنيين اللغوي و الاصطلاحي . إن نظرية عدالة الصحابة أعطت الصحابة ما لم يعطه الشرع لأئمة أهل البيت .
قال ابن خلدون : إن الصحابة كلهم لم يكونوا أهل فتيا ، و لا كان الدين يؤخذ عن جميعهم ، و إنما كان مختصا بالحاملين للقرآن ، العارفين بناسخه و منسوخه ، و متشابهه ، و محكمه ، و سائر أدلته بما تلقوه من النبي ( صلى الله عليه و آله ) أو ممن سمعه منهم و عن عليتهم ، و كانوا يسمون لذلك ” القراء ” أي الذين يقرأون الكتاب ، لأن العرب كانوا أمة أمية ، فاختص من كان قارئا للكتاب بهذا الاسم لقرابته يومئذ ، و بقي الأمر كذلك صدر الملة .
و عن محمد بن أبي سهل بن أبي خيثمة عن أبيه قال : ” كان الذين يفتون على عهد رسول الله ثلاثة نفر من المهاجرين و ثلاثة نفر من الأنصار : عمر و عثمان و علي ، و أبي بن كعب و معاذ بن جبل و زيد بن ثابت .
و عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن أبا بكر الصديق كان إذا نزل به أمر يريد مشاورة أهل الرأي دعا رجالا من المهاجرين و الأنصار . دعا عمر و عثمان و عليا و عبد الرحمن بن عوف و معاذ بن جبل و أبي بن كعب و زيد بن ثابت ، و كل هؤلاء كان يفتي في خلافة أبي بكر ، و إنما تصير فتوى الناس إلى هؤلاء ، فمضى أبو بكر على ذلك ، ثم ولي عمر فكان يدعو هؤلاء النفر 55 .

التوسعة في التفقه

أنت تلاحظ أن نظرية عدالة كل الصحابة نسفت كل الأعراف التي اعتمدت زمن أبي بكر و عمر و خرجت عن كل المفاهيم المألوفة في عهده ( صلى الله عليه و آله ) ، و أعطت الفرصة لكل صحابي على الاطلاق و بالمعنيين اللغوي و الاصطلاحي ليدلي بدلوه في كل مسألة من المسائل . و من حق المجتهد و الباحث عن الجواب للسؤال المطروح أن يأخذ برأي أي واحد من هؤلاء الصحابة . كيف لا و كلهم عدول ، و كلهم من أهل الجنة ، و لا يجوز عليهم الكذب ، فاختلطت الأمور ، فالمتقدم كالمتأخر ، و الطليق كالمهاجر ، فكلهم ينعم بصفة العدالة ، و لا تثريب عليه ، و لا معقب لقوله حسب الاطار العام لنظرية عدالة كل الصحابة و ما يروى عنهم . و تثبت صحة نسبته إليهم ، فهو الحق الذي لا يأتيه الباطل ، لأنه قد صدر عن عدول بإمكانهم أن يخصصوا العام من القرآن ، و أن يقيدوا المطلق منه . و من هنا فقد كانت الجهود منصبة بالدرجة الأولى على درس حياة أولئك الذين ينقلون هذه الأحاديث و التحقق من حسن سيرتهم ، و صدق إيمانهم ، و صدق أقوالهم . فإذا توافرت هذه الصفات بالراوي ، و تحققت نسبة النص إلى الصحابي ، فهذا النص حق لأنه صادر عن صحابي من العدول .

قيد على الرواة من حيث المبدأ

يمكن لأحد الرواة أن يتشيع لأبي بكر أو لعمر أو لعثمان أو لسعد أو لأي صحابي على الاطلاق . فهذا لا يخدش بصدقه و أمانته ، و لا يكون محلا للشبهة ، إنما الشبهة تقع على من يوالي عليا و أهل البيت و يتشيع لهم ، فمن المحال أن يكون ثقة و لا تقبل روايته ، و إذا اجتمع عدة رواة كلهم ثقات و بينهم رجل يحب أهل البيت ، و يتشيع لهم فيترك الحديث كله ، لأنهم لا يقبلون إلا رواية الثقة ، و الثقة و التشيع لأهل بيت محمد لا يجتمعان .
قال أبو عمر بن عبد البر : روينا عن محمد بن وضاح قال : سألت يحيى بن معين عن الشافعي ( محمد بن إدريس الشافعي ) فقال : ليس بثقة . و يحيى بن معين هذا من كبار أئمة الجرح و التعديل الذين جعلوا قولهم في الرجال حجة قاطعة .
فتصور أن الشافعي صاحب المذهب ليس بثقة بنظر ابن معين ، لأن فيه بعض التشيع لأهل البيت . و قد أدرك الذهبي أن هذا غير معقول فقال : ” و كلام ابن معين في الشافعي إنما كان من فلتات اللسان بالهوى والعصبية ” . و الإمام جعفر بن محمد الصادق أستاذ أصحاب المذاهب الأربعة و صاحب مدرسة تخرج منها أربعة آلاف فقيه و محدث ، و هو صاحب مذهب أهل البيت الكرام ، و علم شامخ من أعلام النبوة و ثقة أبو حاتم و النسائي ، إلا أن البخاري لم يحتج به كأنه ليس ثقة مع أنه قد روى لمروان بن الحكم .
قال يحيى بن معين : و قيل له في سعيد بن خالد الجلي حين و ثقه ( شيعي ) قال : و شيعي ثقة ؟ إنه يستغرب أن يتشيع رجل لأهل البيت و يكون ثقة .
و من لا يواليهم و لا يشايعهم فهو ثقة . قال العجلي في عمر بن سعد بن أبي وقاص قائد الجيش الذي قتل الحسين و أهل البيت في كربلاء : هو تابعي ثقة روى عنه الناس . و قال العجلي كذلك في عمران بن حطان : ثقة ، و عمران هذا مدح ابن ملجم لعنه الله ، و ابن ملجم هو قاتل الإمام علي . يقول عمران في مدح ابن ملجم :
يا ضربة من تقي ما أراد بها** * إلا ليبلغ عند الله رضوانا 56

  • 1. تاريخ محمد عبده : 2 / 347 . راجع شيخ المضيرة للشيخ محمود أبو رية : 201 ـ 202 .
  • 2. راجع آراء علماء المسلمين في التقية و الصحابة و صيانة القرآن الكريم للسيد مرتضى الرضوي : 86 .
  • 3. a. b. راجع آراء علماء المسلمين في التقية و الصحابة و صيانة القرآن الكريم : 92 و راجع أضواء على السنة المحمدية : 341 ـ 344 و 89 .
  • 4. راجع : 551 من كتاب حجة المنتقى للذهبي .
  • 5. آراء علماء المسلمين في التقية و الصحابة و صيانة القرآن : 89 .
  • 6. ارجع إلى آية التطهير ( سورة الاحزاب الآية 33 ) و اقرأ تفسيرها في تفسير فتح القدير للشوكاني و تفسير ابن كثير و تفسير الطبري و تفسير الخازن و أي تفسير ترغب به .
  • 7. راجع صحيح الترمذي : 5 / 328 و نظم درر السمطين للزرندي الحنفي : 232 و ينابيع المودة للقندوزي الحنفي : 33 و 45 و 445 و كنز العمال للمتقي الهندي : 1 / 153 و تفسير ابن كثير : 4 / 113 و مصابيح السنة للبغوي : 206 و جامع الأصول لابن الأثير : 137 و مشكاة المصابيح : 3 / 258 و إحياء الميت للسيوطي بهامش الإتحاف : 114 و الفتح الكبير للنبهاني : 1 / 503 و 3 / 385 و الدر المنثور للسيوطي : 6 / 7 و 306 و الصواعق المحرقة : 147 لابن حجر و المعجم الصغير للطبراني : 1 / 135 و منتخب تاريخ ابن عساكر : 5 / 436 و مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 104 و الطبقات الكبرى لابن سعد : 2 / 194 . . . الخ .
  • 8. تلخيص المستدرك للذهبي و الصواعق المحرقة لابن حجر : 184 و 234 و تاريخ الخلفاء للسيوطي و إسعاف الراغبين للصبان الشافعي : 109 و نظم درر السمطين للزرندي الحنفي : 235 و كفاية الطالب للكنجي الشافعي : 378… الخ.
  • 9. راجع الصواعق المحرقة : 91 و 140 و إحياء الميت للسيوطي بهامش الإتحاف : 114 و منتخب الكنز بهامش مسند الإمام أحمد : 5 / 93… الخ .
  • 10. راجع أبا حنيفة لأبي زهرة : 304 و الإمام زيد : 418 و راجع آراء علماء المسلمين : 87 ـ 88 للسيد مرتضى الرضوي .
  • 11. a. b. c. راجع المدخل إلى علم أصول الفقه لمعروف الدواليبي : 217 و راجع كتاب السيد مرتضى الرضوي : 88 .
  • 12. أنظر تاريخ الفقه الإسلامي للدكتور محمد يوسف موسى عن كتاب الأمة للشافعي : 228 و راجع كتاب السيد مرتضى الرضوي : 88 .
  • 13. أنظر : أبا حنيفة لأبي زهرة : 304 .
  • 14. و قد ورد دعاء طويل في الصحيفة السجادية و ثقناه ، و راجع كتاب السيد مرتضى الرضوي : 93 ـ 94 .
  • 15. a. b. و قد ورد دعاء طويل في الصحيفة السجادية و ثقناه ، و راجع كتاب السيد مرتضى الرضوي : 93 ـ 94 .
  • 16. راجع آراء علماء المسلمين في التقية و الصحابة و صيانة القرآن الكريم : 100 .
  • 17. راجع الطبقات لابن سعد ، و راجع السيرة الحلبية ، و راجع كنز العمال ، و قد نقل عن الحاكم في مستدركه و البيهقي في سننه و عن الطبراني و عن ابن عساكر .
  • 18. راجع الطبقات لابن سعد : 1 / 75 ، و راجع السيرة الحلبية .
  • 19. راجع ابن حجر في تفسير آية : ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ القران الكريم : سورة الأحزاب ( 33 ) ، الآية : 56 ، الصفحة : 426 .
  • 20. راجع مختارات الصحاح : 31 و 185 و 70 و 410 ، و راجع المعجم الوسيط : 1 / 21 و 2 / 588 .
  • 21. راجع كنز العمال : 1 / 44 ، و قد نقله عن النسائي و الترمذي عن جابر عن رسول الله و أخرجه الترمذي عن زيد بن أرقم ، و أخرجه الإمام أحمد من حديث زيد بطريقين صحيحين في أول صفحة 182 و في آخر صفة 189 ج 5 من مسنده ، و أخرجه أيضا عن ابن أبي شيبة و أبو يعلى ، و ابن سعد عن أبي سعيد ، و راجع الحديث 945 ، من كنز العمال : 1 / 47 ، و أخرجه الحاكم في مستدركه : 3 / 148 و قال : هذا حديث صحيح الإسناد على طريق الشيخين ، ولم يخرجاه و أخرجه الذهبي معترفا بصحته على شرط الشيخين ، راجع تلخيص المستدرك للذهبي .
  • 22. a. b. راجع الإمامة و السياسة لابن قتيبة : 84 .
  • 23. راجع تاريخ الطبري : 3 / 197 ـ 198 .
  • 24. راجع كتابنا النظام السياسي في الإسلام : 120 و ما فوق .
  • 25. راجع الإمامة و السياسة : 11 ـ 12 .
  • 26. a. b. راجع الإمامة و السياسة : 14 ـ 16 .
  • 27. القران الكريم : سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 150 ، الصفحة : 169 .
