بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم: زكريَّا بركات
13 ديسمبر 2022
مطالعةُ سيرة العلماء الَّذين تولَّوا مشيخة الأزهر عبر التاريخ، تنبئ عن منزلة مرموقة في المقام العلميِّ لكلِّ واحد منهم.. والمشهور أنَّهم كانوا جميعاً من أتباع مدرسة الخلفاء، على اختلاف في انتماءاتهم الفقهيَّة، فبعضهم كان شافعيًّا، وبعضهم كان مالكيًّا مثلاً.. ولم يُعرف أنَّ أحداً منهم كان منتمياً إلى الاثنا عشريَّة الذين يمتازون عن سائر الفرق الإسلاميَّة بالاعتقاد بإمامة اثني عشر إماماً من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أولهم عليٌّ وآخرهم المهدي صلوات الله عليهم، مع الاعتقاد بغيبة الثاني عشر عجل الله تعالى فرجه الشريف.
بيد أنِّي وأنا أبحث في كتب فضائل أهل البيت عليهم السلام، وجدتُ أحدَ مشايخ الأزهر معتقداً بالأئمة الاثني عشر عليهم السلام، بنفس الترتيب الذي عند الاثنا عشرية.
اسم الكتاب هو «الإتحاف بحبِّ الأشراف» لمؤلِّفه الفقيه المصريِّ الشافعيِّ وشيخ الأزهر عبد الله الشبراوي (ت 1172 هـ) ، وهو سـابع شـيـوخ الأزهر، وأطولهم مكوثاً في المنصب بمـدَّة 34 عاماً.
قال شيخ الأزهر عبد الله الشبراوي الشافعي في كتابه «الإتحاف بحبِّ الأشراف» (ص179 ـ 180) وهو يتحدَّث عن الأئمة الاثني عشر:
«قد أشرق نورُ هذهِ السِّـلسـلة الهاشميَّـة، والبيضـة الطَّاهرة النبويَّة، والعصابة العلويَّة، وهم اثنا عشـر إماماً، مناقبهم عليَّـة، وصفاتهم سَنيَّـة، ونفوسهم شريفة أبيَّـة، وأرومتهم كريمةٌ محمَّديَّـة، وهم محمَّدٌ الحجَّةُ بنُ الحسـنِ الخالصِ بنِ عليٍّ الهادي بنِ محمَّدٍ الجوادِ بنِ عليٍّ الرِّضا بنِ موسى الكاظمِ بنِ جعفرٍ الصَّادقِ بنِ محمَّدٍ الباقرِ بنِ عليٍّ زينِ العابدينَ بنِ الإمامِ الحسينِ أخي الإمامِ الحسنِ وَلَدَيِ اللَّيـثِ الغـالبِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضي الله تعـالى عنهم أجمعين». انتهى.
وهل هذا الإمام السُّنِّيُّ والعَلَمُ المصريُّ والشَّيخُ الأزهريُّ هو العالم السنِّي الوحيد الذي وافق الإمامية في هذه النظرة العقدية التي تتضمن القول بغيبة الثاني عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام؟
في الحقيقة، هناك علماء آخرون منتسبون إلى مدرسة الخلفاء، قالوا بالأمر نفسه، وصرَّحوا بالعقيدة نفسها، منهم: مُفتي الشافعيَّة الإمامُ يحيى بن سلامة الحصكفي (ت 553 هـ) ، وشيخ أهل السنَّة ومُفتي الشافعيَّة الفضل بن روزبهان (ت بعد 909 هـ) ، والإمامُ السنِّي والفقيـه الحنفيُّ شمس الدِّين ابن طولون الدِّمشقي (ت 953 هـ) .. وغيرهم. وللتفصيل مقام آخر.
ومن المناسب هنا الإشارة إلى أنَّ بعض شيوخ الأزهر أفتى بجواز الرُّجوع إلى فقه الإماميَّة، وبعضهم قال مخاطباً أحدَ علماء الإماميَّة: «أشهدُ أنَّكم في الفروع والأصول على ما كان عليه الأئمَّـةُ من آل الرَّسول».
والحمدُ لله ربِّ العالمين.