سَأَلَ أَبُو حَنِيفَةَ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ النُّعْمَانِ صَاحِبَ الطَّاقِ 1 فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ مَا تَقُولُ فِي الْمُتْعَةِ أَ تَزْعُمُ أَنَّهَا حَلَالٌ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَأْمُرَ نِسَاءَكَ أَنْ يُسْتَمْتَعْنَ وَ يَكْتَسِبْنَ عَلَيْكَ؟
فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ: لَيْسَ كُلُ الصِّنَاعَاتِ يُرْغَبُ فِيهَا وَ إِنْ كَانَتْ حَلَالًا، وَ لِلنَّاسِ أَقْدَارٌ وَ مَرَاتِبُ يَرْفَعُونَ أَقْدَارَهُمْ، وَ لَكِنْ مَا تَقُولُ يَا أَبَا حَنِيفَةَ فِي النَّبِيذِ، أَ تَزْعُمُ أَنَّهُ حَلَالٌ؟
فَقَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُقْعِدَ نِسَاءَكَ فِي الْحَوَانِيتِ نَبَّاذَاتٍ فَيَكْتَسِبْنَ عَلَيْكَ؟
فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَاحِدَةٌ بِوَاحِدَةٍ، وَ سَهْمُكَ أَنْفَذُ.
ثُمَّ قَالَ لَهُ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ إِنَّ الْآيَةَ الَّتِي فِي سَأَلَ سَائِلٌ تَنْطِقُ بِتَحْرِيمِ الْمُتْعَةِ، وَ الرِّوَايَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله قَدْ جَاءَتْ بِنَسْخِهَا؟
فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ: يَا أَبَا حَنِيفَةَ، إِنَّ سُورَةَ سَأَلَ سَائِلٌ مَكِّيَّةٌ وَ آيَةُ الْمُتْعَةِ مَدَنِيَّةٌ، وَ رِوَايَتَكَ شَاذَّةٌ رَدِيَّةٌ.
فَقَالَ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ: وَ آيَةُ الْمِيرَاثِ أَيْضاً تَنْطِقُ بِنَسْخِ الْمُتْعَةِ.
فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: قَدْ ثَبَتَ النِّكَاحُ بِغَيْرِ مِيرَاثٍ.
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مِنْ أَيْنَ قُلْتَ ذَاكَ؟
فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ثُمَّ تُوُفِّيَ عَنْهَا، مَا تَقُولُ فِيهَا؟
قَالَ: لَا تَرِثُ مِنْهُ.
قَالَ: فَقَدْ ثَبَتَ النِّكَاحُ بِغَيْرِ مِيرَاثٍ. ثُمَّ افْتَرَقَا 2.
- 1. صاحب الطاق أو مؤمن الطاق، هو محمد بن علي بن النُعمان بن أبي طُرَيْفَة الكوفي البجلي.
كنيته أبو جعفر، و كان يُلقب بالأحول و بمؤمن الطاق، و صاحب الطاق، أما المخالفون فكانوا يلقبونه بشيطان الطاق نكاية به و حقداً عليه.
و كانت الصيرفة مهنته التي يرتزق منها، و كان له دكان في طاق المحامل بالكوفة، و لذلك لقب بمؤمن الطاق.
يُعدُّ من المُتكلمين البارعين، كما يُعدُّ من ثُقات المُحدِّثين، فقد روى عن كل من الامام علي بن الحسين و الإمام محمد بن علي الباقر و الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليهم السلام).
قال عنه الشيخ الطوسي (قدَّس الله نفسه الزَّكية): كان ثقة، متكلماً، حاذقاً، حاضر الجواب، له كُتب. - 2. الكافي : 5 / 450، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني، المُلَقَّب بثقة الإسلام، المتوفى سنة: 329 هجرية، طبعة دار الكتب الإسلامية، سنة: 1365 هجرية/شمسية، طهران/إيران.