نور العترة

قاتل الإمام الحسن(ع)…

أتفق المؤرخون على أن الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب سبط رسول الله (صلى الله عليه و آله) و ريحانته، و سيد شباب أهل الجنة، و رابع أصحاب الكساء (عليهم السَّلام) قُتل شيهيداً بالسم، و إن جعدة بنت الأشعث 1 بن قيس الكندي 2 زوجته هي التي قتلته بالسم 3.
فعَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ، أنَّهُ قَالَ: إِنَّ جَعْدَةَ بِنْتَ‏ الْأَشْعَثِ‏ بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيِّ سَمَّتِ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، و سَمَّتْ مَوْلَاةً لَهُ، فَأَمَّا مَوْلَاتُهُ فَقَاءَتِ السَّمَّ، و أَمَّا الْحَسَنُ فَاسْتَمْسَكَ فِي بَطْنِهِ، ثُمَّ انْتَفَطَ 4 بِهِ، فَمَاتَ 5.

دور معاوية في قتل الحسن

تؤكد كتب التاريخ بأن التي باشرت قتل الامام الحسن الزكي المجتبى عليه السلام هي زوجته جعدة، لكن الذي خطط لقتل الحسن و أمر بذلك و أعطى الوعود و الجوائز على قتل سبط رسول الله صلى الله عليه و آله هو معاوية بن أبي سفيان لعنة الله عليه.
فعن يحيى بن الحسين بن جعفر، باسناده، أن الحسن عليه السلام سقي السم، و أن معاوية بعث الى امرأته جُعدة بنت‏ الاشعث‏ بن‏ القيس‏ مائة الف درهم‏ 6.
و رَوى عِيسَى بْنُ مِهْرَانَ، قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ، قَالَ: أَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ إِلَى جَعْدَةَ بِنْتِ‏ الْأَشْعَثِ‏ بْنِ قَيْسٍ أَنِّي مُزَوِّجُكِ يَزِيدَ ابْنِي عَلَى أَنْ تَسُمِّي الْحَسَنَ، وَ بَعَثَ إِلَيْهَا مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَفَعَلَتْ وَ سَمَّتِ الْحَسَنَ عليه السلام، فَسَوَّغَهَا الْمَالَ وَ لَمْ يُزَوِّجْهَا مِنْ يَزِيدَ، فَخَلَفَ عَلَيْهَا رَجُلٌ مِنْ آلِ طَلْحَةَ فَأَوْلَدَهَا، فَكَانَ إِذَا وَقَعَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ بُطُونِ قُرَيْشٍ كَلَامٌ عَيَّرُوهُمْ وَ قَالُوا: يَا بَنِي مُسِمَّةِ الْأَزْوَاجِ 7.
و رُوِيَ عن عبد اللّه بن عباس، أنه قال: كان الحسن عليه السلام قد سقي السم، سقته امرأته إياه- جعدة بنت‏ الاشعث‏- فكانت نفسه فيه، و اعطيت على ذلك مالا كثيرا 8.
قال أبو الحسن المدائني:‏ و كانت وفاته في سنة تسع و أربعين و كان مرضه أربعين يوما و كانت سنه سبعا و أربعين سنة دس إليه معاوية سما على يد جعدة بنت‏ الأشعث‏ بن قيس زوجة الحسن، و قال لها: إن قتلتيه بالسم فلك مائة ألف و أزوجك يزيد ابني، فلما مات وفى لها بالمال و لم يزوجها من يزيد، قال: أخشى أن تصنع بابني كما صنعت بابن رسول الله صلى الله عليه و آله 9.
قال أمين الاسلام الطبرسي: وَ خَرَجَ الْحَسَنُ عليه السلام إِلَى الْمَدِينَةِ وَ أَقَامَ بِهَا عَشْرَ سِنِينَ، وَ مَضَى لِرَحْمَةِ رَبِّهِ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ خَمْسِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ لَهُ سَبْعٌ وَ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَ أَشْهُرٌ مَسْمُوماً، سَقَتْهُ زَوْجَتُهُ جَعْدَةُ بِنْتُ‏ الْأَشْعَثِ‏ بْنِ قَيْسٍ، وَ كَانَ مُعَاوِيَةُ قَدْ دَسَّ إِلَيْهَا مَنْ حَمَلَهَا إِلَى ذَلِكَ، وَ ضَمِنَ لَهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ يَزِيدَ ابْنِهِ وَ أَوْصَلَ إِلَيْهَا مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَسَقَتْهُ السَّمَّ، وَ بَقِيَ مَرِيضاً أَرْبَعِينَ يَوْماً، وَ تَوَلَّى أَخُوهُ الْحُسَيْنُ عليه السلام غُسْلَهُ وَ تَكْفِينَهُ وَ دَفْنَهُ عِنْدَ جَدَّتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ بِالْبَقِيعِ 10.

  • 1. الأشعث بن قيس شيخ قبيلة كندة المعروفة، و هو رأس منافقي الكوفة في عهد الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السَّلام).
    قال الصادق عليه السلام: إن الاشعث بن قيس شرك في دم أمير المؤمنين، و ابنته جعدة سمت الحسن، و محمد ابنه شرك دم الحسين عليه السلام، أنظر: الكافي : 8 / 167 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني، المُلَقَّب بثقة الإسلام ، المتوفى سنة : 329 هجرية ، طبعة دار الكتب الإسلامية ، سنة : 1365 هجرية / شمسية ، طهران / إيران.
  • 2. الكندي: نسبة إلى قبيلته كندة المعروفة.
  • 3. لم ينقل لنا التاريخ تفاصيل الأحداث خاصة ما يتعلق منها بأهل البيت عليهم السلام حيث التعتيم كان مفروضاً بصورة مستمرة على كل ما له علاقة بحياة الأئمة عليهم السلام فلم يصل إلينا إلا القليل.
    و لعل السبب في زواج الإمام الحسن المجتبى عليه السلام من جعدة بنت الأشعث كان سبباً سياسياً و الغرض منه تأليف قلب الأشعث بن قيس الكندي والد جعدة و قبيلته المهمة التي كان عددها يربو على الآلاف، فكانت مصاهرته مؤثِّرة في تأليف قلوبهم، كما فعل رسول الله صلى الله عليه و آله حيث إن زوجاته ( صلَّى الله عليه و آله ).
  • 4. قال في مرآة العقول: و في بعض النسخ: “فانتقض به، بالقاف، أي كسره. و في بعضها بالفاء، أي تفرّق بعض أحشائه”.
    و معنى قوله: “انتفط”: تورّم، أو غلى، يقال: نَفِطَتْ يده و تنفّطت، أي قَرِحَت من العمل، أو هو ما يصيبها بين الجلد و اللحم من الماء. راجع: لسان العرب: 7 / 416، و المصباح المنير: 618، مادة ( نفط).
  • 5. الكافي : 2 / 501، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني، المُلَقَّب بثقة الإسلام ، المتوفى سنة: 329 هجرية، طبعة دار الكتب الإسلامية، سنة: 1365 هجرية/شمسية ، طهران/إيران .
  • 6. شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام: ‏3 /123، لإبن حيون، النعمان بن محمد المغربي، المتوفى سنة: 363 هجرية، طبعة مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين، سنة: 1409 هجرية، قم/ ايران.
  • 7. الإرشاد في معرفة حُجَج الله على العباد: 2 / 16 ، للشيخ محمد بن محمد النُعمان المُلقَّب بالشيخ المُفيد، المولود سنة : 336 هجرية ببغداد، و المتوفى بها سنة : 413 هجرية، طبعة سنة : 1413 هجرية، قم/إيران.
  • 8. شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام: 3 / 128.
  • 9. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 16 / 11.
  • 10. إعلام الورى بأعلام الهدى: 206، لأمين الإسلام الشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي من أعلام القرن السادس الهجري، الطبعة القديمة، سنة: 1390 هجرية، طهران / إيران. أنظر أيضاً: مناقب ابن شهرآشوب: 4 /42، و مقاتل الطالبيين: 73.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى