تعني الإمامة – في اللغة -القيادة و الريادة، فکلّّ من اتبعته فئة من الناس في فکره و عمله کان إماما ً له.
وإمام الجماعة من اقتدى به المأموم في الصلاة و تابعه في حرکاته و سکناته وجعله معراجا ً له في رحلته الروحية تلك.
وقد يکون الإمام إماما ً لمجموعة أو فئة من الناس، و ربّّّما کان لعامّة الامّة، وربّّّما اقتصرت إمامته علي عمل محدد، و ربّّّما کانت مطلقة شاملة، و قد يکون الإمام إماماً لهم في الأخلاق فقط.
اما الإمام مطلقاً فلا تطلق علي أحد إلّا اذا کان مرجعا ً عامّاً للناس جميعاً في کلّّ شأن من شؤون الرسالة، فهو الأمين علي الشريعة، و المسؤول الأوّل عن تنفيذ أحکام الله، و هو الذي يقتدي به الناس في کلّّ شؤونهم السياسية والاجتماعية، فعنه يأخذون و منه يصدرون، و هو قائد الامّة يقودها کما تريد السماء، يطبّق أحکام الدين و يقيم بناء الإسلام، و يدعو الناس الى ذلك.
وخلاصة القول إنّه الفرد الذي يجسّد مثل الدين و يسير في هداه على صراطه المستقيم، و هذا هو الإمام، إنّه يسير الى الله، و يدعو الناس الي اقتفاء أثره واليسير على خطاه. ومن هنا وجبت له الطاعة و الإقتداء بأفکاره و أعماله وسيرته. فالإمام من تتحقق فيه مصاديق الإمامة، و لا تطلق على من يکتفي بدعوة الناس کلّّاما ً ما لم يجسّد ما يدعو اليه في حياته الشخصية، و عنده يکون إماما ً في القول و العمل.
وانطلاقا ًمن کلّّ هذا، يمکن القول ان الإمامة هي الرئاسة العامة في کلّّ شؤون الدين و الدنيا.
ومن هنا يتضح ان مفهوم الإمامة لدي أهل السنّة و بعض الشيعة بيقي ناقصا ً ومتخلفاً عن معناها الحقّيقي في اللغة.
فهي مثلا ً رأ ي البعض: خلافة الرسول (صلى الله عليه و آله و سلم) وحفظ الدين و حوزة المسلمين.
وهي في رأي آخرالرئاسة العامّة في امور الدين و الدنيا1.
وفي رأي آخر ابن خلدون ان الخلافة نيابة صاحب الشريعة في حفظ الدين وسياسة الدنيا، فيقال لمن تصدي الي ذلک إماما ً أوخليفة2.
أو هي عبارة عن الرئاسة العامة الإلهية و نيابة الرسول (صلى الله عليه و آله وسلم) في شؤون الدين و الدنيا3.
وکلّّ هذه التعريفات لا تنهض بحقيقة معنى الإمامة، بشموليتها المطلقه و استيعابها للاُمّة، و قصارى القول إنّها تکشف عن جانب منها لا أکثر4.
- 1. المواقف طبعة القسطنطينية 1239ه ص 603.
- 2. مقدمة ابن خلدون: ص191.
- 3. کفاية الموحدين: ج 2.
- 4. من کتاب دراسة عامة في الامامة.