بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم: زكريا بركات
20 يونيو 2022
يُنقل عن العلَّامة الشيخ محسن قرائتي الداعية الشهير ومؤلِّف تفسير النُّور، أنه قال:
ذهبتُ إلى بيت أبٍ لثلاثة شهداء، تفقَّدتُهم وسألتُ عن حالهم قليلاً، ثم سألتُ أبا الشهداء: أين يمكنني التوضُّؤ؟ أجابني: عليك أن تنزل قليلاً من الدَّرج.. فذهبت إلى الأسفل لأتوضَّأ، فرأيت الشيخَ قد أقبل نحوي بالمنشفة قائلاً: أتيتُك بالمنشفة لتنشِّف يديك ووجهك. قلتُ له: في الروايات ما يُفيد أن ترك التنشيف بعد الوضوء يوجب مضاعفة الثواب ثلاثين مرَّة. فقال أبو الشهداء الثلاثة: أليس في الروايات ما ينهى عن إحراج الشيخ الكبير الذي تؤلمه رجله إذا جاءك بمنشفة؟! فقلتُ له: أنا عندي علمُ الدِّين، ولكن ليس لديَّ فهمُ الدِّين..! انتهت القصَّة. وسأنقل في النهاية الأصلَ الفارسيَّ الذي اعتمدتُه في الترجمة لمن أحبَّ الرجوع إليه.
أقول: بعيداً عن مناقشة الألفاظ ومدى دقَّتها، فإنَّ المقصود واضح، والمرام في غاية الأهمِّية، ويجدر بطلَّاب العلم والمتديَّنين أن يقفوا عند هذه القصَّة بقليل من التدبُّر.. وفيما يلي بعض التأمُّلات التي خطرت ببال العبد الفقير:
1 ـ ثمَّة فرقٌ بين الثقافة الدينية وبين استثمار هذه الثقافة واستعمالها في الحياة الاجتماعية، وقد يكون المثقَّف صاحب معلومات غزيرة، ولكنه يغفل عن صحة التطبيق والإفادة من تلك الثقافة بسبب عدم النضج الاجتماعي.. وبعبارة أدقَّ: الثقافة تبقى مبتورة وغير وافية حين يعجز المثقَّف الديني عن تطبيقها بشكل مناسب في الحياة الاجتماعية.
2 ـ المحافظة على مشاعر المؤمن وعدم جرحه أو إحراجه جزء من الثقافة الدينية التي يُعبِّر عنها العلَّامة الشيخ محسن قرائتي بـ (فهم الدِّين) ، بينما الأحكام التي هي بمعزل عن الحياة الاجتماعية والمشاعر يعبِّر عنها بـ (علم الدين) ، وكأنه يريد أن يقول: إن التزاحم بين النوعين من الأحكام يوجب تقديم ما يرتبط بمشاعر الناس وأحاسيسهم..
3 ـ في الحوار الذي جرى بين الشيخ الكبير وبين العلَّامة الشيخ محسن قرائتي نلاحظ أنَّ الشيخ الكبير تفوَّق على المثقَّف الديني في فهم ما يلزم تقديمه من حكم عند التزاحم، كما يظهر لنا ـ بوضوح ـ أن المثقف الديني لديه القدر الكافي من تهذيب النفس الذي يجعله يكسر نفسه ويعترف بذلك ويشيد بتفوُّق أبي الشهداء في هذه النقطة..
حوار مختصر جدًّا، ولكنه بقدر كبير من الجمال والفائدة، وبإمكان الأعزَّاء اكتشاف المزيد من نقاط الضوء فيه..
والله وليُّ التوفيق.
الأصل الفارسي للقصة:
حجت الاسلام قرائتي خاطرهاي نقل کرده است که خواندني است: رفتم خونه پدر سه تا شهيد. يه خرده احوالپرسي کردم. گفتم: «کجا وضو بگيرم؟» گفت: «دو سه تا پله بايد بري پايين.» رفتم وضو گرفتم. ديدم پيرمرد حوله آورده. گفت: «حوله آوردم دست و صورتت رو خشک کني.» گفتم: «حديث داريم اگر وضو گرفتيد و [جاي وضو رو] خشک نکنيد، ثوابش سي برابره!» پدر سه تا شهيد جواب داد: «حديث نداريم که اگر يه پيرمرد با درد پا برات حوله آورد خيتش نکن؟!» گفتم: «من علم دين دارم، فهم دين ندارم.»