قَالَ تَعَالى: ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ 1.
البناء والتأسيس، والتغيير والنهضة والتنمية، ومواجهة التحديات أمور تفرض الاستنفار من قبل أبناء الأمة واستدعاء ما لديها من مخزون احتياطي يسهم ولو بشكل بسيط فيها، وتتصاعد وتيرة الاستنفار حينما تتعرض الأمة إلى منعطفات حادة كتلك التي حدثت بعد مقتل الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه في كربلاء، وتسيير بنات الرسالة إلى الكوفة ومنها إلى الشام في رحلة لا يقصد منها سوى الإمعان في الإذلال والتنكيل لحرائر الرسول وحريمه.
فمع هذه الانعطافة الحادة تعالت الاحتجاجات وارتفعت الأصوات في كل ناحية ومكان حتى داخل المواقع المتقدمة في الحكم الأموي ففي مجلس ابن زياد أدخلت الرؤوس، وأحضر الرأس الشريف بين يدي ابن زياد، فنظر إليه وتبسم!! ثم رفع قضيباً كان في يده وأخذ يضرب ثنايا الإمام الحسين.
فقام الصحابي الجليل زيد بن أرقم وقال لابن زياد: ارفع قضيبك عن هاتين الشفتين، فوالله الذي لا إله غيره، لقد رأيت شفتي رسول الله عليهما مالا أحصيه كثرة، تقبلهما.
ثم انتحب زيد باكياً… فقال له ابن زياد: أبكى الله عينيك، أتبكي لفتح الله؟ والله لو لا أنك شيخ كبير قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك!!.
فانصرف زيد عن مجلس ابن زياد وهو يقول: أيها الناس أنتم العبيد بعد اليوم، قتلتم ابن فاطمة، وأمَّرتم ابن مرجانة، والله ليقتلن خياركم وليستعبدَّن شراركم فبعداً لمن رضي بالذل والعار.
وفي المسجد خطب عبيد الله بن زياد قائلا: الحمد لله الذي أظهر الحق وأهله، ونصر أمير المؤمنين يزيد وحزبه، وقتل الكذاب بن الكذاب وشيعته.
فقام إليه عبد الله بن عفيف الأزدي وقال له: يا ابن مرجانة؛ إن الكذاب ابن الكذاب أنت وأبوك، ومن استعملك وأبوه يا عدو الله. أتقتلون أبناء النبيين وتتكلمون بهذا الكلام على منابر المسلمين؟
فغضب ابن زياد وقال: من هذا المتكلم؟
فقال: أنا المتكلم يا عدو الله؛ أتقتل الذرية الطاهرة التي قد أذهب الله عنها الرجس وطهرهم تطهيراً، وتزعم أنك على دين الإسلام واغوثاه… أين أولاد المهاجرين والأنصار ينتقمون منك ومن طاغيتك اللعين ابن اللعين على لسان محمد رسول رب العالمين؟.
وهكذا تتالت الصرخات كل بطريقته وبما يمتلك من قدرات وإمكانات تمكنه من الوقوف أمام انهيار الأمة وابتعادها عن الأسس والمبادئ والقيم التي جاء بها الرسول وعمل بها المخلصون من أبناء الأمة بل وقدموا كل غال ونفيس لكي تبقى حاضرة في وعي الأمة وسلوكها.
وإذا كان هؤلاء قد هزهم بل وزلزلهم قتل الإمام الحسين والتنكيل بحريمه وعياله فانتبهوا، فمن فداحة الجرم تعرفوا على خطر ما يخطط له المجرم، ومن حجم الكارثة التفتوا إلى ما يخطط له من مزالق تقود الأمة نحو الهاوية، فإن آل الحسين والأسر التي رافقته في نهضته كانت تعي لما يجري وتعرف ماذا يراد بأمة المصطفى ولهذا عقدت العزم على المضي مع الحسين أسرا وأفرادا، رجالا ونساء، شيوخا وكهولا، شبانا وأطفالا، وكل واحد منهم قام بدوره في هذه النهضة.
وهذا يفسر لنا إصرار الإمام الحسين على اصطحاب أسرته وأسر من تمكن من أصحابه، فالإمام يعلم أنه لن يخرج معهم في نزهة ولا للهو أو اللعب بل لطلب الإصلاح، ومن كان معه كان لهم دور في هذه العملية أيضا وهذا يعني أن المؤمن والمبلغ والمصلح لا بد أن يشرك من معه الأقرب فالأقرب في قيمه وأهدافه التي يعمل من أجل تحقيقها وليس أقرب إلى الإنسان من أسرته وأهله وأصحابه.
هكذا كانت سيرة الصالحين والمصلحين طوال التاريخ يعملون على إشراك أسرهم وأهليهم في أهدافهم النبيلة وأعمالهم الجسيمة ما أمكن إلى ذلك سبيلا. وهذا الأمر هو توجيه سماوي نحو الأقربين يترجم بعقل رصين وحكمة بالغة وعاطفة واعية تدرك ما وراء الفانية فتشفق على الأقربين من العذاب وترجوا لهم الرفعة والثواب، فالعذاب والتنكيل والجوع والفقر ليس بشيء إذا ما قورن بمثيله في يوم القيامة.
قَالَ تَعَالى: ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ 2.
وقَالَ تَعَالى: ﴿ … وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴾ 3.
وحينما أمر الله خليله إبراهيم بالهجرة وحده من مكة المكرمة وإبقاء أسرته المؤلفة من زوجته هاجر ووليدها الصغير إسماعيل كان التسليم لأمر الله هو سيد الموقف في هذه الأسرة، واكتفى خليل الرحمن بالدعاء لهم.
قَالَ تَعَالى: ﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴾ 4.
وما أن شب هذا الوليد وبلغ مبلغ الرجال حتى أصبح الشريك الفعلي لوالده في مهمة ذات قدسية عالية ألا وهي إعادة بناء بيت الله العتيق: ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ 5.
ومن الواضح أن التثنية في الآية تدل على الشراكة في حمل أعباء الرسالة في حياة خليل الرحمن وما بعده، ومن الواضح أيضا أن الدعاء والدعوة والسلوك العملي (القدوة والأنموذج) أمور لا تستهدف الأسرة فحسب بل تتجاوزها لتصل إلى الذرية مهما بعدت، كما في بقية الآيات التي تصدرت حديثنا.
إعداد الأسرة بمستوى التحدي
سيرة المصلحين هذه ما كانت لتكون، وآل الحسين ما كانوا ليسطروا أروع البطولات ويقفوا في وجه العتاة والطغاة والظالمين، لو لم يكن هناك إعداد بمستوى الآلام والآمال، والطموحات والأهداف.
السيدة زينب امرأة جليلة القدر عزيزة الشأن تربت في بيت النبوة والإمامة والعصمة، أدخلت قسرا في مجلس ابن زياد وهناك رأت رأس أخيها الحسين بين يدي ابن زياد فخاطبها اللعين: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَحَكُمْ وَأَكْذَبَ أُحْدُوثَتَكُمْ.
وعلى الفور أجابته: إِنَّمَا يَفْتَضِحُ الْفَاسِقُ وَيَكْذِبُ الْفَاجِرُ وَهُوَ غَيْرُنَا.
فقال لها ابن زياد: كَيْفَ رَأَيْتِ صُنْعَ اللَّهِ بِأَخِيكِ وَأَهْلِ بَيْتِكِ؟
فأجابت: مَا رَأَيْتُ إِلاَّ جَمِيلاَّ هَؤُلاَءِ قَوْمٌ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْقَتْلَ فَبَرَزُوا إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَسَيَجْمَعُ اللَّهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ فَتُحَاجُّ وَتُخَاصَمُ فَانْظُرْ لِمَنِ الْفَلْجُ يَوْمَئِذٍ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا ابْنَ مَرْجَانَة.
وفي مجلس الحكم في عاصمة الأمويين وأمام مرأى ومسمع أركان الحكم وعلى رأسهم يزيد خاطبته قائلة: فَكِدْ كَيْدَكَ وَاسْعَ سَعْيَكَ وَنَاصِبْ جُهْدَكَ فَوَ اللَّهِ لاَ تَمْحُو ذِكْرَنَا وَلاَ تُمِيتُ وَحْيَنَا وَلاَ تُدْرِكُ أَمَدَنَا وَلاَ تَرْحَضُ عَنْكَ عَارَهَا وَهَلْ رَأْيُكَ إِلاَّ فَنَدٌ وَأَيَّامُكَ إِلاَّ عَدَدٌ وَجَمْعُكَ إِلاَّ بَدَدٌ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَتَمَ لأَوَّلِنَا بِالسَّعَادَةِ وَلآخِرِنَا بِالشَّهَادَةِ وَالرَّحْمَةِ وَنَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُكْمِلَ لَهُمُ الثَّوَابَ وَيُوجِبَ لَهُمُ الْمَزِيدَ وَيُحْسِنَ عَلَيْنَا الْخِلاَفَةَ إِنَّهُ رَحِيمٌ وَدُودٌ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل.
ومن كان معها كانوا على هذه الشاكلة، مع اختلاف في المقامات وما يتبعها من قدرات ومواهب، بل وحتى الأطفال فلقد أبلوا بلاء حسنا يتناسب والتحديات الكبرى التي مرت عليهم في رحلة الإذلال والعناء، وهذا يعني أن الجميع قد تخرج من مدرسة تربوية استوعب فيها الأهداف العالية لحركة الأنبياء والمسئولية الفردية والجمعية في تحقيق تلك الأهداف وتجسيدها على أرض الواقع.
ولك أن تلاحظ سلوك المجموع بغض النظر عن أنسابهم وعن أعمارهم وعن أجناسهم فإنك لن تجد إلا الإباء والكرامة والإيثار والإخلاص والتسليم والطاعة…و.. وكل الفضائل والخصال الحميدة متجسدة فيهم.
ألم ترى أن وفاء العباس في امتناعه عن شرب الماء جسدته تلك الطفلة حينما حصلت على شربة من الماء فراحت تهرول نحو المعركة تريد أن تقدم الماء لنحر الحسين.
ولكي نعد أسرنا كذلك ينبغي أن نلتفت إلى الآتي:
1. فلنتعلم فنون التربية
التعلم والتجربة والمحاكاة طرق لمعرفة المجهول، والاقتصار بالأخيرين (التجربة والمحاكاة) في المسائل المهمة تدخل في نطاق المغامرة فقد يصيب ويصل إلى نتائج طيبة وحميدة وقد يضل الطريق فيخطأ ويصل إلى نتائج غير مرغوب فيها، لذا ينبغي اعتماد التعليم والتعلم كمصدر أساس للوصول إلى المعرفة إلى جانبي التجربة والمحاكاة، ونحن في الغالب لا نغفل بعد التعليم في الموارد التي نتعامل معها بأهمية بالغة وإن لم تكن كذلك، ألا ترى أن بعض النساء يبذلن الكثير من الوقت والجهد والمال في سبيل تعلم فن الطهي فيشترين الكتب ويتابعن ما يبث في التلفاز في هذا المجال!!
ولا أعتقد أن أحدا يستبعد التربية وفنونها من قائمة الأولويات ولكنها الغفلة هي من دفعت بالتربية في خانة التجريب والتقليد وأبعدتها عن التعلم والتعليم!! والغريب في الأمر أن البعض منا ربما مر بتجربة تربوية ينظر إليها بعين السخط أو ربما لا يرتضيها نظريا ولكنه يستنسخها مع أبنائه!! وأقل ما يمكن القول في ذلك أن العادات قاهرات للضعفاء والمستسلمين لها.
من هنا نقول أنه ينبغي لنا أن نتعلم فنون التربية… والوسائل في ذلك كثيرة جدا، منها: التعلم الذاتي ( قراءة الكتب التربوية)، ودخول الدورات التربوية، الاستماع إلى المحاضرات، متابعة البرامج التربوية، وغيرها.
2. فلنوفر بيئة صالحة
لكي ينمو الأبناء نموا سليما يجب أن نوفر البيئة الصالحة لنموهم، والبيئة الصالحة لا تنحصر في توفير الحاجات المادية لهم، بل تتعداها إلى أبعد من ذلك لتصل إلى كل الحاجات، ونحن هنا لا نقول بوجوب توفير كل الحاجيات وإن عجز عنها الأبوين، وإنما نقول بوجوب توفير البيئة والمناخ المناسب لنمو الأبناء نموا سليما، وهذه البيئة تعالج عجز وقصور الأبوين، وحينئذ لن يتوجه أبناء الفقير الذي لا يتمكن من توفير كل الحاجات المادية لأبنائه إلى السرقة مثلا، ولن تنشأ لديهم عقدة الحقارة والضعة نتيجة الفقر… وهكذا.
والبيئة الصالحة لا تكلف الأبوين كثيرا سوى الكلمة الطيبة الواعية المشحونة بالحب والحنان والعاطفة، والسلوك السوي المفعم بالإيمان والطهر والصدق والنقاء، والانسجام بين الشريكين (الأب والأم).
3. فلندرب أبنائنا على الصفات الحميدة
من الخطأ أن نعتقد أن الصفات الحميدة والسلوك السوي لا يحتاج إلى تمرين وتدريب وممارسة، فإهمال ذلك وعدم الاهتمام به يحول نمو الأبناء إلى نمو عشوائي وغير منضبط، والمطلوب هو النمو المنظم والمنسجم مع الحالة العمرية لدى الأبناء القدرات الذهنية.
قال رسول الله: “الْوَلَدُ سَيِّدٌ سَبْعَ سِنِينَ وَعَبْدٌ سَبْعَ سِنِينَ وَوَزِيرٌ سَبْعَ سِنِينَ فَإِنْ رَضِيتَ خَلاَئِقَهُ لإِحْدَى وَعِشْرِينَ وَإِلاَّ فَاضْرِبْ عَلَى جَنْبِهِ فَقَدْ أَعْذَرْتَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى”.
وقال الإمام الباقر: “إِذَا بَلَغَ الْغُلاَمُ ثَلاَثَ سِنِينَ فَقُلْ لَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ثُمَّ يُتْرَكُ حَتَّى تَتِمُّ لَهُ ثَلاَثُ سِنِينَ وَسَبْعَةُ أَشْهُرٍ وَعِشْرُونَ يَوْماً ثُمَّ يُقَالُ لَهُ فَقُلْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ “ص” سَبْعَ مَرَّاتٍ وَيُتْرَكُ حَتَّى تَتِمَّ لَهُ أَرْبَعُ سِنِينَ ثُمَّ يُقَالَ لَهُ قُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ يُتْرَكُ حَتَّى تَتِمَّ لَهُ خَمْسُ سِنِينَ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ أَيُّهُمَا يَمِينُكَ وَأَيَّهُمَا شِمَالُكَ فَإِذَا عَرَفَ ذَلِكَ حُوِّلَ وَجْهُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ وَيُقَالُ لَهُ اسْجُدْ ثُمَّ يُتْرَكُ حَتَّى تَتِمَّ لَهُ سِتُّ سِنِينَ فَإِذَا تَمَّتْ لَهُ سِتُّ سِنِينَ قِيلَ لَهُ صَلِّ وَعُلِّمَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ حَتَّى تَتِمَّ لَهُ سَبْعُ سِنِينَ فَإِذَا تَمَّتْ لَهُ سَبْعُ سِنِينَ قِيلَ لَهُ اغْسِلْ وَجْهَكَ وَكَفَّيْكَ فَإِذَا غَسَلَهُمَا قِيلَ لَهُ صَلِّ ثُمَّ يُتْرَكُ حَتَّى تَتِمَّ لَهُ تِسْعُ سِنِينَ فَإِذَا تَمَّتْ لَهُ عُلِّمَ الْوُضُوءَ وَضُرِبَ عَلَيْهِ وَأُمِرَ بِالصَّلاَةِ وَضُرِبَ عَلَيْهَا فَإِذَا تَعَلَّمَ الْوُضُوءَ وَالصَّلاَةَ غَفَرَ اللَّهُ لِوَالِدَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى”.
4. فلنعلم أبنائنا المعايير السليمة
كثير من الآباء والأمهات يتحولون من كونهم مربين إلى وعاظ مع أبنائهم ولا هم لهم سوى إلقاء خطب الوعظ عليهم، أو آمرين شغلهم الشاغل هو إصدار الأوامر، ظنا منهم أن هذا وذاك هو ما يقوم سلوكهم ويبعدهم عن السلوك السقيم، ويستمروا على هذا الحال ولكن دون جدوى تذكر، أو يكون التأثير في حدود ضيقة ومؤقتة.
والصحيح أن دور المربي ينبغي أن يتركز في الأساس على غرس المعايير لدى الأبناء فبدل خطب الوعظ في الصداقة والأصدقاء مثلا والأمر والنهي فيمن يصاحب وفيمن لا يصاحب علينا تعليم الأبناء معايير الصداقة الصحيحة وتدريبهم على ذلك مع المتابعة والتقويم. وهكذا في بقية الأمور.
عمل الأسرة بمستوى التحدي
الإعداد والتدريب بمستوى التحدي لا يكون له قيمة تذكر إلا إذا برز على أرض الواقع بعمل هو الآخر على مستوى التحدي، فلكي تكتشف سلامة الإعداد وإتقانه وتستفيد منه ينبغي إدخال الأبناء في معترك الحياة مصحوبا بالمتابعة والتوجيه.
وهكذا كانت نساء كربلاء وأبناء وبنات كربلاء وفتيان وفتيات كربلاء وأطفال كربلاء فحينما دخلوا في عمل كبير وشاركوا الحسين في نهضته الكبرى تبين لكل من راقب ورأى وكل من سمع ووعى أن عملهم فاق كل التوقعات وتجاوز كل التحديات.
فسلام عليهم ناصرين لإمامهم وسلام عليهم قدوة وقادة لكل الأجيال على مر العصور6.