مقالات

قصة السامري وهارون مع بني إسرائيل

قال الله تعالى ﴿ قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّىٰ يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَىٰ * قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي * قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي * قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ * قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي ﴾ 1.

قبل أن نبدأ في شرح قصة السامري الذي انقلب على خليفة موسى « هارون (ع) » هنالك ملاحظة هامة نلحظها في القرآن الكريم وهي (التركيز على قصص بني إسرائيل) ترى لماذا هذا التركيز؟ لا بد من وجود حكمة تقتضي ذلك.

في الواقع هناك شبه كبير بين بني إسرائيل وأمة محمد صلى الله عليه و آله و سلم ، ولعل أبرز نقاط التشابه كما سيتضح من خلال الأحداث التاريخية ما جرى لموسى وهارون (ع) من بني إسرائيل وما جرى لمحمد صلى الله عليه و آله و سلم وعلي (ع) من هذه الأمة وقول رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لعلي « أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي » له مغزى ودلالات عظيمة ، وما أورده ابن قتيبة في تاريخه الإمامة والسياسة يبين لنا جانبا من التشابه بين الأمتين … يقول في معرض قصة طلب عمر من علي (ع) البيعة لأبي بكر بقي عمر ومعه قوم أمام بيت فاطمة (ع) فأخرجوا عليا فمضوا به إلى أبي بكر فقالوا له : بايع فقال : إن لم أفعل فمه؟ قالوا : إذا والله الذي لا إله إلا هو نضرب عنقك. فقال : إذا تقتلون عبد الله وأخا رسوله … إلى أن قال ابن قتيبة : فلحق علي بقبر رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يصيح ويبكي وينادي :﴿ … قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي … ﴾ 2 3 وهذا ما قاله هارون لموسى (ع).

أما السامري كما ورد في التفاسير ومجمل الكتب التي أوردت قصص الأنبياء فإنه ربيب جبرائيل تعهده منذ الصغر حينما كان فرعون يقتل كل ذكر يولد في بني إسرائيل ، ويوم نزل جبرائيل (ع) حتى يأخذ موسى إلى الميقات أخذ السامري قبضة من أثره وألقى به في جسد العجل المصنوع من الحلي فأصبح له خوار. وما يهمنا من القصة أن السامري كان من أصحاب موسى (ع) وكما هو واضح بلغ مرتبة عظمي حتى قال ﴿ … بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ … ﴾ 4 وكان له من العلم ما لم يكن لغيره وحظي بمشاهدة جبرئيل واستطاع بكل ذلك أن يضل بني إسرائيل الذين اتبعوه باعتبار أنه ذو مكانة … فسولت له نفسه الأمارة بالسوء فكان عمله الباطل الذي أضل به القوم …

السؤال الآن ، هل يمكن أن نجد في تاريخ الأمة الإسلامية وواقعها بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و آله و سلم مصداقا لمثل هذا الانحراف؟ مع علمنا التام بأنه لا يوجد أحد من صحابة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم كان يحلم برؤية جبرئيل على حقيقته ومعرفته وامتلاك بعض الأسرار الإلهية المكنونة في أثره … صحيح أن جبرئيل كان يأتي للنبي صلى الله عليه و آله و سلم في صورة رجل يسأله عن أمور الدين ولكن ما كان الصحابة يعرفونه إلا بعد مغادرته وبيان الرسول صلى الله عليه و آله و سلم فأين كان السامري وأين هم الصحابة؟.

وعند البحث في جذور انحراف الأمة بعد وفاة النبي صلى الله عليه و آله و سلم سترى مدى تطابق الأحداث التاريخية مع القصص القرآنية خصوصا قصة بني إسرائيل  5.

  • 1. القران الكريم: سورة طه (20)، الآيات: 91 – 96، الصفحة: 318.
  • 2. القران الكريم: سورة الأعراف (7)، الآية: 150، الصفحة: 169.
  • 3. الإمامة والسياسة تاريخ الخلفاء : ج 1 ص 12.
  • 4. القران الكريم: سورة طه (20)، الآية: 96، الصفحة: 318.
  • 5. المصدر: كتاب بنور فاطمة اهتديت للسيد عبد المنعم حسن السوداني حفظه الله.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى