القُوَّة الحقيقيَّة هي قُوَّة المبادئ والقيم الأخلاقيَّة التي يستند إليها الإنسانُ ولو كان مُستضعَفاً في الأرض..
وأمَّا القُوَّة التي تتمثَّل في العضلات أو السلاح أو العدد فهي عامل للسقوط والفشل عندما يفتقر أصحابُها إلى المبادئ والقيم الأخلاقيَّة..
إنَّ الجرائم الوحشيَّة التي يمارسها الأقوياء لا تُمثِّل انتصاراً لهم، بل هي صورة انتصار وهمي على مستوى الشكل والظاهر.. وأمَّا على مستوى المضمون والباطن فهي سقوط وهزيمة..
وعلى المدى البعيد تتحوَّل الجرائم والوحشيَّة إلى لعنة تلاحق الظالمين، وعاراً يمحو ذكرهم من ذاكرة الشعوب..
وعلى المدى البعيد تُسهم السُّنن الكونيَّة في انتصار المستضعفين المَبدئيِّين والأخلاقيِّين..
وينكشف ـ بمرور الزَّمن ـ أنَّ أولئك المستضعفين الذين سُفكت دماؤهم على مقصلة الاستكبار والظلم، عاشت مبادئهم التي ضحَّوا من أجلها، وبقي ذكرُهم خالداً في ذاكرة الشعوب، وأصبحوا رموزاً يفخر بها الأحرار، وأسوة يقتدي بها الأبرار..
قال الله تعالى:
{ وَنُرِیدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِینَ ٱسۡتُضۡعِفُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَنَجۡعَلَهُمۡ أَىِٕمَّةࣰ وَنَجۡعَلَهُمُ ٱلۡوَ ٰرِثِینَ }
[سُورَةُ القَصَصِ: ٥]
✍️ زكريا بركات