مقالات

ماأعظم صفات الله!!

• صفات الله
كن على حذر، فإنْ كان التعرف على وجود الله عن طريق سبر أسرار عالم الخليقة ميسوراً، فإنَّ معرفة صفات الله ليست بتلك السهولة نفسها، بل تتطلب الدّقة والحذر الشّديدين.

وقد تسأل: لماذا؟ الجواب واضح، فالله تعالى لا يشبه أي شيء ممّا رأينا وسمعنا، وعليه فإنَّ أوّل شرط في معرفة صفات الله هو نفي جميع صفات المخلوقات عن ذاته المقدسة، أي عدم تشبيهه بأي كائن محدودِ في عالم الطبيعة، وهذا ما يجرّ القضية الى ممر ضيق، وذلك لأنَّنا ترعرعنا في قلب هذه الطّبيعة، وارتبطنا وأنسنا بها وألفناها، ولذا نميل الى مقارنة كل شيء بما نراه فيها.

وبعبارة اُخرى، إنَّ كل ما رأيناه كان جسماً وخصائص الجسم،تعني الاشياء التي لها “زمان” و”مكان” و”اشكال” معينة. وعلى هذا يكون من الصعب جداً أنْ نصف الله الذي لا يحده مكان ولا زمان، وهو في الوقت نفسه محيط بكل زمان و مكان، ولا تحده حدود، إنَّه أمر يتطلب الكثير من الحذر والدّقة.

مبدئياً لابدّ من القول بأنَّنا لن نعرف حقيقة الله، ولا ينبغي لنا ذلك، لأنَّ توقّعنا شيئاً كهذا يكون أشبه بمحاولة صبّ مياه محيط عظيم في إناء صغير بحيث يسعها، أو كالقول بأن جنيناً في بطن اُمّه يعرف كل شيء في العالم الخارجي. فهل هذا ممكن؟

لذلك فان أصغر زلل في هذا المجال يمكن أنْ يبعد الانسان مسافات طويلة عن الطريق الصحيح لمعرفة الله، ويرمي به في متاهة عبادة الاوثان والمخلوقات. على كل حال، ينبغي أنْ نكون على حذر لئلا نقارن صفات الله بصفات المخلوقات أبداً.

• صفات “الجمال” و”الجلال”
تقسم صفات الله عادة الى قسمين: “الصفات الثّبوتية” أي الصفات الموجودة في ذات الله، و”الصفات السلبية” أي الصفات التي يتنزه عنه الله سبحانه وتعالى. 

وقد يسأل سائل: ترى ما هي صفات ذات الله؟

الجواب: إنَّ صفات الله تكون من جهة غير متناهية وغير محدودة، ويمكن من جهة اُخرى تلخيصها في صفة واحدة، إذ أنَّ جميع صفاته الثبوتية تتلخص في التعبير التالي:”ذات الله لا متناهية من جميع الجهات وتتصف بجميع الكمالات“.

كما أنَّ صفاته السلبية تتلخص في الجملة التّالية: “ذات اللّه لا يعتورها النقص من جميع الجهات“.

ولكن بما أنَّ للكمال والنقص درجات، أي يمكن تصور الكمال اللامتنهاهي والنقص اللامتناهي، اذن يمكن القول بأنَّ لله صفات ثبوتية لانهاية لها، وله صفات سلبية لانهاية لها، إذ ما من صفة كمال نتصورها الا وهي في الله، وما من صفة نقص نتصورها إلاّ والله منزّه عنها. اذن، صفات الله الثبوتية والسلبية لا حدّ لها.

• أشهر صفات الله
أشهر صفات الله ثمان، وهي كما يلي

1- “العالم“، فالله عالم بكل شيء.

2- “القادر” فهو قادر على كل شيء.

3- “الحي“، فالحي هو كل عالم وقادر، وبما أنَّ الله عالم وقادر، فهو حىّ.

4- “المريد” أي أنه صاحب إرادة وليس مجبوراً في أعماله وكل ما يفعله إنَّما لحكمة ولغاية، فما من شيء في الارض ولا في السماء صغيراً كان أم كبيراً، إلاّ وكان عن غاية وهدف.

5- “المدرك” أي أنَّه يدرك جميع الاشياء، يسمع كل شيء، ويرى كل شيء، وهو عليم بكل شيء خبير.

6- “القديم الازلي”، أي أنَّه كان دائما، وليس لوجوده بداية ولانهاية، إذ أنَّ وجوده ينبع من ذاته، ولهذا فهو أزلي سرمدي فمن يكون وجوده من ذاته لا يعتوره الفناء، ولا الزوال.

7- “المتكلم” أي أنَّه قادر على إحداث موجات صوتية، فيكلم الانبياء، وليس معنى هذا أنَّ له سبحانه لساناً وشفتين وحنجرة.

8- “الصادق” فما يقوله هو الصدق عينه والحقيقة ذاتها، لأنَّ الكذب إمّا أنْ يكون بسبب الجهل، أو بسبب الضعف، والله القادر العليم يستحيل عليه الكذب .

أمّا صفاته السّلبية، فأهمها سبع صفات
1- ليس “مركبّاً” أي أنَّه لا يتألف من أجزاء تركيبية، فلو كان كذلك لاحتاج الى أجزائه، وهم الغني غير المحتاج.

2- ليس “جسماً”، لأنَّ للجسم حدوداً ويكون متغيراً وفانياً.

3- ليس “مرئياً” فهو لا يُرى، وإلاّ كان جسماً محدوداً وفانياً.

4- ليس له “مكان”، لانَّه ليس جسماً ليحتاج الى مكان.

5- ليس له “شريك” إذ لو كان له شريك لكان محدوداً، لأنَّ كائنين غير محدودين يستحيل وجودهما معاً، ثم أنَّ وحدة قوانين الطبيعة دليل على وحدانيته.

6- ليس لله “معان” لأنَّ صفاته هي ذاته عينها.

7- ليس “محتاجاً” بل هو الغني، لأنَّ الكائن اللامتنهاهي من حيث العلم والقدرة لا ينقصه شيء.

يقول القرآن الكريم: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيء﴾(الشورى:11). 

*سلسلة دروس في العقائد الاسلامية،آية الله مكارم الشيرازي ،مؤسسة البعثة،ط2.ص60-64

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى