قرابته بالمعصوم(1)
ابن أخو الإمام علي، وابن عم الإمامين الحسن والحسين(عليهم السلام).
اسمه وكنيته ونسبه
أبو عبد الله، مسلم بن عقيل بن أبي طالب.
أُمّه
جارية، اسمها علية.
ولادته
ولد في عام ۲۲ﻫ بالمدينة المنوّرة.
زوجته
ابنة عمّه، رقية بنت علي بن أبي طالب(عليهم السلام).
مكانته
كان(عليه السلام) من أجلّة بني هاشم، وكان عاقلاً عالماً شجاعاً، وكان الإمام الحسين(عليه السلام) يلقّبه بثقتي، وهو ما أشار إليه في رسالته إلى أهل الكوفة.
ولشجاعته اختاره عمُّه أمير المؤمنين(عليه السلام) في حرب صفّين، ووضعه على ميمنة العسكر مع الحسن والحسين(عليهما السلام).
إخبار النبي(صلى الله عليه وآله) بقتله
قال الإمام علي(عليه السلام) لرسول الله(صلى الله عليه وآله): «يا رسول الله إنّك لتحبّ عقيلاً؟
قال: أي والله إنّي لأحبّه حُبّين، حبّاً له وحبّاً لحبّ أبي طالب له، وإن ولده مقتول ـ ويقصد بذلك مسلم ـ في محبّة ولدك، فتدمع عليه عيون المؤمنين، وتصلّي عليه الملائكة المقرّبون.
ثمّ بكى رسول الله(صلى الله عليه وآله) حتّى جرت دموعه على صدره، وقال: إلى الله أشكو ما تلقى عترتي من بعدي»(۲).
خروجه إلى الكوفة
ارتأى الإمام الحسين(عليه السلام) أن يُرسل مندوباً عنه إلى الكوفة يهيّئ له الأجواء، وينقل له واقع الأحداث؛ ليستطيع أن يقرّر الموقف المناسب، ولابدّ لهذا السفير من صفات تؤهّله لهذه السفارة، فوقع الاختيار على مسلم بن عقيل(عليه السلام)؛ لما كان يتّصف به من الحكمة والشجاعة والإخلاص.
خرج مسلم(عليه السلام) من المدينة المنوّرة متوجّهاً إلى الكوفة في ۱۵ شهر رمضان ۶۰ﻫ، ويصحبه قيس بن مسهر مع دليلان يدلّانه الطريق.
حمله لرسالة الإمام الحسين(عليه السلام) لأهل الكوفة
خرج(عليه السلام) من المدينة حاملاً رسالة الإمام الحسين(عليه السلام) إلى أهل الكوفة، جاء فيها: «بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن علي إلى الملأ من المؤمنين، أمّا بعد: فإنّ فلاناً وفلاناً قدما عليَّ بكتبكم، وكانا آخر رسلكم، وفهمت مقالة جلّكم أنّه ليس علينا إمام فأقبل لعلّ الله يجمعنا بك على الحقّ، وإنّي باعث إليكم أخي وابن عمّي وثقتي من أهلي مسلم بن عقيل، فإن كتب إليَّ أنّه قد اجتمع رأي ملئكم وذوي الحجا والفضل منكم على مثل ما قدمت به رسلكم وقرأته في كتبكم، أقدم عليكم وشيكاً إن شاء الله تعالى»(۳).
وصوله إلى الكوفة
وصل(عليه السلام) الكوفة في ۵ شوال ۶۰ﻫ، فنزل في دار المختار بن أبي عبيدة الثقفي، وأقبلت الناس تختلف إليه، فكلّما اجتمع إليه منهم جماعة، قرأ عليهم كتاب الإمام الحسين(عليه السلام) وهم يبكون، وبايعه الناس، حتّى بايعه منهم ثمانية عشر ألف رجل.
كتابه إلى الإمام الحسين(عليه السلام)
كتب مسلم(عليه السلام) كتاباً من الكوفة إلى الإمام الحسين(عليه السلام)، جاء فيه: «أمّا بعد، فإنّ الرائد لا يكذب أهله، وأنّ جميع أهل الكوفة معك، وقد بايعني منهم ثمانية عشر ألفاً، فعجّل الإقبال حين تقرأ كتابي هذا، والسلام»(۴).
ما كتبه عملاء الحكم الأُموي عن تحرّكه
أرسل العملاء إلى يزيد رسائل تخبره عن مجيء مسلم(عليه السلام)، منها: «أمّا بعد، فإنّ مسلم بن عقيل قد قدِم الكوفة، وبايعته الشيعة للحسين بن علي بن أبي طالب، فإن يكن لك في الكوفة حاجة فابعث إليها رجلاً قوياً ينفّذ أمرك ويعمل مثل عملك في عدوّك، فإنّ النعمان بن بشير رجل ضعيف أو هو يتضعّف»(۵).
إرسال ابن زياد إلى الكوفة
كتب يزيد بن معاوية رسالة إلى واليه في البصرة عبيد الله بن زياد؛ يطلب منه أن يذهب إلى الكوفة ليسيطر على الوضع فيها، ويقف أمام مسلم(عليه السلام) وتحرّكاته.
ومنذ وصول ابن زياد إلى قصر الإمارة في الكوفة، أخذ يتهدّد ويتوعّد المعارضين والرافضين لحكومة يزيد.
خروجه من دار المختار
لمّا سمع(عليه السلام) بوصول ابن زياد وما توعّد به، خرج من دار المختار سرّاً إلى دار هاني بن عروة ليستقرّ بها، ولكنّ جواسيس ابن زياد عرفوا بمكانه، فأمر ابن زياد بإلقاء القبض على هاني بن عروة وسجنه.
إعلانه الثورة على ابن زياد
لمّا بلغ خبر إلقاء القبض على هاني بن عروة إلى مسلم، أمر(عليه السلام) أن ينادى في الناس: «يا منصور أمت»، فاجتمع الناس في مسجد الكوفة.
فلمّا رأى ابن زياد ذلك، دعا جماعة من رؤساء القبائل، وأمرهم أن يسيروا في الكوفة ويخذلوا الناس عن مسلم، ويُعلموهم بوصول الجند من الشام.
فلمّا سمع الناس مقالتهم أخذوا يتفرّقون، وكانت المرأة تأتي ابنها وأخاها وزوجها وتقول: انصرف الناس يكفونك، ويجيء الرجل إلى ابنه وأخيه ويقول له: غداً يأتيك أهل الشام فما تصنع بالحرب والشر؟! فيذهب به فينصرف، فما زالوا يتفرّقون حتّى أمسى مسلم وحيداً، ليس معه أحداً يدلّه على الطريق، فمضى على وجهه في أزقّة الكوفة، حتّى انتهى إلى باب امرأة يقال لها: طوعة، وهي على باب دارها تنتظر ولداً لها، فسلّم عليها وقال: يا أمة الله أسقيني ماءً، فسقته وجلس.
فقالت: يا عبد الله، قم فاذهب إلى أهلك؟ فقال: يا أمة الله ما لي في هذا المصر منزل، فهل لك في أجرٍ ومعروف ولعلّي أُكافئك بعد اليوم؟ فقالت: ومَن أنت؟ قال: أنا مسلم بن عقيل، فأدخلته إلى دارها.
مقاتلته لجيش ابن زياد
وفي الصباح عرف ابن زياد مكان مسلم(عليه السلام)، فأرسل جماعة لإلقاء القبض عليه، ولكنّ مسلم أخذ يقاتلهم قتال الأبطال وهو يقول:
أقسمتُ لا أُقتلُ إلّا حرّا *** إنّي رأيتُ الموتَ شيئاً نُكرا
كلُّ امرىءٍ يوماً ملاق شرّا *** أخافُ أن أُكذب أو أُغرّا
حتّى أُثخن بالجراحات، فألقوا عليه القبض وأخذوه أسيراً إلى ابن زياد.
دخوله على ابن زياد
أُدخل(عليه السلام) على ابن زياد، فأخذ ابن زياد يشتمه ويشتم الحسين وعلياً وعقيلاً، ومسلم(عليه السلام) لا يكلّمه.
ثمّ قال ابن زياد: اصعدوا به فوق القصر واضربوا عنقه ثمّ أتبعوه جسده. فأخذه بكر بن حمران الأحمري ليقتله، ومسلم يكبّر الله ويستغفره، ويصلّي على النبي وآله ويقول: «اللّهم احكم بيننا وبين قوم غرّونا وخذلونا».
ثمّ أمر ابن زياد بقتل هاني بن عروة فقُتل، وجُرّت جثّتاهما بحبلين في الأسواق.
شهادته
استُشهد في ۹ من ذي الحجّة ۶۰ﻫ، ودُفن بجنب جامع الكوفة في العراق، وقبره معروف يُزار.
ما نظمه الشعراء في مظلوميته
۱ـ قال عبد الله بن الزبير الأسدي:
«إذا كنتِ لا تدرين ما الموتُ فانظري *** إلى هاني بالسوقِ وابنِ عقيل
إلى بطلٍ قد هشّم السيفُ وجهَهُ *** وآخرَ يُهوي من طِمارِ قتيل
ترى جسداً قد غيّر الموتُ لونَهُ *** ونضح دم قد سال كلّ مسيل».
۲ـ قال السيّد باقر الهندي(قدس سره):
«سقتك دماً يابن عمّ الحسين *** مدامع شيعتك السافحة
ولا برحت هاطلات الدموع *** تحيّيك غادية رائحة
لأنّك لم ترو من شربةٍ *** ثناياك فيها غدت طائحة
رموك من القصر إذ أوثقوك *** فهل سلمت فيك من جارحة
تُجرّ بأسواقهم في الحبال *** ألست أميرهم البارحة
أتقضي ولم تبكك الباكيات *** أما لك في المصر من نائحة
لئن تقض نحباً فكم في زرود *** عليك العشية من صائحة»(۷).
——————————–
۱- اُنظر: معجم رجال الحديث ۱۹ /۱۶۵رقم۱۲۳۶۲، أعيان الشيعة ۱ /۵۹۱.
۲- الأمالي للصدوق: ۱۹۱ ح۲۰۰٫
۳- الإرشاد ۲ /۳۹.
۴- مثير الأحزان: ۲۱٫
۵- الإرشاد ۲ /۴۲.
۶- مثير الأحزان: ۲۶٫
۷- إبصار العين: ۸۷٫
بقلم: محمد أمين نجف
کلمات مفتاحیة: مسلم بن عقيل / ذو الحجة
المصدر: http://arabic.al-shia.org