  • 28. راجع الإمامة و السياسة لابن قتيبة : 12 ، و العقد الفريد لابن عبد ربه المالكي : 4 / 259 و 260 ، و شرح النهج لعلامة المعتزلة ابن أبي الحديد : 1 /134 و 2 /19 ، و راجع تاريخ الطبري : 3 / 202 ، و راجع أنساب الأشراف للبلاذري : 1 / 586 ، و ملحق المراجعات تحقيق حسين راضي : 261 .
  • 29. راجع الإستيعاب بهامش الإصابة : 3 / 39 . و ذخائر العقبى : 81 و 82 ، و تذكرة الخواص للجوزي الحنفي : 144 ـ 148 ، و كفاية الطالب للكنجي الشافعي : 192 ، و المناقب للخوارزمي : 38 . . الخ .
  • 30. a. b. راجع معاوية بن أبي سفيان في الميزان لعباس العقاد : 16 ، و راجع شيخ المضيرة للشيخ محمود أبو رية : 180 .
  • 31. رسائل أبي بكر الخوارزمي : 178 .
  • 32. الحياة السياسية للإمام الرضا : 87 .
  • 33. راجع مناقب ابن شهر آشوب : 3 / 357 ، و بحار الانوار : 47 / 178 .
  • 34. راجع تاريخ الطبري : 10 / 446 و راجع النزاع و التخاصم للمقريزي : 52 .
  • 35. الحياة السياسية للإمام الرضا : 88 .
  • 36. الأغاني للأصفهاني : 5 / 225 .
  • 37. العقد الفريد : 2 / 80 و راجع كشف الغمة في أموال الصادق لابن حمدون : 2 / 208 و راجع المحاضرة التي ألقاها الشيخ محمد باقر بمناسبة مولد الإمام الصادق في المؤتمر الدولي المنعقد في دمشق بتاريخ 26 / 9 / 91 ـ 28 / 9 / 91 و قد نشرت البحوث في كتاب يقع على 494 صفحة .
  • 38. يمكنك الرجوع إلى كنز العمال : 12 / 93 و ما فوق فقد روى ذلك عن أكثر أهل الحديث .
  • 39. في باب المرجعية و القيادة السياسية سأوثق كل كلمة قلتها .
  • 40. في باب المرجعية و القيادة السياسية سأوثق كل كلمة قلتها هنا .
  • 41. الإصابة في تمييز الصحابة : 1 / 7 .
  • 42. كنز العمال : 12 / 22 .
  • 43. راجع الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر : 19 .
  • 44. أخرجه الحاكم في مستدركه / 124 : 3 ، و صححه على طريق الشيخين .
  • 45. أخرجه الحاكم في : 3 / 130 من المستدرك .
  • 46. أخرجه الحاكم في : 3 / 130 من المستدرك .
  • 47. أخرجه الحاكم : 3 / 135 .
  • 48. أخرجه الطبراني في الكبير و هو الحديث 2571 : 3 / 154 من الكنز ، و أخرجه ابن عساكر .
  • 49. راجع الحديث 2576 / 155 : 6 من الكنز ، و أخرجه الطبراني .
  • 50. a. b. سأوثق ذلك في باب القيادة السياسية .
  • 51. راجع شرح النهج لعلامة المعتزلة ابن أبي الحديد ، و أورده أبو نعيم في حلية الأولياء .
  • 52. المستصفى للغزالي : 35 ـ 136 و آراء علماء المسلمين في التقية ، و الصحابة للسيد الرضوي .
  • 53. راجع أبا حنيفة لأبي زهرة : 304 .
  • 54. راجع المدخل إلى علم أصول الفقه لمعروف الدواليبي .
  • 55. راجع طبقات ابن سعد : 4 / 168 ، و راجع آراء علماء المسلمين في التقية و الصحابة و صيانة القرآن الكريم : 50 وما فوق .
  • 56. كتاب نظرية عدالة الصحابة للكاتب أحمد حسين يعقوب .
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى