صادق الوعد الذي لا يخلف الميعاد هو الله عَزَّ و جَلَّ، فقد قال الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ 1 .
و ورد في الدعاء: “…اللَّهُمَّ فَكَمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِكَ يَا صَادِقَ الْوَعْدِ يَا مَنْ لا يُخْلِفُ الْمِيعاد …” 2.
و جاء أيضاً: ” … وَ أَمَرْتَ بِدُعَائِكَ وَ ضَمِنْتَ الْإِجَابَةَ لِعِبَادِكَ وَ أَنْتَ صَادِقُ الْوَعْدِ قَرِيبُ الرَّحْمَةِ … ” 3.
و جاء أيضاً: ” … وَ لَكَ الْحَمْدُ صَادِقَ الْوَعْدِ … ” 4.
و في دعاء الامام الحسين عليه السلام وَ هُوَ آخِرُ دُعَاءٍ دَعَا بِهِ عليه السلام يَوْمَ كَوْثَرٍ 5: ” … اللَّهُمَّ مُتَعَالِيَ الْمَكَانِ عَظِيمَ الْجَبَرُوتِ شَدِيدَ الْمِحَالِ غَنِيٌّ عَنِ الْخَلَائِقِ عَرِيضُ الْكِبْرِيَاءِ قَادِرٌ عَلَى مَا تَشَاءُ قَرِيبُ الرَّحْمَةِ صَادِقُ الْوَعْدِ …” 6.
اسماعيل صادق الوعد
قال الله عَزَّ و جَلَّ في نبيه اسماعيل: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ﴾ 7 .
لماذا سماه الله صادق الوعد ؟
لقد ذكرت الروايات المأثورة عن أئمة اهل البيت عليهم السلام سبب هذه التسمية ، فقد رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) أنهُ قَالَ : “إِنَّمَا سُمِّيَ إِسْمَاعِيلُ صَادِقَ الْوَعْدِ لِأَنَّهُ وَعَدَ رَجُلًا فِي مَكَانٍ فَانْتَظَرَهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ سَنَةً فَسَمَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ صَادِقَ الْوَعْدِ”.
ثُمَّ قَالَ: “إِنَّ الرَّجُلَ أَتَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ: مَا زِلْتُ مُنْتَظِراً لَكَ” 8.
من هو اسماعيل صادق الوعد ؟
اسماعيل الذي سماه الله صادق الوعد هو اسماعيل بن حزقيل أحد أنبياء بني اسرائيل و ليس هو النبي اسماعيل بن النبي إبراهيم عليهما السلام ، فقد رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنهُ قَالَ : “إِنَّ إِسْمَاعِيلَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ فِي كِتَابِهِ ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ﴾ 7 لَمْ يَكُنْ إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، بَلْ كَانَ نَبِيّاً مِنَ الْأَنْبِيَاءِ بَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى قَوْمِهِ فَأَخَذُوهُ فَسَلَخُوا فَرْوَةَ رَأْسِهِ وَ وَجْهِهِ، فَأَتَاهُ مَلَكٌ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ بَعَثَنِي إِلَيْكَ فَمُرْنِي بِمَا شِئْتَ، فَقَالَ لِي أُسْوَةٌ بِمَا يُصْنَعُ بِالْحُسَيْنِ عليه السلام” 9.
- 1. القران الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 9، الصفحة: 50.
- 2. كتاب المزار- مناسك المزار(للمفيد): 93 .
- 3. المقنعة: 125.
- 4. مصباح المتهجد: 1 / 87 ، طبعة مؤسسة فقه الشيعة، بيروت/لبنان، سنة: 1411 هجرية، للشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، المولود بخراسان سنة: 385 هجرية، والمتوفى بالنجف الأشرف سنة: 460 هجرية.
- 5. يوم كوثر- على بناء المجهول- أي صار مغلوباً بكثرة العدو، و المقصود به يوم عاشوراء، و هو اليوم الذي وقعت فيه واقعة الطَّف الأليمة التي قُتل فيها سبط النبي المصطفى (صلى الله عليه و آله) الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)، خامس أصحاب الكساء و ثالث أئمة أهل البيت (عليهم السلام) مع جمع من خيرة أبنائه و أصحابه في أرض كربلاء دفاعاً عن الدين الاسلامي و قيمه.
و كانت هذه الواقعة الأليمة في يوم الجمعة العاشر من شهر محرم من سنة 61 هجرية ، الموافق لـ 12 / 10 / 680 ميلادية. - 6. نفس المصدر: 2 / 827 .
- 7. a. b. القران الكريم: سورة مريم (19)، الآية: 54، الصفحة: 309.
- 8. الكافي : 2 / 105 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني، المُلَقَّب بثقة الإسلام، المتوفى سنة: 329 هجرية، طبعة دار الكتب الإسلامية، سنة: 1365 هجرية/شمسية، طهران/إيران.
- 9. علل الشرائع: 1 / 78 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن حسين بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق ، المولود سنة : 305 هجرية بقم ، و المتوفى سنة : 381 هجرية، الطبعة الأولى، سنة: 1427 هجرية، طبعة مكتبة الداوري، قم / إيران.
